* باختصار تملي الضرورة على القيادة الفلسطينية ومراكز الأبحاث والخبراء من ذوي الاختصاص المبادرة لاستشراف مستقبل العالم الجديد
ونحن نعيش زمن التحولات الجيوسياسية الدراماتيكية الإقليمية والعالمية، وانخراط الأقطاب الدولية منذ ما يزيد على العقد في الحرب العالمية الثالثة بالوكالة، والتي بدأت شراراتها في الوطن العربي تحت عنوان ما سمي "الربيع العربي"، وتفاقم الصراع في جنوب شرق آسيا، واشتعال الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المحتدمة حتى ألان، وإعادة الاصطفاف واحتدام الصراع بين الاتحاد الروسي من جهة، ودول الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، وأزمة الغاز والنفط والقمح والغذاء عموما والدولار ودوره المتآكل، والأزمة الاقتصادية الحادة في الولايات المتحدة التي لم تتوقف عند حدود أزمة السداد للديون، وانما سبقتها أزمة إفلاس حادة لعشرات البنوك، والصراع مع الصين في المجال السيبراني وغيرها من مجالات المنافسة، وإعادة تموضع القوى العالمية تدريجيا في خارطة تقاسم النفوذ في العالم، وما لكل ما تقدم من تداعيات على مستقبل النظام العالمي الجديد.
في هذا السياق، طرح احد الأصدقاء سؤالا قبل أيام عن الاستعدادات الفلسطينية لسيناريو انهيار هيئة الأمم المتحدة، وغيابها عن الوجود. كما حصل في أعقاب انهيار عصبة الأمم عشية اندلاع شرارة الحرب العالمية الثانية 1939، وإعادة تشكل المنظومة الأممية الجديدة تحت عنوان هيئة الأمم المتحدة، التي بات من شبه المؤكد ان دورها استنفذ، واقتربت نهايتها، مع تفاقم الصراع بين الأقطاب الدولية على أكثر من مستوى وصعيد، أولا إعادة تقاسم النفوذ الجديد وفق موازين القوى التي أخذت في التشكل؛ ثانيا فرض تشكيلات وهيئات عالمية جديدة في الهيئة الأممية الجديدة مختلفة تماما عن صيغة مجلس الأمن والجمعية العمومية، ارتباطا بموازين القوى الأخذة في التشكل، وحتى قد تطال مكان وجود الهيئة ونقلها من نيويورك لإحدى الدول الوازنة، وقد تكون بكين او شنغهاي؛ ثالثا التغيير النوعي العميق في مكانة المعادل المالي، والإسقاط الكلي لنظام بريتون وودز الذي تشكل في العام 1944، والالتفاف على نظام "سويفت" الأميركي، وبروز المعادل المالي الصيني الروسي بديلا عنهما، وتعزيز مكانة منظمة شنغهاي بالتكامل مع مجموعة "البريكس" كمزاحم قوي للمنظومة الرأسمالية الغربية .. الخ
الآن يطرح السؤال، مع طي صفحة هيئة الأمم المتحدة، وركن الإلف قرار أممي ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي على جنب، رغم انها بالأساس موضوعة على هامش الاهتمامات الدولية، وتشكل منظومة أممية جديدة تتناسب وطبيعة النظام العالمي متعدد الأقطاب الآخذ في التشكل، أين القيادة الفلسطينية من مجمل التحولات الجارية؟ وما هو موقعها، ومكانها من الإعراب في العالم الجديد؟ هل تم وضع دراسات لاستشراف المستقبل، وكيفية إدارة الصراع مع العدو الصهيوني؟ وهل تشكلت لجنة خبراء من الاختصاصات المختلفة ذات الصلة بالتحولات الجيواستراتيجية للوقوف على نبض التغييرات، ووضع قيادة منظمة التحرير أمام استنتاجاتها العلمية، والسيناريوهات الافتراضية؟ وما هي أوراق القوة في اليد الفلسطينية التي ستتقدم بها للحصول على عضوية المنتدى الدولي الجديد؟ هل يكفي التمسك باتفاقات أوسلو وتداعياتها الخطيرة، والتي دفنها الإسرائيليون ومن خلفهم الإدارات المتعاقبة في واشنطن؟ وماذا عن البيت الفلسطيني وإعادة ترتيبه وتنظيمه ورؤاه الإستراتيجية والتكتيكية؟ وأين فلسطين من المنظومة العربية؟ وما هي أشكال التنسيق والتكامل بين فلسطين والدول الشقيقة على مختلف الأصعدة ؟ وهل الواقع العربي الرسمي الحالي يمكن ان يشكل رافعة للقضية الفلسطينية ام العكس؟ وما هي صيغة التحالفات الفلسطينية الإقليمية والدولية؟ وأين أوراق الثقل على هذا الصعيد؟ واذا ما كان البيت الفلسطيني مهلهل وغير موحد، هل يمكن تقديم الذات الوطنية بالشاكلة المناسبة والملائمة للعالم؟
اجزم ان هناك عشرات الأسئلة الإضافية لطرحها على الذات الوطنية، والتي تحتاج الى تفعيل دور مراكز الأبحاث القائمة او إنشاء مراكز أبحاث جديدة ذات صلة لبحث مجمل التطورات الجارية في الصراع مع إسرائيل، وفي العلاقة مع الأشقاء العرب، ومع الدول الإسلامية ومع دول العالم قاطبة لوضع رؤى وقراءات متزنة وقائمة على أسس علمية وفقا لمعادلات الصراع الدائر في العالم والتحولات الكيفية المتلازمة معها، والناجمة عنها.
باختصار تملي الضرورة على القيادة الفلسطينية ومراكز الأبحاث والخبراء من ذوي الاختصاص المبادرة لاستشراف مستقبل العالم الجديد، ووضع قراءاتها الموضوعية والعلمية أمام صانع القرار للاستفادة منها، والاسترشاد بها في رسم السياسات حاضرا ومستقبلا بما يخدم التوجهات السياسية الفلسطينية وتحقيق الأهداف الوطنية.
*مستشار رئيس السلطة الفلسطينية
بقلم:عمر حلمي الغول(*)
* باختصار تملي الضرورة على القيادة الفلسطينية ومراكز الأبحاث والخبراء من ذوي الاختصاص المبادرة لاستشراف مستقبل العالم الجديد
ونحن نعيش زمن التحولات الجيوسياسية الدراماتيكية الإقليمية والعالمية، وانخراط الأقطاب الدولية منذ ما يزيد على العقد في الحرب العالمية الثالثة بالوكالة، والتي بدأت شراراتها في الوطن العربي تحت عنوان ما سمي "الربيع العربي"، وتفاقم الصراع في جنوب شرق آسيا، واشتعال الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المحتدمة حتى ألان، وإعادة الاصطفاف واحتدام الصراع بين الاتحاد الروسي من جهة، ودول الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، وأزمة الغاز والنفط والقمح والغذاء عموما والدولار ودوره المتآكل، والأزمة الاقتصادية الحادة في الولايات المتحدة التي لم تتوقف عند حدود أزمة السداد للديون، وانما سبقتها أزمة إفلاس حادة لعشرات البنوك، والصراع مع الصين في المجال السيبراني وغيرها من مجالات المنافسة، وإعادة تموضع القوى العالمية تدريجيا في خارطة تقاسم النفوذ في العالم، وما لكل ما تقدم من تداعيات على مستقبل النظام العالمي الجديد.
