أي معنى السيادة الوطنية في غياب الاكتفاء الذاتي؟ الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي يجب عن هذا السؤال
تونس: الصباح
بعد تأكيده يوم الخميس الماضي خلال اللقاء الذي جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن على أن تونس لن تقبل بالإملاءات الخارجية، تحدث رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس عن السيادة الوطنية، وهي ليست المرة الأولى التي يركز فيها على مفهوم السيادة، ولكنه هذه المرة استعمل عبارات قاطعة من قبيل أن تونس ليست للبيع وأنها ليست غرفة للإيجار، وأنها تشق طريقا جديدة دون أي تدخل خارجي وبعيدا عن الألغام والمفجرات التي وضعها هؤلاء.
وقال:"نريد أن تكون الرسالة اليوم في مواجهة تحديات كبيرة لكننا على يقين من أننا سنرفع التحدي وراء التحدي ولن نتنكر أبدا لما عاهدنا الشعب عليه، ونريد أن نشق معا طريقنا دون أي تدخل خارجي، وسيادتنا ليست كلمة هينة، وتونس ليست غرفة للإيجار أو للبيع ونريد أن نشق طريقا جديدة في التاريخ، ومن يعتقد أنه يمكن أن يشق طريقا لنا فهو واهم، فنحن نريد أن نشق طريقا جديدة بعيدا عن الألغام والمتفجرات التي وضعها هؤلاء لأن السلم الأهلية في تونس لا تقاس بثمن والطرق التي عبدها الآخرون أو هم يعتقدون أنهم عبدوها ليست معبدة وليست سالكة. وعلى الجميع ان يلتزم بالقانون وبواجب التحفظ لأنه مسؤول داخل الدولة ويكفي البعض من الرقص على الحبال داخل الإدارة وفي عديد المرافق ومثل هذه التجاوزات لن تكون مقبولة أبدا ولا بد أن يتحمل تبعاتها من يعمل على مواجهة المسار.. فنحن نحتكم للقانون ونعمل على الاستجابة لمطالب الشعب التونسي وفق ارادة الشعب ولا نقبل بأي تجاوز للقانون ولإرادة الشعب ونحن جئنا لنخدم معا الدولة التونسية وخاصة البؤساء والمفقرين، فكثيرون يعتقدون أنهم فوق المساءلة أو أنهم يمكن أن يعربدوا في اجهزة الدولة لكن لن يكون لهم مكان في هذه الاجهزة إذا كانوا سيعملون ضد إرادة الشعب التونسي، وقد وعدنا الشعب بتحقيق آماله وسنعمل بكل جهد على ان نحقق ارادته ونرفع آماله الى مستوى تتحقق فيه مطالبه وإرادته فهذا شأننا بالأمس واليوم وغدا".
وكان رئيس الجمهورية تحدث الخميس الماضي وفق بلاغ تم نشره في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية عن الدور الاجتماعي للدولة وقال إن تونس لن تقبل بأي إملاءات من أي جهة كانت، وإن الحلول يجب أن تنبع من الإرادة الشعبية التونسية وأن تكون تونسية خالصة وفي خدمة الأغلبية المفقرة التي عانت ولا تزال تعاني من البؤس. وأشار إلى أن التصريحات التي تأتي من الخارج لا تلزم إلا أصحابها وليس من حق أي كان أن يلزم الدولة بما لا يرضاه شعبها، كما ليس من حق أي جهة كانت في تونس أن تتصرف خلاف السياسة التي يحددها رئيس الجمهورية.
وفي قراءة للخطاب السياسي الذي استحضر مرة أخرى مفهوم السيادة الوطنية، يرى عبد الله العبيدي الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي أن تكرار نفس الكلام عن السيادة الوطنية سهل من الناحية النظرية، ولكن في الحقيقة لا يمكن الحديث عن السيادة الوطنية بمعزل عن الواقع، واقع المرافق العمومية من صحة ونقل وتعليم وأمن وغيرها، وهو واقع صعب للغاية.
وأضاف العبيدي في تصريح لـ"الصباح" أن جميع الدول أصبحت تتحدث عن تونس على أنها حالة صعبة، وأصبح الملف التونسي من الملفات المطروحة باستمرار في مجلس الاتحاد الأوروبي، وفسر أن الحديث عن السيادة الوطنية من المفروض أن لا يكون في مثل هكذا سياق بل يفترض أن تكون الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية على أحسن ما يرام.
ويرى العبيدي أن السيادة الوطنية الحقيقية تعني أمن ومناعة التراب الوطني كما يعني مفهوم السيادة أن الدولة قوية بمواطنيها وبإرادة شعبها وأنه لديها علاقات دولية تراعي مصالحها، ولاحظ أن الواقع غير ذلك فتونس حسب اعتقاده تفتقد في الوقت الراهن لشبكة علاقات دولية تسمح لها عند الاقتضاء بتعديل الكفة لصالحها مثلما كانت تفعل في السابق قبل 2011 ويمكن في هذا السياق استحضار أحداث قفصة ومعركة بنزرت..
وقال العبيدي إنه بالإضافة إلى ضرورة تنويع العلاقات الدولية وتشبيكها وضرورة أن يكون هناك الجار الاستراتيجي والجار الجغرافي، فلا بد من الحفاظ على نفس مبادئ وثوابت السياسة الخارجية لتونس القائمة على عدم الانحياز، وبين أن ما يحسب لتونس هو أنها الدولة الوحيدة التي مارست بعد الاستقلال سياسة عدم الانحياز، وكانت لها في نفس الوقت علاقات مع المعسكرين الشرقي والغربي وساعدتها هذه السياسة على تنمية اقتصادها الناشئ وتوفير الموارد لبناء السدود وتركيز البنية التحتية ويجب أن تعود تونس اليوم حسب رأي الدبلوماسي السابق إلى نفس الخط وتتبع سياسة عدم الانحياز.
الفرص المهدورة
وبين العبيدي أنه على تونس أيضا أن لا تواصل هدر الفرص التي يتيحها لها موقعها الجغرافي، فهي تقع في موقع استراتيجي هام ومن الضروري أن يستوعب رجل السياسة اليوم صورة مكتملة لمكانة تونس الإستراتجية، فرغم هذه المكانة التي تتميز بها تونس فإنها لم تعرف بعد كيف يمكنها توظيفها وكيف لها أن تستعمل هذا المدخل لتنمية علاقاتها الخارجية وبحث شراكات اقتصادية جديدة ومثمرة وتخدم المصلحة الوطنية.
وإضافة إلى ميزتها الجغرافية يرى المحلل السياسي أن تونس وخلافا لما يسوقه البعض ليست دولة فقيرة بل هي دولة ثرية بمواردها الطبيعية وخاصة مواردها البشرية، فحتى الماء فهو متوفر ولكن للأسف تم خلال العشرية السابقة اهمال صيانة الشبكات الريفية ولم تقع العناية بالسدود، ويعتبر الماء حسب رأي عبد الله العبيدي من صميم السيادة الوطنية لأنه في غياب الموارد المائية لا يمكن تحقيق ولو النزر القليل من الاكتفاء الذاتي، وفي غياب الاكتفاء الذاتي لا يمكن أن نتحدث عن اقتصاد وطني.
وذكر أن السيادة الوطنية الحقيقية تتجسم أيضا في اقتصاد قائم على تعبئة الموارد الذاتية وليس فقط على الاقتراض الخارجي، وبين أنه ليس هناك مشكل في تعبئة موارد خارجية فحتى الولايات المتحدة الأمريكية تقترض من الخارج فالمشكل يكمن في عدم تنويع شبكات العلاقات الخارجية، كما يكمن في عدم مراجعة الاتفاقيات والعقود والتشريعات ومنها خاصة قانون 72 الذي أضر كثيرا بالاقتصاد التونسي.
وخلص عبد الله العبيدي إلى أن السيادة الوطنية تقتضي تعبئة الموارد الداخلية أولا ومعالجة الاشكاليات التي تعيق النمو الاقتصادي وبعد القيام بهذه الخطوة يمكن للدولة أن تقوم بمراجعات، أما اليوم فهي تجد صعوبات حتى في توفير علف للدواجن فما بالك بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، ويرى محدثنا أن السيادة لا تقتصر على مجال واحد وإنما تشمل جميع الجوانب ومنها الموارد البشرية لأنه لا يمكن الحديث عن سيادة وطنية في وقت نجد فيه خيرة شباب تونس ونخبتها المتعلمة والمثقفة تهاجر بصفة جماعية وتخير الهروب إلى الخارج في قوارب الموت، وقال إن الشباب المتعلم وخاصة أصحاب الشهادات العليا في الهندسة والطب وغيرها من الاختصاصات هم الذين يخلقون السيادة الوطنية الحقيقية لأنهم هم الثروة التي تحتاجها البلاد وهم حصنها المنيع.
