في ظلّ الأزمة الاقتصادية العالمية الغير معلنة والتوزانات الامنية الجديدة بفعل الحرب الروسية الاوكرانية وقبلها سنتين كورونا والتي أثرت بدرجات متفاوتة في عديد الدول برز ملف الهجرة السرية كأحد أكبر القضايا الحارقة حيث أعلنت دول الاستقبال (أورباّ على وجه الخصوص) الاستنفار العام في الوقت الذي فيه لوحظ فيه تراخيا من دول الانطلاق ودول العبور(دول شمال افريقيا وغرب الصحراء) في التصدّي لهذه الظاهرة ليتحوّل بذلك هذا الملف من ملف اجتماعي يحرّك جحافل المهاجرين السريين الى ملف سياسي واقتصادي بيد الحكومات تقايض به وتستعمله ضمن سياسة العصا والجزرة .
تونس ليست بمنأى عن كلّ هذا بل هي ببعدها الجغرافي وسياستها الجديدة تجد نفسها في قلب الأحداث والمفاوضات ولاعبا اقليميّا أساسيّا في هذا الملف.ومن المفروض أن يتمّ استغلال ذلك جيّدا أسوة بتجارب دول أخرى في التعامل مع ملايين المهاجرين واللاجئين .ولعلّ التجربة التركية واليونانية تعدّ من أهم التجارب في هذا المجال حيث استفادت هاتان الدولتان واستعملت هذه الورقة للتفاوض مع الدول مقصد المهاجرين السريين وكذلك للتفاوض مع كبرى المنظمات الدولية التي تعنى بالإغاثة والاعاشة للمهاجرين واللاجئين .
التجربة التركية
يعتبر الاتحاد الأوروبي تركيا بلداً آمناً للمهاجرين وهي من أكبر البلدان احتضانا للمهاجرين السريين واللاجئين الذين هم بانتظار الفرصة المناسبة للتوجّه الى أوروبا. حيث تشير الاحصائيات الى وجود أكثر من 5ملايين شخص أغلبهم من السوريين والعراقيين في تركيا وأضيفت لهم أعداد كبيرة أخرى في السنتين الأخيرتين من دول شمال افريقيا كتونس والجزائر والمغرب مستغلين سياسة البلد المفتوحة أمام المهاجرين.
ورغم امضاء أنقرة لاتفاقية الحد من الهجرة السرية مع الاتحاد الأوروبي في مارس 2016،الاّ أنّ الرئيس التركي ما فتأ يستعمل هذا الملف لـ"إخافة" الاتحاد الأوروبي والاستفادة القصوى منه. وهو ما يؤكّده الصحفي التركي اللاجئ إلى اليونان راغب دوران الذي يقول "يعلم أردوغان جيدا كيف يلعب بخوف أوروبا من المهاجرين. لقد أعلن ذلك أكثر من مرة مردّدا عليكم إعطائي المال، وإلا سأفتح الحدود على مصراعيها للمهاجرين وسأتركهم يعبرون إلى اليونان. بالنسبة له المهاجرون لا يعنون شيئا، هو يستغلهم لمصلحته العدوانية".
وفعلا فتركيا تجني مليارات الدولارات من وراء ملف اللاجئين وقد تحصّلت مثلا على في سنة 2020 من الاتحاد الأوروبي فقط على مساعدة بقيمة ستة مليارات يورو مقابل موافقتها على أن تعيد إلى أراضيها كل المهاجرين الجدد الذين يصلون إلى الجزر اليونانية بمن فيهم طالبو اللجوء كالسوريين الفارين من الحرب في بلادهم.
تونس والدبلوماسية الناعمة
بات واضحا أن الأوربيين بدؤوا متأخرا يستشعرون أن تونس تعدّ شريان مهمّا في مقاربة مقاومة الهجرة السريّة لايقلّ أهمية عن الشريان المغربي الإسباني والذي تدفع بمقتضاه ما لايقل عن 500 مليون يورو وهو المبلغ الأخير الذي تلقته الرباط ويمتدّ على الفترة 2021 – 2027، وهو أعلى بنسبة 50 في المئة تقريبا من التمويل السابق البالغ 343 مليونا.
