إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سعيد خلال إشرافه على إحياء الذكرى 23 لرحيل بورقيبة: آجال الانتخابات الرئاسية المقبلة سيقع احترامها.. ولست مستعدا لتسليم الوطن لمن لا وطنية له

 

الخوض في ترشحي مجددا إلى منصب الرئاسة مسألة سابقة لأوانها

هناك من بلغوا أرذل العمر ويبحثون عن السلطة وعليهم أن ينظروا في المرآة

تونس – الصباح

خلال إشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم أمس على إحياء الذكرى 23 لرحيل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بروضة آل بورقيبة بالمنستير، وسط حضور عدد من المقاومين والمناضلين وأفراد عائلة الزعيم الراحل، وبعد وضع باقة من الورود على ضريحه وتلاوة فاتحة الكتاب على روحه، تطرق سعيد إلى جملة من المسائل التي شكلت محور جدل واسع وخلاف في الأوساط السياسية والقانونية في الفترة الأخيرة، لاسيما بعد دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ والعبور عمليا إلى مرحلة الجمهورية الجديدة بعد مباشرة البرلمان الجديد لمهامه في مارس المنقضي. فكانت تصريحاته بمثابة الحسم في بعض "الملفات" التي اكتنفها الغموض وكانت محل قراءات وتأويلات مختلفة لعل أبرزها ما يتعلق بالمرحلة السياسية القادمة والانتخابات الرئاسية والحوار الوطني والأموال المنهوبة والوضع الاجتماعي والاقتصادي للدولة.

ولعل ما يشد الاهتمام هو تصريحه المتعلق بالانتخابات الرئاسية خاصة أنه يأتي بعد أيام قليلة من إثارة هذا الجدل بعد غياب سعيد عن المشهد العام لمدة أيام، وما خلفه من ردود أفعال على مستويين وطني ودولي، خاصة أن نفس المسألة تم طرحها وتداولها بعد تنظيم الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها في ديسمبر الماضي ومطالبة عديد الجهات السياسية المعارضة لسياسية سعيد، بضرورة تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها باعتبار أن دستور 2014، الذي بموجبه تم انتخابه رئيسا للجمهورية لم يعد العمل به بعد أن دخل دستور 2022 حيز التنفيذ.

إذ أكد قيس سعيد في تطرقه للموضوع خلال نفس المناسبة، أنّ آجال الانتخابات الرئاسية المقبلة سيقع احترامها وأنّ الخوض في ترشحه مجددا إلى منصب الرئاسة، يظل مسألة سابقة لأوانها. وأوضح في نفس السياق أن مسألة الترشح للرئاسية القادمة، "لا تخامره حاليا"، مشددا على أن "ما يهمّه حقا هو الوطن والشعور بالمسؤولية وليست المناصب". وقال "إن الأمر لا يتعلّق بالأشخاص وإنما بكيفية التأسيس لمشروع ولمرحة جديدة في تاريخ تونس والتأسيس للمستقبل، دون انتكاسات". لكنه شدد على أنّه "سيسلّم المشعل لمن سيختاره الشعب وأنه ليس مستعدا لتسليم الوطن لمن لا وطنية له في هذه المرحلة". مؤكدا مرة أخرى أن كل خياراته نابعة من إرادة الشعب.

وفي سياق متصل انتقد رئيس الجمهورية بعض معارضيه ممن اتهمهم بالارتماء في أحضان الخارج في التعاطي مع الشأن الوطني اعتبر ذلك دليل على أن لا انتماء لهم بهذا الوطن.

كما وجه  نقده الصريح لما تم تداوله مؤخرا من أخبار حول تعكر حالته الصحية وفتح باب الحديث عن البديل وسد الشغور واصفا الأمر بالهذيان الدستوري والتكالب على الحكم"، معبرا عن استهجانه بالقول "هناك من بلغوا أرذل العمر ويبحثون عن السلطة وعليهم أن ينظروا في المرآة إن كان لهم ماء في الوجه".

