من المقرر أن يلتقي اليوم الثلاثاء وزير الخارجية نبيل عمار نظيرته الفرنسية كاترين كولونا في باريس في زيارة عمل تستمر حتى يوم غد الأربعاء. وتتصدر ملفات الهجرة والتعاون الاقتصادي بين البلدين برنامج الزيارة، فضلا عن تحريك المفاوضات المتعطلة بين تونس وصندوق النقد الدولي، وهي من النقاط التي تتقاسم فيها فرنسا الاهتمام مع الحكومة الايطالية..
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد أعلنت في بلاغ لها وسط الأسبوع المنقضي أن الزيارة ستكون "فرصة لإظهار" دعم فرنسا لتونس.
وسبق أن تم التمهيد للقاء منذ فترة بين البلدين، وكان أيضا محل تنسيق متواصل بين باريس وروما، خاصة في ما يتعلق بتوحيد المواقف تجاه بعض الملفات الحارقة التي تهم الوضع الاقتصادي في تونس على خلفية تخوف ايطالي متصاعد من تنامي تدفقات الهجرة غير النظامية انطلاقا من السواحل التونسية نحو ايطاليا، والتي تحاول حكومتها، برئاسة ميلوني، إقناع فرنسا وأوربا بخطورة موضوع الهجرة غير النظامية، التي لا يمكن مكافحتها والسيطرة عليها إلا عبر إعطاء أولوية لمساعدة تونس ماليا واقتصاديا لتجاوز أزمتها والضغط على صندوق النقد لتوخي سياسة مرنة مع تونس للتوصل إلى اتفاق عاجل..
كما يأتي اللقاء بعد أيام قليلة من لقاء بين وزير الخارجية الايطالي تاياني ونظيرته الفرنسية وكان الوضع في تونس في علاقة بالملف الاقتصادي وملف الهجرة غير النظامية من بين المحاور التي تم التحادث في شأنهما..
وقال تاياني عن اللقاء: "تحدثنا عن تونس" وأعتقد أن هناك تطابقا في وجهات النظر"، لافتا أيضا إلى أن النقاش شمل طريق الهجرة عبر البلقان.
وفي نفس التصريحات، قال الوزير الإيطالي "نعمل أيضًا على التوصل إلى اتفاق مع الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة يمكن أن يرحب به الجميع وتتم المصادقة عليه في المجلس الأوروبي المقبل".
كما يأتي لقاء عمار وكولونا - وهو الأول بين وزيري البلدين- بعد أن أعربت باريس مؤخرا عن قلقها تجاه الأوضاع في تونس، فيما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بـ"المستعرة"، فيما حذر وزير الخارجية نبيل عمار من أن تعطي الضغوط الأوروبية المسلطة على بلاده نتائج عكسية.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير ليجاندر قد كشفت خلال مؤتمر صحفي أن الوزيرين قد أجريا محادثات عبر الهاتف، وقالت إن اللقاء سيكون "فرصة لإظهار والتأكيد مجددا على دعمنا تونس والشعب التونسي"، مشيرة إلى أن الوزيرين "سيتناولان عن كثب كل جوانب التعاون الفرنسي - التونسي". وتطرقت خصوصا إلى مسائل التعليم والثقافة ومسألة الهجرة الشائكة."
رسائل
وسبق أن توجه وزير الخارجية نبيل عمار برسائل واضحة للاتحاد الأوربي في تصريحات إعلامية سابقة، مفادها أن تونس ثابتة على مواقفها.. كما دعا الاتحاد الأوروبي أثناء استقباله المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون في نهاية شهر أفريل الماضي إلى إظهار "تضامن" مع تونس، خاصة في مكافحة الهجرة غير القانونية.
ويعتبر ملف الهجرة من أبرز الملفات الخلافية بين البلدين خاصة في ما يتصل بسياسة أوروبا وفرنسا بالتحديد في هذا الاتجاه، حيث اختارت غلق منافذها لا فقط ضد المهاجرين غير النظاميين ولكن أيضا ضيقت الخناق على التونسيين من طالبي الهجرة بصفة قانونية.
