* ارتفاع سعر صرف الأورو أمام الدولار الأمريكي خطوة استباقية أثرت على أسعار الصرف العالمية
تونس- الصباح
راجت على شبكات الاجتماعية منذ يومين، معلومات تتعلق بانهيار الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، تجاوز فيها سعر صرف الدينار التونسي معدل 3.5 أمام عملة الأورو، في حين تحدث البعض عن تداول سعر صرف الدينار التونسي، على مستوى 4 بنوك محلية كبرى (BIAT و Amen Bank و Attijari و BH) بمعدل 3.4 أمام الأورو، باستثناء العمولات المصرفية، الأمر الذي أثار قلقا كبيرا في الأوساط الاقتصادية.
وبالعودة الى بيانات البنك المركزي التونسي، الذي يظل الجهة الرسمية الوحيدة التي تحدد سعر صرف الدينار التونسي أمام بقية العملات الأجنبية، وفقا لتقلبات السوق وأسعار التداول المصرفية، فإن الدينار التونسي مازال صامدا أمام العواصف التي انطلقت منذ عام 2011، حيث بدأت رحلة انخفاض العملة التونسية أمام العملات الرئيسية، الأورو والدولار، وإن كان بشكل طفيف، إلا أنها شهدت ارتفاعا قياسيا بداية من سنة 2018.
وسجل سعر صرف الدينار التونسي، بتاريخ أمس، ارتفاعا مقابل الأورو ليصل الى 3.350 ، في حين حافظ على استقراره أمام الدولار، حيث بلغ 3.059 ، وذلك وفق البيانات المحينة للبنك المركزي التونسي، وهو الجهة الوحيدة المخولة لتعديل أسعار الصرف وفق تقلبات السوق العالمية.
أسباب تراجع الدينار أمام الأورو
ويرافق الحديث عن تهاوي الدينار التونسي أمام عملة الأورو، ربطها بالأزمة السياسية والاقتصادية، التي تعيشها البلاد، في حين أن الواقع، خلاف ذلك، حيث من الضروري وفق خبراء الاقتصاد والمالية، الذين تحاورت معهم "الصباح"، ربط تراجع سعر صرف الدينار التونسي أمام أي عملة أجنبية، بالعملة الرئيسية للعالم الدولار، والذي شهد أمام الأورو خلال اليومين الماضيين ارتفاعا، حيث بلغ سعر صرف الأورو أمام الدولار معدل 3.7 ، وهذا الارتفاع ناجم عن السياسات النقدية الأمريكية المتشددة منذ اندلاع الحرب شرق أوروبا.
ومن البديهي أن يشهد الدينار التونسي تراجعا أمام الأورو، الذي ارتفع هو بدوره أمام سعر العملة العالمية الدولار، وهذا الارتفاع ناتج عن السياسة النقدية الأوروبية الساعية الى خفض تداعيات ارتفاع نسب الفائدة الأمريكية على الدولار، والتي تتسبب من حين الى آخر في ارتفاع سعر صرف كافة العملات الأجنبية، وهذا المنحى أثر كثيرا على احتياطي دول العالم من عملة الدولار، وهناك تقارير اقتصادية غربية تتحدث عن ارتفاع جديد في شهر ماي القادم في نسب الفائدة الأمريكية ، الأمر الذي من شأنه أن يربك الأسواق العالمية، وتتهيأ البنوك المركزية الغربية هي بدورها لرفع أسعار الفائدة لامتصاص تبعات السياسة النقدية الأمريكية.
ووفق بعض الخبراء الاقتصاديين، فإن ما نعيشه خلال هذه الأيام، من انخفاض للدينار التونسي أمام الأورو، شبيه بالصائفة الماضية، حيث سجل الدينار التونسي تراجعا قياسيا أمام الدولار، وفسر ذلك بأنه نتيجة الرفع من نسب الفائدة الأمريكية آنذاك، والتي أثرت بشكل لافت على الأسواق العالمية، واليوم، يتكرر "السيناريو" مع عملة الأورو التي ارتفعت هي بدورها أمام الدولار، وهي خطوة استباقية للبنوك المركزية الغربية، لامتصاص قرارات أمريكية منتظر اتخاذها في شهر ماي القادم والتي ترفع فيها نسب الفائدة الأمريكية الى حدود 5% ، ما يؤثر سلبا في الاحتياطي النقدي من عملة الدولار لدى كافة دول العالم.
تقلبات الدينار أمام العملات الأجنبية
وقلل، جزء واسع من الخبراء الاقتصاديين، من خطورة الأمر، على الشأن التونسي، حيث أنه من غير المستبعد، أن يستعيد الدينار التونسي توازنه أمام الأورو، والأمر ليس خطيرا مثلما يتم الترويج له، وربطه بالقرارات السيادية التونسية المتشددة، مع كافة المسائل التي تمس بالأمن القومي للتونسيين.
