إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تشريعية 2022 وبعد.. خواطر نحو إصلاح المنظومة الانتخابية (ج 3/3)

 

بقلم :عبد الرحيم بن غنية

*في ما يخص الترشحات بالخارج فالواجب يقضي بإلغاء التزكيات على أن تعوض بمقابل مالي يؤكد جدية الترشح

نصل اليوم إلى الجزء الثالث والأخير من مقال حول المسار الانتخابي المنقضي على أمل مزيد تطوير هذه الخواطر وتبني أغلبها أو بعضها ممن لهم النظر خاصة هيئة الانتخابات.

ثانيا: على المستوى الموضوعي :

- وجوب الإشارة في مطبوعة التزكية وتعمير ما إذا كان طالب التزكية (المترشح الأولي) مستقلا أم مترشحا باسم حزب أو ائتلاف سياسي، فمن غير المقبول أن يزكي المواطن مترشحا ادعى الاستقلالية أيام جمع التزكيات ليتبناه حزب سياسي بمجرد إعلان فوزه وهو ما يجعل المواطن موضع القاصر ما لم يتم إقرار أحكام رادعة بالقانون الانتخابي تفرض على المترشح أولا التأكيد ما إذا كان مستقلا من عدمه وثانيا تسقط من أخل بهذا الشرط الشكلي الذي وعلى شكليته فإن الإخلال به يضرب المصداقية السياسية في مقتل و من ثم العملية الانتخابية

-تزكيات الترشحات وتقسيم الدوائر: أمام ما شهده بعض المترشحين للاستحقاق التشريعي المنقضي من عزوف شعبي عن التزكية وصعوبة جمع العدد المطلوب وما رافقه من إهدار مالي جراء دوائر انتخابية بمترشح وحيد إضافة لضيق الوقت أقترح النزول في العدد المطلوب أو إعادة التقسيم السابق للدوائر التشريعية (الولاية أو نصف الولاية) مع الإبقاء على العدد الحالي للتزكيات وهو ما يوطد صلة المترشح بالدائرة الأم (الولاية بدل المعتمدية) ويكون حافزا للمنافسة الجدية.

-التزكية لأكثر من مترشح: الردع القانوني يجب أن يسلط على من يزكي أكثر من مترشح والأمر ليس بالعبثي فالتزكية تتم بمقتضى إجراءات رسمية تحول دون جهل المزكي، ولئن أوجدت الهيئة الحل بقبول التزكية الأولى وإسقاط ما عداها اعتمادا على زمن تقديم الترشحات فإنه حل مبتور أولا لإجراءات الترشح المعقدة التي تخلط ترتيب المترشحين اعتمادا على عودتهم لتحيين مطالب ترشحهم من عدمها وثانيا لأن من زكى متعمدا أكثر من مرة فما هو من الوعي ولا الحياة السياسية في شيء والأسلم إلغاء كل تزكياته هذا ما لم يتم حرمانه من الاقتراع بالدورة المعنية بقرار الهيئة اعتمادا على تنقيح قانوني .

-في ما يخص الترشحات بالخارج فالواجب يقضي بإلغاء التزكيات على أن تعوض بمقابل مالي يؤكد جدية الترشح .

- تقسيم الدوائر الانتخابية التشريعية ونظام الاقتراع: رغم مشروعية التقسيم الحالي للدوائر الذي جاء ترجمانا للتوجه نحو الاقتراع على الأفراد فإنه خلق طابعا بلديا على حساب استحقاق من المفروض أن يكون وطنيا جامعا إضافة إلى بعض الإشكاليات الموروثة جهويا وتبعا لذلك فالمقترح إعادة العمل بالتقسيم السابق حسب الدوائر الكبرى مع مواصلة اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد على أن يتم الإقرار بفوز المترشحين الأوائل حسب عدد مقاعد الدائرة المعنية، مثلا دائرة تونس 2 سابقا، بدل اعتماد دوائر حلق الوادي، الكرم وغيرها يتم العودة للدائرة الكبرى المتضمنة لعشرة مقاعد ثم يتم ترتيب المترشحين ليتم التصريح بفوز العشرة الأوائل، هذا إن لم يتم العدول عن كلا النظامين والتوجه نحو نظام الاقتراع المختلط الذي يمزج بين نظام التمثيل النسبي ونظام الأغلبية وقد كان محل اقتراح بطريقة خاصة حسبما ما أشرت في عدد سابق بصحيفة الصباح (أفريل 2022) .