ومقابل هذا الاستشعار الاوروبي المتأخّر لم تكن السلطات التونسية منذ 2011 تولي هذا الملف الاهمية المطلوبة واقتصر التعامل معه على الجانب الامني فقط دون تنسيق واضح مع الجانب الاوروبي ودون استفادة تذكر ما انهك الاقتصاد والامن واصاب المجتمع بالخلل.
لكن المعادلة اليوم تتغيّر بسرعة قياسية والتقارب التونسي الأوروبي يترجم التصريحات المتتالية لكبار المسؤولين الأوربيين الذين دعوا الى ضرورة مساعدة تونس ماليا لتلعب دور جدار الصدّ للمهاجرين نحو أوروبا بالتوازي مع الضغط على السلطات الايطالية بالكف عن اغراق باقي أوروبا بالمهاجرين من خلال اسناد تصاريح الخروج السريع من البلاد .
هذه التصريحات كانت واضحة وربطت بين "انقاذ" البلد اقتصاديا وبين ضرورة تكثيف تونس من دورها الأمني لمنع الاف المهاجرين من تونس ومن دول جنوب الصحراء الوصول الى أوروبا اذ دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطرة من أجل تخفيف "ضغط الهجرة".
وهو رأي يتبناه الاتحاد الأوروبي الذي أدرك أن تفاقم الوضع الاقتصادي بتونس ينتج عنه ضرورة تدفقا خطيرا للمهاجرين حيث أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل بالقول أنه "إذا انهارت تونس، فإنّ ذلك يهدّد بتدفّق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبّب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. نريد تجنّب هذا الوضع".
أمّا السلطات التونسية فيبدو تعاملها هذه المرة مع ملف المهاجرين السريين ومفاوضاتها مع أوروبا بشأنه مختلفا ويحمل البعض من أسس الديبلوماسية الناعمة والتي نعتقد أنها ستتطور في قادم الأشهر لتصبح سمة الديبلوماسية التونسية ("الدبلوماسية الناعمة".. مفهوم بات يمثل أحد أهم الأوجه التي تتبناها الدول في السنوات الأخيرة، في إدارة علاقتها مع محيطيها الإقليمي والدولي، وهو ما يعكس إدراكا عميقا بأهمية خلق أبعاد جديدة، في العلاقة مع الدول الأخرى بعيدا عن العلاقات التقليدية القائمة على القوة المادية فقط) وأهمّها الرسالة التي الضمنية التي توجهت بها للأوربيين ومفادها أنّ تونس ليست مضطرة للعب دور شرطي دون مرتّب يحرس المياه الأوروبية ويمنع تدفق اللاجئين إلّا لدواع إنسانية وتلافيا لحوادث غرق يروح ضحيتها مهاجرون حالمون بالوصول إلى الشواطئ الايطالية.
وقد التقط الأوربيون الرسالة و فهمومها جيّدا وجاءت الاجابة سريعة من كبارالمسؤولين في إيطاليا وفرنسا والذين دعوا كما قلنا إلى تحرك أوروبي جماعي من أجل تحقيق استجابة سريعة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومن صندوق النقد الدولي وتقديم الدعم اللازم لتونس، محذرين بمبالغة من انهيار مالي، ومن تدفقات قياسية للمهاجرين القادمين عبر سواحلها هذا العام.
كما أن الحضور الصيني والروسي والتسلل الإيراني إلى القارة الافريقية ومع الميل الجزائري الواضح لهذا الحلف الجديد ذكّر الاوربيين بواجبهم تجاه تونس التي تخلوا عنها في أزمتها والبداية يدركون أنه يجب أن تكون باستعادة البلاد لانتعاشها الاقتصادي وضمان عدم عودة الاسلاميين للحكم الذين أغرقت ايطاليا في عهدهم بعدد قياسي من المهاجرين السريين.
