إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الثقافة ومسؤولين على مسارح كبرى واشهر الفنانين الروس في مسابقة "تشايكوفسكي" الموسيقية الدولية

 

تونس- الصباح

اعلنت وكالات الانباء الروسية مؤخرا عن تاريخ الدورة الجديدة لمسابقة تشايكوفسكي الموسيقية الدولية  والتي ستنتظم فيما بين 19  جوان و1 جويلية في العاصمة موسكو. والمثير في الأمر هو تركيبة لجنة  تحكيم المسابقة. فاللجنة تراسها نائبة رئيس الوزراء تاتيانا غوليكوفا وتضم كلا من وزيرة الثقافة أولغا ليوبيموفا ونائب وزير الثقافة أندريه ماليشيف ومستشار الرئيس الروسي لشؤون الثقافة فلاديمير تولستوي والمدير الفني لمسرح "ماريينسكي"  فاليري غيورغييف والمدير الفني للأوركسترا السمفوني الوطني  يوري باشمِت والفنان  الروسي المعروف دينيس ماتسويف ورئيس كونسرفاتوار موسكو ألكسندر سوكولوف وغيرهم وفق ما أعلنت عنه الصحافة الروسية التي اهتمت بالخبر واكدت أن تاريخ المسابقة واقرار تركيبتها جاء وفق مرسوم أمضى عليه رئيس حكومة روسيا.

المسابقة وفق مصادر اعلامية روسية ايضا تضم   ست فئات وهي "البيانو" و"الكمان"  و"التشللو" و"الغناء المنفرد" و"آلات النفخ" و"آلات النفخ النحاسية".

وستقام المسابقة في المؤسسات الموسيقية بكل  من موسكو وبطرسبورغ.

وتشايكوفسكي هو مؤلف موسيقي روسي معروف ويمكن القول وبعيدا عن الكليشيهات أن ابداعه قد وصل إلى الزوايا الاربع من الكرة الأرضية. يكفي أن نقول  " بحيرة البجع " وكسارة البندق والجميلة النائمة وروميو وجولييت،  حتى نعرف من جعل الملايين من شباب العالم واطفاله وكل عشاق الموسيقى يسرحون بخيالهم مع مقطوعاته الموسيقية التي استلهمت منها اهم العروض السمفونية الشهيرة وعروض الباليه.

ولد تشايكوفسكي سنة  1840 في مدينة بروسيا، والتحق بمدرسة القانون في سانت بطرسبرغ   ثم اتجه إلى دراسة الموسيقى في معهد الموسيقى بنفس المدينة  وهو ينتمي  إلى العصر الرومانسي.

كانت بدايته الجدية في التأليف وفق مؤرخي سيرة الفنانين في   1866  وقد تمكن اثر ذلك من تحقيق نجاحات عيدة. ويعد تشايكوفسكي من أوائل الموسيقيين الروس الذين اشتهروا عالميا، فقد كان متمكنا من التنسيق بين عناصر الاوركاستر الموسيقى ويعترف له بالقدرة على خلق   الأثر الموسيقي المتنامي، وكانت له أيضا موهبة خاصة في كتابة المقطوعات الغنائية.

ووصف تشايكوفسكي بأنه مؤلف الموسيقى التي يغلب عليها الحزن، لكن رصديه لا يخلو من أعمال مبهجة وقد ابدع في التأليف السمفوني السمفونيات ( خمس سمفونيات)

واضافة إلى ما ذكرنا  يضم رصيد تشايكفسكي اعمالا هامة مثل "الكابريشيو الإيطالي" و"كونشرتو للبيانو" »1 و2 واوبرا "يوجيني أنيجين" وذلك إلى جانب مؤلفاته الموسيقية للآلات ومقدماته الموسيقية وافتتاحياته السمفونية. 

ورغم رصيده الحافل ومشواره الفني الاستثنائي، فإن حياة الفنان لم تكن مستقرة وخاصة على المستوى العاطفي وفشل زواجه لاسباب حولها جدل إلى اليوم ( من بينها ميولاته الحقيقية) كما كان الحزن يغلب على حياته وتوفي في سن لم تتجاوز 53 سنة، وقيل أنه مات متأثرا باصابته بداء الكوليرا وقيل أيضا إنه مات منتحرا.

لكنه واي كانت اسباب الرحيل ، فقد خلدت أعماله اسمه وهو اليوم من بين اشهر مؤلفي الموسيقى في العالم واعماله مازالت ملهمة ومبهجة إلى اليوم.

