إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

على طاولة نقاشات الحكومات منذ 2011 .. دون جدوى | أيّ "مصير" للإستراتيجية الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية؟

 

تونس – الصباح

نشرت رئاسة الحكومة مساء الاثنين 27 مارس الجاري خبرا مفاده أن رئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان قد أشرفت بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل مع مجموعة من إطارات الهيئة العامة للوظيفة العمومية.

وخصّصت الجلسة، وفق ما جاء في صفحتها الرسمية، لاستعراض تقدم عدد من المحاور المدرجة ضمن الإستراتيجية الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية، على غرار مراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وإرساء آليات التصرف التقديري في الموارد البشرية، وإدراج مواصفات الجودة في التكوين، وتطوير نظام تقييم الأعوان العموميين وبرنامج المراجعات الوظيفية.

وأشار الخبر إلى أن رئيسة الحكومة قد شدّدت بهذه المناسبة على الأهمية التي يكتسيها إصلاح الوظيفة العمومية ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات، داعية في هذا الإطار إلى ضرورة اختصار آجال تنفيذ مختلف مشاريع تحديث الوظيفة العمومية والعمل على تكريس المقاربة التشاركية خلال مراحل التصور والتنفيذ.

فلم يتضمن الخبر أي تفاصيل أخرى عن محتوى المشروع أو عن الرؤية الإصلاحية موضوع الاجتماع ولسائل أن يتساءل في هذا السياق، أي مآل لكل الدراسات والاستشارات التي تم إعدادها في السنوات السابقة خاصة تلك الاستشارة الوطنية التي أشرفت عليها حكومة يوسف الشاهد واستغرقت ما يقارب السنة من الأعمال والاشغال واللقاءات الإقليمية لبلورة ما وقع تسميته باستراتيجية تحديث الإدارة والوظيفة العمومية التي أشرف على إنجازها وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد عبيد البريكي.

ففي سنة 2017 أعلن رئيس الحكومة في ذلك الوقت يوسف الشاهد، أن تفعيل الاستراتيجية الوطنية لتحديث الادارة والوظيفة العمومية سينطلق خلال الأسابيع القليلة القادمة، ويعود هذا الحديث إلى فعاليات الندوة الختامية للاستشارة الوطنية حول مشروع (ادارتك 20/20) في شهر جانفي من تلك السنة، فهل تم تفعيل أي من تفاصيلها؟

في حقيقة الأمر لا يبدو الأمر كذلك، ما دامت الحكومات اللاحقة لحكومة يوسف الشاهد قد طرحت نفس القضايا والاشكاليات والمواضيع المتعلقة بالوظيفة العمومية والإدارة التونسية. وفي واقع الحال فإنه منذ السنوات الأولى من الثورة تواتر الحديث والنقاش والدعوات إلى ضرورة مراجعة قانون الوظيفة العمومية من جهة وتحديث الإدارة التونسية من جهة ثانية.

 فكل الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 طرحت هذه الإشكالية، حتى أنه في تركيبة البعض منها تم تخصيص وزارة للوظيفة العمومية والسياسيات الإدارية أو كتابة دولة وفي حكومات أخرى تم حذفها نهائيا دون أن يكون هناك أي تقييم أو طرح لنتائج أعمالها أو الحديث عن مدى الاستفادة من إحداث مثل هذه الوزارة من عدمها.

وعلى مدى عمل أغلب الحكومات مثل تحديث الإدارة التونسية ومراجعة قانون الوظيفة العمومية موضع جدال خاصة بين الحكومة القائمة والاتحاد العام التونسي للشغل وأيضا مجلس نواب الشعب في إطار النقاشات التشاركية بين جميع الأطراف بهذا الخصوص. ولا يعلم اليوم إن تم تشريك الاتحاد العام التونسي للشغل في نسج الاستراتيجية الجديدة، فقد حاولت "الصباح" لعدة مرات الاتصال برئاسة الحكومة للحصول على أكثر تفاصيل لكن دون جدوى، كذلك الشأن بالنسبة لقسم الوظيفة العمومية بالمنظمة الشغيلة.

