وعي بخطورة الظاهرة في الخطاب الرسمي في انتظار النتائج
تونس-الصباح
لا يختلف اثنان في أن موضوع مكافحة الاتجار بالمخدرات مسالة أمن قومي بلا منازع . والملاحظ أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أشار إلى هذه الآفة، التي تنخر البلاد والمجتمع، في أكثر من مناسبة ولقاء مع وزراء الداخلية والإطارات الأمنية أو مع رئيسة الحكومة. ولعل ما تؤكده الوقائع يوميا وما ينشر من أخبار بشان هذه الشبكات والعصابات الناشطة في مجال المخدرات بمختلف أنواعها الخفيفة والثقيلة ما يبعث على القلق وما يحتم إعلان حالة الاستنفار للتصدي لهذه المعضلة وتمددها بين فئات المجتمع وفي مختلف الجهات والأحياء.
اللافت أيضا في تصفح ما يتداول من أخبار قضايا الإطاحة بتجار المخدرات أن حصيلة قضايا الأنواع الثقيلة من هذه السموم على غرار الكوكايين والهروين أصبحت تتداول بكثرة وتحجز في الغرض كميات كبيرة قد تؤشر على أن السوق الاستهلاكية التونسية بصدد التوسع والتحول وأن الظاهرة تستفحل بشكل مخيف يتطلب تغيير سياسات التعاطي مع هذا "الخطر الداهم" الحقيقي.
قضايا ثقيلة
يوم السبت الفارط أكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، أن الفرقة المركزية بالإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات للحرس الوطني ببن عروس، تمكنت من إلقاء القبض على مروجين وحجز كمية من مادة الهيروين (60 لفة بلاستيكية تحتوي على مادة الهيروين وكيسين آخرين واحد من الحجم الكبير والثاني من الحجم المتوسط كلها معدة للترويج).
قبل ذلك وتحديدا في أواخر أفريل الفارط تم تفكيك شبكة مختصة في ترويج مادة الكوكايين اثر توفر معلومات لدى الفرقة المركزية لمكافحة المخدرات للحرس الوطني بالعوينة وتم إلقاء القبض على 4 أشخاص وحجز 5 قطع متحجرة تزن حوالي 500 غرام من مادة "الكوكايين" الخام.
أشارت أخبار أخرى سابقا أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائيّة ببن عروس أذنت لأعوان الإدارة الفرعيّة لمكافحة المخدرات بالقرجاني بالاحتفاظ بخمس نسوة وفتيات للاشتباه في تورطهن في جلب حوالي رطل من مادة “الهيروين” من تركيا بغاية ترويجه بالعاصمة.
واقع مفزع
تعد هذه عينة صغيرة مما ينشر يوميا عن قضايا ثقيلة تحجز فيها كميات كبيرة من شتى أنواع وصنوف المخدرات. كما تؤكد الوقائع والشهادات العينية في عديد الأوساط الاجتماعية أن الظاهرة أصبحت مفزعة ويكفي فقط رصد المحيط القريب منك لتسجل مؤشرات خطيرة على حجم استفحال معضلة المخدرات تجارة وإدمانا في بلادنا. وقد ينطلق الفرد من المحيط العائلي القريب أو المدرسي أو الجهوي في بعض الجهات التي تحولت فيها هذه التجارة إلى تجارة عائلية مربحة ينشط فيها الشباب والنساء وأحيانا العائلة بأسرها . كما تحولت بعض الأحياء الشعبية في عديد الجهات إلى بؤر لتجارة وترويج المخدرات بكل أنواعها بل قد يحدث ذلك على قارعة الطريق وأمام الملأ والجميع يرى ويسمع ويعرف أن ذلك المنزل بالذات أو الحي بأكمله ينشط في بيع الزطلة وكل صنوف المخدرات الأخرى والزبائن تتوافد في وضح النهار.
