إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ملفات "الصباح" | مطالبة بتسديد 15.7 مليار دينار: تصاعد ديون تونس.. وارتفاع مخاطر التخلف عن سدادها

 

تونس- الصباح

تستعد تونس خلال السنة الجارية لتسديد 15.7 مليار دينار بين ديون خارجية وداخلية، منها 1.6 مليار دينار لصندوق النقد الدولي، ومبلغ آخر في شهر أوت بقيمة 500 مليون دينار يتعلق بقرض رقاعي بضمان ياباني، بالإضافة إلى 21 مليار دينار خدمة الدين، ما يعرض الميزانية العامة للبلاد التونسية إلى الاستنزاف في فترات حرجة من السنة، ويزداد الأمر صعوبة في حال لم يصدر أي اتفاق بين صندوق النقد الدولي، وتونس، ما يعرقل جهود جمع الأموال المطلوبة للسنة الجارية.

"الصباح" فتحت ملف ديون تونس خلال سنة 2023، وتوجهت إلى خبراء الاقتصاد، والمسؤولين بالدولة، للوقوف حول مجمل الاحتمالات و"السيناريوهات"، التي من الممكن أن تواجهها تونس خلال الفترات القادمة، خاصة في ظل ارتفاع حزمة القروض الواجب تسديدها خلال السنة الجارية، والتي تناهز 24 مليار دينار بين ديون داخلية وخارجية، تضاف إليها خدمة الدين والفوائد.

 

 إعداد : سفيان المهداوي

وحسب البيانات الرسمية، الصادرة عن وزارة المالية، والبنك المركزي، تحتاج تونس إلى مبالغ مالية بقيمة 23.49 مليار دينار أي ما يعادل 7.52 مليار دولار لتغطية عجز الميزانية المقدر 7.49 مليار دينار (2.40 مليار دولار)، والديون التي تحل آجالها سنة 2023 وقيمتها 15.7 مليار دينار (5.03 مليار دولار)، موزعة بين 6.67 مليار دينار (2.13 مليار دولار) ديناً خارجياً، و9.12 مليار دينار (2.92 مليار دولار) ديناً داخلياً، بالإضافة إلى ديون بقيمة 5.3 مليار دينار (1.69 مليار دولار) تتعلق بفوائد الدين.

وتسعى تونس إلى تعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار، أي ما يعادل 4.75 مليار دولار، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار، أي 3.05 مليار دولار، فضلا عن موارد للخزينة العامة بقيمة 902 مليون دينار (289.1 مليون دولار).

ويحذر خبراء اقتصاد من مخاطر كبيرة قد يشهدها الاقتصاد التونسي خلال الأشهر القليلة القادمة إذا لم تحصل البلاد على قرض صندوق النقد خلال العام المالي الجاري، وكان من المفترض أن يعقد مجلس إدارة الصندوق خلال شهر ديسمبر الماضي اجتماعاً لمناقشة برنامج قروض لتونس، غير أن الصندوق سحب الاجتماع من جدول أعماله قبل أيام فقط من الموعد المحدد، وأرجع المسؤولون في الدولة على غرار محافظ البنك المركزي مروان العباسي، إرجاء النظر في طلب تونس إلى منح السلطات التونسية مزيداً من الوقت للانتهاء من برنامج الإصلاح.

وتعوّل تونس على موافقة صندوق النقد الدولي على منحها قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار لإصلاح توازناتها المالية وتمويل ميزانيتها وفتح الآفاق لإبرام اتفاقات مالية مع أطراف مانحة أخرى، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية التي كبدت الدولة خسائر بأكثر من 15 مليار دينار نهاية سنة 2022 والتحكم في كتلة الأجور وغيرها من الإصلاحات الأخرى.

وكان يفترض أن يصدر مجلس إدارة الصندوق قرارا بشأن تونس في اجتماعه الأخير، لكن المجلس قرر في الاجتماع تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدد في وقت تتفاقم فيه الأزمة المالية في البلاد.

وأمام هذه الوضعية الضبابية والغامضة التي يعيشها الاقتصاد التونسي، نزلت المفاجأة المدوية الصادرة عن كافة الخبراء، والتي تفيد بعدم تمكن تونس من مجاراة نفقاتها المالية دون دعم صندوق النقد الدولي، خاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها الاقتصاد العالمي تراجعا فادحا بسبب تداعيات الحرب شرق أوروبا، كما أن محركات الإنتاج الحالية عاجزة عن سد النقص الفادح في ميزانية الدولة لسنة 2022، وتزامن ذلك مع سداد تونس لالتزاماتها الخارجية والتي ارتفعت خلال العام الجاري إلى أكثر من 2 مليار دولار.

 

4.jpg

3.jpg

 قائمة الديون الواجب سدادها طيلة السنة

وحسب المعطيات الرسمية، فان تونس مقدمة خلال سنة 2023، على تسديد ديون مرتفعة وفي فترات متتالية من السنة لعل أبرزها الديون الخارجية، والتي تستدعي توفير مبالغ بالعملة الصعبة أهمها بعملة الدولار واليان الياباني، وفيما يلي قائمة الديون المنتظر سدادها طيلة السنة الجارية.

- جانفي: الجزء الأول من القرض السعودي (الدفعة السنوية المتوقعة 100 مليون دولار)

- فيفري: القسط الأول من القرض من صندوق النقد العربي (إجمالي الدفعة السنوية 96 مليون دولار)، وخط BTCT (1،402 مليون دينار تونسي).

- مارس: جزء من القروض المجمعة بالعملات الأجنبية المتعاقد عليها مع البنوك التونسية (140 مليون أورو).

- أفريل: شريحة ثانية من قرض صندوق النقد العربي، وهي جزء من القروض المجمعة بالعملات الأجنبية المتعاقد عليها مع البنوك التونسية (19 مليون يورو و5 ملايين دولار) ، وخط BTA  (953.1مليون دينار تونسي).

- جوان: الدفعة الثالثة من قرض صندوق النقد العربي، وهي جزء من القروض المجمعة بالعملات الأجنبية لدى البنوك التونسية (86 مليون يورو و43 مليون دولار)، وخط BTA (438.6 مليون دينار) وخطين من البنك التونسي(1،960 مليون دينار).