يُذكر أنّ أول وزارة أحدثت بعد الثورة كانت في حكومة محمد الغنوشي في جانفي 2011، وتم تكليف بخطتها زهير المظفر كوزير معتمد لدى الوزير الأول مكلف بالوظيفة العمومية، ثم تمّ إلغاؤها في حكومة الراحل الباجي قائد السبسي في مارس 2011.

ثم تم في حكومة حمادي الجبالي في ديسمبر 2011 إحداث خطة وزير مكلف بالإصلاح الإداري أشرف عليها محمد عبو، ثم تم حذفها في حكومة علي العريض سنة 2013. لتعود إلى الواجهة من جديد في حكومة مهدي جمعة سنة 2014 في خطة كاتب دولة لدى رئيس الحكومة مكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية سلمت لأنور بن خليفة.

في حكومة الحبيب الصيد سنة 2015 تمّ حذفها، لتُحدث من جديد كوزارة للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد في حكومة يوسف الشاهد سنة 2016 وأشرف عليها في ذلك الوقت عبيد البريكي.

أما في حكومة إلياس الفخفاخ سنة 2020 تم إحداث خطة وزير دولة، وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد أشرف عليها محمد عبو. وفي حكومة هشام مشيشي في نفس السنة تم تعيين وزيرة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالوظيفة العمومية حسناء بن سليمان. ليتم حذف هذه الوزارة سنة 2021 في حكومة نجلاء بودن.

تسلسل وتغيير في الأسماء والمسميات يوضح في حقيقة الأمر غموض الرؤية والتكريس المتواصل لسياسية كل مسؤول يأتي يحذف ما سبق وتطوى الملفات وتوضع الملفات من جديد على طاولة كل حكومة يتم تغييرها.

إيمان عبد اللطيف

على طاولة نقاشات الحكومات منذ 2011 .. دون جدوى  |  أيّ "مصير" للإستراتيجية الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية؟

 

تونس – الصباح

نشرت رئاسة الحكومة مساء الاثنين 27 مارس الجاري خبرا مفاده أن رئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان قد أشرفت بقصر الحكومة بالقصبة، على جلسة عمل مع مجموعة من إطارات الهيئة العامة للوظيفة العمومية.

وخصّصت الجلسة، وفق ما جاء في صفحتها الرسمية، لاستعراض تقدم عدد من المحاور المدرجة ضمن الإستراتيجية الوطنية لتحديث الوظيفة العمومية، على غرار مراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وإرساء آليات التصرف التقديري في الموارد البشرية، وإدراج مواصفات الجودة في التكوين، وتطوير نظام تقييم الأعوان العموميين وبرنامج المراجعات الوظيفية.

وأشار الخبر إلى أن رئيسة الحكومة قد شدّدت بهذه المناسبة على الأهمية التي يكتسيها إصلاح الوظيفة العمومية ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات، داعية في هذا الإطار إلى ضرورة اختصار آجال تنفيذ مختلف مشاريع تحديث الوظيفة العمومية والعمل على تكريس المقاربة التشاركية خلال مراحل التصور والتنفيذ.

فلم يتضمن الخبر أي تفاصيل أخرى عن محتوى المشروع أو عن الرؤية الإصلاحية موضوع الاجتماع ولسائل أن يتساءل في هذا السياق، أي مآل لكل الدراسات والاستشارات التي تم إعدادها في السنوات السابقة خاصة تلك الاستشارة الوطنية التي أشرفت عليها حكومة يوسف الشاهد واستغرقت ما يقارب السنة من الأعمال والاشغال واللقاءات الإقليمية لبلورة ما وقع تسميته باستراتيجية تحديث الإدارة والوظيفة العمومية التي أشرف على إنجازها وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد عبيد البريكي.

