إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل عودة التونسيين بالخارج وانتعاشة السياحة .. دعوات تحرك استباقية لتوفير المواد الاستهلاكية

 

 

تونس – الصباح

 وجه بعض الفاعلين والناشطين في قطاعات فلاحية وتجارية دعوات للسلط الرسمية والقائمين على بعض الهياكل والمنظمات والقطاعات ذات صلة بسوق الاستهلاك والإنتاج في تونس للتحرك بشكل استباقي والحيلولة دون ظهور أو تفاقم أزمة نقص بعض المواد الاستهلاكية بالأساس استعدادا لموسم الصيف برمزيته وظرفيته الاقتصادية والسياحية والثقافية والتجارية والاجتماعية، نظرا لعدة عوامل تجعل الاستهلاك يتضاعف خلال هذه الفترة لاسيما خلال صائفة هذا العام، لعل من أبرزها تزايد عدد التونسيين بالخارج العائدين إلى أرض الوطن بعد غياب سنوات بسبب أزمة "كوفيد 19" الصحية وتعافي العالم من تداعياتها وما فرضته من صعوبات في التنقل وحالت دون عودة أغلبهم في المواسم الماضية إضافة إلى توافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب على بلادنا خلال نفس الفترة المرتقبة. إذ أكدت وزارة السياحة والديوان الوطني للسياحة وعدة هياكل أخرى ذات صلة بالقطاع، على غرار جامعة مديري النزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار، أنه من التوقع أن يحقق الموسم السياحي لهذه الصائفة أرقاما عالية مقارنة بالمواسم السياحية السابقة بما يؤكد تعافي القطاع وتسجيل العودة إلى الأرقام المسجلة في المجال خلال سنة 2010. وسعي جميع الجهات لإنجاح هذا الموسم نظرا لمزاياه الاقتصادية والاجتماعية بأساس ودوره في إحداث حركية في النشاط الاقتصادي والتشغيل الموسمي والقار وتعزيز بعض الصناعات والأنشطة ذات صلة بالمجال. خاصة أن عدة جهات أكدت أنه تم تسجيل حجوزات تؤشر لموسم سياحي استثنائي سواء في مستوى وكالات الأسفار وعدد السفرات أو في النزل والمقررة خلال الأشهر القليلة القادمة. هذا بقطع النظر عما يمثله فصل الصيف من موسم "ميسرة" الاحتفالات العائلية والمناسبات الخاصة باختلاف سياقاتها وما يتطلبه تنظيم هذه المناسبات من تضاعف كميات الاستهلاك نظرا لتقاليد التونسيين في مثل هذه المناسبات التي تكون احتفالية واستهلاكية بامتياز.

الأمر الذي يتطلب استعدادات حثيثة من أجل إنجاح هذا الموسم الصيفي لاسيما أنه يأتي في فترة تعاني منها بلادنا من تراكمات للأزمات والصعوبات لأسباب داخلية أو خارجية، وما تسجله من فقد وعدم توفر أو نقص كبير في عدة أنواع من المواد الاستهلاكية لاسيما منها الضرورية وتحول الأمر إلى أشبه بكابوس نغص العيش بالنسبة لأغلب التونسيين.

 فبعد أزمة "الخبز" التي انفجرت منذ أسابيع ولا تزال متواصلة بسبب النقص المسجل في "السميد والفارينة" تحديدا، وأزمة القهوة والسكر "الصامتة"، أطلق عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين المكلف بالألبان واللحوم الحمراء يحي مسعود، صيحة فزع مؤخرا أكد فيها "أن المخزون الاستراتيجي من الحليب المتوفر حاليا لا يلبي احتياجات البلاد من الاستهلاك سوى لـ10 أيام فقط". مؤكدا أن بلادنا تونس تعيش أزمة خانقة في منظومة الألبان أسوأ مما عاشتها من قبل. وتواصل أزمة الأعلاف بما تشمله من ارتفاع في الأسعار من ناحية ونقص في الكميات من ناحية أخرى وتداعيات ذلك على منتوج الحليب. إضافة إلى تراجع قطيع الأبقار بعد أن اختار عدد كبير من الفلاحين التفريط في ممتلكاتهم بسبب ما يواجهونه من صعوبات وخسائر.

وهو ما يدفع الجهات المعنية بالتحرك استباقيا للحيلولة دون تفاقم أزمة نقص المواد الاستهلاكية وتوفير الكميات اللازمة لإنجاح موسم السياحة سواء منها الداخلية أو الخارجية ووضع حد لمظاهر الاحتكار والتلاعب بالأسعار وغيرها من السلوكيات التي تتغذى وتشهد رواجا في مثل هذه الأزمات والمناسبات.

