تعيش أغلب الجهات على وقع تفاقم أزمة النظافة والتحكم في النفايات والعناية بالبيئة والاهتمام بالمناطق الخضراء والساحات والحدائق العامة. وليس من المبالغة الإقرار أن البلاد تعيش منذ فترة طويلة حالة "تطبيع" مزمنة مع تدهور محيط العيش وانتشار أكداس الفضلات و"غزو" الأكياس البلاستيكية على امتداد عديد الطرقات في مختلف المناطق منها السياحية.
ومع تسجيل كميات هامة من الأمطار مؤخرا في أغلب الجهات ورغم الاستبشار بالغيث النافع الذي طال انتظاره، إلا أن الوضع البيئي المتدهور أصلا يتفاقم للأسف على وقع الأمطار، بالتزامن مع درجات الحرارة المرتفعة نسبيا وهو ما يعمق الأزمة والتحديات أمام البلديات لمواجهة انتشار الروائح الكريهة والحشرات.
وتشهد أيضا عديد المناطق أوضاعا استثنائية ومشاكل بيئية على غرار ما تم تداوله مؤخرا من "معاناة متساكني منطقة ''حدائق قرطاج'' من ظاهرة انتشار الفئران، والزواحف والأوساخ.. والسبب هو الأراضي المهمشة في المنطقة".
كما يتواصل الوضع الخاص والحرج في صفاقس وفق ما أكده مؤخرا الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوسف العدواني الذي صرح بأن "المنطقة منسية ومهمشة، مؤكدا أن الوضع البيئي يُنذر بالخطر"، داعيا إلى "ضرورة إيلاء المسألة البيئية الأولية والأهمية اللازمة".
وضع استثنائي
يتزامن هذا الوضع البيئي المتدهور مع الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها العمل البلدي بعد إصدار رئيس الجمهورية قيس سعيد، مرسوما لـ"حلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة"، مع تفويض "الكاتب العامين للبلدية، تحت إشراف والي الجهة، مهمة تسيير الشؤون العادية للبلدية وإدارتها".
وضع أربك دون شك سير العمل البلدي وعمق أزمة النظافة والعناية بالبيئة والمحيط الذي يواجه منذ فترة سوء تسيير وتصرف ونقص في الإمكانيات المرصودة للبلديات في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها المالية العمومية والبلاد برمتها.
وقد وصف مؤخرا الناطق الرسمي باسم الكتلة الوطنية المستقلة بالبرلمان ظافر الصغيري الوضع في البلديات اليوم بالكارثي قائلا:"بأنه يجب تركيز مجلس الجهات والأقاليم بسرعة، إضافة إلى تركيز بلديات مُنتخبة"، لأن“..نشاط البلديات حاليا دون مجالس منتخبة كارثة”.
بدوره قال رئيس جمعية تونس ايكولوجيا عبد المجيد دبار، في تصريح إذاعي مؤخرا إن "الوضع البيئي في تونس كان رديئا وبعد حل المجالس البلدية أصبح مفزعا".
مضيفا أن "الوضع البيئي في المدن التونسية والسواحل والأسواق في حالة فوضى عارمة".
وأكد أيضا عبد المجيد دبار أن "حل المجالس البلدية وغياب المراقبة وغياب القرار والإرادة للإصلاح ساهم في انتشار الفوضى وغياب النظام".
الإسراع في الانتخابات البلدية
كما شدد رئيس جمعية تونس ايكولوجيا على "ضرورة الإسراع في الانتخابات البلدية"، منتقدا "غياب النجاعة في إيصال الرسائل البيئية"، على حد تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أن عديد الأطراف نبهت سابقا من تداعيات حل المجالس البلدية دون الإسراع في تعويضها وذلك رغم الانتقادات التي كانت توجه عمل هذه المجالس وتحميلها مسؤولية إهدار الوقت والجهد في التجاذبات على حساب الاهتمام بالعمل البلدي والاستجابة لحاجيات المواطن في محيط عيش نظيف.
وكانت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، من بين هؤلاء الذين سارعوا إلى التعبير عن مخاوفهم مباشرة اثر قرار حل المجالس البلدية في مارس الفارط، حيث ذكرت الجامعة بموقفها "الداعي إلى ضرورة المحافظة على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها خاصة مع انتهاء المدة النيابية للمجالس البلدية الحالية (2018-2023)".