ففي سنة 2017 أعلن رئيس الحكومة في ذلك الوقت يوسف الشاهد، أن تفعيل الاستراتيجية الوطنية لتحديث الادارة والوظيفة العمومية سينطلق خلال الأسابيع القليلة القادمة، ويعود هذا الحديث إلى فعاليات الندوة الختامية للاستشارة الوطنية حول مشروع (ادارتك 20/20) في شهر جانفي من تلك السنة، فهل تم تفعيل أي من تفاصيلها؟

في حقيقة الأمر لا يبدو الأمر كذلك، ما دامت الحكومات اللاحقة لحكومة يوسف الشاهد قد طرحت نفس القضايا والاشكاليات والمواضيع المتعلقة بالوظيفة العمومية والإدارة التونسية. وفي واقع الحال فإنه منذ السنوات الأولى من الثورة تواتر الحديث والنقاش والدعوات إلى ضرورة مراجعة قانون الوظيفة العمومية من جهة وتحديث الإدارة التونسية من جهة ثانية.

 فكل الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 طرحت هذه الإشكالية، حتى أنه في تركيبة البعض منها تم تخصيص وزارة للوظيفة العمومية والسياسيات الإدارية أو كتابة دولة وفي حكومات أخرى تم حذفها نهائيا دون أن يكون هناك أي تقييم أو طرح لنتائج أعمالها أو الحديث عن مدى الاستفادة من إحداث مثل هذه الوزارة من عدمها.

وعلى مدى عمل أغلب الحكومات مثل تحديث الإدارة التونسية ومراجعة قانون الوظيفة العمومية موضع جدال خاصة بين الحكومة القائمة والاتحاد العام التونسي للشغل وأيضا مجلس نواب الشعب في إطار النقاشات التشاركية بين جميع الأطراف بهذا الخصوص. ولا يعلم اليوم إن تم تشريك الاتحاد العام التونسي للشغل في نسج الاستراتيجية الجديدة، فقد حاولت "الصباح" لعدة مرات الاتصال برئاسة الحكومة للحصول على أكثر تفاصيل لكن دون جدوى، كذلك الشأن بالنسبة لقسم الوظيفة العمومية بالمنظمة الشغيلة.

يُذكر أنّ أول وزارة أحدثت بعد الثورة كانت في حكومة محمد الغنوشي في جانفي 2011، وتم تكليف بخطتها زهير المظفر كوزير معتمد لدى الوزير الأول مكلف بالوظيفة العمومية، ثم تمّ إلغاؤها في حكومة الراحل الباجي قائد السبسي في مارس 2011.

ثم تم في حكومة حمادي الجبالي في ديسمبر 2011 إحداث خطة وزير مكلف بالإصلاح الإداري أشرف عليها محمد عبو، ثم تم حذفها في حكومة علي العريض سنة 2013. لتعود إلى الواجهة من جديد في حكومة مهدي جمعة سنة 2014 في خطة كاتب دولة لدى رئيس الحكومة مكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية سلمت لأنور بن خليفة.

في حكومة الحبيب الصيد سنة 2015 تمّ حذفها، لتُحدث من جديد كوزارة للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد في حكومة يوسف الشاهد سنة 2016 وأشرف عليها في ذلك الوقت عبيد البريكي.

أما في حكومة إلياس الفخفاخ سنة 2020 تم إحداث خطة وزير دولة، وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد أشرف عليها محمد عبو. وفي حكومة هشام مشيشي في نفس السنة تم تعيين وزيرة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالوظيفة العمومية حسناء بن سليمان. ليتم حذف هذه الوزارة سنة 2021 في حكومة نجلاء بودن.

تسلسل وتغيير في الأسماء والمسميات يوضح في حقيقة الأمر غموض الرؤية والتكريس المتواصل لسياسية كل مسؤول يأتي يحذف ما سبق وتطوى الملفات وتوضع الملفات من جديد على طاولة كل حكومة يتم تغييرها.

إيمان عبد اللطيف

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews