قصة نجاح مكتوبة بالجهد لا علاقة لها بقصص النجاح اليوم الافتراضية
أغان خالدة من أشهرها أغنية جينيريك فيلم "الملك الأسد" "هي ليفز ان يو "
تونس- الصباح
لقد طويت صفحة فنية رائعة برحيل النجمة العالمية تينا تورنر التي كانت لسنوات طويلة معبودة الملايين من الجماهير في كافة أنحاء العالم. فقد نزل الخبر الحزين مساء أول أمس الاربعاء وضجت به وسائل التواصل الاجتماعي وحرص الكثيرون ومن بينهم تونسيون كثر أحبوا أغانيها وأثرت فيهم كما أثرت في نسبة عالية من عشاق الفن الذي يحمل رسالة، الفن الذي يكسر الحواجز بين الأديان والمعتقدات ليجمع الكل في محرابه، حرصوا على قول كلمة في حق المطربة التي مستهم من الأعماق.
ربما لن نكشف أسرارا حول مسيرة تينا تورنر وحول رصيدها الفني وألقابها الفنية وجوائزها الكثيرة وحفلاتها التي يحضرها عشرات الآلاف من الجماهير، فهذه أمور متداولة ومنشورة وكثيرون يعرفون أن تينا تورنر ومنذ بداياتها في أواخر الخمسينات من القرن الماضي وإلى غاية إعلانها التوقف عن الغناء في 2009، لم تنفك عن تحقيق النجاح تلو النجاح بل هي صاحبة أرقام قياسية عديدة من حيث المبيعات (ديسكوات والبومات) ومن حيث الإقبال الجماهيري (حدث أن حضر لها أكثر من 180 ألف متفرج دفعة واحدة) وهي حاصلة على عشرات جوائز الغرامي من بينها واحدة حول مشوارها الفني الكامل وكثيرا ما تحتل صدارة ترتيب أفضل الأغاني في أمريكا وخارجها. لكن الأهم من ذلك من منظورنا هي أنها كانت امرأة ملهمة وكتبت قصة نجاحها بأظافرها. فليس سهلا في منتصف القرن الماضي أن تولد في أمريكا لوالدين من أصول افريقية وأن تكون ظروفك المادية صعبة جدا وأن تحقق النجاح الذي حققته تينا تورنر. فالمرأة عانت من الإهمال ومن الفقر ولم يكن لديها من سلاح سوى صوتها، لتصبح في النهاية أيقونة في عالم الفن وتحصل على لقب ملكة "الروك اند رول " في العالم . وهي أول امرأة أمريكية من أصول إفريقية تصدر صورتها على غلاف مجلة الرولينغسونز، وهي وإلى جانب كل من انيتا فرنكلين وديانا روس من أكثر الفنانات (من أصول افريقية) المؤثرات في القرن العشرين .
إنها قصة ملهمة فعلا خاصة إذا ما نزلناها في سياق العصر. فعندما شقت تنيا تورنر طريقها في عالم الفن، لم تكن التكنولوجيا قد حققت تطورا إلى الحد الذي يسمح لشخص لا يملك صوتا أصلا بأن يصبح فنانا مشهورا وأن يقيم حفلات مباشرة ويسمح فيها لنفسه بالغناء بطريقة البلاي باك على غرار ما يحدث في أيامنا هذه.
فقد كان الفنان من طينة تينا تورنر صادقا وكان يلهب حماسة الجماهير بصوته وباختياراته الفنية وبجمالية المشهد على الركح حيث يمنح الفنان من نفسه الشيء الكثير وحيث يجتهد في ترضية طلبات الجماهير إلى حد الإرهاق. وكانت تنيا تونر تملك تلك الموهبة التي تجعلها تلهب الأجواء، أولا بحضورها الصارخ وثانيا بصوتها الذي تستطيع أن تلونه كما تشاء. فهي لا تقتصر على موسيقى الروك وإنما تؤدي "السول ميوزيك "و"البوب ميوزيك" وترقص بطريقة تسلب لب الجماهير وتجعلهم يعيشون كل لحظة من السهرة كما ينبغي أن تكون.