ومن الطبيعي ان تحرص روسيا التي انجبت  نخبة من أبرز الكتاب ( دستويوفسكي وتولستوي وغوركي وغيرهم) ، روسيا التي انجبت الشاعر الكبير بوشكين- حتى نقتصر على اكثرهم شهرة، روسيا التي انجبت كبار الفنانين والملحنين ومطربي الأوبيرا ومؤلفي الموسيقى السمفونية واشهر راقصي الباليه، أن تنظم مسابقة دولية تحمل اسم شخصية فنية مبدعة فذة.  فتشايكوفسكي اسم كبير  خدم بلاده حيا وظل يخدمها بعد رحيله.

لكن المثير أو المذهل في قضية الحال هي تركيبة لجنة التحكيم. فهي تضم أسماء من كبار المسؤولين بالدولة إلى جانب مسؤولين على اكبر الهياكل الثقافية الوطنية، وايضا فنانين من طراز عال. وروسيا بهذه الطريقة وبعيدا عن رمي الورود، تعطي الدليل على أن النهوض بالثقافة هي مسؤولية دولة بأكملها وان المبدعين الحقيقيين هم مفخرة البلاد الحقيقية.

ورغم تجنبنا المقارنات، لكن قد يكون من المهم طرح السؤال التالي مع احترام الفوارق طبعا: هل حدث وأن راينا في عالمنا العربي الذي يزخر تاريخه باسماء كبرى في شتى مجال العلوم والمعارف والآداب والفنون،  لجنة تحكيم مسابقة فنية تتكون من شخصيات كبيرة ونافذة في عالم السياسة وفي الموسيقى؟ هل  حدث وان اعتبر  سياسيونا وكبار المسؤولين في الدولة الثقافة عنصرا جوهريا في حياة مجتمعاتنا؟ هل  حدث أن تعاملوا مع الثقافة على أنها  أكثر من وسيلة للتسلية والترفيه؟

إن كل الاجابات هي للاسف بالنفي. تكفي ملاحظة نوعية الحياة الثقافية في بلداننا كي ندرك ذلك وتكفي وضعية الفنان حتى نفهم ذلك. ويكفي أن نتأمل كيف يتم التعامل مع الذاكرة الوطنية في كل شيء حتى ندرك الحقيقة. فالفنان مهما بلغت درجة ابداعه، يموت بمجرد أن يرحل واحيانا يموت وهو حي.  يتناساه الناس بمجرد ان يختفي عن الانظار وتنساه الدولة وكثيرا ما يضطر الاهل والاصدقاء "تسول" منة من الدولة من أجل فنان  انقلب عليه الزمان ووجد نفسه في حلة حرمان وهجر ونكران.

صحيح، إن الأمور ليست وردية تماما في روسيا. وهي اليوم وبسبب شنها حربا على اوكرانيا تواجه صعوبات كبيرة من ذلك مثلا،  أن الاتحاد الدولي للمسابقات الموسيقية  قرر استبعادها من قائمة المسابقات الدولية. ورغم ذلك، فإن وزارة الثقافة الروسية شددت قبل الاعلان عن تاريخ تنظيم المسابقة، على  أن التظاهرة الشهيرة التي تحمل اسم  تشايكوفسكي ستقام هذا العام كالمعتاد بالرغم من القرار الذي اتخذه الاتحاد، ولن تؤثر عليها أي قرارات خارجية.

 ونقلت مصادر اعلامية روسية  ما معناه أن استبعاد مسابقة تشايكوفسكي من الاتحاد الدولي للمسابقات الدولية لن يؤثر على إقامتها في موسكو بل الباب مازال مفتوحا لاستقبال مطالب المشاركة وهي مفتوحة بالخصوص أمام الشباب الموسيقي المبدع. لكن كل هذه المشاكل لا تنفي قيمة الثقافة في روسيا ولا تنفي عن البلد افتخاره بأبنائه المبدعين. فنحن هنا لا تهمنا السياسة ونتحدث عن الجانب الفني والثقافي وعن الفرق بين الدول التي تقدس فعلا الثقافة وتلك التي كل ما لديها من خطب حول الثقافة هو مجرد لغو وشعارات.