- جويلية: الجزء الثاني من القرض السعودي وخط BTCT (000،1مليون دينار).

- أوت: شريحة رابعة من القرض من صندوق النقد العربي وشريحة من القرض الصادر بالأسواق العالمية بضمان ياباني (22.4 مليار ين).

- أكتوبر: القسط الخامس من قرض صندوق النقد العربي، وسندات اليورو (500 مليون يورو)، وخط BTA (735.8مليون دينار)، وخطين BTCT (610  مليون دينار).

- نوفمبر : شريحة من ديون صندوق النقد الدولي (178 مليون دولار)، وخط BTA (401.4 مليون دولار أمريكي)، وخط BTCT (700 مليون دولار أمريكي).

- ديسمبر: الدفعة السادسة من قرض صندوق النقد العربي وهو جزء من التسهيلات الممنوحة للحكومة من البنك المركزي التونسي في 2020 (500 مليون دينار) وخط BTA (306.8 مليون دينار) وخط BTCT (700 مليون دينار).

 اقتراض لتسديد الديون

ويُلقي الاتفاق المنتظر بين تونس وصندوق النقد الدولي لتعبئة زهاء 430 مليون دولار خلال 2023، بظلاله على وجهات الاقتراض الأخرى لتونس التي تعول على 9 جهات رسمية وتكتلات إقليمية ودول إلى جانب اقتراض مبالغ من مصادر أخرى.

وتتضمن قائمة مصادر الاقتراض لسنة 2023، بالدولار، كل من صندوق النقد العربي بما يعادل 37 مليون دولار إلى جانب تحصيل 500 مليون دولار البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد واقتراض زهاء 100 مليون دولار من اليابان و300 مليون دولار من الجزائر.

وستقترض تونس، بعملة الأورو، من البنك الدولي 367 مليون أورو ومن البنك الإفريقي للتنمية 100 مليون أورو ومن الاتحاد الأوروبي 300 مليون أورو إلى جانب 210 مليون أورو من الوكالة الفرنسية للتنمية ومثلها، أي 210 مليون أورو، من المانيا.

وتؤكد الحكومة في تقريرها حول قانون المالية لسنة 2023 أنها ستحصل على قروض أخرى في حدود 1.5 مليار دولار، أي ما يقارب 4.7 مليار دينار في ظل خطط لاقتراض 13 مليار دينار .

 ارتفاع الديون إلى مستويات مقلقة

وستفضي عملية الاقتراض إلى ارتفاع حجم الدين العمومي إلى 124.5 مليار دينار مع موفي 2023 وتشكل الديون الخارجية 63.9 بالمائة من إجمالي الدين في حين تستحوذ عملة اليورو على نصف ديون تونس الخارجية.

وأعلنت وكالة التصنيف "فيتش رايتنغ"، في أحدث تقرير لها، عن حاجة تونس إلى 2 مليار دولار لسداد ديونها الخارجية خلال سنة 2023، لافتة إلى أن الاحتياجات التمويلية لتونس سترتفع إلى 16.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الجارية، مدفوعة بالإنفاق الإضافي الكبير لامتصاص صدمة الحرب في أوكرانيا، علما وأنها قامت بسداد ديون خارجية بقيمة 1.4 مليار دولار مع موفى العام الماضي.

ووفقًا لوكالة فيتش، فإن تونس تتفاوض على قرض بحوالي 1.3 مليار دولار من المملكة العربية السعودية وأبو ظبي وبنكAfreximbank ، جنبًا إلى جنب مع القسط الأول من صندوق النقد الدولي، لسد الفجوة التمويلية لعام 2022. وأضافت الوكالة نقلا عن مصادرها، أن تونس بصدد التفاوض على تمويل آخر بقيمة 1.8 مليار دولار، بشكل رئيسي من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى المدفوعات المخططة من صندوق النقد الدولي والدائنين متعددي الأطراف والثنائيين (حوالي 2.4 مليار دولار) - صدر بموافقة صندوق النقد الدولي- وسيغطي تمويل السوق الداخلية احتياجات الميزانية والتمويل الخارجي في عام 2023.

وكانت وكالة فيتش رايتنغ للتصنيف الائتماني، قد أعلنت أن الترفيع في تصنيف تونس طويل الأجل بالعملات الأجنبية (آفاق ايجابية)، يأتي اثر نجاحها في تامين موارد مالية إضافية لميزانية 2023، فضلا عن التزامها بسداد ديونها في آجالها خلال السنة الماضية، مبرزة في تقرير صادر عنها نشرته على موقعها الرسمي أن الترفيع “جاء اثر توصل تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج جديد بقيمة 1.9 مليار دولار لمدة 48 شهرا". وأشار التقرير إلى أن هذه العوامل ستمكن تونس من تعبئة موارد أخرى هامة من مانحين آخرين بما سيمكن من ضبط أوضاع المالية العمومية وتحسينها رغم عدم اليقين بشأن مواصلة الالتزام بالبرنامج.”

قروض من السعودية والإمارات

وبينت الوكالة أن برنامج صندوق النقد الدولي يهدف أساسا إلى معالجة نقاط الضعف الهيكلية الرئيسية في تونس، من خلال تعبئة الموارد والسيطرة على كتلة الأجور في الوظيفة العمومية وإعادة توجيه الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية، متوقعة أن تبلغ احتياجات التمويل الحكومية نسبة 16.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي و16.8٪ على التوالي سنتي 2022 و2023، مدفوعة بالإنفاق الإضافي الكبير لامتصاص تبعات الحرب في أوكرانيا وآجال استحقاق الديون الخارجية والمقدرة بـ1.4 مليار دولار و2.0 مليار دولار على التوالي.

ولفتت الوكالة بان حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي ستحصل عليها تونس من المملكة العربية السعودية وأبو ظبي وبنكAfreximbank ، وهذا التمويل في مرحلة المفاوضات النهائية، وسيمكن مع الدفعة الأولى من صندوق النقد الدولي من سد فجوة التمويل لعام 2022.

 استحقاقات خارجية مضاعفة مع حلول سنة 2024

وحسب ما كشفت عنه وكالة "فيتش" الأمريكية فان تونس تتفاوض على تمويل آخر بقيمة 1.8 مليار دولار أمريكي قالت إن اغلبه من دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدة أن ذلك سيمكن بالإضافة إلى المدفوعات المخططة من صندوق النقد الدولي وديون ثنائية ومتعددة الأطراف وتمويل السوق المحلي من تغطية الميزانية واحتياجات التمويل الخارجي في عام 2023.

واعتبرت أن خطة التمويل تقدم رسالة مطمئنة لقدرة تونس على مواجهة التزامات خدمة الدين الخارجي القادمة، محذرة من أن ضغوط التمويل قد تظهر مجددا، إذا انحرفت تونس عن أهداف برنامج صندوق النقد الدولي أو إذا ظلت أسعار السلع الأساسية أعلى من توقعاتها.

وأبرزت الوكالة أن ذروة استحقاقات الديون الخارجية ستكون في عام 2024، حوالي 2.6 مليار دولار أمريكي، و850 مليون اورو سندات دولية، متوقعة أن ينخفض العجز العام إلى 5.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023 وإلى 3.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2024، مقابل 7.3٪ سنة 2022، كما توقعت الوكالة أن تمكن الإجراءات الجبائية المتخذة من الحفاظ على موارد جبائية في حدود ما بين 25٪ و26٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل معدل 22.5٪ في السنوات الخمس الماضية.

وتعول تونس اليوم، على اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على فترات تمتد على مدى 4 سنوات بمعدل 450 مليون دولار في السنة، في خطوة تهدف إلى الرفع من رصيد تونس من العملة الصعبة خلال سنة 2023، وهي السنة التي ستشهد فيها تونس تسديدها لحزمة من القروض الخارجية، والتي ستزيد في استنزاف رصيد البلاد من العملات الأجنبية، في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات من مختلف الخبراء، إلى استغلال اتفاق صندوق النقد الدولي المبدئي، للحصول على قروض ثنائية من الدول الصديقة لتونس، وأيضا من المؤسسات المالية العالمية، في محاولة تهدف إلى تأمين نسبي لمدخرات البلاد من العملة الصعبة، وأيضا لخلق التوازنات المالية.

ارتفاع الديون بعملة الاورو والدولار

وكانت "فيتش" قد كشفت في تقرير سابق، حول آفاق القطاع المصرفي التونسي على المدى القصير، أن البنوك التونسية ستواجه زيادة حادة في مخاطر التخلف عن سداد الائتمان، كما لاحظت الوكالة حسب التقرير، أن القدرة على إدارة القروض المصرفية في تونس تضعف أكثر مع انتهاء الإجراءات المتخذة لإعادة جدولتها.

وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ويتوقع أن يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021.وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس موفى أوت الماضي 60.2 مليار دينار، في حين ارتفعت قيمة الديون الداخلية للدولة من 37،2 مليار دينار إلى 41 مليار دينار، وحسب ذات المصدر، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ30%، أما البقية فهي قروض ثنائية.

جدير بالذكر، أن معطيات الميزانية لعام 2022، تفيد بأن حجم الدين العمومي للدولة ارتفع مع نهاية 2022 إلى أكثر من 114 مليار دينار مقابل أكثر من 107 مليار دينار مع موفي 2021 ، أي بزيادة تفوق 6 مليار دينار.

ومن المنتظر أن تشهد الديون بعملة الأورو ارتفاعا بقرابة 54.79 بالمائة بعد أن كانت في حدود 21.55 بالمائة عام 2021، بالإضافة إلى ارتفاع الديون بالدولار بعد أن تجاوز 3 دنانير، يليه اليان الياباني بنسبة مستقرة عند 9.35 بالمائة، كما من المنتظر أن يؤدي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار بنسبة 1 بالمائة، إلى زيادة حجم الدين العمومي بنحو 766 مليون دينار أي 0.55 بالمائة من إجمالي الناتج المحلى، وهي زيادات تستنزف الميزانية العامة للبلاد التونسية.

ورغم نجاح تونس حتى الآن في كسر محاولات إخضاعها لشروط المؤسسات المالية المانحة، فإن منسوب المخاوف بشأن صمودها ارتفع في الآونة الأخيرة، والتراجع المدوي للمؤشرات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19، وتداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، دفعت ببعض الخبراء إلى التحذير بضرورة تسريع نسق الإصلاحات، والبحث عن حلول ناجعة لدفع محرك الإنتاج وخلق الثروة.

الجزائر تقود مفاوضات لدعم تونس بأكثر من 3 مليار دولار

وأمام الأزمة المالية المتفاقمة وعدم قدرة تونس على الخروج إلى الأسواق المالية العالمية للاقتراض، تدرس الجزائر، التي قدمت بالفعل 300 مليون دولار كمساعدات لتونس، والتي تزودها بالغاز والنفط مجانًا عمليًا، إمكانية إجراء مبادرة مالية مشتركة مع بعض الدول العربية لدعم تونس في شهر رمضان.

وبحسب صحيفة "الوطن" الجزائرية، قد يُعقد في الأيام القليلة المقبلة "اجتماع للمانحين" بين الجزائر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر لتعبئة ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار بهدف "التخفيف من الابتزاز غير العادل للمؤسسات المالية الدولية، التي علقت المفاوضات مع تونس لأسباب سياسية في الأساس، بحجة رفض الحكومة التونسية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية".

ويعد هذا المؤشر جيدا، في الوقت الراهن، حيث ستمكن هذه المبالغ في حال تحصيلها، من تخفيف عبء نفقات الدولة على المدى القصير، كما يجنب البلاد تضاعف الأزمة المالية التي تعيشها منذ سنوات، والتي يعود جزء منها وفق خبراء الاقتصاد إلى سوء التسيير خلال العشرية الماضية.

 

 الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي لـ"الصباح": الخروج من الأزمة المالية يستدعي التركيز على 4 محاور

الخبير_الاقتصادي_رضا_الشكندالي.png

 

لفت الخبير الاقتصادي والجامعي رضا الشكندالي أمس في إفادته لـ"الصباح"، أن مرور تونس بصندوق النقد الدولي، سيساهم في فتح أبواب التمويلات الخارجية والثنائية، حيث أن مجرد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يمكن تونس من الحصول على العديد من التمويلات في شكل قروض، وهذه احد أهم النقاط التي وجب الحرص عليها خلال الفترة القادمة.