وبين العبيدي أن نوايا رئيس الجمهورية لما تحدث عن السيادة الوطنية يمكن أن تكون صادقة ويمكن أن لا يكون قد استعمل هذا المفهوم لدغدغة المشاعر فقط، ولكن مع صدق النوايا لا بد عليه أن يعمل على وضع حد لحالة التشرذم والتشنج الموجودة في البلاد والتي لا يمكن لأي أحد إنكارها، وعليه أن يفهم أن أخطر السموم التي تقتل السيادة الوطنية هي التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، فعوامل التفرقة هي الألغام الحقيقية للسيادة الوطنية، والسيادة في حقيقية الأمر هي الدفاع عن تونس من الأعداء الخارجيين وليس من المنطقي أن يخلق لها الرئيس أعداء من الداخل، وحسب رأي محدثنا، من المهم جدا اليوم أن تكون هناك جبهة وطنية موحدة وقوية للدفاع عن الوطن وحماية مصالحه لأن تونس في العشرية الفارطة مست في سيادتها جراء اختراق أمنها وتجميد إطاراتها العليا ودفن كفاءاتها وبهذه الكيفية تم الإضرار بالمؤسسات الوطنية والشركات الكبرى مثل شركة فسفاط قفصة وغيرها، وذكر أن من يتحدثون الآن عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإملاءات هذا الصندوق، عليهم أن يدركوا أن تونس في الوقت الراهن هي محل مساومة من قبل الصندوق وهي في مناورات مع الولايات المتحدة الأمريكية وقال إن جميع التونسيين سينتظرون ما ستسفر عنه المفاوضات مع الصندوق وسيعرفون حقيقة ما يطبخ وراء الستار.
وشدد العبيدي على أن الدفاع عن السيادة الوطنية يقتضي وضع حد لتهميش الإطارات التي عرفت لدى الجميع بكفاءاتها وقدراتها على مجابهة التحديات كما يشهد لها القاصي والداني بنظافة يدها ولكن للأسف تم تهميشها خلال العشرية السابقة.
سعيدة بوهلال
أي معنى السيادة الوطنية في غياب الاكتفاء الذاتي؟ الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي يجب عن هذا السؤال
تونس: الصباح
بعد تأكيده يوم الخميس الماضي خلال اللقاء الذي جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن على أن تونس لن تقبل بالإملاءات الخارجية، تحدث رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس عن السيادة الوطنية، وهي ليست المرة الأولى التي يركز فيها على مفهوم السيادة، ولكنه هذه المرة استعمل عبارات قاطعة من قبيل أن تونس ليست للبيع وأنها ليست غرفة للإيجار، وأنها تشق طريقا جديدة دون أي تدخل خارجي وبعيدا عن الألغام والمفجرات التي وضعها هؤلاء.
وقال:"نريد أن تكون الرسالة اليوم في مواجهة تحديات كبيرة لكننا على يقين من أننا سنرفع التحدي وراء التحدي ولن نتنكر أبدا لما عاهدنا الشعب عليه، ونريد أن نشق معا طريقنا دون أي تدخل خارجي، وسيادتنا ليست كلمة هينة، وتونس ليست غرفة للإيجار أو للبيع ونريد أن نشق طريقا جديدة في التاريخ، ومن يعتقد أنه يمكن أن يشق طريقا لنا فهو واهم، فنحن نريد أن نشق طريقا جديدة بعيدا عن الألغام والمتفجرات التي وضعها هؤلاء لأن السلم الأهلية في تونس لا تقاس بثمن والطرق التي عبدها الآخرون أو هم يعتقدون أنهم عبدوها ليست معبدة وليست سالكة. وعلى الجميع ان يلتزم بالقانون وبواجب التحفظ لأنه مسؤول داخل الدولة ويكفي البعض من الرقص على الحبال داخل الإدارة وفي عديد المرافق ومثل هذه التجاوزات لن تكون مقبولة أبدا ولا بد أن يتحمل تبعاتها من يعمل على مواجهة المسار.. فنحن نحتكم للقانون ونعمل على الاستجابة لمطالب الشعب التونسي وفق ارادة الشعب ولا نقبل بأي تجاوز للقانون ولإرادة الشعب ونحن جئنا لنخدم معا الدولة التونسية وخاصة البؤساء والمفقرين، فكثيرون يعتقدون أنهم فوق المساءلة أو أنهم يمكن أن يعربدوا في اجهزة الدولة لكن لن يكون لهم مكان في هذه الاجهزة إذا كانوا سيعملون ضد إرادة الشعب التونسي، وقد وعدنا الشعب بتحقيق آماله وسنعمل بكل جهد على ان نحقق ارادته ونرفع آماله الى مستوى تتحقق فيه مطالبه وإرادته فهذا شأننا بالأمس واليوم وغدا".