ويذكر أن ما عرفته بلادنا من جفاف وشح لمياه الأمطار على امتداد أشهر أثر سلبيا على الإنتاج الفلاحي لتشهد أغلب المنتوجات تراجعا كبيرا بشكل يجعل المنتوج الوطني غير قادر على تسديد الحاجيات من الاستهلاك المحلي وفي مقدمة هذه المنتوجات الفلاحية القمح، باعتبار أن الصابة المقدرة لهذا العام ستكون في حدود 3.5 مليون قنطار بعد أن قدرت صابة العام الماضي بـ7.4 مليون قنطار في حين أن المعدل العادي لبلادنا أكثر من 12 مليون قنطار ثم أن 95% من المساحات الزراعية المخصصة للحبوب هي مطرية بالأساس.

كما سبق أن أكد كاتب عام نقابة الفلاحين التونسيين ميداني الضاوي منذ مدة من تداعيات نقص إنتاج الخضر والغلال الفصلية على غرار الطماطم والفلفل بسبب عدم قدرة الفلاح التونسي على مجاراة نسق تكاليف عملية الإنتاج في ظل شح المياه وغلاء أسعار المبيدات باعتبار أن أغلبها يتم استيراده بالعملة الصعبة وغير متوفر بالكميات اللازمة. وهو ما دفع عددا كبيرا من الفلاحين إلى المقاطعة في ظل غياب برامج محفزة أو بديلة من قبل الجهات الرسمية تشجع وتساعد الفلاحين على مواصلة الإنتاج والاستثمار في القطاع الفلاحي. ولعل العزوف أو الهروب الذي كان سببا للنقص الكبير المسجل في الغلال الفصلية والموسمية في بلادنا وارتفاع أسعارها على نحو لم تعد في متناول نسبة كبيرة من المستهلك التونسي.

وما يثير تخوفات شق واسع من المواطنين التونسيين هو أن يساهم تزايد الاستهلاك خلال هذه الصائفة في تفاقم أزمة نقص المواد الاستهلاكية وارتفاع أسعار بعضها الآخر في ظل تأثير الأزمة المالية والاقتصادية على ذلك باعتبار أن نسبا كبيرة من هذه المواد هي موردة من السوق الخارجية.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 في ظل عودة التونسيين بالخارج وانتعاشة السياحة .. دعوات تحرك استباقية لتوفير المواد الاستهلاكية

 

 

تونس – الصباح

 وجه بعض الفاعلين والناشطين في قطاعات فلاحية وتجارية دعوات للسلط الرسمية والقائمين على بعض الهياكل والمنظمات والقطاعات ذات صلة بسوق الاستهلاك والإنتاج في تونس للتحرك بشكل استباقي والحيلولة دون ظهور أو تفاقم أزمة نقص بعض المواد الاستهلاكية بالأساس استعدادا لموسم الصيف برمزيته وظرفيته الاقتصادية والسياحية والثقافية والتجارية والاجتماعية، نظرا لعدة عوامل تجعل الاستهلاك يتضاعف خلال هذه الفترة لاسيما خلال صائفة هذا العام، لعل من أبرزها تزايد عدد التونسيين بالخارج العائدين إلى أرض الوطن بعد غياب سنوات بسبب أزمة "كوفيد 19" الصحية وتعافي العالم من تداعياتها وما فرضته من صعوبات في التنقل وحالت دون عودة أغلبهم في المواسم الماضية إضافة إلى توافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب على بلادنا خلال نفس الفترة المرتقبة. إذ أكدت وزارة السياحة والديوان الوطني للسياحة وعدة هياكل أخرى ذات صلة بالقطاع، على غرار جامعة مديري النزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار، أنه من التوقع أن يحقق الموسم السياحي لهذه الصائفة أرقاما عالية مقارنة بالمواسم السياحية السابقة بما يؤكد تعافي القطاع وتسجيل العودة إلى الأرقام المسجلة في المجال خلال سنة 2010. وسعي جميع الجهات لإنجاح هذا الموسم نظرا لمزاياه الاقتصادية والاجتماعية بأساس ودوره في إحداث حركية في النشاط الاقتصادي والتشغيل الموسمي والقار وتعزيز بعض الصناعات والأنشطة ذات صلة بالمجال. خاصة أن عدة جهات أكدت أنه تم تسجيل حجوزات تؤشر لموسم سياحي استثنائي سواء في مستوى وكالات الأسفار وعدد السفرات أو في النزل والمقررة خلال الأشهر القليلة القادمة. هذا بقطع النظر عما يمثله فصل الصيف من موسم "ميسرة" الاحتفالات العائلية والمناسبات الخاصة باختلاف سياقاتها وما يتطلبه تنظيم هذه المناسبات من تضاعف كميات الاستهلاك نظرا لتقاليد التونسيين في مثل هذه المناسبات التي تكون احتفالية واستهلاكية بامتياز.