وقال عمار في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء في 2 ماي الجاري إن "إيطاليا والاتحاد الأوروبي وشركاءنا عامة يُدركون جيدًا أن الهجرة غير النظامية تفوق قدرة دولة واحدة وخاصة تونس، باعتبار أن هذه الظاهرة عالمية ومن وجهة نظر جغرافية، فإن تونس معنية بهذه المسألة، لأنها تقع في الطريق التي يسلكها المهاجرون غير النظاميين للعبور إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، لكنها مع ذلك ليست في قلب هذه الديناميكية"، مضيفا "أكدنا لشركائنا على أن حل هذه المشكلة يجب أن يشمل جميع البلدان المتضررة من هذه الظاهرة وهم مطالبون بالتنسيق لمكافحة الاتجار بالبشر ومن ثمة مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية".
وتابع: "عبر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه إزاء مواجهة هذه الظاهرة وهي مخاوف تتقاسمها تونس مع دول التكتل باعتبارها أصبحت بدورها مقصدا للذين يعتزمون الهجرة بشكل غير نظامي. وعلى الرغم من أن البعض يتهمنا بأننا شرطي أوروبا ويتهمنا بالعنصرية، فإن تونس تبقى شريكًا موثوقًا به".
وأكد: "لطالما أوضحت، حتى عندما كنت سفيرا لتونس ببروكسيل، ولدى الاتحاد الأوروبي، إننا وصلنا إلى نقطة أصبحت فيها الضغوط المفروضة على تونس تؤتي نتائج عكسية وبسببها يمكن أن نصل إلى نقطة اللاعودة ونحن نتطلع إلى أن يكون لدى شركاء تونس ما يكفي من الوعي بهذا الخطر، لأننا نعتقد أنهم ذهبوا بعيدا في هذا المجال. نحن فسرنا لشركائنا أنه يوجد خط أحمر لا يمكن أبدا تخطيه، ألا وهو استقرار البلاد والسلم الاجتماعية".
وقال إن "التطوّر الاقتصادي لتونس وازدهارها يصبان في مصلحة مختلف الأطراف ومصلحتنا تلتقي مع مصلحة كل شركائنا. الرسائل السلبية تجاه تونس، لها انعكاسات مباشرة ووخيمة على المستوى الاقتصادي وتساهم في عزوف المستثمرين والسيّاح .. حين يتحدّث شركاؤنا عن دعمنا ثم يبثون في الوقت ذاته رسائل مشككة، فهنا وبكل بساطة لا يمكننا إلا الحديث عن عدم انسجام بين القول والفعل".
وفي سياق متصل، قال القنصل العام الفرنسي في تونس دومينيك ماس في تصريح إعلامي إن فرنسا أصدرت سنة 2022 نحو 10 آلاف طلب لترحيل تونسيين مقيمين على أراضيها بصورة غير شرعية، مشددا على ما اعتبره "حق بلاده في فعل ما تراه مناسبا لحماية حدودها وتحديد وضع المهاجرين غير النظاميين بها"..
دعم مالي مشروط
كما أكد في ذات الاتجاه سفير فرنسا لدى تونس أندريه باران في حوار إعلامي خلال شهر مارس الماضي استعداد بلاده لتقديم دعم مالي لتونس بشرط الشروع في تنفيذ الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي لصرف قرض الملياري دولار، معتبرا أن الوضع في تونس بات يحتّم على السلطات التونسية الوصول إلى اتفاق مع المؤسسة الدولية المانحة.
بدوره أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عقب القمة الأوروبية ببروكسل في الفترة نفسها أن التوتر السياسي في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي يؤديان إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي، داعيا إلى العمل معا على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس من أجل السيطرة على تدفقات الهجرة.
واعترف ماكرون خلال مشاركته قمة مجلس أوروبا في ريكيافيك منتصف شهر ماي الجاري، بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقوم بالمزيد لمساعدة إيطاليا في إدارة هذه الموجات من تدفق المهاجرين.
وقال إن "الشعب الإيطالي كبلد يحط فيه المهاجرون يتعرض لضغوط هجرة كبيرة جدا ولا يمكن ترك إيطاليا وحيدة".
رفيق بن عبد الله
*الزيارة سبقها تنسيق فرنسي إيطالي تونسي
تونس- الصباح
من المقرر أن يلتقي اليوم الثلاثاء وزير الخارجية نبيل عمار نظيرته الفرنسية كاترين كولونا في باريس في زيارة عمل تستمر حتى يوم غد الأربعاء. وتتصدر ملفات الهجرة والتعاون الاقتصادي بين البلدين برنامج الزيارة، فضلا عن تحريك المفاوضات المتعطلة بين تونس وصندوق النقد الدولي، وهي من النقاط التي تتقاسم فيها فرنسا الاهتمام مع الحكومة الايطالية..
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد أعلنت في بلاغ لها وسط الأسبوع المنقضي أن الزيارة ستكون "فرصة لإظهار" دعم فرنسا لتونس.
وسبق أن تم التمهيد للقاء منذ فترة بين البلدين، وكان أيضا محل تنسيق متواصل بين باريس وروما، خاصة في ما يتعلق بتوحيد المواقف تجاه بعض الملفات الحارقة التي تهم الوضع الاقتصادي في تونس على خلفية تخوف ايطالي متصاعد من تنامي تدفقات الهجرة غير النظامية انطلاقا من السواحل التونسية نحو ايطاليا، والتي تحاول حكومتها، برئاسة ميلوني، إقناع فرنسا وأوربا بخطورة موضوع الهجرة غير النظامية، التي لا يمكن مكافحتها والسيطرة عليها إلا عبر إعطاء أولوية لمساعدة تونس ماليا واقتصاديا لتجاوز أزمتها والضغط على صندوق النقد لتوخي سياسة مرنة مع تونس للتوصل إلى اتفاق عاجل..
كما يأتي اللقاء بعد أيام قليلة من لقاء بين وزير الخارجية الايطالي تاياني ونظيرته الفرنسية وكان الوضع في تونس في علاقة بالملف الاقتصادي وملف الهجرة غير النظامية من بين المحاور التي تم التحادث في شأنهما..
وقال تاياني عن اللقاء: "تحدثنا عن تونس" وأعتقد أن هناك تطابقا في وجهات النظر"، لافتا أيضا إلى أن النقاش شمل طريق الهجرة عبر البلقان.
وفي نفس التصريحات، قال الوزير الإيطالي "نعمل أيضًا على التوصل إلى اتفاق مع الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة يمكن أن يرحب به الجميع وتتم المصادقة عليه في المجلس الأوروبي المقبل".
كما يأتي لقاء عمار وكولونا - وهو الأول بين وزيري البلدين- بعد أن أعربت باريس مؤخرا عن قلقها تجاه الأوضاع في تونس، فيما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بـ"المستعرة"، فيما حذر وزير الخارجية نبيل عمار من أن تعطي الضغوط الأوروبية المسلطة على بلاده نتائج عكسية.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير ليجاندر قد كشفت خلال مؤتمر صحفي أن الوزيرين قد أجريا محادثات عبر الهاتف، وقالت إن اللقاء سيكون "فرصة لإظهار والتأكيد مجددا على دعمنا تونس والشعب التونسي"، مشيرة إلى أن الوزيرين "سيتناولان عن كثب كل جوانب التعاون الفرنسي - التونسي". وتطرقت خصوصا إلى مسائل التعليم والثقافة ومسألة الهجرة الشائكة."
رسائل
وسبق أن توجه وزير الخارجية نبيل عمار برسائل واضحة للاتحاد الأوربي في تصريحات إعلامية سابقة، مفادها أن تونس ثابتة على مواقفها.. كما دعا الاتحاد الأوروبي أثناء استقباله المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون في نهاية شهر أفريل الماضي إلى إظهار "تضامن" مع تونس، خاصة في مكافحة الهجرة غير القانونية.
ويعتبر ملف الهجرة من أبرز الملفات الخلافية بين البلدين خاصة في ما يتصل بسياسة أوروبا وفرنسا بالتحديد في هذا الاتجاه، حيث اختارت غلق منافذها لا فقط ضد المهاجرين غير النظاميين ولكن أيضا ضيقت الخناق على التونسيين من طالبي الهجرة بصفة قانونية.
وقال عمار في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء في 2 ماي الجاري إن "إيطاليا والاتحاد الأوروبي وشركاءنا عامة يُدركون جيدًا أن الهجرة غير النظامية تفوق قدرة دولة واحدة وخاصة تونس، باعتبار أن هذه الظاهرة عالمية ومن وجهة نظر جغرافية، فإن تونس معنية بهذه المسألة، لأنها تقع في الطريق التي يسلكها المهاجرون غير النظاميين للعبور إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، لكنها مع ذلك ليست في قلب هذه الديناميكية"، مضيفا "أكدنا لشركائنا على أن حل هذه المشكلة يجب أن يشمل جميع البلدان المتضررة من هذه الظاهرة وهم مطالبون بالتنسيق لمكافحة الاتجار بالبشر ومن ثمة مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية".
وتابع: "عبر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه إزاء مواجهة هذه الظاهرة وهي مخاوف تتقاسمها تونس مع دول التكتل باعتبارها أصبحت بدورها مقصدا للذين يعتزمون الهجرة بشكل غير نظامي. وعلى الرغم من أن البعض يتهمنا بأننا شرطي أوروبا ويتهمنا بالعنصرية، فإن تونس تبقى شريكًا موثوقًا به".
وأكد: "لطالما أوضحت، حتى عندما كنت سفيرا لتونس ببروكسيل، ولدى الاتحاد الأوروبي، إننا وصلنا إلى نقطة أصبحت فيها الضغوط المفروضة على تونس تؤتي نتائج عكسية وبسببها يمكن أن نصل إلى نقطة اللاعودة ونحن نتطلع إلى أن يكون لدى شركاء تونس ما يكفي من الوعي بهذا الخطر، لأننا نعتقد أنهم ذهبوا بعيدا في هذا المجال. نحن فسرنا لشركائنا أنه يوجد خط أحمر لا يمكن أبدا تخطيه، ألا وهو استقرار البلاد والسلم الاجتماعية".
وقال إن "التطوّر الاقتصادي لتونس وازدهارها يصبان في مصلحة مختلف الأطراف ومصلحتنا تلتقي مع مصلحة كل شركائنا. الرسائل السلبية تجاه تونس، لها انعكاسات مباشرة ووخيمة على المستوى الاقتصادي وتساهم في عزوف المستثمرين والسيّاح .. حين يتحدّث شركاؤنا عن دعمنا ثم يبثون في الوقت ذاته رسائل مشككة، فهنا وبكل بساطة لا يمكننا إلا الحديث عن عدم انسجام بين القول والفعل".
وفي سياق متصل، قال القنصل العام الفرنسي في تونس دومينيك ماس في تصريح إعلامي إن فرنسا أصدرت سنة 2022 نحو 10 آلاف طلب لترحيل تونسيين مقيمين على أراضيها بصورة غير شرعية، مشددا على ما اعتبره "حق بلاده في فعل ما تراه مناسبا لحماية حدودها وتحديد وضع المهاجرين غير النظاميين بها"..
دعم مالي مشروط
كما أكد في ذات الاتجاه سفير فرنسا لدى تونس أندريه باران في حوار إعلامي خلال شهر مارس الماضي استعداد بلاده لتقديم دعم مالي لتونس بشرط الشروع في تنفيذ الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي لصرف قرض الملياري دولار، معتبرا أن الوضع في تونس بات يحتّم على السلطات التونسية الوصول إلى اتفاق مع المؤسسة الدولية المانحة.
بدوره أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عقب القمة الأوروبية ببروكسل في الفترة نفسها أن التوتر السياسي في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي يؤديان إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي، داعيا إلى العمل معا على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس من أجل السيطرة على تدفقات الهجرة.
واعترف ماكرون خلال مشاركته قمة مجلس أوروبا في ريكيافيك منتصف شهر ماي الجاري، بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقوم بالمزيد لمساعدة إيطاليا في إدارة هذه الموجات من تدفق المهاجرين.
وقال إن "الشعب الإيطالي كبلد يحط فيه المهاجرون يتعرض لضغوط هجرة كبيرة جدا ولا يمكن ترك إيطاليا وحيدة".