وأشار رضا الشكندالي إلى أن أهمية القرض مع صندوق النقد الدولي، تكمن في أنه المفتاح الذي سيفتح أبواب المساعدات المالية الخارجية، بالإضافة إلى تفعيل القروض الثنائية المجمدة بين تونس وبعض الدول التي تعهدت بمساعدتها للخروج من أزمتها المالية.

وحذر الشكندالي من خطورة الأزمة المالية في تونس، خصوصا مع موفى السنة الجارية، حيث أن تونس مقبلة على سداد قروض بالعملة الصعبة تتعلق بأقساط صندوق النقد الدولي، وقروض ثنائية مع دول، وهذه المبالغ تفوق 400 مليون دينار.

وحول إمكانية التعثر في سداد الديون وما سينجر عن ذلك من تبعات، قال الشكندالي:"لم يسبق لتونس أن تخلفت عن سداد ديونها، لكن إن حصل وتخلفت عن ذلك، وخاصة في إطار الديون الثنائية بين الدول، فإن خيار جدولة الديون يصبح مطروحا، ويقودنا إلى نادي باريس أو نادي لندن".

ونبه الأستاذ الجامعي والخبير في الشأن الاقتصادي، إلى خطورة عجز الدولة عن سداد ديونها في الفترة القادمة، حيث أن ذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى انعدام ثقة المستثمرين، بالإضافة إلى أن سداد بعض الديون، سيكون على حساب نفقات الدولة، والذي من شأنه أن يخلق قلقا كبيرا، وتراجعا في مخزون المواد الأساسية والطاقية، وعدم قدرة الدولة على مجابهة نفقاتها المتنامية.

وبين رضا الشكندالي، أن الخروج من الأزمة الحالية، يستدعي التركيز على 4 محاور هامة، أولها عودة إنتاج الفسفاط إلى نسقه الطبيعي، وتأمين الإنتاج على أن تكون عمليات التأمين والنقل تحت إمرة الجيش التونسي، مع تخصيص 10% من مداخيل الفسفاط للاستثمار في الحوض المنجمي، أما النقطة الثانية فتتعلق بتشجيع تحويلات التونسيين بالخارج وتمتيعهم بامتيازات تحثهم على تحويل مدخراتهم من العملة الصعبة إلى البنوك التونسية، أما المحور الثالث، فيتعلق بتخفيض الضرائب على المؤسسات التونسية المصدرة كليا وتشجيعها على مضاعفة صادراتها. وبالنسبة للمحور الرابع، فيتعلق الأمر بالسوق السوداء التي تنشط في تونس، والعمل على استقطابها إلى المسالك المنظمة عبر امتيازات جبائية محفزة ومنظمة.

 

 المدير العام السابق للسياسة النقدية محمد صالح سويلم لـ"الصباح": بعض الديون الواجب سدادها موفى السنة قد تخلق أزمة سيولة!

محمد-صالح-سويليم-1.jpg

حذر المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، في تصريح لـ"الصباح"، أمس، من خطورة تضاعف ديون تونس خلال 2023، لافتا إلى أن قرابة 5 مليار دينار فائدة أصل الدين، رفع من منسوب الأزمة المالية.

وكشف سويلم أن خدمة الدين مجتمعة بلغت قرابة 21 مليار دينار، وهي تمثل 30% من ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن العبء الحقيقي يتعلق بهذه المبالغ المرتفعة، وباتت تونس في حاجة إلى تمويلات بقيمة 24 مليار دينار خلال السنة الجارية، لافتا إلى أن أصل الدين بلغ 15.6 مليار دينار، زائد 7.6 مليار دينار عجز الميزانية.

وتابع المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي، بالقول:"الأمر المطمئن حاليا، أن تونس نجحت في سداد ديونها طيلة 3 أشهر من العام الجاري، أي أن الدولة التونسية التزمت إلى غاية 31 مارس الماضي بسداد ديونها، إلا أن الفترة الحرجة التي وجب الحذر منها تتعلق بالديون المرتفعة موفى السنة الجارية، وخاصة خلال الأشهر الأخيرة، حيث أن تونس مطالبة بتسديد ديون بالعملة الصعبة، منها الدولار الأمريكي واليان الياباني، والعملة الأوروبية".

وكشف محمد صالح سويلم أن "من المفارقات أن فوائد أصل الدين هي بالعملة المحلية، أي بالدينار التونسي، ويمكن للسلطات التونسية أن تفي بالتزاماتها، إلا انه لو كان أصل الدين بالعملة الصعبة، حينها سنكون أمام مأزق مالي مقلق للغاية".

وحذر سويلم في معرض حديثه، من الفترات الأخيرة من السنة الجارية، حيث أن تونس مقبلة بين شهري أوت وأكتوبر على سداد ديون بالعملة الصعبة منها 22.4 مليار يان ياباني، ومبلغ آخر في شهر أكتوبر بقيمة 500 مليون اورو، ويتزامن ذلك مع محاولات تونس الحفاظ على توازناتها المالية ورصيدها من الاحتياطي الأجنبي من العملة الصعبة، وهذه المواعيد قد تخلق ضغوطا كبيرة في ميزانية الدولة، وتؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي بالبلاد.

وحذر سويلم من انعدام السيولة المالية خلال تلك الفترة، نظرا لحجم المبالغ التي ستقوم تونس بسدادها بالعملة الصعبة أو بالعملة المحلية، مشيرا إلى أن الدولة التونسية في حاجة اليوم إلى توفير السيولة عبر الاقتراض الداخلي في ظل انعدام خروجها إلى الأسواق العالمية، بسبب تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وشدد محمد صالح سويلم على ضرورة أن تعمل الدولة مستقبلا، على سد ثغرات العجز في ميزانيتها من خلال العمل على خلق موارد مالية قارة، حيث إلى الآن مازالت مواردها غير قارة، وأيضا غير واضحة، وجزء واسع منها يعتمد على الضرائب، وهذه الوضعية وجب أن تنتهي.