في هذا السياق، طرح احد الأصدقاء سؤالا قبل أيام عن الاستعدادات الفلسطينية لسيناريو انهيار هيئة الأمم المتحدة، وغيابها عن الوجود. كما حصل في أعقاب انهيار عصبة الأمم عشية اندلاع شرارة الحرب العالمية الثانية 1939، وإعادة تشكل المنظومة الأممية الجديدة تحت عنوان هيئة الأمم المتحدة، التي بات من شبه المؤكد ان دورها استنفذ، واقتربت نهايتها، مع تفاقم الصراع بين الأقطاب الدولية على أكثر من مستوى وصعيد، أولا إعادة تقاسم النفوذ الجديد وفق موازين القوى التي أخذت في التشكل؛ ثانيا فرض تشكيلات وهيئات عالمية جديدة في الهيئة الأممية الجديدة مختلفة تماما عن صيغة مجلس الأمن والجمعية العمومية، ارتباطا بموازين القوى الأخذة في التشكل، وحتى قد تطال مكان وجود الهيئة ونقلها من نيويورك لإحدى الدول الوازنة، وقد تكون بكين او شنغهاي؛ ثالثا التغيير النوعي العميق في مكانة المعادل المالي، والإسقاط الكلي لنظام بريتون وودز الذي تشكل في العام 1944، والالتفاف على نظام "سويفت" الأميركي، وبروز المعادل المالي الصيني الروسي بديلا عنهما، وتعزيز مكانة منظمة شنغهاي بالتكامل مع مجموعة "البريكس" كمزاحم قوي للمنظومة الرأسمالية الغربية .. الخ
الآن يطرح السؤال، مع طي صفحة هيئة الأمم المتحدة، وركن الإلف قرار أممي ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي على جنب، رغم انها بالأساس موضوعة على هامش الاهتمامات الدولية، وتشكل منظومة أممية جديدة تتناسب وطبيعة النظام العالمي متعدد الأقطاب الآخذ في التشكل، أين القيادة الفلسطينية من مجمل التحولات الجارية؟ وما هو موقعها، ومكانها من الإعراب في العالم الجديد؟ هل تم وضع دراسات لاستشراف المستقبل، وكيفية إدارة الصراع مع العدو الصهيوني؟ وهل تشكلت لجنة خبراء من الاختصاصات المختلفة ذات الصلة بالتحولات الجيواستراتيجية للوقوف على نبض التغييرات، ووضع قيادة منظمة التحرير أمام استنتاجاتها العلمية، والسيناريوهات الافتراضية؟ وما هي أوراق القوة في اليد الفلسطينية التي ستتقدم بها للحصول على عضوية المنتدى الدولي الجديد؟ هل يكفي التمسك باتفاقات أوسلو وتداعياتها الخطيرة، والتي دفنها الإسرائيليون ومن خلفهم الإدارات المتعاقبة في واشنطن؟ وماذا عن البيت الفلسطيني وإعادة ترتيبه وتنظيمه ورؤاه الإستراتيجية والتكتيكية؟ وأين فلسطين من المنظومة العربية؟ وما هي أشكال التنسيق والتكامل بين فلسطين والدول الشقيقة على مختلف الأصعدة ؟ وهل الواقع العربي الرسمي الحالي يمكن ان يشكل رافعة للقضية الفلسطينية ام العكس؟ وما هي صيغة التحالفات الفلسطينية الإقليمية والدولية؟ وأين أوراق الثقل على هذا الصعيد؟ واذا ما كان البيت الفلسطيني مهلهل وغير موحد، هل يمكن تقديم الذات الوطنية بالشاكلة المناسبة والملائمة للعالم؟
اجزم ان هناك عشرات الأسئلة الإضافية لطرحها على الذات الوطنية، والتي تحتاج الى تفعيل دور مراكز الأبحاث القائمة او إنشاء مراكز أبحاث جديدة ذات صلة لبحث مجمل التطورات الجارية في الصراع مع إسرائيل، وفي العلاقة مع الأشقاء العرب، ومع الدول الإسلامية ومع دول العالم قاطبة لوضع رؤى وقراءات متزنة وقائمة على أسس علمية وفقا لمعادلات الصراع الدائر في العالم والتحولات الكيفية المتلازمة معها، والناجمة عنها.
باختصار تملي الضرورة على القيادة الفلسطينية ومراكز الأبحاث والخبراء من ذوي الاختصاص المبادرة لاستشراف مستقبل العالم الجديد، ووضع قراءاتها الموضوعية والعلمية أمام صانع القرار للاستفادة منها، والاسترشاد بها في رسم السياسات حاضرا ومستقبلا بما يخدم التوجهات السياسية الفلسطينية وتحقيق الأهداف الوطنية.