الموقف الرسمي الوحيد الى حد الان من الجانب التونسي وذلك ردّا على هذه التصريحات المتتالية لقادة أوروبيين والتي حذّروا فيها من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمخاطر المحتملة على أوروبا تمثّل في بيان لوزارة الخارجية يوم الإثنين 27 مارس 2023 دعت فيه الاتّحاد الأوروبي إلى تفهّم خصوصية ودقّة المرحلة التي تمرّ بها البلاد واعتماد خطاب مسؤول وبنّاء يعكس حقيقة الواقع ويثمّن ما تمّ تحقيقه في إطار السعي إلى إرساء ديموقراطية حقيقية".مضيفا أن تونس تعوّل على إمكانياتها الذاتية وعلى الدعم الاقتصادي والمالي لشركائها، بما فيهم الاتّحاد الأوروبي، لإنجاح مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
والمحصّلة وبقطع النظر عن المعلن من المخفي في علاقة تونس بالاتحاد الأوربي فيما يخص ملف الهجرة السرية ومقايضتها بالمساعدات المالية فانّه لا عيب في أن تستفيد البلاد من هذا الملف كما تستفيد دول أخرى .ومن الضروري التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية في إطار مسؤولية متقاسمة وشراكة محددة بوضوح مع إيطاليا وأوروبا على حد السواء وعدم الاكتفاء بالحلول الأمنية التي أرهقت البلاد واستنزفت الطاقات البشرية والاقتصادية وهو أمر لم يعد مقبولا في تونس وهذا ما تعيه أوروبا التي تريد تحصين حديقتها الخلفية بتحصين تونس من شبح الانهيار الاقتصادي ولو أن التونسيون وحدهم قادرون على انقاذ بلادهم متى تم حسن ادارة الملفات الحارقة والمصيرية.
بقلم:د.ريم بالخذيري
في ظلّ الأزمة الاقتصادية العالمية الغير معلنة والتوزانات الامنية الجديدة بفعل الحرب الروسية الاوكرانية وقبلها سنتين كورونا والتي أثرت بدرجات متفاوتة في عديد الدول برز ملف الهجرة السرية كأحد أكبر القضايا الحارقة حيث أعلنت دول الاستقبال (أورباّ على وجه الخصوص) الاستنفار العام في الوقت الذي فيه لوحظ فيه تراخيا من دول الانطلاق ودول العبور(دول شمال افريقيا وغرب الصحراء) في التصدّي لهذه الظاهرة ليتحوّل بذلك هذا الملف من ملف اجتماعي يحرّك جحافل المهاجرين السريين الى ملف سياسي واقتصادي بيد الحكومات تقايض به وتستعمله ضمن سياسة العصا والجزرة .
تونس ليست بمنأى عن كلّ هذا بل هي ببعدها الجغرافي وسياستها الجديدة تجد نفسها في قلب الأحداث والمفاوضات ولاعبا اقليميّا أساسيّا في هذا الملف.ومن المفروض أن يتمّ استغلال ذلك جيّدا أسوة بتجارب دول أخرى في التعامل مع ملايين المهاجرين واللاجئين .ولعلّ التجربة التركية واليونانية تعدّ من أهم التجارب في هذا المجال حيث استفادت هاتان الدولتان واستعملت هذه الورقة للتفاوض مع الدول مقصد المهاجرين السريين وكذلك للتفاوض مع كبرى المنظمات الدولية التي تعنى بالإغاثة والاعاشة للمهاجرين واللاجئين .