إنها قصة نجاح حقيقية تلك التي نستحضرها اليوم ونحن نحيي روح فنانة رائعة صنعت نجاحها بموهبتها وبعملها وبمجهودها، أي لا علاقة لها بقصص النجاح المفبركة في عصرنا الحالي، حيث يكفي أن تطل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وان يصبح لك متابعون، حتى تصبح ناجحا وقصة نجاحك تتداول بين الناس. القضية أبعد من ذلك بكثير. فتينا تورنر أولا كانت موهوبة وكان صوتها جميل جدا وهو من طينة الأصوات التي تغني في الكورال الخاص بالكنائس وتغني الغوسبال وتحظى بالإعجاب. وهي ثانيا ذات طاقة جبارة وفنانة مغامرة تجول العالم بحثا عن اللقاء مع الجماهير لأنها تدرك أن قدرها ملاقاة الجماهير أينما كانوا.
وفعلا انطلقت مسيرة تينا تورنر بالغناء في الكنيسة. ومع ذلك نقول إنه لم يكن من البديهي أن تصل لما وصلت إليه. ولعلنا إن أردنا أن نحصي الأشخاص الذين يملكون أصوات جميلة في المشرق والمغرب لكنهم فشلوا -رغم سعيهم - في تحقيق أي تقدم يذكر في عالم الفن، ربما لن نحصيهم. وككل قصة ناجحة لا بد من ضربة بداية وضربة البداية مع تينا تورنر كانت من خلال لقائها مع فنان الروك ايك تورنر الذي منحها لقبه. ورغم أن زواجها به كان فاشلا وفق ما تقوله سيرتها الذاتية، حيث كان عنيفا ومدمنا على المخدرات، فإن تعاونهما الفني حقق نجاحات كبيرة خاصة خلال فترة الستينات والسبعينات قبل أن تنفصل عنه وتواصل تجربتها مع موسيقيين آخرين وحققت أغانيها الثنائية مع مشاهير الفن في العالم على غرار راموسرامازوتي وبراين أدامس وروبارتغريغ وغيرهم نجاحات كبيرة. وأصبح مألوفا مع الوقت أن تسجل مبيعات ألبوماتها أرقاما قياسية ( بالملايين). فقد كرست تينا تورنر اسمها كفنانة ذات قيمة عالية وفرضت وجودها كإحدى نجمات العروض الحية التي تلاقي سهراتها حضورا لافتا.
وكثيرة هي الأغاني التي تحفظها الجماهير غير أننا نذكر بالخصوص بعضها ومنها "دونت نيد أناذر هيرو" و"غولدن أي"و" اي دونت وونا فايت" و"ذي باست " و"هايمونتاين " و"كانت ستوب ثنكينغ إن يو "غيرها. ولعل الجماهير تذكر بطرب أغنية جييريك فيلم الملك الاسد (2) بصوت تينا تورنر، تلك الأغنية الرائعة والمؤثرة التي تحمل عنوان: هي ليفز إن يو".
أكثر من خمسين سنة قضتها هذه الفنانة بين المسارح وفي الجولات الفنية العالمية وفي الاستوديوهات لتسجيل الأغاني. أكثر من خمسين سنة وهي تنتج وتبدع وتطرب الجماهير في كل أنحاء العالم. لقد تخطت تينا تورنر حدود "التنيسي"بامريكا أين ولدت (رحلت عن سن 83 سنة) وألغت الحدود بين كل الجنسيات. صوتها كان تأشيرتها إلى العالم وفنها كان جواز سفرها عبر الحدود. وقد لا نبالغ عندما نقول أنها كانت أسطورة وهل تموت الأسطورة برحيل الجسد؟
على كل لقد الّفت تينا تورنر قبل رحيلها كتابا يروي مسيرة حياتها كلها. كتاب لمن يهمه الأمر، يمكن أن يساعد على التعرف أكثر على قصة نجاح حقيقية يصعب أن تتكرر في عالمنا الذي صار افتراضيا أكثر منه حقيقة.