ونبهت جامعة البلديات إلى "الضبابية التي تحكم العلاقة بين المجالس البلدية المنتخبة والأصناف الأخرى من الجماعات المحلية ممثلة في المجالس المحلية والجهوية والأقاليم". مؤكدة ضرورة "ألا تتحول المجالس البلدية في إطار التصور السياسي والقانوني الجديد إلى مجرد هياكل شكلية في المستقبل فاقدة لمقومات الاستقلالية في إدارة الشأن المحلي".
ورغم مرور أكثر من شهرين على حل المجالس البلدية ورغم الأسئلة المطروحة الداعية لتوضح الصورة في علاقة بمصير الانتخابات البلدية وطبيعة العلاقة المستقبلية بين المجالس البلدية، إذا ما أجريت انتخابات بلدية، وبين مجلس الأقاليم والمجالس الجهوية، إلا أن الموضوع مازال يكتنفه الكثير من الغموض في الأثناء تتعقد الوضعية البيئية أكثر فأكثر.
ويبدو أيضا أن اهتمام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتجه أكثر نحو الاستعداد لتركيز المجالس الجهوية ومجلس الأقاليم وهذا ما يستشف من خلال بيانها أمس الذي ذكرت فيه أنها "شرعت في أشغال المشروع الوطني للتحديد الترابي للدوائر الانتخابية المحلية، وذلك تجسيدا لمخرجات الملتقى الوطني الذي انعقد بالعاصمة يوم 18 ماي 2023".
وفي هذا الإطار انطلقت أشغال ميدانية في جميع الولايات والمعتمديات بعد أن "تم تكوين 140 فريق عمل تضُمّ ممثلين عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ووزارة الداخلية والمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد والمعهد الوطني للإحصاء والديوان الوطني لقيس الأراضي والمسح العقاري وكافة الإدارات الجهوية المعنية بإنجاز هذا المشروع"، حسب ما جاء في بلاغ للهيئة.
ويُذكر أنه وفق المرسوم عدد 10 لسنة 2023 والمؤرخ في 8 مارس 2023 والمتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، فإن هذا المشروع «سيُفضي إلى إحداث 2155 دائرة انتخابية ضمن 2085 عمادة، سيتم ضبط حدودها بشكل رسمي ودقيق».
م.ي
تونس-الصباح
تعيش أغلب الجهات على وقع تفاقم أزمة النظافة والتحكم في النفايات والعناية بالبيئة والاهتمام بالمناطق الخضراء والساحات والحدائق العامة. وليس من المبالغة الإقرار أن البلاد تعيش منذ فترة طويلة حالة "تطبيع" مزمنة مع تدهور محيط العيش وانتشار أكداس الفضلات و"غزو" الأكياس البلاستيكية على امتداد عديد الطرقات في مختلف المناطق منها السياحية.
ومع تسجيل كميات هامة من الأمطار مؤخرا في أغلب الجهات ورغم الاستبشار بالغيث النافع الذي طال انتظاره، إلا أن الوضع البيئي المتدهور أصلا يتفاقم للأسف على وقع الأمطار، بالتزامن مع درجات الحرارة المرتفعة نسبيا وهو ما يعمق الأزمة والتحديات أمام البلديات لمواجهة انتشار الروائح الكريهة والحشرات.
وتشهد أيضا عديد المناطق أوضاعا استثنائية ومشاكل بيئية على غرار ما تم تداوله مؤخرا من "معاناة متساكني منطقة ''حدائق قرطاج'' من ظاهرة انتشار الفئران، والزواحف والأوساخ.. والسبب هو الأراضي المهمشة في المنطقة".
كما يتواصل الوضع الخاص والحرج في صفاقس وفق ما أكده مؤخرا الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوسف العدواني الذي صرح بأن "المنطقة منسية ومهمشة، مؤكدا أن الوضع البيئي يُنذر بالخطر"، داعيا إلى "ضرورة إيلاء المسألة البيئية الأولية والأهمية اللازمة".
وضع استثنائي
يتزامن هذا الوضع البيئي المتدهور مع الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها العمل البلدي بعد إصدار رئيس الجمهورية قيس سعيد، مرسوما لـ"حلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة"، مع تفويض "الكاتب العامين للبلدية، تحت إشراف والي الجهة، مهمة تسيير الشؤون العادية للبلدية وإدارتها".
وضع أربك دون شك سير العمل البلدي وعمق أزمة النظافة والعناية بالبيئة والمحيط الذي يواجه منذ فترة سوء تسيير وتصرف ونقص في الإمكانيات المرصودة للبلديات في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها المالية العمومية والبلاد برمتها.