وكان رئيس الجمهورية تحدث الخميس الماضي وفق بلاغ تم نشره في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية عن الدور الاجتماعي للدولة وقال إن تونس لن تقبل بأي إملاءات من أي جهة كانت، وإن الحلول يجب أن تنبع من الإرادة الشعبية التونسية وأن تكون تونسية خالصة وفي خدمة الأغلبية المفقرة التي عانت ولا تزال تعاني من البؤس. وأشار إلى أن التصريحات التي تأتي من الخارج لا تلزم إلا أصحابها وليس من حق أي كان أن يلزم الدولة بما لا يرضاه شعبها، كما ليس من حق أي جهة كانت في تونس أن تتصرف خلاف السياسة التي يحددها رئيس الجمهورية.
وفي قراءة للخطاب السياسي الذي استحضر مرة أخرى مفهوم السيادة الوطنية، يرى عبد الله العبيدي الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي أن تكرار نفس الكلام عن السيادة الوطنية سهل من الناحية النظرية، ولكن في الحقيقة لا يمكن الحديث عن السيادة الوطنية بمعزل عن الواقع، واقع المرافق العمومية من صحة ونقل وتعليم وأمن وغيرها، وهو واقع صعب للغاية.
وأضاف العبيدي في تصريح لـ"الصباح" أن جميع الدول أصبحت تتحدث عن تونس على أنها حالة صعبة، وأصبح الملف التونسي من الملفات المطروحة باستمرار في مجلس الاتحاد الأوروبي، وفسر أن الحديث عن السيادة الوطنية من المفروض أن لا يكون في مثل هكذا سياق بل يفترض أن تكون الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية على أحسن ما يرام.
ويرى العبيدي أن السيادة الوطنية الحقيقية تعني أمن ومناعة التراب الوطني كما يعني مفهوم السيادة أن الدولة قوية بمواطنيها وبإرادة شعبها وأنه لديها علاقات دولية تراعي مصالحها، ولاحظ أن الواقع غير ذلك فتونس حسب اعتقاده تفتقد في الوقت الراهن لشبكة علاقات دولية تسمح لها عند الاقتضاء بتعديل الكفة لصالحها مثلما كانت تفعل في السابق قبل 2011 ويمكن في هذا السياق استحضار أحداث قفصة ومعركة بنزرت..
وقال العبيدي إنه بالإضافة إلى ضرورة تنويع العلاقات الدولية وتشبيكها وضرورة أن يكون هناك الجار الاستراتيجي والجار الجغرافي، فلا بد من الحفاظ على نفس مبادئ وثوابت السياسة الخارجية لتونس القائمة على عدم الانحياز، وبين أن ما يحسب لتونس هو أنها الدولة الوحيدة التي مارست بعد الاستقلال سياسة عدم الانحياز، وكانت لها في نفس الوقت علاقات مع المعسكرين الشرقي والغربي وساعدتها هذه السياسة على تنمية اقتصادها الناشئ وتوفير الموارد لبناء السدود وتركيز البنية التحتية ويجب أن تعود تونس اليوم حسب رأي الدبلوماسي السابق إلى نفس الخط وتتبع سياسة عدم الانحياز.
الفرص المهدورة
وبين العبيدي أنه على تونس أيضا أن لا تواصل هدر الفرص التي يتيحها لها موقعها الجغرافي، فهي تقع في موقع استراتيجي هام ومن الضروري أن يستوعب رجل السياسة اليوم صورة مكتملة لمكانة تونس الإستراتجية، فرغم هذه المكانة التي تتميز بها تونس فإنها لم تعرف بعد كيف يمكنها توظيفها وكيف لها أن تستعمل هذا المدخل لتنمية علاقاتها الخارجية وبحث شراكات اقتصادية جديدة ومثمرة وتخدم المصلحة الوطنية.