التجربة التركية
يعتبر الاتحاد الأوروبي تركيا بلداً آمناً للمهاجرين وهي من أكبر البلدان احتضانا للمهاجرين السريين واللاجئين الذين هم بانتظار الفرصة المناسبة للتوجّه الى أوروبا. حيث تشير الاحصائيات الى وجود أكثر من 5ملايين شخص أغلبهم من السوريين والعراقيين في تركيا وأضيفت لهم أعداد كبيرة أخرى في السنتين الأخيرتين من دول شمال افريقيا كتونس والجزائر والمغرب مستغلين سياسة البلد المفتوحة أمام المهاجرين.
ورغم امضاء أنقرة لاتفاقية الحد من الهجرة السرية مع الاتحاد الأوروبي في مارس 2016،الاّ أنّ الرئيس التركي ما فتأ يستعمل هذا الملف لـ"إخافة" الاتحاد الأوروبي والاستفادة القصوى منه. وهو ما يؤكّده الصحفي التركي اللاجئ إلى اليونان راغب دوران الذي يقول "يعلم أردوغان جيدا كيف يلعب بخوف أوروبا من المهاجرين. لقد أعلن ذلك أكثر من مرة مردّدا عليكم إعطائي المال، وإلا سأفتح الحدود على مصراعيها للمهاجرين وسأتركهم يعبرون إلى اليونان. بالنسبة له المهاجرون لا يعنون شيئا، هو يستغلهم لمصلحته العدوانية".
وفعلا فتركيا تجني مليارات الدولارات من وراء ملف اللاجئين وقد تحصّلت مثلا على في سنة 2020 من الاتحاد الأوروبي فقط على مساعدة بقيمة ستة مليارات يورو مقابل موافقتها على أن تعيد إلى أراضيها كل المهاجرين الجدد الذين يصلون إلى الجزر اليونانية بمن فيهم طالبو اللجوء كالسوريين الفارين من الحرب في بلادهم.
تونس والدبلوماسية الناعمة
بات واضحا أن الأوربيين بدؤوا متأخرا يستشعرون أن تونس تعدّ شريان مهمّا في مقاربة مقاومة الهجرة السريّة لايقلّ أهمية عن الشريان المغربي الإسباني والذي تدفع بمقتضاه ما لايقل عن 500 مليون يورو وهو المبلغ الأخير الذي تلقته الرباط ويمتدّ على الفترة 2021 – 2027، وهو أعلى بنسبة 50 في المئة تقريبا من التمويل السابق البالغ 343 مليونا.
ومقابل هذا الاستشعار الاوروبي المتأخّر لم تكن السلطات التونسية منذ 2011 تولي هذا الملف الاهمية المطلوبة واقتصر التعامل معه على الجانب الامني فقط دون تنسيق واضح مع الجانب الاوروبي ودون استفادة تذكر ما انهك الاقتصاد والامن واصاب المجتمع بالخلل.
لكن المعادلة اليوم تتغيّر بسرعة قياسية والتقارب التونسي الأوروبي يترجم التصريحات المتتالية لكبار المسؤولين الأوربيين الذين دعوا الى ضرورة مساعدة تونس ماليا لتلعب دور جدار الصدّ للمهاجرين نحو أوروبا بالتوازي مع الضغط على السلطات الايطالية بالكف عن اغراق باقي أوروبا بالمهاجرين من خلال اسناد تصاريح الخروج السريع من البلاد .
هذه التصريحات كانت واضحة وربطت بين "انقاذ" البلد اقتصاديا وبين ضرورة تكثيف تونس من دورها الأمني لمنع الاف المهاجرين من تونس ومن دول جنوب الصحراء الوصول الى أوروبا اذ دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطرة من أجل تخفيف "ضغط الهجرة".
وهو رأي يتبناه الاتحاد الأوروبي الذي أدرك أن تفاقم الوضع الاقتصادي بتونس ينتج عنه ضرورة تدفقا خطيرا للمهاجرين حيث أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل بالقول أنه "إذا انهارت تونس، فإنّ ذلك يهدّد بتدفّق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبّب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. نريد تجنّب هذا الوضع".
أمّا السلطات التونسية فيبدو تعاملها هذه المرة مع ملف المهاجرين السريين ومفاوضاتها مع أوروبا بشأنه مختلفا ويحمل البعض من أسس الديبلوماسية الناعمة والتي نعتقد أنها ستتطور في قادم الأشهر لتصبح سمة الديبلوماسية التونسية ("الدبلوماسية الناعمة".. مفهوم بات يمثل أحد أهم الأوجه التي تتبناها الدول في السنوات الأخيرة، في إدارة علاقتها مع محيطيها الإقليمي والدولي، وهو ما يعكس إدراكا عميقا بأهمية خلق أبعاد جديدة، في العلاقة مع الدول الأخرى بعيدا عن العلاقات التقليدية القائمة على القوة المادية فقط) وأهمّها الرسالة التي الضمنية التي توجهت بها للأوربيين ومفادها أنّ تونس ليست مضطرة للعب دور شرطي دون مرتّب يحرس المياه الأوروبية ويمنع تدفق اللاجئين إلّا لدواع إنسانية وتلافيا لحوادث غرق يروح ضحيتها مهاجرون حالمون بالوصول إلى الشواطئ الايطالية.
وقد التقط الأوربيون الرسالة و فهمومها جيّدا وجاءت الاجابة سريعة من كبارالمسؤولين في إيطاليا وفرنسا والذين دعوا كما قلنا إلى تحرك أوروبي جماعي من أجل تحقيق استجابة سريعة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومن صندوق النقد الدولي وتقديم الدعم اللازم لتونس، محذرين بمبالغة من انهيار مالي، ومن تدفقات قياسية للمهاجرين القادمين عبر سواحلها هذا العام.
كما أن الحضور الصيني والروسي والتسلل الإيراني إلى القارة الافريقية ومع الميل الجزائري الواضح لهذا الحلف الجديد ذكّر الاوربيين بواجبهم تجاه تونس التي تخلوا عنها في أزمتها والبداية يدركون أنه يجب أن تكون باستعادة البلاد لانتعاشها الاقتصادي وضمان عدم عودة الاسلاميين للحكم الذين أغرقت ايطاليا في عهدهم بعدد قياسي من المهاجرين السريين.
الموقف الرسمي الوحيد الى حد الان من الجانب التونسي وذلك ردّا على هذه التصريحات المتتالية لقادة أوروبيين والتي حذّروا فيها من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمخاطر المحتملة على أوروبا تمثّل في بيان لوزارة الخارجية يوم الإثنين 27 مارس 2023 دعت فيه الاتّحاد الأوروبي إلى تفهّم خصوصية ودقّة المرحلة التي تمرّ بها البلاد واعتماد خطاب مسؤول وبنّاء يعكس حقيقة الواقع ويثمّن ما تمّ تحقيقه في إطار السعي إلى إرساء ديموقراطية حقيقية".مضيفا أن تونس تعوّل على إمكانياتها الذاتية وعلى الدعم الاقتصادي والمالي لشركائها، بما فيهم الاتّحاد الأوروبي، لإنجاح مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
والمحصّلة وبقطع النظر عن المعلن من المخفي في علاقة تونس بالاتحاد الأوربي فيما يخص ملف الهجرة السرية ومقايضتها بالمساعدات المالية فانّه لا عيب في أن تستفيد البلاد من هذا الملف كما تستفيد دول أخرى .ومن الضروري التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية في إطار مسؤولية متقاسمة وشراكة محددة بوضوح مع إيطاليا وأوروبا على حد السواء وعدم الاكتفاء بالحلول الأمنية التي أرهقت البلاد واستنزفت الطاقات البشرية والاقتصادية وهو أمر لم يعد مقبولا في تونس وهذا ما تعيه أوروبا التي تريد تحصين حديقتها الخلفية بتحصين تونس من شبح الانهيار الاقتصادي ولو أن التونسيون وحدهم قادرون على انقاذ بلادهم متى تم حسن ادارة الملفات الحارقة والمصيرية.