مع العلم أن المسابقة قد تأسست سنة 1958 وأقر الاتحاد الدولي   عضويتها فيها سنة 1971 قبل أن يعلن استبعاد مسابقة تشايكوفسكي من عضويته بسبب الحرب على أوكرانيا. لكن وكما قال سابقا العديد من الملاحظين، لما قررت بعض البلدان الأوروبية منع تدريس أدب دستويفكسي في جامعاتها، هل يمكن منع صاحب الاخوة كارامازوف والجريمة والعقاب والابله وغيرها، نقول هل يمكن منع صاحب بحيرة البجع وكسارة البندق؟؟؟

 حياة السايب

       نائبة رئيس الوزراء ووزيرة  الثقافة ومسؤولين  على مسارح كبرى واشهر الفنانين الروس في مسابقة  "تشايكوفسكي" الموسيقية الدولية

 

تونس- الصباح

اعلنت وكالات الانباء الروسية مؤخرا عن تاريخ الدورة الجديدة لمسابقة تشايكوفسكي الموسيقية الدولية  والتي ستنتظم فيما بين 19  جوان و1 جويلية في العاصمة موسكو. والمثير في الأمر هو تركيبة لجنة  تحكيم المسابقة. فاللجنة تراسها نائبة رئيس الوزراء تاتيانا غوليكوفا وتضم كلا من وزيرة الثقافة أولغا ليوبيموفا ونائب وزير الثقافة أندريه ماليشيف ومستشار الرئيس الروسي لشؤون الثقافة فلاديمير تولستوي والمدير الفني لمسرح "ماريينسكي"  فاليري غيورغييف والمدير الفني للأوركسترا السمفوني الوطني  يوري باشمِت والفنان  الروسي المعروف دينيس ماتسويف ورئيس كونسرفاتوار موسكو ألكسندر سوكولوف وغيرهم وفق ما أعلنت عنه الصحافة الروسية التي اهتمت بالخبر واكدت أن تاريخ المسابقة واقرار تركيبتها جاء وفق مرسوم أمضى عليه رئيس حكومة روسيا.

المسابقة وفق مصادر اعلامية روسية ايضا تضم   ست فئات وهي "البيانو" و"الكمان"  و"التشللو" و"الغناء المنفرد" و"آلات النفخ" و"آلات النفخ النحاسية".

وستقام المسابقة في المؤسسات الموسيقية بكل  من موسكو وبطرسبورغ.

وتشايكوفسكي هو مؤلف موسيقي روسي معروف ويمكن القول وبعيدا عن الكليشيهات أن ابداعه قد وصل إلى الزوايا الاربع من الكرة الأرضية. يكفي أن نقول  " بحيرة البجع " وكسارة البندق والجميلة النائمة وروميو وجولييت،  حتى نعرف من جعل الملايين من شباب العالم واطفاله وكل عشاق الموسيقى يسرحون بخيالهم مع مقطوعاته الموسيقية التي استلهمت منها اهم العروض السمفونية الشهيرة وعروض الباليه.

ولد تشايكوفسكي سنة  1840 في مدينة بروسيا، والتحق بمدرسة القانون في سانت بطرسبرغ   ثم اتجه إلى دراسة الموسيقى في معهد الموسيقى بنفس المدينة  وهو ينتمي  إلى العصر الرومانسي.

كانت بدايته الجدية في التأليف وفق مؤرخي سيرة الفنانين في   1866  وقد تمكن اثر ذلك من تحقيق نجاحات عيدة. ويعد تشايكوفسكي من أوائل الموسيقيين الروس الذين اشتهروا عالميا، فقد كان متمكنا من التنسيق بين عناصر الاوركاستر الموسيقى ويعترف له بالقدرة على خلق   الأثر الموسيقي المتنامي، وكانت له أيضا موهبة خاصة في كتابة المقطوعات الغنائية.

ووصف تشايكوفسكي بأنه مؤلف الموسيقى التي يغلب عليها الحزن، لكن رصديه لا يخلو من أعمال مبهجة وقد ابدع في التأليف السمفوني السمفونيات ( خمس سمفونيات)

واضافة إلى ما ذكرنا  يضم رصيد تشايكفسكي اعمالا هامة مثل "الكابريشيو الإيطالي" و"كونشرتو للبيانو" »1 و2 واوبرا "يوجيني أنيجين" وذلك إلى جانب مؤلفاته الموسيقية للآلات ومقدماته الموسيقية وافتتاحياته السمفونية. 

ورغم رصيده الحافل ومشواره الفني الاستثنائي، فإن حياة الفنان لم تكن مستقرة وخاصة على المستوى العاطفي وفشل زواجه لاسباب حولها جدل إلى اليوم ( من بينها ميولاته الحقيقية) كما كان الحزن يغلب على حياته وتوفي في سن لم تتجاوز 53 سنة، وقيل أنه مات متأثرا باصابته بداء الكوليرا وقيل أيضا إنه مات منتحرا.

لكنه واي كانت اسباب الرحيل ، فقد خلدت أعماله اسمه وهو اليوم من بين اشهر مؤلفي الموسيقى في العالم واعماله مازالت ملهمة ومبهجة إلى اليوم.

