بدأت أوروبا في إعادة توجيه أولويات علاقتها مع تونس.. منذ أن أطلقت إيطاليا صيحة فزع داخل قاعة اجتماع الزعماء الأوروبيين تنادي بضرورة احتواء سيناريو طوفان الهجرة غير النظامية من السواحل التونسية الى ضفاف شمال المتوسط.. صيحة سمعت في بروكسيل وليرتد صداها في كل العواصم الأوروبية وخاصة في عاصمة الأنوار باريس حيث خرج الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليطلق نفس التحذير ليكون على نفس الصعيد مع رئيسة الوزراء من الائتلاف اليميني الإيطالي جورجيا ميلوني لأول مرة منذ صعود الأخيرة لسدة الحكم في روما ولم تتوان منذ ذاك الحين أن جابت الأرض جيئة وذهابا بحثا عن مصادر لتمويل عجز الميزانية التونسية وطلبت هذه المساعدة حتى من الكيان الصهيوني.. مثلما طلبتها من الدول العربية بعد أن تحادثت مع واشنطن وأخذت ووعودا من نظرائها في الاتحاد الأوروبي وركزت على الضغط على إدارة صندوق النقد الدولي لإمضاء الاتفاق النهائي مع تونس وتمكينها من أولى دفعات تمويل الميزانية.
وبالرغم من تطابق الرؤى بين فرنسا وايطاليا حول "مأساوية" الوضع الاقتصادي التونسي.. الا أنهما تختلفان في مسارات انطلاق خارطة طريق الإصلاح.. فإيطاليا التي تتحسس "مأساة الجغرافيا" بما أنها الجارة لجنوبية المباشرة لتونس.. ترى أنه لا بد من إسناد مساعدات عاجلة وإسناد أولى دفعات القرض لتونس حتى قبل انطلاق تنفيذ "حزمة الإصلاحات الاقتصادية" التي تم على أساسها إبرام الاتفاق الأولي الممضى بين تونس وصندوق النقد الدولي في شهر أكتوبر الماضي.. فيما ترى باريس ومن ورائها المفوضية الأوروبية أن على تونس التوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي لتتمكن الدول الأوروبية من تمويل الميزانية.
هذا على الأقل ما أراد السفير الفرنسي بتونس، اندريه باران، أن يبلغه للرأي العام التونسي والسلطات ليحثها على التوجه غربا والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لتتمكن أوروبا وحلفاؤها من مساعدة تونس.
ولكن لم تكن هذه فقط الرسائل التي أراد السفير الفرنسي إبلاغها خلال لقاء جمعه بعدد من ممثلي الصحف التونسية، حضرته "الصباح"، بل كذلك سعى لإبراز الوصفة الصحية لدعم الاقتصاد التونسي وتمويل العجز الذي تشكو منه الميزانية التونسية.
وأولى هذه الرسائل التي أتت على لسان السفير الفرنسي كانت مختصرة ومقتضبة وتشير الى "أن فرنسا وجلّ الجهات المانحة مستعدة لمساعدة تونس في ظل التزام الدولة التونسية بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية."
وأضاف أن التمويل التكميلي لتونس من قبل الجهات المانحة يظل مرتبطا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لافتا الى أهمية عدم تأجيل الإصلاحات وان كانت صعبة ومعقدة، بما يمكّن الاقتصاد التونسي من الإقلاع من جديد.
وحول اختلاف وجهات النظر بين فرنسا وإيطاليا لمد تونس بالتمويلات، قال السفير الفرنسي ان دعم تونس بالتمويلات المالية لا يحل الإشكال بل انه سيعمّق مسألة التداين الخارجي لتونس، في صورة عدم انخراطها في الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي وعدم تطبيق إجراءات قانون المالية 2023.
وحدد السفير الفرنسي على الأقل إجراءين أساسيين وجب على تونس تطبيقهما وهما الرفع التدريجي للدعم بالنسبة للمحروقات والذي لم يتخذ أي قرار يتعلق به في الربع الأول من هذه السنة وكذلك إعادة هيكلة المؤسسات العمومية، ونشر تنقيح عدد 9 لسنة 1989 والمتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية.
وأكد السفير قائلا "إن الحل الوحيد يمر عبر تطبيق الإصلاحات وإيجاد حلول سليمة على المدى الطويل، سيما وأن الأوضاع الاقتصادية معقدة، والدولة التونسية ستجد صعوبات كبيرة للمحافظة على منظومة الدعم وتسديد كتلة الأجور ومواجهة الدين الخارجي".
وأعرب السفير الفرنسي عن أمله في مواصلة فرنسا والاتحاد الأوروبي مساعدة تونس باعتبار أهمية الشراكة الوثيقة بين الطرفين في عديد المجالات الاقتصادية منها والأكاديمية، قائلا "يجب ان تكون تونس مستقرة ومزدهرة ومن الصعب إقناع المانحين إذا لم يكن هناك التزام واضح بتطبيق الإصلاحات الواجبة".
في سياق متصل، قال السفير الفرنسي اندريه باران أن من مصلحة فرنسا ان تكون بلدان المغرب العربي مستقرة ومزدهرة.
وقال السفير الفرنسي، إن باريس تسعى لان تكون هناك علاقات مزدهرة مع هذه الدول بما فيها تونس.
وفي سؤال لـ"الصباح" حول فرضية أن تقدم روسيا وحلفاؤها الدعم المالي لتونس، بدلا من الاتحاد الأوروبي ومعادلة صندوق النقد الدولي لحل الأزمة الاقتصادية "لا أظن أن روسيا ستساعد وتنقذ تونس من أزمتها الاقتصادية، إذا لم نفعل نحن ذلك، فهل ستفعل روسيا"؟
وأضاف قائلا "نحن نسعى لأن تكون تونس ودول المنطقة مزدهرة اقتصاديا، لأنه تجمعنا معها علاقات تاريخية كبيرة ومصالح مشتركة، وليس من أجل التصدي لروسيا، ليس هذا ما يدفعنا للتحرك".
وحول إذا ما اضطلعت الصين بهذا الدور، تساءل السفير الفرنسي "منذ متى الصين تقدم مساعدات تمويلية للميزانية؟".
وحول الأخبار حول تنظيم الجزائر لمؤتمر لمساعدة تونس وتوفير أموال لميزانيتها، قال السفير "كل المساعدات لمعاضدة تونس هي محل ترحيب".
تونس-الصباح
بدأت أوروبا في إعادة توجيه أولويات علاقتها مع تونس.. منذ أن أطلقت إيطاليا صيحة فزع داخل قاعة اجتماع الزعماء الأوروبيين تنادي بضرورة احتواء سيناريو طوفان الهجرة غير النظامية من السواحل التونسية الى ضفاف شمال المتوسط.. صيحة سمعت في بروكسيل وليرتد صداها في كل العواصم الأوروبية وخاصة في عاصمة الأنوار باريس حيث خرج الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليطلق نفس التحذير ليكون على نفس الصعيد مع رئيسة الوزراء من الائتلاف اليميني الإيطالي جورجيا ميلوني لأول مرة منذ صعود الأخيرة لسدة الحكم في روما ولم تتوان منذ ذاك الحين أن جابت الأرض جيئة وذهابا بحثا عن مصادر لتمويل عجز الميزانية التونسية وطلبت هذه المساعدة حتى من الكيان الصهيوني.. مثلما طلبتها من الدول العربية بعد أن تحادثت مع واشنطن وأخذت ووعودا من نظرائها في الاتحاد الأوروبي وركزت على الضغط على إدارة صندوق النقد الدولي لإمضاء الاتفاق النهائي مع تونس وتمكينها من أولى دفعات تمويل الميزانية.
وبالرغم من تطابق الرؤى بين فرنسا وايطاليا حول "مأساوية" الوضع الاقتصادي التونسي.. الا أنهما تختلفان في مسارات انطلاق خارطة طريق الإصلاح.. فإيطاليا التي تتحسس "مأساة الجغرافيا" بما أنها الجارة لجنوبية المباشرة لتونس.. ترى أنه لا بد من إسناد مساعدات عاجلة وإسناد أولى دفعات القرض لتونس حتى قبل انطلاق تنفيذ "حزمة الإصلاحات الاقتصادية" التي تم على أساسها إبرام الاتفاق الأولي الممضى بين تونس وصندوق النقد الدولي في شهر أكتوبر الماضي.. فيما ترى باريس ومن ورائها المفوضية الأوروبية أن على تونس التوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي لتتمكن الدول الأوروبية من تمويل الميزانية.
