أخطاء بالجملة تلك التي ميزت الحياة السياسية في الآونة الأخيرة، أخطاء شكلت رئاسة الجمهورية كما المعارضة أبرز أبطالها بعد الغياب المسجل لرئيس الجمهورية لمدة 11 يوما وقبل ظهوره العلني أول أمس الاثنين.
وكشفت الأخطاء المسجلة هشاشة النظام في التعامل مع الأزمات الطارئة بعد أن مارست الصمت في تناولها لملف سعيد الصحي بما فتح بوابات التأويل أمام محترفي الإشاعات ليسطروا واقعا مهزوزا زاد من حجم الارتباك بعد أن تحولت التدوينات والفيديوهات من هنا وهناك الى حصريات خبرية.
أما عن أخطاء المعارضة فلم يكن أداؤها بالشكل المطلوب إذ سقطت في فخ الإشاعات بعد تناولها الملف الصحي الخطير لسعيد على انه حقيقة مطلقة بما دفعها لفتح التأويلات والتساؤلات الدستورية حول موضوع الشغور.
ولم يكن التفكير في مسالة الشغور محور حديث داخل المعارضة فقط بل أيضا محور نقاش أكاديمي افتتحه أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في تدوينة له حيث قال "يسعى من يفكر في الدولة كمؤسسة إلى ضمان استمراريتها من خلال الحرص على تنظيم حالة الشغور من يرى بالمقابل أن الدولة تتجسد في شخصه لا يهمه استمرار الدولة فتكون حالة الشغور من آخر اهتماماته وتحل الفوضى عند الشغور."
وقد انتقلت هشاشة الجميع وارتباكهم في التعامل مع الأزمة الصحية لقيس سعيد الى التونسيين عموما لتُكوِّن حالة من الذعر كانت حكومة نجلاء بودن طرفا مباشرا فيها بعد ان سكتت في وقت كان لزاما عليها حينها التكلم لا التكتم عن الحقيقة.
وتزيد مسؤولية الحكومة مع التصرف غير المسؤول لوزير الصحة يوم الأحد الفارط بعد ردة فعله الغريبة تجاه سؤال الصحفيين والرأي العام في الداخل والخارج وهو ما قدم انطباعا قويا بخطورة الوضع الصحي للرئيس وزاد الوضع سوءا.
إلا أن الظهور المفاجئ لسعيد كما كان غيابه غير المنتظر مدخلا لطرح جملة من النقاشات حول الأولوية المطلقة والملحة لبعث المحكمة الدستورية تجنبا لأي ارتباك في المستقبل وغلق الباب أمام دعوات إقحام الجيش او التخوف من دخوله الحياة السياسية من بوابة الفراغ في السلطة وحتى تحافظ المؤسسة العسكرية عن صورتها تماما كما حصل ابان انتفاضة 17ديسمبر 14 جانفي 2011.
ويبدو واضحا أن الوضع الإكلينيكي للسياسة في تونس بات في حاجة ماسة الى جرعة من الحوار الذي سيعيد بالضرورة صياغة مفهوم التونسيين للديمقراطية والحرية بعيدا عن الأوصياء أو من يعتقد جازما أنه ولي أمر كل التونسيين.
فالديمقراطية التشاركية رغم عيوبها والنقد الموجه إليها تبقى الانجاز الإنساني الأرقى في التعامل مع الشأن العام حيث احترام حق المواطن في التعبير عن رأيه دون الخوف من إخماد صوته وحقه في الوصول الى المعلومة احتراما له كمواطن حقيقي لا كتابع للسلطة وأجهزتها.
وفي هذا السياق قال الناشط السياسي مهدي بن عبد الجواد "أولا الحمد لله على سلامة الرئيس، فظهوره يُخرس الإشاعات ويقضي على المخاوف والشكوك "
واعتبر بن عبد الجواد أن ما حصل من جدل كان" فرصة لطرح قضية دستورية وسياسية تتعلق باستمرارية الدولة في الوضعيات الطارئة، فمسألة الشغور على غاية من الأهمية، عكس ما أراد الرئيس الإيهام به من كونها مسألة تافهة أو دليلا على "تكالب" المعارضة على السلطة. ولذلك فإن تركيز المحكمة الدستوريّة مسألة في غاية الأهمية في منظومة حكم قيس سعيد، وإذا كان السابقون أهملوا تركيزها فإنهم يدفعون اليوم ثمن ذلك".
وختم بالقول "نحن إذ نتمنى موفور الصحة لجميع التونسيين/ات، فإننا نؤكد أن الأيام الماضية كشفت أهمية وجود حياة سياسية تشاركية، وضرورة الحوار السياسي والنقاش الجماعي في المسائل والقضايا الوطنية، كما كشفت أهمية "الديمقراطيّة" بوصفها أفضل منظومات الحكم وأكثرها احتراما للمواطنين وللشعب فالشفافية ونشر المعلومة ووضوح السياسة الاتصالية من أوكد شروط الحوكمة الجيدة."
خليل الحناشي
تونس-الصباح
أخطاء بالجملة تلك التي ميزت الحياة السياسية في الآونة الأخيرة، أخطاء شكلت رئاسة الجمهورية كما المعارضة أبرز أبطالها بعد الغياب المسجل لرئيس الجمهورية لمدة 11 يوما وقبل ظهوره العلني أول أمس الاثنين.
وكشفت الأخطاء المسجلة هشاشة النظام في التعامل مع الأزمات الطارئة بعد أن مارست الصمت في تناولها لملف سعيد الصحي بما فتح بوابات التأويل أمام محترفي الإشاعات ليسطروا واقعا مهزوزا زاد من حجم الارتباك بعد أن تحولت التدوينات والفيديوهات من هنا وهناك الى حصريات خبرية.
أما عن أخطاء المعارضة فلم يكن أداؤها بالشكل المطلوب إذ سقطت في فخ الإشاعات بعد تناولها الملف الصحي الخطير لسعيد على انه حقيقة مطلقة بما دفعها لفتح التأويلات والتساؤلات الدستورية حول موضوع الشغور.
ولم يكن التفكير في مسالة الشغور محور حديث داخل المعارضة فقط بل أيضا محور نقاش أكاديمي افتتحه أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في تدوينة له حيث قال "يسعى من يفكر في الدولة كمؤسسة إلى ضمان استمراريتها من خلال الحرص على تنظيم حالة الشغور من يرى بالمقابل أن الدولة تتجسد في شخصه لا يهمه استمرار الدولة فتكون حالة الشغور من آخر اهتماماته وتحل الفوضى عند الشغور."
وقد انتقلت هشاشة الجميع وارتباكهم في التعامل مع الأزمة الصحية لقيس سعيد الى التونسيين عموما لتُكوِّن حالة من الذعر كانت حكومة نجلاء بودن طرفا مباشرا فيها بعد ان سكتت في وقت كان لزاما عليها حينها التكلم لا التكتم عن الحقيقة.
وتزيد مسؤولية الحكومة مع التصرف غير المسؤول لوزير الصحة يوم الأحد الفارط بعد ردة فعله الغريبة تجاه سؤال الصحفيين والرأي العام في الداخل والخارج وهو ما قدم انطباعا قويا بخطورة الوضع الصحي للرئيس وزاد الوضع سوءا.
إلا أن الظهور المفاجئ لسعيد كما كان غيابه غير المنتظر مدخلا لطرح جملة من النقاشات حول الأولوية المطلقة والملحة لبعث المحكمة الدستورية تجنبا لأي ارتباك في المستقبل وغلق الباب أمام دعوات إقحام الجيش او التخوف من دخوله الحياة السياسية من بوابة الفراغ في السلطة وحتى تحافظ المؤسسة العسكرية عن صورتها تماما كما حصل ابان انتفاضة 17ديسمبر 14 جانفي 2011.
ويبدو واضحا أن الوضع الإكلينيكي للسياسة في تونس بات في حاجة ماسة الى جرعة من الحوار الذي سيعيد بالضرورة صياغة مفهوم التونسيين للديمقراطية والحرية بعيدا عن الأوصياء أو من يعتقد جازما أنه ولي أمر كل التونسيين.
فالديمقراطية التشاركية رغم عيوبها والنقد الموجه إليها تبقى الانجاز الإنساني الأرقى في التعامل مع الشأن العام حيث احترام حق المواطن في التعبير عن رأيه دون الخوف من إخماد صوته وحقه في الوصول الى المعلومة احتراما له كمواطن حقيقي لا كتابع للسلطة وأجهزتها.
وفي هذا السياق قال الناشط السياسي مهدي بن عبد الجواد "أولا الحمد لله على سلامة الرئيس، فظهوره يُخرس الإشاعات ويقضي على المخاوف والشكوك "
واعتبر بن عبد الجواد أن ما حصل من جدل كان" فرصة لطرح قضية دستورية وسياسية تتعلق باستمرارية الدولة في الوضعيات الطارئة، فمسألة الشغور على غاية من الأهمية، عكس ما أراد الرئيس الإيهام به من كونها مسألة تافهة أو دليلا على "تكالب" المعارضة على السلطة. ولذلك فإن تركيز المحكمة الدستوريّة مسألة في غاية الأهمية في منظومة حكم قيس سعيد، وإذا كان السابقون أهملوا تركيزها فإنهم يدفعون اليوم ثمن ذلك".
وختم بالقول "نحن إذ نتمنى موفور الصحة لجميع التونسيين/ات، فإننا نؤكد أن الأيام الماضية كشفت أهمية وجود حياة سياسية تشاركية، وضرورة الحوار السياسي والنقاش الجماعي في المسائل والقضايا الوطنية، كما كشفت أهمية "الديمقراطيّة" بوصفها أفضل منظومات الحكم وأكثرها احتراما للمواطنين وللشعب فالشفافية ونشر المعلومة ووضوح السياسة الاتصالية من أوكد شروط الحوكمة الجيدة."