ومن الطبيعي ان تحرص روسيا التي انجبت  نخبة من أبرز الكتاب ( دستويوفسكي وتولستوي وغوركي وغيرهم) ، روسيا التي انجبت الشاعر الكبير بوشكين- حتى نقتصر على اكثرهم شهرة، روسيا التي انجبت كبار الفنانين والملحنين ومطربي الأوبيرا ومؤلفي الموسيقى السمفونية واشهر راقصي الباليه، أن تنظم مسابقة دولية تحمل اسم شخصية فنية مبدعة فذة.  فتشايكوفسكي اسم كبير  خدم بلاده حيا وظل يخدمها بعد رحيله.

لكن المثير أو المذهل في قضية الحال هي تركيبة لجنة التحكيم. فهي تضم أسماء من كبار المسؤولين بالدولة إلى جانب مسؤولين على اكبر الهياكل الثقافية الوطنية، وايضا فنانين من طراز عال. وروسيا بهذه الطريقة وبعيدا عن رمي الورود، تعطي الدليل على أن النهوض بالثقافة هي مسؤولية دولة بأكملها وان المبدعين الحقيقيين هم مفخرة البلاد الحقيقية.

ورغم تجنبنا المقارنات، لكن قد يكون من المهم طرح السؤال التالي مع احترام الفوارق طبعا: هل حدث وأن راينا في عالمنا العربي الذي يزخر تاريخه باسماء كبرى في شتى مجال العلوم والمعارف والآداب والفنون،  لجنة تحكيم مسابقة فنية تتكون من شخصيات كبيرة ونافذة في عالم السياسة وفي الموسيقى؟ هل  حدث وان اعتبر  سياسيونا وكبار المسؤولين في الدولة الثقافة عنصرا جوهريا في حياة مجتمعاتنا؟ هل  حدث أن تعاملوا مع الثقافة على أنها  أكثر من وسيلة للتسلية والترفيه؟

إن كل الاجابات هي للاسف بالنفي. تكفي ملاحظة نوعية الحياة الثقافية في بلداننا كي ندرك ذلك وتكفي وضعية الفنان حتى نفهم ذلك. ويكفي أن نتأمل كيف يتم التعامل مع الذاكرة الوطنية في كل شيء حتى ندرك الحقيقة. فالفنان مهما بلغت درجة ابداعه، يموت بمجرد أن يرحل واحيانا يموت وهو حي.  يتناساه الناس بمجرد ان يختفي عن الانظار وتنساه الدولة وكثيرا ما يضطر الاهل والاصدقاء "تسول" منة من الدولة من أجل فنان  انقلب عليه الزمان ووجد نفسه في حلة حرمان وهجر ونكران.

صحيح، إن الأمور ليست وردية تماما في روسيا. وهي اليوم وبسبب شنها حربا على اوكرانيا تواجه صعوبات كبيرة من ذلك مثلا،  أن الاتحاد الدولي للمسابقات الموسيقية  قرر استبعادها من قائمة المسابقات الدولية. ورغم ذلك، فإن وزارة الثقافة الروسية شددت قبل الاعلان عن تاريخ تنظيم المسابقة، على  أن التظاهرة الشهيرة التي تحمل اسم  تشايكوفسكي ستقام هذا العام كالمعتاد بالرغم من القرار الذي اتخذه الاتحاد، ولن تؤثر عليها أي قرارات خارجية.

 ونقلت مصادر اعلامية روسية  ما معناه أن استبعاد مسابقة تشايكوفسكي من الاتحاد الدولي للمسابقات الدولية لن يؤثر على إقامتها في موسكو بل الباب مازال مفتوحا لاستقبال مطالب المشاركة وهي مفتوحة بالخصوص أمام الشباب الموسيقي المبدع. لكن كل هذه المشاكل لا تنفي قيمة الثقافة في روسيا ولا تنفي عن البلد افتخاره بأبنائه المبدعين. فنحن هنا لا تهمنا السياسة ونتحدث عن الجانب الفني والثقافي وعن الفرق بين الدول التي تقدس فعلا الثقافة وتلك التي كل ما لديها من خطب حول الثقافة هو مجرد لغو وشعارات.

مع العلم أن المسابقة قد تأسست سنة 1958 وأقر الاتحاد الدولي   عضويتها فيها سنة 1971 قبل أن يعلن استبعاد مسابقة تشايكوفسكي من عضويته بسبب الحرب على أوكرانيا. لكن وكما قال سابقا العديد من الملاحظين، لما قررت بعض البلدان الأوروبية منع تدريس أدب دستويفكسي في جامعاتها، هل يمكن منع صاحب الاخوة كارامازوف والجريمة والعقاب والابله وغيرها، نقول هل يمكن منع صاحب بحيرة البجع وكسارة البندق؟؟؟

 حياة السايب