وشهد الدينار التونسي تراجعاً لافتاً خلال العقد الأخير، وبالتحديد منذ عام 2011، وهو تاريخ اندلاع التقلبات التي شهدتها تونس، مما أدى إلى أزمة اقتصادية انعكست على العملة الوطنية التي عرفت تراجعاً في سعر صرفها مقابل العملتين الأمريكية والأوروبية على مدار الـ12 عاماً الماضية.
وسجل الدينار التونسي انخفاضاً في سعره أمام الدولار الأمريكي بداية من منتصف أوت الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقود من الزمن، وبلغ سعر الدولار أمام الدينار التونسي 3.3 دينار، بتاريخ 19 أكتوبر 2022، وهذا الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام العملة الوطنية، رفع من سعر المواد الموردة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا هو الأعنف منذ عقود، وما تزال تونس في حاجة ماسة لتعبئة مواردها من العملة الصعبة حتى تتمكن مستقبلا من توفير احتياجاتها من المحروقات والحبوب .
تراجع الاحتياطي النقدي
وتراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة الى 94 يوم توريد، ليبلغ قرابة 21.9 مليار دينار بتاريخ أمس، بسبب ارتفاع كلفة الشحن، علما وأن جزءا من الاحتياطي النقدي سجل ارتفاعا بعد بلوغ تحويلات التونسيين بالخارج أكثر من 8.1 مليار دينار مع نهاية العام الماضي، في حين سجلت إيرادات السياحة ارتفاعا بلغ أكثر من 4 مليار دينار خلال نفس الفترة.
وسجل احتياطي تونس من العملة الصعبة، مع نهاية العام الماضي، تراجعا مقلقا الى اقل من 100 يوم توريد، تزامن مع ارتفاع ملموس في أسعار السلع الأساسية المستوردة، وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وخاصة عملة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة الى الدولار الأمريكي، والذي يعد العملة الأساسية لخلاص تونس لاحتياجاتها الخارجية، وسط توقعات باستمرار انحدار الاحتياطي النقدي، الى مستويات مقلقة للغاية.
وعرف احتياطي تونس من العملة الصعبة، نسقا تصاعديا ليبلغ بتاريخ 08 جانفي من عام 2022، 162 يوم توريد أي ما يعادل 23216 مليون دينار. ويعد تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة أيضا، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، والذي يتزامن مع ارتفاع حاد في نسب التضخم، وأقر البنك المركزي التونسي في تقريره الأخير، بأن مخزون البلاد من العملة الصعبة، يأتي أساسا من القروض التي تحصل عليها تونس، وهو ما يعني أن الاقتصاد التونسي، ما يزال عاجزا عن إنتاج الثروة.
*سفيان المهداوي
* ارتفاع سعر صرف الأورو أمام الدولار الأمريكي خطوة استباقية أثرت على أسعار الصرف العالمية
تونس- الصباح
راجت على شبكات الاجتماعية منذ يومين، معلومات تتعلق بانهيار الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، تجاوز فيها سعر صرف الدينار التونسي معدل 3.5 أمام عملة الأورو، في حين تحدث البعض عن تداول سعر صرف الدينار التونسي، على مستوى 4 بنوك محلية كبرى (BIAT و Amen Bank و Attijari و BH) بمعدل 3.4 أمام الأورو، باستثناء العمولات المصرفية، الأمر الذي أثار قلقا كبيرا في الأوساط الاقتصادية.
وبالعودة الى بيانات البنك المركزي التونسي، الذي يظل الجهة الرسمية الوحيدة التي تحدد سعر صرف الدينار التونسي أمام بقية العملات الأجنبية، وفقا لتقلبات السوق وأسعار التداول المصرفية، فإن الدينار التونسي مازال صامدا أمام العواصف التي انطلقت منذ عام 2011، حيث بدأت رحلة انخفاض العملة التونسية أمام العملات الرئيسية، الأورو والدولار، وإن كان بشكل طفيف، إلا أنها شهدت ارتفاعا قياسيا بداية من سنة 2018.
وسجل سعر صرف الدينار التونسي، بتاريخ أمس، ارتفاعا مقابل الأورو ليصل الى 3.350 ، في حين حافظ على استقراره أمام الدولار، حيث بلغ 3.059 ، وذلك وفق البيانات المحينة للبنك المركزي التونسي، وهو الجهة الوحيدة المخولة لتعديل أسعار الصرف وفق تقلبات السوق العالمية.
أسباب تراجع الدينار أمام الأورو
ويرافق الحديث عن تهاوي الدينار التونسي أمام عملة الأورو، ربطها بالأزمة السياسية والاقتصادية، التي تعيشها البلاد، في حين أن الواقع، خلاف ذلك، حيث من الضروري وفق خبراء الاقتصاد والمالية، الذين تحاورت معهم "الصباح"، ربط تراجع سعر صرف الدينار التونسي أمام أي عملة أجنبية، بالعملة الرئيسية للعالم الدولار، والذي شهد أمام الأورو خلال اليومين الماضيين ارتفاعا، حيث بلغ سعر صرف الأورو أمام الدولار معدل 3.7 ، وهذا الارتفاع ناجم عن السياسات النقدية الأمريكية المتشددة منذ اندلاع الحرب شرق أوروبا.