حياة السايب
قصة نجاح مكتوبة بالجهد لا علاقة لها بقصص النجاح اليوم الافتراضية
أغان خالدة من أشهرها أغنية جينيريك فيلم "الملك الأسد" "هي ليفز ان يو "
تونس- الصباح
لقد طويت صفحة فنية رائعة برحيل النجمة العالمية تينا تورنر التي كانت لسنوات طويلة معبودة الملايين من الجماهير في كافة أنحاء العالم. فقد نزل الخبر الحزين مساء أول أمس الاربعاء وضجت به وسائل التواصل الاجتماعي وحرص الكثيرون ومن بينهم تونسيون كثر أحبوا أغانيها وأثرت فيهم كما أثرت في نسبة عالية من عشاق الفن الذي يحمل رسالة، الفن الذي يكسر الحواجز بين الأديان والمعتقدات ليجمع الكل في محرابه، حرصوا على قول كلمة في حق المطربة التي مستهم من الأعماق.
ربما لن نكشف أسرارا حول مسيرة تينا تورنر وحول رصيدها الفني وألقابها الفنية وجوائزها الكثيرة وحفلاتها التي يحضرها عشرات الآلاف من الجماهير، فهذه أمور متداولة ومنشورة وكثيرون يعرفون أن تينا تورنر ومنذ بداياتها في أواخر الخمسينات من القرن الماضي وإلى غاية إعلانها التوقف عن الغناء في 2009، لم تنفك عن تحقيق النجاح تلو النجاح بل هي صاحبة أرقام قياسية عديدة من حيث المبيعات (ديسكوات والبومات) ومن حيث الإقبال الجماهيري (حدث أن حضر لها أكثر من 180 ألف متفرج دفعة واحدة) وهي حاصلة على عشرات جوائز الغرامي من بينها واحدة حول مشوارها الفني الكامل وكثيرا ما تحتل صدارة ترتيب أفضل الأغاني في أمريكا وخارجها. لكن الأهم من ذلك من منظورنا هي أنها كانت امرأة ملهمة وكتبت قصة نجاحها بأظافرها. فليس سهلا في منتصف القرن الماضي أن تولد في أمريكا لوالدين من أصول افريقية وأن تكون ظروفك المادية صعبة جدا وأن تحقق النجاح الذي حققته تينا تورنر. فالمرأة عانت من الإهمال ومن الفقر ولم يكن لديها من سلاح سوى صوتها، لتصبح في النهاية أيقونة في عالم الفن وتحصل على لقب ملكة "الروك اند رول " في العالم . وهي أول امرأة أمريكية من أصول إفريقية تصدر صورتها على غلاف مجلة الرولينغسونز، وهي وإلى جانب كل من انيتا فرنكلين وديانا روس من أكثر الفنانات (من أصول افريقية) المؤثرات في القرن العشرين .
إنها قصة ملهمة فعلا خاصة إذا ما نزلناها في سياق العصر. فعندما شقت تنيا تورنر طريقها في عالم الفن، لم تكن التكنولوجيا قد حققت تطورا إلى الحد الذي يسمح لشخص لا يملك صوتا أصلا بأن يصبح فنانا مشهورا وأن يقيم حفلات مباشرة ويسمح فيها لنفسه بالغناء بطريقة البلاي باك على غرار ما يحدث في أيامنا هذه.
فقد كان الفنان من طينة تينا تورنر صادقا وكان يلهب حماسة الجماهير بصوته وباختياراته الفنية وبجمالية المشهد على الركح حيث يمنح الفنان من نفسه الشيء الكثير وحيث يجتهد في ترضية طلبات الجماهير إلى حد الإرهاق. وكانت تنيا تونر تملك تلك الموهبة التي تجعلها تلهب الأجواء، أولا بحضورها الصارخ وثانيا بصوتها الذي تستطيع أن تلونه كما تشاء. فهي لا تقتصر على موسيقى الروك وإنما تؤدي "السول ميوزيك "و"البوب ميوزيك" وترقص بطريقة تسلب لب الجماهير وتجعلهم يعيشون كل لحظة من السهرة كما ينبغي أن تكون.