 

 

ملفات "الصباح" |  مطالبة بتسديد 15.7 مليار دينار:  تصاعد ديون تونس.. وارتفاع مخاطر التخلف عن سدادها

 

تونس- الصباح

تستعد تونس خلال السنة الجارية لتسديد 15.7 مليار دينار بين ديون خارجية وداخلية، منها 1.6 مليار دينار لصندوق النقد الدولي، ومبلغ آخر في شهر أوت بقيمة 500 مليون دينار يتعلق بقرض رقاعي بضمان ياباني، بالإضافة إلى 21 مليار دينار خدمة الدين، ما يعرض الميزانية العامة للبلاد التونسية إلى الاستنزاف في فترات حرجة من السنة، ويزداد الأمر صعوبة في حال لم يصدر أي اتفاق بين صندوق النقد الدولي، وتونس، ما يعرقل جهود جمع الأموال المطلوبة للسنة الجارية.

"الصباح" فتحت ملف ديون تونس خلال سنة 2023، وتوجهت إلى خبراء الاقتصاد، والمسؤولين بالدولة، للوقوف حول مجمل الاحتمالات و"السيناريوهات"، التي من الممكن أن تواجهها تونس خلال الفترات القادمة، خاصة في ظل ارتفاع حزمة القروض الواجب تسديدها خلال السنة الجارية، والتي تناهز 24 مليار دينار بين ديون داخلية وخارجية، تضاف إليها خدمة الدين والفوائد.

 

 إعداد : سفيان المهداوي

وحسب البيانات الرسمية، الصادرة عن وزارة المالية، والبنك المركزي، تحتاج تونس إلى مبالغ مالية بقيمة 23.49 مليار دينار أي ما يعادل 7.52 مليار دولار لتغطية عجز الميزانية المقدر 7.49 مليار دينار (2.40 مليار دولار)، والديون التي تحل آجالها سنة 2023 وقيمتها 15.7 مليار دينار (5.03 مليار دولار)، موزعة بين 6.67 مليار دينار (2.13 مليار دولار) ديناً خارجياً، و9.12 مليار دينار (2.92 مليار دولار) ديناً داخلياً، بالإضافة إلى ديون بقيمة 5.3 مليار دينار (1.69 مليار دولار) تتعلق بفوائد الدين.

وتسعى تونس إلى تعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار، أي ما يعادل 4.75 مليار دولار، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار، أي 3.05 مليار دولار، فضلا عن موارد للخزينة العامة بقيمة 902 مليون دينار (289.1 مليون دولار).

ويحذر خبراء اقتصاد من مخاطر كبيرة قد يشهدها الاقتصاد التونسي خلال الأشهر القليلة القادمة إذا لم تحصل البلاد على قرض صندوق النقد خلال العام المالي الجاري، وكان من المفترض أن يعقد مجلس إدارة الصندوق خلال شهر ديسمبر الماضي اجتماعاً لمناقشة برنامج قروض لتونس، غير أن الصندوق سحب الاجتماع من جدول أعماله قبل أيام فقط من الموعد المحدد، وأرجع المسؤولون في الدولة على غرار محافظ البنك المركزي مروان العباسي، إرجاء النظر في طلب تونس إلى منح السلطات التونسية مزيداً من الوقت للانتهاء من برنامج الإصلاح.

وتعوّل تونس على موافقة صندوق النقد الدولي على منحها قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار لإصلاح توازناتها المالية وتمويل ميزانيتها وفتح الآفاق لإبرام اتفاقات مالية مع أطراف مانحة أخرى، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية التي كبدت الدولة خسائر بأكثر من 15 مليار دينار نهاية سنة 2022 والتحكم في كتلة الأجور وغيرها من الإصلاحات الأخرى.

وكان يفترض أن يصدر مجلس إدارة الصندوق قرارا بشأن تونس في اجتماعه الأخير، لكن المجلس قرر في الاجتماع تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدد في وقت تتفاقم فيه الأزمة المالية في البلاد.

وأمام هذه الوضعية الضبابية والغامضة التي يعيشها الاقتصاد التونسي، نزلت المفاجأة المدوية الصادرة عن كافة الخبراء، والتي تفيد بعدم تمكن تونس من مجاراة نفقاتها المالية دون دعم صندوق النقد الدولي، خاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها الاقتصاد العالمي تراجعا فادحا بسبب تداعيات الحرب شرق أوروبا، كما أن محركات الإنتاج الحالية عاجزة عن سد النقص الفادح في ميزانية الدولة لسنة 2022، وتزامن ذلك مع سداد تونس لالتزاماتها الخارجية والتي ارتفعت خلال العام الجاري إلى أكثر من 2 مليار دولار.

 

4.jpg

3.jpg

 قائمة الديون الواجب سدادها طيلة السنة

وحسب المعطيات الرسمية، فان تونس مقدمة خلال سنة 2023، على تسديد ديون مرتفعة وفي فترات متتالية من السنة لعل أبرزها الديون الخارجية، والتي تستدعي توفير مبالغ بالعملة الصعبة أهمها بعملة الدولار واليان الياباني، وفيما يلي قائمة الديون المنتظر سدادها طيلة السنة الجارية.

- جانفي: الجزء الأول من القرض السعودي (الدفعة السنوية المتوقعة 100 مليون دولار)

- فيفري: القسط الأول من القرض من صندوق النقد العربي (إجمالي الدفعة السنوية 96 مليون دولار)، وخط BTCT (1،402 مليون دينار تونسي).

- مارس: جزء من القروض المجمعة بالعملات الأجنبية المتعاقد عليها مع البنوك التونسية (140 مليون أورو).

- أفريل: شريحة ثانية من قرض صندوق النقد العربي، وهي جزء من القروض المجمعة بالعملات الأجنبية المتعاقد عليها مع البنوك التونسية (19 مليون يورو و5 ملايين دولار) ، وخط BTA  (953.1مليون دينار تونسي).

- جوان: الدفعة الثالثة من قرض صندوق النقد العربي، وهي جزء من القروض المجمعة بالعملات الأجنبية لدى البنوك التونسية (86 مليون يورو و43 مليون دولار)، وخط BTA (438.6 مليون دينار) وخطين من البنك التونسي(1،960 مليون دينار).