ومن البديهي أن يشهد الدينار التونسي تراجعا أمام الأورو، الذي ارتفع هو بدوره أمام سعر العملة العالمية الدولار، وهذا الارتفاع ناتج عن السياسة النقدية الأوروبية الساعية الى خفض تداعيات ارتفاع نسب الفائدة الأمريكية على الدولار، والتي تتسبب من حين الى آخر في ارتفاع سعر صرف كافة العملات الأجنبية، وهذا المنحى أثر كثيرا على احتياطي دول العالم من عملة الدولار، وهناك تقارير اقتصادية غربية تتحدث عن ارتفاع جديد في شهر ماي القادم في نسب الفائدة الأمريكية ، الأمر الذي من شأنه أن يربك الأسواق العالمية، وتتهيأ البنوك المركزية الغربية هي بدورها لرفع أسعار الفائدة لامتصاص تبعات السياسة النقدية الأمريكية.
ووفق بعض الخبراء الاقتصاديين، فإن ما نعيشه خلال هذه الأيام، من انخفاض للدينار التونسي أمام الأورو، شبيه بالصائفة الماضية، حيث سجل الدينار التونسي تراجعا قياسيا أمام الدولار، وفسر ذلك بأنه نتيجة الرفع من نسب الفائدة الأمريكية آنذاك، والتي أثرت بشكل لافت على الأسواق العالمية، واليوم، يتكرر "السيناريو" مع عملة الأورو التي ارتفعت هي بدورها أمام الدولار، وهي خطوة استباقية للبنوك المركزية الغربية، لامتصاص قرارات أمريكية منتظر اتخاذها في شهر ماي القادم والتي ترفع فيها نسب الفائدة الأمريكية الى حدود 5% ، ما يؤثر سلبا في الاحتياطي النقدي من عملة الدولار لدى كافة دول العالم.
تقلبات الدينار أمام العملات الأجنبية
وقلل، جزء واسع من الخبراء الاقتصاديين، من خطورة الأمر، على الشأن التونسي، حيث أنه من غير المستبعد، أن يستعيد الدينار التونسي توازنه أمام الأورو، والأمر ليس خطيرا مثلما يتم الترويج له، وربطه بالقرارات السيادية التونسية المتشددة، مع كافة المسائل التي تمس بالأمن القومي للتونسيين.
وشهد الدينار التونسي تراجعاً لافتاً خلال العقد الأخير، وبالتحديد منذ عام 2011، وهو تاريخ اندلاع التقلبات التي شهدتها تونس، مما أدى إلى أزمة اقتصادية انعكست على العملة الوطنية التي عرفت تراجعاً في سعر صرفها مقابل العملتين الأمريكية والأوروبية على مدار الـ12 عاماً الماضية.
وسجل الدينار التونسي انخفاضاً في سعره أمام الدولار الأمريكي بداية من منتصف أوت الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقود من الزمن، وبلغ سعر الدولار أمام الدينار التونسي 3.3 دينار، بتاريخ 19 أكتوبر 2022، وهذا الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام العملة الوطنية، رفع من سعر المواد الموردة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا هو الأعنف منذ عقود، وما تزال تونس في حاجة ماسة لتعبئة مواردها من العملة الصعبة حتى تتمكن مستقبلا من توفير احتياجاتها من المحروقات والحبوب .
تراجع الاحتياطي النقدي
وتراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة الى 94 يوم توريد، ليبلغ قرابة 21.9 مليار دينار بتاريخ أمس، بسبب ارتفاع كلفة الشحن، علما وأن جزءا من الاحتياطي النقدي سجل ارتفاعا بعد بلوغ تحويلات التونسيين بالخارج أكثر من 8.1 مليار دينار مع نهاية العام الماضي، في حين سجلت إيرادات السياحة ارتفاعا بلغ أكثر من 4 مليار دينار خلال نفس الفترة.
وسجل احتياطي تونس من العملة الصعبة، مع نهاية العام الماضي، تراجعا مقلقا الى اقل من 100 يوم توريد، تزامن مع ارتفاع ملموس في أسعار السلع الأساسية المستوردة، وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وخاصة عملة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة الى الدولار الأمريكي، والذي يعد العملة الأساسية لخلاص تونس لاحتياجاتها الخارجية، وسط توقعات باستمرار انحدار الاحتياطي النقدي، الى مستويات مقلقة للغاية.
وعرف احتياطي تونس من العملة الصعبة، نسقا تصاعديا ليبلغ بتاريخ 08 جانفي من عام 2022، 162 يوم توريد أي ما يعادل 23216 مليون دينار. ويعد تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة أيضا، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، والذي يتزامن مع ارتفاع حاد في نسب التضخم، وأقر البنك المركزي التونسي في تقريره الأخير، بأن مخزون البلاد من العملة الصعبة، يأتي أساسا من القروض التي تحصل عليها تونس، وهو ما يعني أن الاقتصاد التونسي، ما يزال عاجزا عن إنتاج الثروة.