وقد وصف مؤخرا الناطق الرسمي باسم الكتلة الوطنية المستقلة بالبرلمان ظافر الصغيري الوضع في البلديات اليوم بالكارثي قائلا:"بأنه يجب تركيز مجلس الجهات والأقاليم بسرعة، إضافة إلى تركيز بلديات مُنتخبة"، لأن“..نشاط البلديات حاليا دون مجالس منتخبة كارثة”.
بدوره قال رئيس جمعية تونس ايكولوجيا عبد المجيد دبار، في تصريح إذاعي مؤخرا إن "الوضع البيئي في تونس كان رديئا وبعد حل المجالس البلدية أصبح مفزعا".
مضيفا أن "الوضع البيئي في المدن التونسية والسواحل والأسواق في حالة فوضى عارمة".
وأكد أيضا عبد المجيد دبار أن "حل المجالس البلدية وغياب المراقبة وغياب القرار والإرادة للإصلاح ساهم في انتشار الفوضى وغياب النظام".
الإسراع في الانتخابات البلدية
كما شدد رئيس جمعية تونس ايكولوجيا على "ضرورة الإسراع في الانتخابات البلدية"، منتقدا "غياب النجاعة في إيصال الرسائل البيئية"، على حد تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أن عديد الأطراف نبهت سابقا من تداعيات حل المجالس البلدية دون الإسراع في تعويضها وذلك رغم الانتقادات التي كانت توجه عمل هذه المجالس وتحميلها مسؤولية إهدار الوقت والجهد في التجاذبات على حساب الاهتمام بالعمل البلدي والاستجابة لحاجيات المواطن في محيط عيش نظيف.
وكانت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، من بين هؤلاء الذين سارعوا إلى التعبير عن مخاوفهم مباشرة اثر قرار حل المجالس البلدية في مارس الفارط، حيث ذكرت الجامعة بموقفها "الداعي إلى ضرورة المحافظة على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها خاصة مع انتهاء المدة النيابية للمجالس البلدية الحالية (2018-2023)".
ونبهت جامعة البلديات إلى "الضبابية التي تحكم العلاقة بين المجالس البلدية المنتخبة والأصناف الأخرى من الجماعات المحلية ممثلة في المجالس المحلية والجهوية والأقاليم". مؤكدة ضرورة "ألا تتحول المجالس البلدية في إطار التصور السياسي والقانوني الجديد إلى مجرد هياكل شكلية في المستقبل فاقدة لمقومات الاستقلالية في إدارة الشأن المحلي".
ورغم مرور أكثر من شهرين على حل المجالس البلدية ورغم الأسئلة المطروحة الداعية لتوضح الصورة في علاقة بمصير الانتخابات البلدية وطبيعة العلاقة المستقبلية بين المجالس البلدية، إذا ما أجريت انتخابات بلدية، وبين مجلس الأقاليم والمجالس الجهوية، إلا أن الموضوع مازال يكتنفه الكثير من الغموض في الأثناء تتعقد الوضعية البيئية أكثر فأكثر.
ويبدو أيضا أن اهتمام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتجه أكثر نحو الاستعداد لتركيز المجالس الجهوية ومجلس الأقاليم وهذا ما يستشف من خلال بيانها أمس الذي ذكرت فيه أنها "شرعت في أشغال المشروع الوطني للتحديد الترابي للدوائر الانتخابية المحلية، وذلك تجسيدا لمخرجات الملتقى الوطني الذي انعقد بالعاصمة يوم 18 ماي 2023".
وفي هذا الإطار انطلقت أشغال ميدانية في جميع الولايات والمعتمديات بعد أن "تم تكوين 140 فريق عمل تضُمّ ممثلين عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ووزارة الداخلية والمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد والمعهد الوطني للإحصاء والديوان الوطني لقيس الأراضي والمسح العقاري وكافة الإدارات الجهوية المعنية بإنجاز هذا المشروع"، حسب ما جاء في بلاغ للهيئة.
ويُذكر أنه وفق المرسوم عدد 10 لسنة 2023 والمؤرخ في 8 مارس 2023 والمتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، فإن هذا المشروع «سيُفضي إلى إحداث 2155 دائرة انتخابية ضمن 2085 عمادة، سيتم ضبط حدودها بشكل رسمي ودقيق».