وإضافة إلى ميزتها الجغرافية يرى المحلل السياسي أن تونس وخلافا لما يسوقه البعض ليست دولة فقيرة بل هي دولة ثرية بمواردها الطبيعية وخاصة مواردها البشرية، فحتى الماء فهو متوفر ولكن للأسف تم خلال العشرية السابقة اهمال صيانة الشبكات الريفية ولم تقع العناية بالسدود، ويعتبر الماء حسب رأي عبد الله العبيدي من صميم السيادة الوطنية لأنه في غياب الموارد المائية لا يمكن تحقيق ولو النزر القليل من الاكتفاء الذاتي، وفي غياب الاكتفاء الذاتي لا يمكن أن نتحدث عن اقتصاد وطني.
وذكر أن السيادة الوطنية الحقيقية تتجسم أيضا في اقتصاد قائم على تعبئة الموارد الذاتية وليس فقط على الاقتراض الخارجي، وبين أنه ليس هناك مشكل في تعبئة موارد خارجية فحتى الولايات المتحدة الأمريكية تقترض من الخارج فالمشكل يكمن في عدم تنويع شبكات العلاقات الخارجية، كما يكمن في عدم مراجعة الاتفاقيات والعقود والتشريعات ومنها خاصة قانون 72 الذي أضر كثيرا بالاقتصاد التونسي.
وخلص عبد الله العبيدي إلى أن السيادة الوطنية تقتضي تعبئة الموارد الداخلية أولا ومعالجة الاشكاليات التي تعيق النمو الاقتصادي وبعد القيام بهذه الخطوة يمكن للدولة أن تقوم بمراجعات، أما اليوم فهي تجد صعوبات حتى في توفير علف للدواجن فما بالك بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، ويرى محدثنا أن السيادة لا تقتصر على مجال واحد وإنما تشمل جميع الجوانب ومنها الموارد البشرية لأنه لا يمكن الحديث عن سيادة وطنية في وقت نجد فيه خيرة شباب تونس ونخبتها المتعلمة والمثقفة تهاجر بصفة جماعية وتخير الهروب إلى الخارج في قوارب الموت، وقال إن الشباب المتعلم وخاصة أصحاب الشهادات العليا في الهندسة والطب وغيرها من الاختصاصات هم الذين يخلقون السيادة الوطنية الحقيقية لأنهم هم الثروة التي تحتاجها البلاد وهم حصنها المنيع.
وبين العبيدي أن نوايا رئيس الجمهورية لما تحدث عن السيادة الوطنية يمكن أن تكون صادقة ويمكن أن لا يكون قد استعمل هذا المفهوم لدغدغة المشاعر فقط، ولكن مع صدق النوايا لا بد عليه أن يعمل على وضع حد لحالة التشرذم والتشنج الموجودة في البلاد والتي لا يمكن لأي أحد إنكارها، وعليه أن يفهم أن أخطر السموم التي تقتل السيادة الوطنية هي التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، فعوامل التفرقة هي الألغام الحقيقية للسيادة الوطنية، والسيادة في حقيقية الأمر هي الدفاع عن تونس من الأعداء الخارجيين وليس من المنطقي أن يخلق لها الرئيس أعداء من الداخل، وحسب رأي محدثنا، من المهم جدا اليوم أن تكون هناك جبهة وطنية موحدة وقوية للدفاع عن الوطن وحماية مصالحه لأن تونس في العشرية الفارطة مست في سيادتها جراء اختراق أمنها وتجميد إطاراتها العليا ودفن كفاءاتها وبهذه الكيفية تم الإضرار بالمؤسسات الوطنية والشركات الكبرى مثل شركة فسفاط قفصة وغيرها، وذكر أن من يتحدثون الآن عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإملاءات هذا الصندوق، عليهم أن يدركوا أن تونس في الوقت الراهن هي محل مساومة من قبل الصندوق وهي في مناورات مع الولايات المتحدة الأمريكية وقال إن جميع التونسيين سينتظرون ما ستسفر عنه المفاوضات مع الصندوق وسيعرفون حقيقة ما يطبخ وراء الستار.
وشدد العبيدي على أن الدفاع عن السيادة الوطنية يقتضي وضع حد لتهميش الإطارات التي عرفت لدى الجميع بكفاءاتها وقدراتها على مجابهة التحديات كما يشهد لها القاصي والداني بنظافة يدها ولكن للأسف تم تهميشها خلال العشرية السابقة.