- تطوير النظام القانوني لهيئة الانتخابات في اتجاه دعمها هيكليا ووظيفيا: فهيكليا تكون البداية بإثراء تركيبة مجلسها كالانفتاح على مساعدي القضاء والمجتمع المدني مع تشريك السلط الثلاث في إرسائه، اما وظيفيا فيجب الحسم في اتجاه إقرار حرية ضبطها للهيئات الفرعية كما سأشير لاحقا، دعم ولايتها القانونية على الخطاب الإعلامي زمن الانتخابات على أن تكون بصفة حصرية لديها تفاديا لأي تنازع إيجابي في الصلاحيات أو عراقيل كالتي واجهتها من قبل هيئة الاتصال السمعي البصري سابقا، مع تذليل الصعوبات الإدارية من أجل أداء مهامها كإبرام الصفقات وصيغ التعاقد والانتداب وأضيف واجب مساعدة الهياكل العمومية ومدها بكافة المعلومات المتعلقة بولايتها الانتخابية خاصة ما يمس المترشحين والناخبين، وإن لزم الأمر بعث نظام قانوني شبيه لحق النفاذ إلى المعلومة يكون بمقتضاه الهيكل المعني مطالبا بمد الهيئة بما يحوزه من معلومات وفق آجال مضبوطة و مختصرة، وهذا ما لم يتوفر في انتخابات 2019 في إطار مراقبة تمويل الحملة حيث لم تتلقى سوى الحسابات البنكية لاثنين من 26 مترشحا للانتخابات الرئاسية دون تقديم المعطيات المتعلقة بها حسب إفادة البنك المركزي الذي أكد عدم مسكه لسجل الحسابات البنكية أو البريدية إضافة لغياب الأحكام القانونية ذات العلاقة وهذا المثال يوجب دعم الهياكل المساندة للهيئة مع إعفاء الأخيرة من واجبات لا تملك الوسائل القانونية والمادية لاستقصاء المعلومات حولها حسب صريح إجابتها في تقرير محكمة المحاسبات حول انتخابات 2019، ونضيف تطوير ما تتمتع به الهيئة نظريا من ضابطة إدارية قد تحول الإمكانيات دون ترجمتها ميدانيا مع دعمها بصلاحيات البحث والتحري كما هو حال الهيئة الوقتية لسنة 2011 أو وجوب التنسيق بين موظفيها ومأموري الضابطة العدلية التقليدية خاصة بعد ما وفرته الهيئة من تكوين لفائدة الصنف الأخير قبل الحملة الانتخابية التشريعية الماضية ولكن ألا يمكن ترجمة هذا الانفتاح المركزي بتعاون إداري ملموس وفوري بين الهيئة الفرعية أو موظفيها المختصين والضباط العدليين مع الاحترام الكامل لعمل و خصوصيات كل جهة؟؟

هذا النظام القانوني الجديد يمكن أن يتم إما عبر تنقيح قانونها الحالي وما يمثله من تواصل ذاتها المعنوية أو عبر قانون جديد بشرط عدم المساس بهذه الذات المعنوية فإعدامها وبعث أخرى وعلى ما قد يختصره البعض في شكليته لهو من الرمزية بقدر كبير كتاريخ الهيئة ونجاحاتها، تواصل التزاماتها المدنية الحقوقية أو السياسية خاصة ما قد يربطها من مواثيق واتفاقيات شراكة وطنيا أو دوليا ولا ننسى التزاماتها المهنية مع إطاراتها وأعوانها القارين،

-تركيبة الهيئات الفرعية تضبطها الهيئة بكل حرية دون التقيد باختصاصات مجلسها المفروضة قانونا: فما كل مرة تسلم الجرة، إذ بمقتضى قانون الهيئة وبمقتضى قرارها عدد 5 لسنة 2017 المتعلق بشروط وإجراءات إحداث الهيئات الفرعية المنقحين السنة الماضية فإن الاضطلاع بعضوية هذه الأخيرة أصبح مقتصرا على القضاة، مهندسي المنظومات والسلامة المعلوماتية والأعضاء السابقين للهيئات الفرعية، الأمر الذي يفسر صعوبة بعثها السنة الماضية بعد إضراب القضاة أو الإشكال في خصوص عودة الأعضاء السابقين، ورغم تجاوز ما ذكر فإن اقتصار التركيبة على هذا النحو معيب منطقيا لسببين، أولا لعدم ضمان العدد الكافي من الترشحات بل وضمان تنوعها إذ قد نشهد مجالس فرعية تضم صنفا واحدا قد لا يمت للقانون بصلة مع أنها مجالس تحضيرية لأحكام الهيئة الانتخابية وثانيا لتهميش اختصاصات أخرى كانت لها اليد الطولى في إنجاح ما سبق من محطات كالمحامين والعدول والأساتذة الجامعيين، بل إن الواقع الميداني يدعو لمزيد الانفتاح بانضمام المجتمع المدني أو الموظفين السابقين بالإدارات الفرعية خاصة إذا ما كانوا من المختصين في الشؤون القانونية أو الاتصال، إذن ألخص هذه النقطة بتنقيح قانون الهيئة في اتجاه إقرار الحرية لها بمقتضى سلطتها الترتيبية على غرار الهيئة الانتخابية لسنة 2011 على أن تكون إحدى الخطط المركزية مكرسة جهويا مثلا،

-المراجعة التشريعية الشاملة للقانون الانتخابي لسنة 2014 وتطويره تطويرا متكاملا متناسقا لا يقتصر على الانتخابات القادمة فمن غير المقبول مراجعة هذا النص قبيل كل محطة انتخابية على أن تكون مراجعة تشاركية .

-وجوبية إرفاق بطاقة السوابق العدلية على كل الانتخابات العامة .

-مجابهة خطاب الكراهية في السياق الانتخابي هذا الخطاب الذي استفحل لا زمن الانتخابات بل تعداها ليصبح عادة البعض على مدار السنة خاصة مع التساهل التشريعي غير المفهوم إزاءه باكتفاء المشرع بعقوبة سجنية لا تتجاوز السنة والحال أن الواجب اليوم يقتضي صياغة تصور كامل لمجابهة هذا الخطاب وكافة أشكال التنمر أو الاعتداء القولي والفعلي على مختلف المتدخلين بالانتخابات، تصور يميز صفة الجاني وزمن الانتهاك لا جعله مقصورا على الحملة الانتخابية وتشديد العقاب بصفة خاصة برفع ما ذكر من عقوبة مع وجوب إرفاقها بصفة وجوبية بما تيسر من عقوبات تكميلية وستكون لي عودة خاصة بهذه النقطة .

-تفريد العقوبة المالية المضمنة بالفصل 100 من القانون الانتخابي المستهدفة لأعضاء القائمة المترشحة في خصوص المخالفات المالية، مخالفات وإن كان إتيانها مسا بالشفافية الانتخابية فإننا نلاحظ جرائم أكثر وطأة لم تتسم بهذه الشدة المالية والواقع أثبت التتبعات باسم هذا الفصل تجاه شباب يافع آمن بضرورة المشاركة البلدية أو فئات هشة تم استغلال اندفاعها لتجني التتبع قضائيا بعد الخيبة انتخابيا والمطلوب قصر هذه العقوبة على فرد ليكن رئيس القائمة أو الوكيل المالي الذي وجب تعزيز مسؤوليته لا أن يكون شكلي الحضور .

