إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خفت صوتها.. هل "أجهزت" المعارضة على آمالها؟

 

تونس - الصباح

أي دور وحضور للقوى السياسية والحزبية في تونس في المرحلة القادمة لاسيما بالنسبة للمعارضة؟

هذا السؤال يختزل في أبعاده التغيرات المرتقبة في الخارطة الحزبية في ظل المناخ السياسي الجديد بعد الانتقال عمليا من المرحلة الاستثنائية الى مرحلة الجمهورية الجديدة إثر مباشرة مجلس نواب الشعب لمهامه وتحول الحديث عن مراجعة وتعديل ووضع تشريعات جديدة تناغما مع ما جاء في دستور 2022 . والمسألة ليست خاصة بالأحزاب الداعمة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيّد أو المنخرطة فيه فحسب، بل تشمل بالأساس كل القوى المعارضة. لذلك تبدو مهمة الأحزاب والقوى في المحافظة على موقع لها في المشهد السياسي خلال المرحلة القادمة مهمة ليست سهلة إن لم تكن شبه منعدمة، لعدة اعتبارات تتراوح بين الموضوعي أو ما يتعلق بالشؤون الداخلية وما يخص هذه القوى، خاصة انها لم تقم بالمراجعات المطلوبة خلال الفترة الماضية ولم تستوعب الرسائل التي بلغتها من الجهات الرسمية أو القواعد الشعبية أو تلك الناجمة عن المتغيرات الجيوسياسية والسياقات الدولية. بل واصلت هروبها إلى الأمام دون مبالاة بالدعوات الداخلية أو آراء وانتقادات المتابعين للشأن العام، التي تدعوا إلى ضرورة القيام بمراجعات لتدارك الهنات والاعتراف بما ارتكبته من أخطاء والعمل على إعادة التموقع والتموضع بعد الاقتراب إلى أصوات القواعد وتشريكها في صياغة الرؤى والبرامج وتحديد الأهداف والتوجهات.

وهي تقريبا من الأسباب التي ساهمت في تعليق الأزمة لدى جل الأحزاب المكونة للمشهد السياسي أو الشريكة والفاعلة في منظومة الحكم في فترة ما بعد ثورة 2011 سواء تعلق الأمر بالأحزاب الكلاسيكية أو الأجسام الأخرى الجديدة والناشئة خلال العشرية السابقة على غرار أحزاب التكتل والجمهوري والمؤتمرات من أجل الجمهورية أو العريضة الشعبية ونداء تونس وتحيا تونس والجبهة الشعبية وحركة النهضة آفاق تونس وقلب تونس وغيرها. الأمر الذي أدى إلى انفجار وتلاشي واندثار بعضها و"تراجع" دور بعضها الآخر نتيجة ما عرفته من استقالات في مستوى القيادات والمكاتب السياسية أو نفور وانفضاض القواعد الشعبية من حولها في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021.

ليعرف وضع هذه القوى السياسية تأزما آخر بعد دخول المسار الجديد في مرحلة تنفيذ المحاسبة وملاحقة عدد من القيادات السياسية أو غيرها من الجهات الداعمة لها، قضائيا، ومواصلة فتح ملفات المحاسبة وإعادة النظر في الملفات والقضايا العالقة أو المؤجلة.

إذ تشترك اليوم كل أحزاب المعارضة بمختلف توجهاتها في وقوفها على نفس الخط وتموقعها في نفس الدائرة، وهي نتيجة أفرزتها سياسة سعيد في مقاطعة جل القوى السياسية منذ مسكه بزمام السلط والمسار وتحييدها مقابل فشل كل المبادرات التي هندستها وعدم نجاعة محاولاتها المتكررة لإجبار سعيد على الإذعان لإرادتها وإجباره على التراجع عن قراراته التي كانت سحبت البساط من تحت أقدام كل مكونات المشهد السياسي في تونس لاسيما منها المعارضة.

ولم يقتصر الأمر على الأحزاب اليمينية أو التقدمية التي كانت فاعلة وطرفا في منظومة الحكم على غرار النهضة وشركائها بل الوضع مشابه تقريبا بالنسبة للقوى اليسارية التي عجزت خلال العشرية الماضية على ضمان موقع متقدم لها في "منصة" المعارضة أو القوى السياسية وتتقاطع مع سعيد في المطالبة بالمحاسبة وفتح ملفات الفساد والاغتيالات السياسية، بعد أن اختارت بدورها الاصطفاف وراء أحزاب المنظومة السابقة في معارضة المسار ورفض سياسية قيس سعيد وكل خياراته. وهو ما اعتبره البعض خطوة أخرى لأحزاب اليسار في اتجاه المجهول في هذه المرحلة الصعبة التي بدأت فيها ملامح المشهد السياسي عامة والحزبي بشكل خاص تتبدل وتتغير على اعتبار أن البقاء في نهاية الأمر سيكون للأقدر على التكيف مع متغيرات العصر فكريا واستراتيجيا واقتصاديا واجتماعيا وتنظيميا بعد انتشار الشعبوية في العالم، رغم تأكيد عديد القراءات على أن صعود هذه الموجة مرحليا هو تمهيد لتغيرات جيواستراتيجة جديدة.

لذلك خيم الصمت وخفتت أصوات المعارضة في هذه الفترة بعد أن عجزت عن تجييش الشارع ضد السلطة للوقف إلى جانبها ولم تنجح محاولات الاستقواء بالأجنبي في فرض وجودها في دائرة الحكم والقرار، في المقابل برزت أصوات قوى سياسية وأجسام حزبية جديدة وناشئة لا يمكن الإقرار بعد بمدى قدرتها على قلب الموازين لفائدتها رغم تناغم بعضها مع بعض الخطوط الكبرى للمسار ولسياسة سعيد.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

خفت صوتها..  هل "أجهزت" المعارضة على آمالها؟

 

تونس - الصباح

أي دور وحضور للقوى السياسية والحزبية في تونس في المرحلة القادمة لاسيما بالنسبة للمعارضة؟

هذا السؤال يختزل في أبعاده التغيرات المرتقبة في الخارطة الحزبية في ظل المناخ السياسي الجديد بعد الانتقال عمليا من المرحلة الاستثنائية الى مرحلة الجمهورية الجديدة إثر مباشرة مجلس نواب الشعب لمهامه وتحول الحديث عن مراجعة وتعديل ووضع تشريعات جديدة تناغما مع ما جاء في دستور 2022 . والمسألة ليست خاصة بالأحزاب الداعمة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيّد أو المنخرطة فيه فحسب، بل تشمل بالأساس كل القوى المعارضة. لذلك تبدو مهمة الأحزاب والقوى في المحافظة على موقع لها في المشهد السياسي خلال المرحلة القادمة مهمة ليست سهلة إن لم تكن شبه منعدمة، لعدة اعتبارات تتراوح بين الموضوعي أو ما يتعلق بالشؤون الداخلية وما يخص هذه القوى، خاصة انها لم تقم بالمراجعات المطلوبة خلال الفترة الماضية ولم تستوعب الرسائل التي بلغتها من الجهات الرسمية أو القواعد الشعبية أو تلك الناجمة عن المتغيرات الجيوسياسية والسياقات الدولية. بل واصلت هروبها إلى الأمام دون مبالاة بالدعوات الداخلية أو آراء وانتقادات المتابعين للشأن العام، التي تدعوا إلى ضرورة القيام بمراجعات لتدارك الهنات والاعتراف بما ارتكبته من أخطاء والعمل على إعادة التموقع والتموضع بعد الاقتراب إلى أصوات القواعد وتشريكها في صياغة الرؤى والبرامج وتحديد الأهداف والتوجهات.