فكانت تلك التصريحات بمثابة رسائل واضحة للراغبين في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية خلال الاستحقاقات الرئاسية القادمة، والطامعين في السلطة كما وصفهم، على أن المهمة سوف لن تكون يسيرة، خاصة أن دستور أوت 2022 الذي ينص في الفصل 88 منه على أن "رئيس الجمهورية هو رئيس الدّولة ودينه الإســلام. ومنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي غير حامل لجنسية أخرى مولــود لأب ولأم وجدّ لأب ولأم تونسييّن، وكلهم تونسيون دون انقطاع. كما يجب أن يكون المترشح يوم تقديم ترشحه بالغا من العمر أربعين سنة على الأقل، ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسّية ويقع تقديم الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات حسب الطّريقة والشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي".

وقد شكل إحياء ذكرى وفاة الرئيس الراحل بورقيبة مناسبة لملاقاة عدد من التونسيين لرئيس الجمهورية، الذي كان وفيا لطريقته في الرد على معارضيه والتعبير عن مواقفه من المسائل والقضايا الشائكة والحارقة والراهنة، والكشف عن جوانب من توجهات سياسة الدولة في المراحل القادمة خاصة في ظل عدم اعتماد سياسية اتصالية واضحة المعالم. إذ تطرق قيس سعيد في نفس المناسبة بالمنستير إلى جملة من القضايا والمسائل الأخرى، على غرار تشديده على تحدي إصلاح منظومة ومناهج التعليم والتربية لتكون نابعة من الإدارة التونسية وحاجيات البلاد إلى ذلك، على نحو تكون التعليم قاطرة للنهوض بالمجتمع والدولة لاسيما في ظل ما تزخر به بلادنا من ثروات وقدرات، على اعتبار أن النهوض بخدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والنقل لضمان حياة كريمة للمواطنين واجب ممكن.

فيما عبر عن رفض إملاءات صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على قرض تعد الدولة في حاجة ماسة له، على اعتبار أنها تدفع لمزيد تفقير الشعب واعتبر البديل في التعويل على الذات ومضاعفة العمل. وهو تقريبا ما دعت له عديد الجهات منذ مدة وذلك عبر تكريس منظومة تشجع على العمل والإنتاج والاستثمار الوطني بدرجة أولى. خاصة أن مسألة استعادة بلادنا للأموال المنهوبة في الخارج لا تزال بعيدة عن أرض الواقع وحمل سعيد مسؤولية عدم تحقيق ذلك إلى الجهات الأجنبية.

نزيهة الغضباني

سعيد خلال إشرافه على إحياء الذكرى 23 لرحيل بورقيبة:  آجال الانتخابات الرئاسية المقبلة سيقع احترامها.. ولست مستعدا لتسليم الوطن لمن لا وطنية له

 

الخوض في ترشحي مجددا إلى منصب الرئاسة مسألة سابقة لأوانها

هناك من بلغوا أرذل العمر ويبحثون عن السلطة وعليهم أن ينظروا في المرآة

تونس – الصباح

خلال إشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم أمس على إحياء الذكرى 23 لرحيل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بروضة آل بورقيبة بالمنستير، وسط حضور عدد من المقاومين والمناضلين وأفراد عائلة الزعيم الراحل، وبعد وضع باقة من الورود على ضريحه وتلاوة فاتحة الكتاب على روحه، تطرق سعيد إلى جملة من المسائل التي شكلت محور جدل واسع وخلاف في الأوساط السياسية والقانونية في الفترة الأخيرة، لاسيما بعد دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ والعبور عمليا إلى مرحلة الجمهورية الجديدة بعد مباشرة البرلمان الجديد لمهامه في مارس المنقضي. فكانت تصريحاته بمثابة الحسم في بعض "الملفات" التي اكتنفها الغموض وكانت محل قراءات وتأويلات مختلفة لعل أبرزها ما يتعلق بالمرحلة السياسية القادمة والانتخابات الرئاسية والحوار الوطني والأموال المنهوبة والوضع الاجتماعي والاقتصادي للدولة.

ولعل ما يشد الاهتمام هو تصريحه المتعلق بالانتخابات الرئاسية خاصة أنه يأتي بعد أيام قليلة من إثارة هذا الجدل بعد غياب سعيد عن المشهد العام لمدة أيام، وما خلفه من ردود أفعال على مستويين وطني ودولي، خاصة أن نفس المسألة تم طرحها وتداولها بعد تنظيم الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها في ديسمبر الماضي ومطالبة عديد الجهات السياسية المعارضة لسياسية سعيد، بضرورة تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها باعتبار أن دستور 2014، الذي بموجبه تم انتخابه رئيسا للجمهورية لم يعد العمل به بعد أن دخل دستور 2022 حيز التنفيذ.