هذا الواقع البائس تترجمه بعض الإحصائيات الصادرة من حين لأخر ترصد حجم الظاهرة وتداعياتها الخطيرة على أمننا ومجتمعنا. فقد سبق أن كشفت الجمعية التونسية لطب الإدمان أنها سجّلت زيادة بـ20 في المائة في الطلب على العلاج من الإدمان، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من المترددين على العيادات والمراكز المتخصصة هم من الشباب والطلبة.
ورغم أن الأرقام والمعطيات حول ظاهرة الإدمان في تونس مازالت غير دقيقة في ظل غياب مرصد وطني للإدمان إلا أن إحصائيات بعض الدراسات تعتبر صادمة على غرار نتائج آخر مسح وطني حول استهلاك المخدرات والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر الذي كشف أن تلميذ على 10 آخرين تناولوا المخدرات قبل بلوغ سن الثالثة عشر.
وعلى هامش تقديم نتائج المسح الذي يتم إعداده كل 4 سنوات، اعتبرت حينها المديرة العامة للمعهد الوطني للصحة أن "مكافحة المخدرات تتطلب تضافر الجهود بين كل الأطراف المتدخلة في المجال لافتة إلى أن انجاز هذا المسح يهدف بالخصوص إلى اطلاع أصحاب القرار على واقع الوضع المرتبط بالسلوكيات المحفوفة بالمخاطر ومظاهر الإدمان التي تهدد الطفولة".
خطاب رأس السلطة
يتضح أن أصحاب القرار وتحديدا رأس السلطة اليوم رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وفي خطاباته ولقاءاته مع رئيسة الحكومة أو مع القيادات الأمنية ووزراء الداخلية، يكرر ويشدد على ضرورة التصدي لآفة المخدرات لا سيما في الوسط المدرسي والضرب بيد من حديد على الشبكات والعصابات الناشطة في تهديد أمن البلاد وسلامة المجتمع.
ومؤخرا وتحديدا في 2 ماي الجاري وخلال زيارته إلى مقر وزارة الداخلية ولقائه الوزير وعدد من القيادات الأمنية تم التطرق وفق نص بيان اللقاء إلى "ظاهرة انتشار المخدرات التي يسعى مروجوها لا إلى الربح المادي فقط، بل كذلك إلى ضرب السلم الأهلية. وأكّد رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، على أن تونس أمانة في أعناق كل الوطنيين ويجب أن يتحمّل كل واحد من موقعه هذه الأمانة بالرغم من ثقلها خاصة في هذا الظرف الذي تسعى فيه بعض الجهات إلى ضرب الدولة والتشكيك في مؤسساتها واستقرارها".
وفي مارس الفارط وفي لقائه مع وزير الداخلية السابق دعا الرئيس قيس سعيد إلى "مضاعفة المجهودات للقضاء على مروّجي المخدرات على وجه الخصوص لأن الغاية من الترويج ليست الربح المادي فقط بل أيضا ضرب المجتمع وتفكيكه".
وأكد ضرورة "تسيير دوريات أمنية مستمرة أمام المدارس والمعاهد لحماية التلاميذ في محيطهم المدرسي".
وفي مناسبة سابقة وخلال لقائه مع رئيسة الحكومة شدّد الرئيس على ضرورة التصدي لظاهرة ترويج المخدّرات في الوسط المدرسي، من خلال النظر في سياسة كاملة، لا تقوم على القوانين فقط، مؤكدا أنّ المخدّرات مصدرها "اللوبيّات" والذين يريدون تحطيم الدولة والمجتمع.
ولعل هذا الوعي بخطورة ظاهرة المخدرات في الوسط المدرسي وخارجه المسجلة اليوم في الخطاب الرسمي، هي خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها دون شك في انتظار قرارات وإجراءات ناجعة وصارمة من أجل تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع تجعل الموضوع على رأس صدارة أوليات الأمن القومي.
م.ي
وعي بخطورة الظاهرة في الخطاب الرسمي في انتظار النتائج
تونس-الصباح
لا يختلف اثنان في أن موضوع مكافحة الاتجار بالمخدرات مسالة أمن قومي بلا منازع . والملاحظ أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أشار إلى هذه الآفة، التي تنخر البلاد والمجتمع، في أكثر من مناسبة ولقاء مع وزراء الداخلية والإطارات الأمنية أو مع رئيسة الحكومة. ولعل ما تؤكده الوقائع يوميا وما ينشر من أخبار بشان هذه الشبكات والعصابات الناشطة في مجال المخدرات بمختلف أنواعها الخفيفة والثقيلة ما يبعث على القلق وما يحتم إعلان حالة الاستنفار للتصدي لهذه المعضلة وتمددها بين فئات المجتمع وفي مختلف الجهات والأحياء.
اللافت أيضا في تصفح ما يتداول من أخبار قضايا الإطاحة بتجار المخدرات أن حصيلة قضايا الأنواع الثقيلة من هذه السموم على غرار الكوكايين والهروين أصبحت تتداول بكثرة وتحجز في الغرض كميات كبيرة قد تؤشر على أن السوق الاستهلاكية التونسية بصدد التوسع والتحول وأن الظاهرة تستفحل بشكل مخيف يتطلب تغيير سياسات التعاطي مع هذا "الخطر الداهم" الحقيقي.
قضايا ثقيلة
يوم السبت الفارط أكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، أن الفرقة المركزية بالإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات للحرس الوطني ببن عروس، تمكنت من إلقاء القبض على مروجين وحجز كمية من مادة الهيروين (60 لفة بلاستيكية تحتوي على مادة الهيروين وكيسين آخرين واحد من الحجم الكبير والثاني من الحجم المتوسط كلها معدة للترويج).
قبل ذلك وتحديدا في أواخر أفريل الفارط تم تفكيك شبكة مختصة في ترويج مادة الكوكايين اثر توفر معلومات لدى الفرقة المركزية لمكافحة المخدرات للحرس الوطني بالعوينة وتم إلقاء القبض على 4 أشخاص وحجز 5 قطع متحجرة تزن حوالي 500 غرام من مادة "الكوكايين" الخام.
أشارت أخبار أخرى سابقا أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائيّة ببن عروس أذنت لأعوان الإدارة الفرعيّة لمكافحة المخدرات بالقرجاني بالاحتفاظ بخمس نسوة وفتيات للاشتباه في تورطهن في جلب حوالي رطل من مادة “الهيروين” من تركيا بغاية ترويجه بالعاصمة.
واقع مفزع
تعد هذه عينة صغيرة مما ينشر يوميا عن قضايا ثقيلة تحجز فيها كميات كبيرة من شتى أنواع وصنوف المخدرات. كما تؤكد الوقائع والشهادات العينية في عديد الأوساط الاجتماعية أن الظاهرة أصبحت مفزعة ويكفي فقط رصد المحيط القريب منك لتسجل مؤشرات خطيرة على حجم استفحال معضلة المخدرات تجارة وإدمانا في بلادنا. وقد ينطلق الفرد من المحيط العائلي القريب أو المدرسي أو الجهوي في بعض الجهات التي تحولت فيها هذه التجارة إلى تجارة عائلية مربحة ينشط فيها الشباب والنساء وأحيانا العائلة بأسرها . كما تحولت بعض الأحياء الشعبية في عديد الجهات إلى بؤر لتجارة وترويج المخدرات بكل أنواعها بل قد يحدث ذلك على قارعة الطريق وأمام الملأ والجميع يرى ويسمع ويعرف أن ذلك المنزل بالذات أو الحي بأكمله ينشط في بيع الزطلة وكل صنوف المخدرات الأخرى والزبائن تتوافد في وضح النهار.
هذا الواقع البائس تترجمه بعض الإحصائيات الصادرة من حين لأخر ترصد حجم الظاهرة وتداعياتها الخطيرة على أمننا ومجتمعنا. فقد سبق أن كشفت الجمعية التونسية لطب الإدمان أنها سجّلت زيادة بـ20 في المائة في الطلب على العلاج من الإدمان، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من المترددين على العيادات والمراكز المتخصصة هم من الشباب والطلبة.
ورغم أن الأرقام والمعطيات حول ظاهرة الإدمان في تونس مازالت غير دقيقة في ظل غياب مرصد وطني للإدمان إلا أن إحصائيات بعض الدراسات تعتبر صادمة على غرار نتائج آخر مسح وطني حول استهلاك المخدرات والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر الذي كشف أن تلميذ على 10 آخرين تناولوا المخدرات قبل بلوغ سن الثالثة عشر.
وعلى هامش تقديم نتائج المسح الذي يتم إعداده كل 4 سنوات، اعتبرت حينها المديرة العامة للمعهد الوطني للصحة أن "مكافحة المخدرات تتطلب تضافر الجهود بين كل الأطراف المتدخلة في المجال لافتة إلى أن انجاز هذا المسح يهدف بالخصوص إلى اطلاع أصحاب القرار على واقع الوضع المرتبط بالسلوكيات المحفوفة بالمخاطر ومظاهر الإدمان التي تهدد الطفولة".
خطاب رأس السلطة
يتضح أن أصحاب القرار وتحديدا رأس السلطة اليوم رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وفي خطاباته ولقاءاته مع رئيسة الحكومة أو مع القيادات الأمنية ووزراء الداخلية، يكرر ويشدد على ضرورة التصدي لآفة المخدرات لا سيما في الوسط المدرسي والضرب بيد من حديد على الشبكات والعصابات الناشطة في تهديد أمن البلاد وسلامة المجتمع.
ومؤخرا وتحديدا في 2 ماي الجاري وخلال زيارته إلى مقر وزارة الداخلية ولقائه الوزير وعدد من القيادات الأمنية تم التطرق وفق نص بيان اللقاء إلى "ظاهرة انتشار المخدرات التي يسعى مروجوها لا إلى الربح المادي فقط، بل كذلك إلى ضرب السلم الأهلية. وأكّد رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، على أن تونس أمانة في أعناق كل الوطنيين ويجب أن يتحمّل كل واحد من موقعه هذه الأمانة بالرغم من ثقلها خاصة في هذا الظرف الذي تسعى فيه بعض الجهات إلى ضرب الدولة والتشكيك في مؤسساتها واستقرارها".
وفي مارس الفارط وفي لقائه مع وزير الداخلية السابق دعا الرئيس قيس سعيد إلى "مضاعفة المجهودات للقضاء على مروّجي المخدرات على وجه الخصوص لأن الغاية من الترويج ليست الربح المادي فقط بل أيضا ضرب المجتمع وتفكيكه".
وأكد ضرورة "تسيير دوريات أمنية مستمرة أمام المدارس والمعاهد لحماية التلاميذ في محيطهم المدرسي".
وفي مناسبة سابقة وخلال لقائه مع رئيسة الحكومة شدّد الرئيس على ضرورة التصدي لظاهرة ترويج المخدّرات في الوسط المدرسي، من خلال النظر في سياسة كاملة، لا تقوم على القوانين فقط، مؤكدا أنّ المخدّرات مصدرها "اللوبيّات" والذين يريدون تحطيم الدولة والمجتمع.
ولعل هذا الوعي بخطورة ظاهرة المخدرات في الوسط المدرسي وخارجه المسجلة اليوم في الخطاب الرسمي، هي خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها دون شك في انتظار قرارات وإجراءات ناجعة وصارمة من أجل تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع تجعل الموضوع على رأس صدارة أوليات الأمن القومي.