وهي تقريبا من الأسباب التي ساهمت في تعليق الأزمة لدى جل الأحزاب المكونة للمشهد السياسي أو الشريكة والفاعلة في منظومة الحكم في فترة ما بعد ثورة 2011 سواء تعلق الأمر بالأحزاب الكلاسيكية أو الأجسام الأخرى الجديدة والناشئة خلال العشرية السابقة على غرار أحزاب التكتل والجمهوري والمؤتمرات من أجل الجمهورية أو العريضة الشعبية ونداء تونس وتحيا تونس والجبهة الشعبية وحركة النهضة آفاق تونس وقلب تونس وغيرها. الأمر الذي أدى إلى انفجار وتلاشي واندثار بعضها و"تراجع" دور بعضها الآخر نتيجة ما عرفته من استقالات في مستوى القيادات والمكاتب السياسية أو نفور وانفضاض القواعد الشعبية من حولها في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021.

ليعرف وضع هذه القوى السياسية تأزما آخر بعد دخول المسار الجديد في مرحلة تنفيذ المحاسبة وملاحقة عدد من القيادات السياسية أو غيرها من الجهات الداعمة لها، قضائيا، ومواصلة فتح ملفات المحاسبة وإعادة النظر في الملفات والقضايا العالقة أو المؤجلة.

إذ تشترك اليوم كل أحزاب المعارضة بمختلف توجهاتها في وقوفها على نفس الخط وتموقعها في نفس الدائرة، وهي نتيجة أفرزتها سياسة سعيد في مقاطعة جل القوى السياسية منذ مسكه بزمام السلط والمسار وتحييدها مقابل فشل كل المبادرات التي هندستها وعدم نجاعة محاولاتها المتكررة لإجبار سعيد على الإذعان لإرادتها وإجباره على التراجع عن قراراته التي كانت سحبت البساط من تحت أقدام كل مكونات المشهد السياسي في تونس لاسيما منها المعارضة.

ولم يقتصر الأمر على الأحزاب اليمينية أو التقدمية التي كانت فاعلة وطرفا في منظومة الحكم على غرار النهضة وشركائها بل الوضع مشابه تقريبا بالنسبة للقوى اليسارية التي عجزت خلال العشرية الماضية على ضمان موقع متقدم لها في "منصة" المعارضة أو القوى السياسية وتتقاطع مع سعيد في المطالبة بالمحاسبة وفتح ملفات الفساد والاغتيالات السياسية، بعد أن اختارت بدورها الاصطفاف وراء أحزاب المنظومة السابقة في معارضة المسار ورفض سياسية قيس سعيد وكل خياراته. وهو ما اعتبره البعض خطوة أخرى لأحزاب اليسار في اتجاه المجهول في هذه المرحلة الصعبة التي بدأت فيها ملامح المشهد السياسي عامة والحزبي بشكل خاص تتبدل وتتغير على اعتبار أن البقاء في نهاية الأمر سيكون للأقدر على التكيف مع متغيرات العصر فكريا واستراتيجيا واقتصاديا واجتماعيا وتنظيميا بعد انتشار الشعبوية في العالم، رغم تأكيد عديد القراءات على أن صعود هذه الموجة مرحليا هو تمهيد لتغيرات جيواستراتيجة جديدة.

لذلك خيم الصمت وخفتت أصوات المعارضة في هذه الفترة بعد أن عجزت عن تجييش الشارع ضد السلطة للوقف إلى جانبها ولم تنجح محاولات الاستقواء بالأجنبي في فرض وجودها في دائرة الحكم والقرار، في المقابل برزت أصوات قوى سياسية وأجسام حزبية جديدة وناشئة لا يمكن الإقرار بعد بمدى قدرتها على قلب الموازين لفائدتها رغم تناغم بعضها مع بعض الخطوط الكبرى للمسار ولسياسة سعيد.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews