إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إقرار إمكانية إحداثها .. ما الجدوى من لجان التحقيق البرلمانية ومن سيترأسها؟

 

من المفروض أن تكون لمثل هذه اللجان صلاحيات كبرى تساعدها على تحقيق نتائج ملموسة

تونس-الصباح

تضمن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الصادر في العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية فصلا يتيح لأعضاء المجلس إمكانية إحداث لجان التحقيق البرلمانية، وهو فصل إضافيّ لم يرد في الصيغة الأصلية لمشروع النظام الداخلي، إذ تم اقتراحه من قبل النواب رياض جعيدان وسامي الحاج عمر ومحمد ضو وعمر البرهومي ومحمود العامري، ووقعت المصادقة عليه في ختام الجلسة العامة للمجلس المخصصة للنظر في المشروع وذلك بـ 81 نعم 18 احتفاظ و30 رفض، وينص الفصل على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب وبطلب من ربع الأعضاء على الأقل إحداث لجان تحقيق، وتصادق الجلسة العامة على إحداثها بأغلبية أعضائها الحاضرين على ألا يقل عدد الموافقين عن الثلث. وتعد كل لجنة تحقيق عند اختتام أعمالها تقرير ترفعه إلى مكتب المجلس الذي يعرضه وجوبيا على الجلسة العامة لمناقشته. وتنحل هذه اللجان آليا بعد عرض تقريرها على الجلسة العامة ما لم تقرر الجلسة العامة مواصلة لجنة التحقيق لعملها في اتجاه مزيد التدقيق والبحث.

وصمت الفصل المتعلق بلجان التحقيق البرلمانية عن مسألة رئاسة هذه اللجان، وهو ما لاحظه النائب هشام حسني الذي نبه إلى ضرورة تلافي هذا الفراغ، لأن رئاسة لجان التحقيق تسند في العادة للمعارضة البرلمانية، كما لم يتحدث الفصل عن صلاحيات لجان التحقيق، ومن المفروض أن تكون لمثل هذه اللجان صلاحيات كبرى تساعدها على تحقيق نتائج ملموسة، لأنه لا يمكن للجان التحقيق أن تشتغل دون الإطلاع على الوثائق المتصلة بموضوع التحقيق والنفاذ إلى المعلومات التي تكتسي صبغة سرية ودون القيام بزيارات فجئية إلى الأماكن التي ترى ضرورة في زيارتها والاستماع إلى أقوال و شهادات كل من لهم صلة بالملف الذي تريد التحقيق فيه..

صمت الدستور

وتكشف نتيجة التصويت على الفصل المتعلق بلجان التحقيق البرلمانية عدم اقتناع الكثير من النواب بمقترح إحداثها، وفي المقابل فإن النواب الذين دافعوا عن هذا المقترح أكدوا على أنها مجدية، فالنائب معز بن يوسف وهو من النواب الرافضين للمقترح، بين أن وظيفة النواب هي بالأساس وظيفة تشريعية ورقابية وليست تحقيقية، كما هناك من النواب من أشاروا إلى أن الدستور لم يتحدث عن لجان التحقيق البرلمانية، وفي هذا السياق بين النائب ظافر الصغيري أن الدستور لم نص على لجان تحقيق بل نص على لجان برلمانية قارة ومنتخبة، وذكر أنه يمكن للجان القارة أن تقوم بتحقيق في أي مسألة تريد التحقيق فيها، واعترض الصغيري على إضافة لجان التحقيق للنظام الداخلي للمجلس النيابي، في حين أشار النائب عمر البرهومي إلى أنه إضافة إلى صلاحيات التشريع فانه توجد في كل البرلمانات في العالم لجان تحقيق وهي تضطلع بدور رقابي، وفي نفس السياق اعتبر النائب رياض جعيدان صمت الدستور على لجان التحقيق لا يعني أنه لا يمكن لنواب الشعب إحداثها، وفسر أن الدستور يتحدث عن المبادئ العامة ولا يغوص في التفاصيل وبين أن هناك آليات رقابة برلمانية متعارف عليها في كل العالم ومن بينها لجان التحقيق وهي آلية متاحة للنواب للقيام بدورهم الرقابي رغم أن دساتير تلك البلدان لا تنص على لجان التحقيق.. ولم ينف جعيدان حقيقة مفادها فشل لجان التحقيق البرلمانية التي وقع إحداثها في المجالس النيابية السابقة ويعود السبب حسب رأيه إلى المحاصصات الحزبية والرغبة في إفراغ تلك اللجان من مهامها.

فشل ذريع

ولا يختلف النائب رياض جعيدان في الرأي عن بقية النواب إذ هناك إجماع في وصف لجان التحقيق السابقة بالفاشلة، سواء لجان التحقيق البرلمانية التي تم إحداثها بالمجلس الوطني التأسيسي أو بمجلس نواب الشعب خلال المدة النيابية الأولى التي ترأسها محمد الناصر أو في بداية المدة النيابية الثانية التي ترأسها راشد الغنوشي، إذ هناك لجان قبرت من قبل نواب الكتل الحاكمة وذلك عن سابق إصرار وترصد وهناك لجان أخرى فشلت في تحقق المطلوب منها.

ومن بين هذه اللجان لجنة التحقيق حول موضوع الفساد المالي والتهرّب الضريبي الذي تم الكشف عنه في ما يسمى "أوراق بنما" و مدى تورّط تونسيين في هذا الملف، وكذلك لجنة التحقيق البرلمانية بخصوص تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل الاتحاد الأوروبي إذ تمت المصادقة على إحداثها بموافقة 109 نواب واحتفاظ نائب وحيد واعتراض نائب وحيد وكان ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة يوم 11 جانفي 2018، وكان الهدف من إحداثها التحقيق في أسباب تصنيف تونس كملاذ ضريبي من قبل مجلس وزراء مالية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وما يترتب عن هذا التصنيف من تبعات اقتصادية ومالية وسياسية إضافة إلى تحديد المسؤوليات والتحقيق في الظروف التي أحاطت بكيفية التعاطي مع هذا الملف من قبل الجانب التونسي، وكان الهدف منها أيضا مطالبة الحكومة بتوضيح إستراتيجية عملها فيما يخص علاقات تونس بالاتحاد الأوروبي على ضوء اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي.

ومن بين لجان التحقيق الأخرى التي وقع قبرها لجنة التحقيق حول شبكات التجنيد التي تورطت في تسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال وقد تم إحداثها بمبادرة النائبة عن نداء تونس ليلى الشتاوي لكن نواب النهضة دفعوا بكل جهودهم نحو عرقلة أعمال هذه اللجنة. ثم تم إحداث لجنة التحقيق حول الوضع في ولاية نابل إثر الفيضانات التي اجتاحتها وكان ذلك في أكتوبر 2018 وقد وقعت المصادقة عليها بموافقة 124 نائبا واحتفاظ 2 واعتراض 2 وكانت بمبادرة من النائب عن الولاء للوطن نذير بن عمو وتمثل الهدف من إحداثها في معرفة طرق تعامل الدولة مع تلك الفيضانات التي أحدثت أضرارا كبيرة فهناك من غرقوا في الأوحال، ومن أتلفت أشجارهم ومتاجرهم ومصانعهم ومن أصبحوا دون مورد رزق، وكان على اللجنة أن تجيب عن أسئلة حارقة منها على سبيل الذكر لا الحصر هل تم قبل حصول الكارثة إعلام المتساكنين بالمخاطر المحدقة بهم ، وهل أن الفيضانات كانت نتيجة الأمطار فقط أم ساهم فيها عنصر بشري، ولكن للأسف لم تتمكن اللجنة المذكورة من عقد جلساتها.

حق المعارضة

أما لجنة التحقيق البرلمانية الوحيدة التي أرادت المعارضة إحداثها طبقا لما أتاحه لها دستور 2014 فإنها لم تر النور مطلقا وكانت ببادرة من كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية وهي تتعلق بالعجز التجاري المسجل في الميزان التجاري، و يذكر في هذا السياق أنه خلافا لدستور 2022 كان الفصل 60 من دستور 2014 اعتبر المعارضة مكونا أساسيا في مجلس نواب الشعب لها حقوقها التي تمكنها من النهوض بمهامها في العمل النيابي وتضمن لها تمثيلية مناسبة وفاعلة في كل هياكل المجلس وأنشطته الداخلية والخارجية. وتسند اليها وجوبا رئاسة اللجنة المكلفة بالمالية وخطة مقرر باللجنة المكلفة بالعلاقات الخارجية. كما لها الحق في تكوين لجنة تحقيق كل سنة وترؤسها ومن واجباتها الإسهام النشيط والبناء في العمل النيابي.

وتم لاحقا إحداث لجنة تحقيق حول ملابسات وفاة الشاب عبد السلام زيان بعد إيقافه بمدينة صفاقس، كما تم إحداث لجنة تحقيق حول تضارب المصالح المتعلقة برئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، ولعل اللجنة الوحيدة التي استكملت تقريرها النهائي وعرضته على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب هي لجنة التحقيق حول فاجعة عمدون من ولاية باجة.

وحاول عدد من النواب سابقا تلافي الثغرات التي حالت دون قدرة لجان التحقيق على أداء مهامها بالكيفية المطلوبة وهناك منهم من اقترح سنة 2016 مبادرة تشريعية تتعلق بلجان التحقيق البرلمانية ونص هذا المقترح على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب إحداث لجان تحقيق بناء على طلب من ربع أعضاء المجلس ثم موافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين بالجلسة العامة على أن لا يقل عدد الموافقين عن الثلث، على أن يستجيب المجلس مرة في السنة النيابية لطلب أغلبية أعضاء المعارضة تكوين لجنة تحقيق ولا تستوجب لجنة التحقيق المقترحة من المعارضة مصادقة الجلسة العامة على تكوينها. ونصت نفس المبادرة على أن تتولى لجان التحقيق مهامها للكشف عن الحقيقة في موضوع معين ولا يستثنى من مهامها أي مجال أو نشاط أو جهة، ولكن ليس للجان التحقيق رقابة على القضاة عند فصلهم في القضايا، وفي المقابل لا يمنع ذلك لجان التحقيق من تسليط رقابتها على الأعمال الإدارية للمحاكم لتقصي الحقائق حول أي إخلال قد يحصل في التعامل مع الملفات.

سعيدة بوهلال

 

 

 

بعد إقرار إمكانية إحداثها .. ما الجدوى من لجان التحقيق البرلمانية ومن سيترأسها؟

 

من المفروض أن تكون لمثل هذه اللجان صلاحيات كبرى تساعدها على تحقيق نتائج ملموسة

تونس-الصباح

تضمن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الصادر في العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية فصلا يتيح لأعضاء المجلس إمكانية إحداث لجان التحقيق البرلمانية، وهو فصل إضافيّ لم يرد في الصيغة الأصلية لمشروع النظام الداخلي، إذ تم اقتراحه من قبل النواب رياض جعيدان وسامي الحاج عمر ومحمد ضو وعمر البرهومي ومحمود العامري، ووقعت المصادقة عليه في ختام الجلسة العامة للمجلس المخصصة للنظر في المشروع وذلك بـ 81 نعم 18 احتفاظ و30 رفض، وينص الفصل على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب وبطلب من ربع الأعضاء على الأقل إحداث لجان تحقيق، وتصادق الجلسة العامة على إحداثها بأغلبية أعضائها الحاضرين على ألا يقل عدد الموافقين عن الثلث. وتعد كل لجنة تحقيق عند اختتام أعمالها تقرير ترفعه إلى مكتب المجلس الذي يعرضه وجوبيا على الجلسة العامة لمناقشته. وتنحل هذه اللجان آليا بعد عرض تقريرها على الجلسة العامة ما لم تقرر الجلسة العامة مواصلة لجنة التحقيق لعملها في اتجاه مزيد التدقيق والبحث.

وصمت الفصل المتعلق بلجان التحقيق البرلمانية عن مسألة رئاسة هذه اللجان، وهو ما لاحظه النائب هشام حسني الذي نبه إلى ضرورة تلافي هذا الفراغ، لأن رئاسة لجان التحقيق تسند في العادة للمعارضة البرلمانية، كما لم يتحدث الفصل عن صلاحيات لجان التحقيق، ومن المفروض أن تكون لمثل هذه اللجان صلاحيات كبرى تساعدها على تحقيق نتائج ملموسة، لأنه لا يمكن للجان التحقيق أن تشتغل دون الإطلاع على الوثائق المتصلة بموضوع التحقيق والنفاذ إلى المعلومات التي تكتسي صبغة سرية ودون القيام بزيارات فجئية إلى الأماكن التي ترى ضرورة في زيارتها والاستماع إلى أقوال و شهادات كل من لهم صلة بالملف الذي تريد التحقيق فيه..

صمت الدستور

وتكشف نتيجة التصويت على الفصل المتعلق بلجان التحقيق البرلمانية عدم اقتناع الكثير من النواب بمقترح إحداثها، وفي المقابل فإن النواب الذين دافعوا عن هذا المقترح أكدوا على أنها مجدية، فالنائب معز بن يوسف وهو من النواب الرافضين للمقترح، بين أن وظيفة النواب هي بالأساس وظيفة تشريعية ورقابية وليست تحقيقية، كما هناك من النواب من أشاروا إلى أن الدستور لم يتحدث عن لجان التحقيق البرلمانية، وفي هذا السياق بين النائب ظافر الصغيري أن الدستور لم نص على لجان تحقيق بل نص على لجان برلمانية قارة ومنتخبة، وذكر أنه يمكن للجان القارة أن تقوم بتحقيق في أي مسألة تريد التحقيق فيها، واعترض الصغيري على إضافة لجان التحقيق للنظام الداخلي للمجلس النيابي، في حين أشار النائب عمر البرهومي إلى أنه إضافة إلى صلاحيات التشريع فانه توجد في كل البرلمانات في العالم لجان تحقيق وهي تضطلع بدور رقابي، وفي نفس السياق اعتبر النائب رياض جعيدان صمت الدستور على لجان التحقيق لا يعني أنه لا يمكن لنواب الشعب إحداثها، وفسر أن الدستور يتحدث عن المبادئ العامة ولا يغوص في التفاصيل وبين أن هناك آليات رقابة برلمانية متعارف عليها في كل العالم ومن بينها لجان التحقيق وهي آلية متاحة للنواب للقيام بدورهم الرقابي رغم أن دساتير تلك البلدان لا تنص على لجان التحقيق.. ولم ينف جعيدان حقيقة مفادها فشل لجان التحقيق البرلمانية التي وقع إحداثها في المجالس النيابية السابقة ويعود السبب حسب رأيه إلى المحاصصات الحزبية والرغبة في إفراغ تلك اللجان من مهامها.

فشل ذريع

ولا يختلف النائب رياض جعيدان في الرأي عن بقية النواب إذ هناك إجماع في وصف لجان التحقيق السابقة بالفاشلة، سواء لجان التحقيق البرلمانية التي تم إحداثها بالمجلس الوطني التأسيسي أو بمجلس نواب الشعب خلال المدة النيابية الأولى التي ترأسها محمد الناصر أو في بداية المدة النيابية الثانية التي ترأسها راشد الغنوشي، إذ هناك لجان قبرت من قبل نواب الكتل الحاكمة وذلك عن سابق إصرار وترصد وهناك لجان أخرى فشلت في تحقق المطلوب منها.

ومن بين هذه اللجان لجنة التحقيق حول موضوع الفساد المالي والتهرّب الضريبي الذي تم الكشف عنه في ما يسمى "أوراق بنما" و مدى تورّط تونسيين في هذا الملف، وكذلك لجنة التحقيق البرلمانية بخصوص تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل الاتحاد الأوروبي إذ تمت المصادقة على إحداثها بموافقة 109 نواب واحتفاظ نائب وحيد واعتراض نائب وحيد وكان ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة يوم 11 جانفي 2018، وكان الهدف من إحداثها التحقيق في أسباب تصنيف تونس كملاذ ضريبي من قبل مجلس وزراء مالية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وما يترتب عن هذا التصنيف من تبعات اقتصادية ومالية وسياسية إضافة إلى تحديد المسؤوليات والتحقيق في الظروف التي أحاطت بكيفية التعاطي مع هذا الملف من قبل الجانب التونسي، وكان الهدف منها أيضا مطالبة الحكومة بتوضيح إستراتيجية عملها فيما يخص علاقات تونس بالاتحاد الأوروبي على ضوء اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي.

ومن بين لجان التحقيق الأخرى التي وقع قبرها لجنة التحقيق حول شبكات التجنيد التي تورطت في تسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال وقد تم إحداثها بمبادرة النائبة عن نداء تونس ليلى الشتاوي لكن نواب النهضة دفعوا بكل جهودهم نحو عرقلة أعمال هذه اللجنة. ثم تم إحداث لجنة التحقيق حول الوضع في ولاية نابل إثر الفيضانات التي اجتاحتها وكان ذلك في أكتوبر 2018 وقد وقعت المصادقة عليها بموافقة 124 نائبا واحتفاظ 2 واعتراض 2 وكانت بمبادرة من النائب عن الولاء للوطن نذير بن عمو وتمثل الهدف من إحداثها في معرفة طرق تعامل الدولة مع تلك الفيضانات التي أحدثت أضرارا كبيرة فهناك من غرقوا في الأوحال، ومن أتلفت أشجارهم ومتاجرهم ومصانعهم ومن أصبحوا دون مورد رزق، وكان على اللجنة أن تجيب عن أسئلة حارقة منها على سبيل الذكر لا الحصر هل تم قبل حصول الكارثة إعلام المتساكنين بالمخاطر المحدقة بهم ، وهل أن الفيضانات كانت نتيجة الأمطار فقط أم ساهم فيها عنصر بشري، ولكن للأسف لم تتمكن اللجنة المذكورة من عقد جلساتها.

حق المعارضة

أما لجنة التحقيق البرلمانية الوحيدة التي أرادت المعارضة إحداثها طبقا لما أتاحه لها دستور 2014 فإنها لم تر النور مطلقا وكانت ببادرة من كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية وهي تتعلق بالعجز التجاري المسجل في الميزان التجاري، و يذكر في هذا السياق أنه خلافا لدستور 2022 كان الفصل 60 من دستور 2014 اعتبر المعارضة مكونا أساسيا في مجلس نواب الشعب لها حقوقها التي تمكنها من النهوض بمهامها في العمل النيابي وتضمن لها تمثيلية مناسبة وفاعلة في كل هياكل المجلس وأنشطته الداخلية والخارجية. وتسند اليها وجوبا رئاسة اللجنة المكلفة بالمالية وخطة مقرر باللجنة المكلفة بالعلاقات الخارجية. كما لها الحق في تكوين لجنة تحقيق كل سنة وترؤسها ومن واجباتها الإسهام النشيط والبناء في العمل النيابي.

وتم لاحقا إحداث لجنة تحقيق حول ملابسات وفاة الشاب عبد السلام زيان بعد إيقافه بمدينة صفاقس، كما تم إحداث لجنة تحقيق حول تضارب المصالح المتعلقة برئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، ولعل اللجنة الوحيدة التي استكملت تقريرها النهائي وعرضته على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب هي لجنة التحقيق حول فاجعة عمدون من ولاية باجة.

وحاول عدد من النواب سابقا تلافي الثغرات التي حالت دون قدرة لجان التحقيق على أداء مهامها بالكيفية المطلوبة وهناك منهم من اقترح سنة 2016 مبادرة تشريعية تتعلق بلجان التحقيق البرلمانية ونص هذا المقترح على أنه يمكن لمجلس نواب الشعب إحداث لجان تحقيق بناء على طلب من ربع أعضاء المجلس ثم موافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين بالجلسة العامة على أن لا يقل عدد الموافقين عن الثلث، على أن يستجيب المجلس مرة في السنة النيابية لطلب أغلبية أعضاء المعارضة تكوين لجنة تحقيق ولا تستوجب لجنة التحقيق المقترحة من المعارضة مصادقة الجلسة العامة على تكوينها. ونصت نفس المبادرة على أن تتولى لجان التحقيق مهامها للكشف عن الحقيقة في موضوع معين ولا يستثنى من مهامها أي مجال أو نشاط أو جهة، ولكن ليس للجان التحقيق رقابة على القضاة عند فصلهم في القضايا، وفي المقابل لا يمنع ذلك لجان التحقيق من تسليط رقابتها على الأعمال الإدارية للمحاكم لتقصي الحقائق حول أي إخلال قد يحصل في التعامل مع الملفات.

سعيدة بوهلال