الأمر الذي يتطلب استعدادات حثيثة من أجل إنجاح هذا الموسم الصيفي لاسيما أنه يأتي في فترة تعاني منها بلادنا من تراكمات للأزمات والصعوبات لأسباب داخلية أو خارجية، وما تسجله من فقد وعدم توفر أو نقص كبير في عدة أنواع من المواد الاستهلاكية لاسيما منها الضرورية وتحول الأمر إلى أشبه بكابوس نغص العيش بالنسبة لأغلب التونسيين.

 فبعد أزمة "الخبز" التي انفجرت منذ أسابيع ولا تزال متواصلة بسبب النقص المسجل في "السميد والفارينة" تحديدا، وأزمة القهوة والسكر "الصامتة"، أطلق عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين المكلف بالألبان واللحوم الحمراء يحي مسعود، صيحة فزع مؤخرا أكد فيها "أن المخزون الاستراتيجي من الحليب المتوفر حاليا لا يلبي احتياجات البلاد من الاستهلاك سوى لـ10 أيام فقط". مؤكدا أن بلادنا تونس تعيش أزمة خانقة في منظومة الألبان أسوأ مما عاشتها من قبل. وتواصل أزمة الأعلاف بما تشمله من ارتفاع في الأسعار من ناحية ونقص في الكميات من ناحية أخرى وتداعيات ذلك على منتوج الحليب. إضافة إلى تراجع قطيع الأبقار بعد أن اختار عدد كبير من الفلاحين التفريط في ممتلكاتهم بسبب ما يواجهونه من صعوبات وخسائر.

وهو ما يدفع الجهات المعنية بالتحرك استباقيا للحيلولة دون تفاقم أزمة نقص المواد الاستهلاكية وتوفير الكميات اللازمة لإنجاح موسم السياحة سواء منها الداخلية أو الخارجية ووضع حد لمظاهر الاحتكار والتلاعب بالأسعار وغيرها من السلوكيات التي تتغذى وتشهد رواجا في مثل هذه الأزمات والمناسبات.

ويذكر أن ما عرفته بلادنا من جفاف وشح لمياه الأمطار على امتداد أشهر أثر سلبيا على الإنتاج الفلاحي لتشهد أغلب المنتوجات تراجعا كبيرا بشكل يجعل المنتوج الوطني غير قادر على تسديد الحاجيات من الاستهلاك المحلي وفي مقدمة هذه المنتوجات الفلاحية القمح، باعتبار أن الصابة المقدرة لهذا العام ستكون في حدود 3.5 مليون قنطار بعد أن قدرت صابة العام الماضي بـ7.4 مليون قنطار في حين أن المعدل العادي لبلادنا أكثر من 12 مليون قنطار ثم أن 95% من المساحات الزراعية المخصصة للحبوب هي مطرية بالأساس.

كما سبق أن أكد كاتب عام نقابة الفلاحين التونسيين ميداني الضاوي منذ مدة من تداعيات نقص إنتاج الخضر والغلال الفصلية على غرار الطماطم والفلفل بسبب عدم قدرة الفلاح التونسي على مجاراة نسق تكاليف عملية الإنتاج في ظل شح المياه وغلاء أسعار المبيدات باعتبار أن أغلبها يتم استيراده بالعملة الصعبة وغير متوفر بالكميات اللازمة. وهو ما دفع عددا كبيرا من الفلاحين إلى المقاطعة في ظل غياب برامج محفزة أو بديلة من قبل الجهات الرسمية تشجع وتساعد الفلاحين على مواصلة الإنتاج والاستثمار في القطاع الفلاحي. ولعل العزوف أو الهروب الذي كان سببا للنقص الكبير المسجل في الغلال الفصلية والموسمية في بلادنا وارتفاع أسعارها على نحو لم تعد في متناول نسبة كبيرة من المستهلك التونسي.

وما يثير تخوفات شق واسع من المواطنين التونسيين هو أن يساهم تزايد الاستهلاك خلال هذه الصائفة في تفاقم أزمة نقص المواد الاستهلاكية وارتفاع أسعار بعضها الآخر في ظل تأثير الأزمة المالية والاقتصادية على ذلك باعتبار أن نسبا كبيرة من هذه المواد هي موردة من السوق الخارجية.

نزيهة الغضباني