إنها قصة نجاح حقيقية تلك التي نستحضرها اليوم ونحن نحيي روح فنانة رائعة صنعت نجاحها بموهبتها وبعملها وبمجهودها، أي لا علاقة لها بقصص النجاح المفبركة في عصرنا الحالي، حيث يكفي أن تطل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وان يصبح لك متابعون، حتى تصبح ناجحا وقصة نجاحك تتداول بين الناس. القضية أبعد من ذلك بكثير. فتينا تورنر أولا كانت موهوبة وكان صوتها جميل جدا وهو من طينة الأصوات التي تغني في الكورال الخاص بالكنائس وتغني الغوسبال وتحظى بالإعجاب. وهي ثانيا ذات طاقة جبارة وفنانة مغامرة تجول العالم بحثا عن اللقاء مع الجماهير لأنها تدرك أن قدرها ملاقاة الجماهير أينما كانوا.
وفعلا انطلقت مسيرة تينا تورنر بالغناء في الكنيسة. ومع ذلك نقول إنه لم يكن من البديهي أن تصل لما وصلت إليه. ولعلنا إن أردنا أن نحصي الأشخاص الذين يملكون أصوات جميلة في المشرق والمغرب لكنهم فشلوا -رغم سعيهم - في تحقيق أي تقدم يذكر في عالم الفن، ربما لن نحصيهم. وككل قصة ناجحة لا بد من ضربة بداية وضربة البداية مع تينا تورنر كانت من خلال لقائها مع فنان الروك ايك تورنر الذي منحها لقبه. ورغم أن زواجها به كان فاشلا وفق ما تقوله سيرتها الذاتية، حيث كان عنيفا ومدمنا على المخدرات، فإن تعاونهما الفني حقق نجاحات كبيرة خاصة خلال فترة الستينات والسبعينات قبل أن تنفصل عنه وتواصل تجربتها مع موسيقيين آخرين وحققت أغانيها الثنائية مع مشاهير الفن في العالم على غرار راموسرامازوتي وبراين أدامس وروبارتغريغ وغيرهم نجاحات كبيرة. وأصبح مألوفا مع الوقت أن تسجل مبيعات ألبوماتها أرقاما قياسية ( بالملايين). فقد كرست تينا تورنر اسمها كفنانة ذات قيمة عالية وفرضت وجودها كإحدى نجمات العروض الحية التي تلاقي سهراتها حضورا لافتا.
وكثيرة هي الأغاني التي تحفظها الجماهير غير أننا نذكر بالخصوص بعضها ومنها "دونت نيد أناذر هيرو" و"غولدن أي"و" اي دونت وونا فايت" و"ذي باست " و"هايمونتاين " و"كانت ستوب ثنكينغ إن يو "غيرها. ولعل الجماهير تذكر بطرب أغنية جييريك فيلم الملك الاسد (2) بصوت تينا تورنر، تلك الأغنية الرائعة والمؤثرة التي تحمل عنوان: هي ليفز إن يو".
أكثر من خمسين سنة قضتها هذه الفنانة بين المسارح وفي الجولات الفنية العالمية وفي الاستوديوهات لتسجيل الأغاني. أكثر من خمسين سنة وهي تنتج وتبدع وتطرب الجماهير في كل أنحاء العالم. لقد تخطت تينا تورنر حدود "التنيسي"بامريكا أين ولدت (رحلت عن سن 83 سنة) وألغت الحدود بين كل الجنسيات. صوتها كان تأشيرتها إلى العالم وفنها كان جواز سفرها عبر الحدود. وقد لا نبالغ عندما نقول أنها كانت أسطورة وهل تموت الأسطورة برحيل الجسد؟
على كل لقد الّفت تينا تورنر قبل رحيلها كتابا يروي مسيرة حياتها كلها. كتاب لمن يهمه الأمر، يمكن أن يساعد على التعرف أكثر على قصة نجاح حقيقية يصعب أن تتكرر في عالمنا الذي صار افتراضيا أكثر منه حقيقة.