- جويلية: الجزء الثاني من القرض السعودي وخط BTCT (000،1مليون دينار).

- أوت: شريحة رابعة من القرض من صندوق النقد العربي وشريحة من القرض الصادر بالأسواق العالمية بضمان ياباني (22.4 مليار ين).

- أكتوبر: القسط الخامس من قرض صندوق النقد العربي، وسندات اليورو (500 مليون يورو)، وخط BTA (735.8مليون دينار)، وخطين BTCT (610  مليون دينار).

- نوفمبر : شريحة من ديون صندوق النقد الدولي (178 مليون دولار)، وخط BTA (401.4 مليون دولار أمريكي)، وخط BTCT (700 مليون دولار أمريكي).

- ديسمبر: الدفعة السادسة من قرض صندوق النقد العربي وهو جزء من التسهيلات الممنوحة للحكومة من البنك المركزي التونسي في 2020 (500 مليون دينار) وخط BTA (306.8 مليون دينار) وخط BTCT (700 مليون دينار).

 اقتراض لتسديد الديون

ويُلقي الاتفاق المنتظر بين تونس وصندوق النقد الدولي لتعبئة زهاء 430 مليون دولار خلال 2023، بظلاله على وجهات الاقتراض الأخرى لتونس التي تعول على 9 جهات رسمية وتكتلات إقليمية ودول إلى جانب اقتراض مبالغ من مصادر أخرى.

وتتضمن قائمة مصادر الاقتراض لسنة 2023، بالدولار، كل من صندوق النقد العربي بما يعادل 37 مليون دولار إلى جانب تحصيل 500 مليون دولار البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد واقتراض زهاء 100 مليون دولار من اليابان و300 مليون دولار من الجزائر.

وستقترض تونس، بعملة الأورو، من البنك الدولي 367 مليون أورو ومن البنك الإفريقي للتنمية 100 مليون أورو ومن الاتحاد الأوروبي 300 مليون أورو إلى جانب 210 مليون أورو من الوكالة الفرنسية للتنمية ومثلها، أي 210 مليون أورو، من المانيا.

وتؤكد الحكومة في تقريرها حول قانون المالية لسنة 2023 أنها ستحصل على قروض أخرى في حدود 1.5 مليار دولار، أي ما يقارب 4.7 مليار دينار في ظل خطط لاقتراض 13 مليار دينار .

 ارتفاع الديون إلى مستويات مقلقة

وستفضي عملية الاقتراض إلى ارتفاع حجم الدين العمومي إلى 124.5 مليار دينار مع موفي 2023 وتشكل الديون الخارجية 63.9 بالمائة من إجمالي الدين في حين تستحوذ عملة اليورو على نصف ديون تونس الخارجية.

وأعلنت وكالة التصنيف "فيتش رايتنغ"، في أحدث تقرير لها، عن حاجة تونس إلى 2 مليار دولار لسداد ديونها الخارجية خلال سنة 2023، لافتة إلى أن الاحتياجات التمويلية لتونس سترتفع إلى 16.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الجارية، مدفوعة بالإنفاق الإضافي الكبير لامتصاص صدمة الحرب في أوكرانيا، علما وأنها قامت بسداد ديون خارجية بقيمة 1.4 مليار دولار مع موفى العام الماضي.

ووفقًا لوكالة فيتش، فإن تونس تتفاوض على قرض بحوالي 1.3 مليار دولار من المملكة العربية السعودية وأبو ظبي وبنكAfreximbank ، جنبًا إلى جنب مع القسط الأول من صندوق النقد الدولي، لسد الفجوة التمويلية لعام 2022. وأضافت الوكالة نقلا عن مصادرها، أن تونس بصدد التفاوض على تمويل آخر بقيمة 1.8 مليار دولار، بشكل رئيسي من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى المدفوعات المخططة من صندوق النقد الدولي والدائنين متعددي الأطراف والثنائيين (حوالي 2.4 مليار دولار) - صدر بموافقة صندوق النقد الدولي- وسيغطي تمويل السوق الداخلية احتياجات الميزانية والتمويل الخارجي في عام 2023.

وكانت وكالة فيتش رايتنغ للتصنيف الائتماني، قد أعلنت أن الترفيع في تصنيف تونس طويل الأجل بالعملات الأجنبية (آفاق ايجابية)، يأتي اثر نجاحها في تامين موارد مالية إضافية لميزانية 2023، فضلا عن التزامها بسداد ديونها في آجالها خلال السنة الماضية، مبرزة في تقرير صادر عنها نشرته على موقعها الرسمي أن الترفيع “جاء اثر توصل تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج جديد بقيمة 1.9 مليار دولار لمدة 48 شهرا". وأشار التقرير إلى أن هذه العوامل ستمكن تونس من تعبئة موارد أخرى هامة من مانحين آخرين بما سيمكن من ضبط أوضاع المالية العمومية وتحسينها رغم عدم اليقين بشأن مواصلة الالتزام بالبرنامج.”

قروض من السعودية والإمارات

وبينت الوكالة أن برنامج صندوق النقد الدولي يهدف أساسا إلى معالجة نقاط الضعف الهيكلية الرئيسية في تونس، من خلال تعبئة الموارد والسيطرة على كتلة الأجور في الوظيفة العمومية وإعادة توجيه الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية، متوقعة أن تبلغ احتياجات التمويل الحكومية نسبة 16.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي و16.8٪ على التوالي سنتي 2022 و2023، مدفوعة بالإنفاق الإضافي الكبير لامتصاص تبعات الحرب في أوكرانيا وآجال استحقاق الديون الخارجية والمقدرة بـ1.4 مليار دولار و2.0 مليار دولار على التوالي.

ولفتت الوكالة بان حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي ستحصل عليها تونس من المملكة العربية السعودية وأبو ظبي وبنكAfreximbank ، وهذا التمويل في مرحلة المفاوضات النهائية، وسيمكن مع الدفعة الأولى من صندوق النقد الدولي من سد فجوة التمويل لعام 2022.

 استحقاقات خارجية مضاعفة مع حلول سنة 2024

وحسب ما كشفت عنه وكالة "فيتش" الأمريكية فان تونس تتفاوض على تمويل آخر بقيمة 1.8 مليار دولار أمريكي قالت إن اغلبه من دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدة أن ذلك سيمكن بالإضافة إلى المدفوعات المخططة من صندوق النقد الدولي وديون ثنائية ومتعددة الأطراف وتمويل السوق المحلي من تغطية الميزانية واحتياجات التمويل الخارجي في عام 2023.

واعتبرت أن خطة التمويل تقدم رسالة مطمئنة لقدرة تونس على مواجهة التزامات خدمة الدين الخارجي القادمة، محذرة من أن ضغوط التمويل قد تظهر مجددا، إذا انحرفت تونس عن أهداف برنامج صندوق النقد الدولي أو إذا ظلت أسعار السلع الأساسية أعلى من توقعاتها.

وأبرزت الوكالة أن ذروة استحقاقات الديون الخارجية ستكون في عام 2024، حوالي 2.6 مليار دولار أمريكي، و850 مليون اورو سندات دولية، متوقعة أن ينخفض العجز العام إلى 5.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023 وإلى 3.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2024، مقابل 7.3٪ سنة 2022، كما توقعت الوكالة أن تمكن الإجراءات الجبائية المتخذة من الحفاظ على موارد جبائية في حدود ما بين 25٪ و26٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل معدل 22.5٪ في السنوات الخمس الماضية.

وتعول تونس اليوم، على اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على فترات تمتد على مدى 4 سنوات بمعدل 450 مليون دولار في السنة، في خطوة تهدف إلى الرفع من رصيد تونس من العملة الصعبة خلال سنة 2023، وهي السنة التي ستشهد فيها تونس تسديدها لحزمة من القروض الخارجية، والتي ستزيد في استنزاف رصيد البلاد من العملات الأجنبية، في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات من مختلف الخبراء، إلى استغلال اتفاق صندوق النقد الدولي المبدئي، للحصول على قروض ثنائية من الدول الصديقة لتونس، وأيضا من المؤسسات المالية العالمية، في محاولة تهدف إلى تأمين نسبي لمدخرات البلاد من العملة الصعبة، وأيضا لخلق التوازنات المالية.

ارتفاع الديون بعملة الاورو والدولار

وكانت "فيتش" قد كشفت في تقرير سابق، حول آفاق القطاع المصرفي التونسي على المدى القصير، أن البنوك التونسية ستواجه زيادة حادة في مخاطر التخلف عن سداد الائتمان، كما لاحظت الوكالة حسب التقرير، أن القدرة على إدارة القروض المصرفية في تونس تضعف أكثر مع انتهاء الإجراءات المتخذة لإعادة جدولتها.

وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ويتوقع أن يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021.وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس موفى أوت الماضي 60.2 مليار دينار، في حين ارتفعت قيمة الديون الداخلية للدولة من 37،2 مليار دينار إلى 41 مليار دينار، وحسب ذات المصدر، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ30%، أما البقية فهي قروض ثنائية.

جدير بالذكر، أن معطيات الميزانية لعام 2022، تفيد بأن حجم الدين العمومي للدولة ارتفع مع نهاية 2022 إلى أكثر من 114 مليار دينار مقابل أكثر من 107 مليار دينار مع موفي 2021 ، أي بزيادة تفوق 6 مليار دينار.

ومن المنتظر أن تشهد الديون بعملة الأورو ارتفاعا بقرابة 54.79 بالمائة بعد أن كانت في حدود 21.55 بالمائة عام 2021، بالإضافة إلى ارتفاع الديون بالدولار بعد أن تجاوز 3 دنانير، يليه اليان الياباني بنسبة مستقرة عند 9.35 بالمائة، كما من المنتظر أن يؤدي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار بنسبة 1 بالمائة، إلى زيادة حجم الدين العمومي بنحو 766 مليون دينار أي 0.55 بالمائة من إجمالي الناتج المحلى، وهي زيادات تستنزف الميزانية العامة للبلاد التونسية.

ورغم نجاح تونس حتى الآن في كسر محاولات إخضاعها لشروط المؤسسات المالية المانحة، فإن منسوب المخاوف بشأن صمودها ارتفع في الآونة الأخيرة، والتراجع المدوي للمؤشرات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19، وتداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، دفعت ببعض الخبراء إلى التحذير بضرورة تسريع نسق الإصلاحات، والبحث عن حلول ناجعة لدفع محرك الإنتاج وخلق الثروة.

الجزائر تقود مفاوضات لدعم تونس بأكثر من 3 مليار دولار

وأمام الأزمة المالية المتفاقمة وعدم قدرة تونس على الخروج إلى الأسواق المالية العالمية للاقتراض، تدرس الجزائر، التي قدمت بالفعل 300 مليون دولار كمساعدات لتونس، والتي تزودها بالغاز والنفط مجانًا عمليًا، إمكانية إجراء مبادرة مالية مشتركة مع بعض الدول العربية لدعم تونس في شهر رمضان.

وبحسب صحيفة "الوطن" الجزائرية، قد يُعقد في الأيام القليلة المقبلة "اجتماع للمانحين" بين الجزائر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر لتعبئة ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار بهدف "التخفيف من الابتزاز غير العادل للمؤسسات المالية الدولية، التي علقت المفاوضات مع تونس لأسباب سياسية في الأساس، بحجة رفض الحكومة التونسية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية".

ويعد هذا المؤشر جيدا، في الوقت الراهن، حيث ستمكن هذه المبالغ في حال تحصيلها، من تخفيف عبء نفقات الدولة على المدى القصير، كما يجنب البلاد تضاعف الأزمة المالية التي تعيشها منذ سنوات، والتي يعود جزء منها وفق خبراء الاقتصاد إلى سوء التسيير خلال العشرية الماضية.

 

 الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي لـ"الصباح": الخروج من الأزمة المالية يستدعي التركيز على 4 محاور

الخبير_الاقتصادي_رضا_الشكندالي.png

 

لفت الخبير الاقتصادي والجامعي رضا الشكندالي أمس في إفادته لـ"الصباح"، أن مرور تونس بصندوق النقد الدولي، سيساهم في فتح أبواب التمويلات الخارجية والثنائية، حيث أن مجرد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يمكن تونس من الحصول على العديد من التمويلات في شكل قروض، وهذه احد أهم النقاط التي وجب الحرص عليها خلال الفترة القادمة.

وأشار رضا الشكندالي إلى أن أهمية القرض مع صندوق النقد الدولي، تكمن في أنه المفتاح الذي سيفتح أبواب المساعدات المالية الخارجية، بالإضافة إلى تفعيل القروض الثنائية المجمدة بين تونس وبعض الدول التي تعهدت بمساعدتها للخروج من أزمتها المالية.

وحذر الشكندالي من خطورة الأزمة المالية في تونس، خصوصا مع موفى السنة الجارية، حيث أن تونس مقبلة على سداد قروض بالعملة الصعبة تتعلق بأقساط صندوق النقد الدولي، وقروض ثنائية مع دول، وهذه المبالغ تفوق 400 مليون دينار.

وحول إمكانية التعثر في سداد الديون وما سينجر عن ذلك من تبعات، قال الشكندالي:"لم يسبق لتونس أن تخلفت عن سداد ديونها، لكن إن حصل وتخلفت عن ذلك، وخاصة في إطار الديون الثنائية بين الدول، فإن خيار جدولة الديون يصبح مطروحا، ويقودنا إلى نادي باريس أو نادي لندن".

ونبه الأستاذ الجامعي والخبير في الشأن الاقتصادي، إلى خطورة عجز الدولة عن سداد ديونها في الفترة القادمة، حيث أن ذلك يؤدي في نهاية المطاف إلى انعدام ثقة المستثمرين، بالإضافة إلى أن سداد بعض الديون، سيكون على حساب نفقات الدولة، والذي من شأنه أن يخلق قلقا كبيرا، وتراجعا في مخزون المواد الأساسية والطاقية، وعدم قدرة الدولة على مجابهة نفقاتها المتنامية.

وبين رضا الشكندالي، أن الخروج من الأزمة الحالية، يستدعي التركيز على 4 محاور هامة، أولها عودة إنتاج الفسفاط إلى نسقه الطبيعي، وتأمين الإنتاج على أن تكون عمليات التأمين والنقل تحت إمرة الجيش التونسي، مع تخصيص 10% من مداخيل الفسفاط للاستثمار في الحوض المنجمي، أما النقطة الثانية فتتعلق بتشجيع تحويلات التونسيين بالخارج وتمتيعهم بامتيازات تحثهم على تحويل مدخراتهم من العملة الصعبة إلى البنوك التونسية، أما المحور الثالث، فيتعلق بتخفيض الضرائب على المؤسسات التونسية المصدرة كليا وتشجيعها على مضاعفة صادراتها. وبالنسبة للمحور الرابع، فيتعلق الأمر بالسوق السوداء التي تنشط في تونس، والعمل على استقطابها إلى المسالك المنظمة عبر امتيازات جبائية محفزة ومنظمة.

 

 المدير العام السابق للسياسة النقدية محمد صالح سويلم لـ"الصباح": بعض الديون الواجب سدادها موفى السنة قد تخلق أزمة سيولة!

محمد-صالح-سويليم-1.jpg

حذر المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، في تصريح لـ"الصباح"، أمس، من خطورة تضاعف ديون تونس خلال 2023، لافتا إلى أن قرابة 5 مليار دينار فائدة أصل الدين، رفع من منسوب الأزمة المالية.

وكشف سويلم أن خدمة الدين مجتمعة بلغت قرابة 21 مليار دينار، وهي تمثل 30% من ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن العبء الحقيقي يتعلق بهذه المبالغ المرتفعة، وباتت تونس في حاجة إلى تمويلات بقيمة 24 مليار دينار خلال السنة الجارية، لافتا إلى أن أصل الدين بلغ 15.6 مليار دينار، زائد 7.6 مليار دينار عجز الميزانية.

وتابع المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي، بالقول:"الأمر المطمئن حاليا، أن تونس نجحت في سداد ديونها طيلة 3 أشهر من العام الجاري، أي أن الدولة التونسية التزمت إلى غاية 31 مارس الماضي بسداد ديونها، إلا أن الفترة الحرجة التي وجب الحذر منها تتعلق بالديون المرتفعة موفى السنة الجارية، وخاصة خلال الأشهر الأخيرة، حيث أن تونس مطالبة بتسديد ديون بالعملة الصعبة، منها الدولار الأمريكي واليان الياباني، والعملة الأوروبية".

وكشف محمد صالح سويلم أن "من المفارقات أن فوائد أصل الدين هي بالعملة المحلية، أي بالدينار التونسي، ويمكن للسلطات التونسية أن تفي بالتزاماتها، إلا انه لو كان أصل الدين بالعملة الصعبة، حينها سنكون أمام مأزق مالي مقلق للغاية".

وحذر سويلم في معرض حديثه، من الفترات الأخيرة من السنة الجارية، حيث أن تونس مقبلة بين شهري أوت وأكتوبر على سداد ديون بالعملة الصعبة منها 22.4 مليار يان ياباني، ومبلغ آخر في شهر أكتوبر بقيمة 500 مليون اورو، ويتزامن ذلك مع محاولات تونس الحفاظ على توازناتها المالية ورصيدها من الاحتياطي الأجنبي من العملة الصعبة، وهذه المواعيد قد تخلق ضغوطا كبيرة في ميزانية الدولة، وتؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي بالبلاد.

وحذر سويلم من انعدام السيولة المالية خلال تلك الفترة، نظرا لحجم المبالغ التي ستقوم تونس بسدادها بالعملة الصعبة أو بالعملة المحلية، مشيرا إلى أن الدولة التونسية في حاجة اليوم إلى توفير السيولة عبر الاقتراض الداخلي في ظل انعدام خروجها إلى الأسواق العالمية، بسبب تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وشدد محمد صالح سويلم على ضرورة أن تعمل الدولة مستقبلا، على سد ثغرات العجز في ميزانيتها من خلال العمل على خلق موارد مالية قارة، حيث إلى الآن مازالت مواردها غير قارة، وأيضا غير واضحة، وجزء واسع منها يعتمد على الضرائب، وهذه الوضعية وجب أن تنتهي.