إذ أكد قيس سعيد في تطرقه للموضوع خلال نفس المناسبة، أنّ آجال الانتخابات الرئاسية المقبلة سيقع احترامها وأنّ الخوض في ترشحه مجددا إلى منصب الرئاسة، يظل مسألة سابقة لأوانها. وأوضح في نفس السياق أن مسألة الترشح للرئاسية القادمة، "لا تخامره حاليا"، مشددا على أن "ما يهمّه حقا هو الوطن والشعور بالمسؤولية وليست المناصب". وقال "إن الأمر لا يتعلّق بالأشخاص وإنما بكيفية التأسيس لمشروع ولمرحة جديدة في تاريخ تونس والتأسيس للمستقبل، دون انتكاسات". لكنه شدد على أنّه "سيسلّم المشعل لمن سيختاره الشعب وأنه ليس مستعدا لتسليم الوطن لمن لا وطنية له في هذه المرحلة". مؤكدا مرة أخرى أن كل خياراته نابعة من إرادة الشعب.

وفي سياق متصل انتقد رئيس الجمهورية بعض معارضيه ممن اتهمهم بالارتماء في أحضان الخارج في التعاطي مع الشأن الوطني اعتبر ذلك دليل على أن لا انتماء لهم بهذا الوطن.

كما وجه  نقده الصريح لما تم تداوله مؤخرا من أخبار حول تعكر حالته الصحية وفتح باب الحديث عن البديل وسد الشغور واصفا الأمر بالهذيان الدستوري والتكالب على الحكم"، معبرا عن استهجانه بالقول "هناك من بلغوا أرذل العمر ويبحثون عن السلطة وعليهم أن ينظروا في المرآة إن كان لهم ماء في الوجه".

فكانت تلك التصريحات بمثابة رسائل واضحة للراغبين في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية خلال الاستحقاقات الرئاسية القادمة، والطامعين في السلطة كما وصفهم، على أن المهمة سوف لن تكون يسيرة، خاصة أن دستور أوت 2022 الذي ينص في الفصل 88 منه على أن "رئيس الجمهورية هو رئيس الدّولة ودينه الإســلام. ومنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي غير حامل لجنسية أخرى مولــود لأب ولأم وجدّ لأب ولأم تونسييّن، وكلهم تونسيون دون انقطاع. كما يجب أن يكون المترشح يوم تقديم ترشحه بالغا من العمر أربعين سنة على الأقل، ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسّية ويقع تقديم الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات حسب الطّريقة والشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي".

وقد شكل إحياء ذكرى وفاة الرئيس الراحل بورقيبة مناسبة لملاقاة عدد من التونسيين لرئيس الجمهورية، الذي كان وفيا لطريقته في الرد على معارضيه والتعبير عن مواقفه من المسائل والقضايا الشائكة والحارقة والراهنة، والكشف عن جوانب من توجهات سياسة الدولة في المراحل القادمة خاصة في ظل عدم اعتماد سياسية اتصالية واضحة المعالم. إذ تطرق قيس سعيد في نفس المناسبة بالمنستير إلى جملة من القضايا والمسائل الأخرى، على غرار تشديده على تحدي إصلاح منظومة ومناهج التعليم والتربية لتكون نابعة من الإدارة التونسية وحاجيات البلاد إلى ذلك، على نحو تكون التعليم قاطرة للنهوض بالمجتمع والدولة لاسيما في ظل ما تزخر به بلادنا من ثروات وقدرات، على اعتبار أن النهوض بخدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والنقل لضمان حياة كريمة للمواطنين واجب ممكن.

فيما عبر عن رفض إملاءات صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على قرض تعد الدولة في حاجة ماسة له، على اعتبار أنها تدفع لمزيد تفقير الشعب واعتبر البديل في التعويل على الذات ومضاعفة العمل. وهو تقريبا ما دعت له عديد الجهات منذ مدة وذلك عبر تكريس منظومة تشجع على العمل والإنتاج والاستثمار الوطني بدرجة أولى. خاصة أن مسألة استعادة بلادنا للأموال المنهوبة في الخارج لا تزال بعيدة عن أرض الواقع وحمل سعيد مسؤولية عدم تحقيق ذلك إلى الجهات الأجنبية.

نزيهة الغضباني