هذا على الأقل ما أراد السفير الفرنسي بتونس، اندريه باران، أن يبلغه للرأي العام التونسي والسلطات ليحثها على التوجه غربا والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لتتمكن أوروبا وحلفاؤها من مساعدة تونس.
ولكن لم تكن هذه فقط الرسائل التي أراد السفير الفرنسي إبلاغها خلال لقاء جمعه بعدد من ممثلي الصحف التونسية، حضرته "الصباح"، بل كذلك سعى لإبراز الوصفة الصحية لدعم الاقتصاد التونسي وتمويل العجز الذي تشكو منه الميزانية التونسية.
وأولى هذه الرسائل التي أتت على لسان السفير الفرنسي كانت مختصرة ومقتضبة وتشير الى "أن فرنسا وجلّ الجهات المانحة مستعدة لمساعدة تونس في ظل التزام الدولة التونسية بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية."
وأضاف أن التمويل التكميلي لتونس من قبل الجهات المانحة يظل مرتبطا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لافتا الى أهمية عدم تأجيل الإصلاحات وان كانت صعبة ومعقدة، بما يمكّن الاقتصاد التونسي من الإقلاع من جديد.
وحول اختلاف وجهات النظر بين فرنسا وإيطاليا لمد تونس بالتمويلات، قال السفير الفرنسي ان دعم تونس بالتمويلات المالية لا يحل الإشكال بل انه سيعمّق مسألة التداين الخارجي لتونس، في صورة عدم انخراطها في الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي وعدم تطبيق إجراءات قانون المالية 2023.
وحدد السفير الفرنسي على الأقل إجراءين أساسيين وجب على تونس تطبيقهما وهما الرفع التدريجي للدعم بالنسبة للمحروقات والذي لم يتخذ أي قرار يتعلق به في الربع الأول من هذه السنة وكذلك إعادة هيكلة المؤسسات العمومية، ونشر تنقيح عدد 9 لسنة 1989 والمتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية.
وأكد السفير قائلا "إن الحل الوحيد يمر عبر تطبيق الإصلاحات وإيجاد حلول سليمة على المدى الطويل، سيما وأن الأوضاع الاقتصادية معقدة، والدولة التونسية ستجد صعوبات كبيرة للمحافظة على منظومة الدعم وتسديد كتلة الأجور ومواجهة الدين الخارجي".
وأعرب السفير الفرنسي عن أمله في مواصلة فرنسا والاتحاد الأوروبي مساعدة تونس باعتبار أهمية الشراكة الوثيقة بين الطرفين في عديد المجالات الاقتصادية منها والأكاديمية، قائلا "يجب ان تكون تونس مستقرة ومزدهرة ومن الصعب إقناع المانحين إذا لم يكن هناك التزام واضح بتطبيق الإصلاحات الواجبة".
في سياق متصل، قال السفير الفرنسي اندريه باران أن من مصلحة فرنسا ان تكون بلدان المغرب العربي مستقرة ومزدهرة.
وقال السفير الفرنسي، إن باريس تسعى لان تكون هناك علاقات مزدهرة مع هذه الدول بما فيها تونس.
وفي سؤال لـ"الصباح" حول فرضية أن تقدم روسيا وحلفاؤها الدعم المالي لتونس، بدلا من الاتحاد الأوروبي ومعادلة صندوق النقد الدولي لحل الأزمة الاقتصادية "لا أظن أن روسيا ستساعد وتنقذ تونس من أزمتها الاقتصادية، إذا لم نفعل نحن ذلك، فهل ستفعل روسيا"؟
وأضاف قائلا "نحن نسعى لأن تكون تونس ودول المنطقة مزدهرة اقتصاديا، لأنه تجمعنا معها علاقات تاريخية كبيرة ومصالح مشتركة، وليس من أجل التصدي لروسيا، ليس هذا ما يدفعنا للتحرك".
وحول إذا ما اضطلعت الصين بهذا الدور، تساءل السفير الفرنسي "منذ متى الصين تقدم مساعدات تمويلية للميزانية؟".
وحول الأخبار حول تنظيم الجزائر لمؤتمر لمساعدة تونس وتوفير أموال لميزانيتها، قال السفير "كل المساعدات لمعاضدة تونس هي محل ترحيب".