- توحيدا لإجراءات النزاع الانتخابي يتم "بعث قطب قضائي انتخابي" توكل إليه هذه النزاعات على الأقل في شقها الإداري والجزائي ما لم يتم إلحاق الجرائم المالية ويتكون من ممثلين للقضاء العدلي الإداري والمالي ويتم سن قانون للغرض يوضح بعث وعمل هذا القطب مع تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه تسليط إجراءات التتبع والتحقيق ومن ثم المحاكمة ضمانا لكشف الحقيقة مع ضمان الحقوق المكفولة، جهاز سيساهم في مجابهة حملة التشكيك بعد كل انتخابات إضافة لمزايا تجميع المعطيات الانتخابية من محاضر وقرارات وأبحاث مع سرعة البت خاصة في جرائم ميدانية ثابتة ليس من العدل إحالتها إلى الدوائر العادية بما يحمله من زمن قضائي مهدور ونجاعة منعدمة كجرائم هتك الأعراض التهديد والاعتداءات المادية وجرائم يوم الاقتراع والقائمة ليست بالهينة .

-فرض مدونة سلوك خاصة بالمترشح يعي فيها حقوقه والتزاماته خاصة مع الإقرار بضعف الثقافة القانونية الانتخابية لدى عدد طيب من المترشحين وقد سهرت أكثر من هيئة فرعية على تنظيم أيام دراسية لتعريفهم بالإطار القانوني للانتخابات وتعزيز هذه الثقافة لديهم وقد تمثل مدونة السلوك أول احتكاك شخصي بالمادة القانونية بما يمثله من ضبط نفسي غير مباشر للمترشح .

-مراجعة الإطار القانوني لتنظيم النشاط بالحملة الانتخابية خاصة احترام التوقيت المعلن عنه للهيئات الفرعية، ورغم الحرية المطلقة التي أقرها القانون الانتخابي فإنه حصل أن تم التعسف في استغلالها كضبط مدة طويلة مقارنة بطبيعة النشاط بأن يتم الإعلام بثماني ساعات على الأقل من أجل نصب خيمة دعائية بل وحتى مقهى سياسي وفي أكثر من مكان وبصفة متزامنة، ولئن يمكن تغليب حسن النية وإكراهات قد تفرض استغلال هامش التوقيت طالما لم يقع تجاوزه فإن سوء النية مفترض أيضا كتعمد تظليل وإرباك الهيئة وتهربا من رقابتها، والواجب يقتضي الإعلام مسبقا عن إلغاء أي نشاط وإلا استحق العقاب المالي مع فرض مدة قصوى لبعض الأنشطة البسيطة أو التي لا تتطلب بحكم طبيعتها حيزا زمنيا هاما كمجرد تركيز نقطة التواصل، المقهى السياسي أو المسيرة .

-التنسيق مع الهياكل الأمنية قبل وأثناء مراقبة بعض الأنشطة الانتخابية المشتبه بخروجها عن السيطرة قولا أو فعلا .

- مبادرة هيئة الانتخابات بتنظيم استشارة وطنية لإصلاح المنظومة الانتخابية حالما تتضح الروزنامة، دون مشاريع مسبقة أو جاهزة بل بتوافق جمعياتي برلماني حقوقي، إصلاح يعزز استقرار ونجاعة القانون الانتخابي .

(انتهى)

 

 

 

 

 

 

 

تشريعية 2022 وبعد.. خواطر نحو إصلاح المنظومة الانتخابية (ج 3/3)

 

بقلم :عبد الرحيم بن غنية

*في ما يخص الترشحات بالخارج فالواجب يقضي بإلغاء التزكيات على أن تعوض بمقابل مالي يؤكد جدية الترشح

نصل اليوم إلى الجزء الثالث والأخير من مقال حول المسار الانتخابي المنقضي على أمل مزيد تطوير هذه الخواطر وتبني أغلبها أو بعضها ممن لهم النظر خاصة هيئة الانتخابات.

ثانيا: على المستوى الموضوعي :

- وجوب الإشارة في مطبوعة التزكية وتعمير ما إذا كان طالب التزكية (المترشح الأولي) مستقلا أم مترشحا باسم حزب أو ائتلاف سياسي، فمن غير المقبول أن يزكي المواطن مترشحا ادعى الاستقلالية أيام جمع التزكيات ليتبناه حزب سياسي بمجرد إعلان فوزه وهو ما يجعل المواطن موضع القاصر ما لم يتم إقرار أحكام رادعة بالقانون الانتخابي تفرض على المترشح أولا التأكيد ما إذا كان مستقلا من عدمه وثانيا تسقط من أخل بهذا الشرط الشكلي الذي وعلى شكليته فإن الإخلال به يضرب المصداقية السياسية في مقتل و من ثم العملية الانتخابية

-تزكيات الترشحات وتقسيم الدوائر: أمام ما شهده بعض المترشحين للاستحقاق التشريعي المنقضي من عزوف شعبي عن التزكية وصعوبة جمع العدد المطلوب وما رافقه من إهدار مالي جراء دوائر انتخابية بمترشح وحيد إضافة لضيق الوقت أقترح النزول في العدد المطلوب أو إعادة التقسيم السابق للدوائر التشريعية (الولاية أو نصف الولاية) مع الإبقاء على العدد الحالي للتزكيات وهو ما يوطد صلة المترشح بالدائرة الأم (الولاية بدل المعتمدية) ويكون حافزا للمنافسة الجدية.

-التزكية لأكثر من مترشح: الردع القانوني يجب أن يسلط على من يزكي أكثر من مترشح والأمر ليس بالعبثي فالتزكية تتم بمقتضى إجراءات رسمية تحول دون جهل المزكي، ولئن أوجدت الهيئة الحل بقبول التزكية الأولى وإسقاط ما عداها اعتمادا على زمن تقديم الترشحات فإنه حل مبتور أولا لإجراءات الترشح المعقدة التي تخلط ترتيب المترشحين اعتمادا على عودتهم لتحيين مطالب ترشحهم من عدمها وثانيا لأن من زكى متعمدا أكثر من مرة فما هو من الوعي ولا الحياة السياسية في شيء والأسلم إلغاء كل تزكياته هذا ما لم يتم حرمانه من الاقتراع بالدورة المعنية بقرار الهيئة اعتمادا على تنقيح قانوني .

-في ما يخص الترشحات بالخارج فالواجب يقضي بإلغاء التزكيات على أن تعوض بمقابل مالي يؤكد جدية الترشح .

- تقسيم الدوائر الانتخابية التشريعية ونظام الاقتراع: رغم مشروعية التقسيم الحالي للدوائر الذي جاء ترجمانا للتوجه نحو الاقتراع على الأفراد فإنه خلق طابعا بلديا على حساب استحقاق من المفروض أن يكون وطنيا جامعا إضافة إلى بعض الإشكاليات الموروثة جهويا وتبعا لذلك فالمقترح إعادة العمل بالتقسيم السابق حسب الدوائر الكبرى مع مواصلة اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد على أن يتم الإقرار بفوز المترشحين الأوائل حسب عدد مقاعد الدائرة المعنية، مثلا دائرة تونس 2 سابقا، بدل اعتماد دوائر حلق الوادي، الكرم وغيرها يتم العودة للدائرة الكبرى المتضمنة لعشرة مقاعد ثم يتم ترتيب المترشحين ليتم التصريح بفوز العشرة الأوائل، هذا إن لم يتم العدول عن كلا النظامين والتوجه نحو نظام الاقتراع المختلط الذي يمزج بين نظام التمثيل النسبي ونظام الأغلبية وقد كان محل اقتراح بطريقة خاصة حسبما ما أشرت في عدد سابق بصحيفة الصباح (أفريل 2022) .

- تطوير النظام القانوني لهيئة الانتخابات في اتجاه دعمها هيكليا ووظيفيا: فهيكليا تكون البداية بإثراء تركيبة مجلسها كالانفتاح على مساعدي القضاء والمجتمع المدني مع تشريك السلط الثلاث في إرسائه، اما وظيفيا فيجب الحسم في اتجاه إقرار حرية ضبطها للهيئات الفرعية كما سأشير لاحقا، دعم ولايتها القانونية على الخطاب الإعلامي زمن الانتخابات على أن تكون بصفة حصرية لديها تفاديا لأي تنازع إيجابي في الصلاحيات أو عراقيل كالتي واجهتها من قبل هيئة الاتصال السمعي البصري سابقا، مع تذليل الصعوبات الإدارية من أجل أداء مهامها كإبرام الصفقات وصيغ التعاقد والانتداب وأضيف واجب مساعدة الهياكل العمومية ومدها بكافة المعلومات المتعلقة بولايتها الانتخابية خاصة ما يمس المترشحين والناخبين، وإن لزم الأمر بعث نظام قانوني شبيه لحق النفاذ إلى المعلومة يكون بمقتضاه الهيكل المعني مطالبا بمد الهيئة بما يحوزه من معلومات وفق آجال مضبوطة و مختصرة، وهذا ما لم يتوفر في انتخابات 2019 في إطار مراقبة تمويل الحملة حيث لم تتلقى سوى الحسابات البنكية لاثنين من 26 مترشحا للانتخابات الرئاسية دون تقديم المعطيات المتعلقة بها حسب إفادة البنك المركزي الذي أكد عدم مسكه لسجل الحسابات البنكية أو البريدية إضافة لغياب الأحكام القانونية ذات العلاقة وهذا المثال يوجب دعم الهياكل المساندة للهيئة مع إعفاء الأخيرة من واجبات لا تملك الوسائل القانونية والمادية لاستقصاء المعلومات حولها حسب صريح إجابتها في تقرير محكمة المحاسبات حول انتخابات 2019، ونضيف تطوير ما تتمتع به الهيئة نظريا من ضابطة إدارية قد تحول الإمكانيات دون ترجمتها ميدانيا مع دعمها بصلاحيات البحث والتحري كما هو حال الهيئة الوقتية لسنة 2011 أو وجوب التنسيق بين موظفيها ومأموري الضابطة العدلية التقليدية خاصة بعد ما وفرته الهيئة من تكوين لفائدة الصنف الأخير قبل الحملة الانتخابية التشريعية الماضية ولكن ألا يمكن ترجمة هذا الانفتاح المركزي بتعاون إداري ملموس وفوري بين الهيئة الفرعية أو موظفيها المختصين والضباط العدليين مع الاحترام الكامل لعمل و خصوصيات كل جهة؟؟

هذا النظام القانوني الجديد يمكن أن يتم إما عبر تنقيح قانونها الحالي وما يمثله من تواصل ذاتها المعنوية أو عبر قانون جديد بشرط عدم المساس بهذه الذات المعنوية فإعدامها وبعث أخرى وعلى ما قد يختصره البعض في شكليته لهو من الرمزية بقدر كبير كتاريخ الهيئة ونجاحاتها، تواصل التزاماتها المدنية الحقوقية أو السياسية خاصة ما قد يربطها من مواثيق واتفاقيات شراكة وطنيا أو دوليا ولا ننسى التزاماتها المهنية مع إطاراتها وأعوانها القارين،

-تركيبة الهيئات الفرعية تضبطها الهيئة بكل حرية دون التقيد باختصاصات مجلسها المفروضة قانونا: فما كل مرة تسلم الجرة، إذ بمقتضى قانون الهيئة وبمقتضى قرارها عدد 5 لسنة 2017 المتعلق بشروط وإجراءات إحداث الهيئات الفرعية المنقحين السنة الماضية فإن الاضطلاع بعضوية هذه الأخيرة أصبح مقتصرا على القضاة، مهندسي المنظومات والسلامة المعلوماتية والأعضاء السابقين للهيئات الفرعية، الأمر الذي يفسر صعوبة بعثها السنة الماضية بعد إضراب القضاة أو الإشكال في خصوص عودة الأعضاء السابقين، ورغم تجاوز ما ذكر فإن اقتصار التركيبة على هذا النحو معيب منطقيا لسببين، أولا لعدم ضمان العدد الكافي من الترشحات بل وضمان تنوعها إذ قد نشهد مجالس فرعية تضم صنفا واحدا قد لا يمت للقانون بصلة مع أنها مجالس تحضيرية لأحكام الهيئة الانتخابية وثانيا لتهميش اختصاصات أخرى كانت لها اليد الطولى في إنجاح ما سبق من محطات كالمحامين والعدول والأساتذة الجامعيين، بل إن الواقع الميداني يدعو لمزيد الانفتاح بانضمام المجتمع المدني أو الموظفين السابقين بالإدارات الفرعية خاصة إذا ما كانوا من المختصين في الشؤون القانونية أو الاتصال، إذن ألخص هذه النقطة بتنقيح قانون الهيئة في اتجاه إقرار الحرية لها بمقتضى سلطتها الترتيبية على غرار الهيئة الانتخابية لسنة 2011 على أن تكون إحدى الخطط المركزية مكرسة جهويا مثلا،

-المراجعة التشريعية الشاملة للقانون الانتخابي لسنة 2014 وتطويره تطويرا متكاملا متناسقا لا يقتصر على الانتخابات القادمة فمن غير المقبول مراجعة هذا النص قبيل كل محطة انتخابية على أن تكون مراجعة تشاركية .

-وجوبية إرفاق بطاقة السوابق العدلية على كل الانتخابات العامة .

-مجابهة خطاب الكراهية في السياق الانتخابي هذا الخطاب الذي استفحل لا زمن الانتخابات بل تعداها ليصبح عادة البعض على مدار السنة خاصة مع التساهل التشريعي غير المفهوم إزاءه باكتفاء المشرع بعقوبة سجنية لا تتجاوز السنة والحال أن الواجب اليوم يقتضي صياغة تصور كامل لمجابهة هذا الخطاب وكافة أشكال التنمر أو الاعتداء القولي والفعلي على مختلف المتدخلين بالانتخابات، تصور يميز صفة الجاني وزمن الانتهاك لا جعله مقصورا على الحملة الانتخابية وتشديد العقاب بصفة خاصة برفع ما ذكر من عقوبة مع وجوب إرفاقها بصفة وجوبية بما تيسر من عقوبات تكميلية وستكون لي عودة خاصة بهذه النقطة .

-تفريد العقوبة المالية المضمنة بالفصل 100 من القانون الانتخابي المستهدفة لأعضاء القائمة المترشحة في خصوص المخالفات المالية، مخالفات وإن كان إتيانها مسا بالشفافية الانتخابية فإننا نلاحظ جرائم أكثر وطأة لم تتسم بهذه الشدة المالية والواقع أثبت التتبعات باسم هذا الفصل تجاه شباب يافع آمن بضرورة المشاركة البلدية أو فئات هشة تم استغلال اندفاعها لتجني التتبع قضائيا بعد الخيبة انتخابيا والمطلوب قصر هذه العقوبة على فرد ليكن رئيس القائمة أو الوكيل المالي الذي وجب تعزيز مسؤوليته لا أن يكون شكلي الحضور .

- توحيدا لإجراءات النزاع الانتخابي يتم "بعث قطب قضائي انتخابي" توكل إليه هذه النزاعات على الأقل في شقها الإداري والجزائي ما لم يتم إلحاق الجرائم المالية ويتكون من ممثلين للقضاء العدلي الإداري والمالي ويتم سن قانون للغرض يوضح بعث وعمل هذا القطب مع تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه تسليط إجراءات التتبع والتحقيق ومن ثم المحاكمة ضمانا لكشف الحقيقة مع ضمان الحقوق المكفولة، جهاز سيساهم في مجابهة حملة التشكيك بعد كل انتخابات إضافة لمزايا تجميع المعطيات الانتخابية من محاضر وقرارات وأبحاث مع سرعة البت خاصة في جرائم ميدانية ثابتة ليس من العدل إحالتها إلى الدوائر العادية بما يحمله من زمن قضائي مهدور ونجاعة منعدمة كجرائم هتك الأعراض التهديد والاعتداءات المادية وجرائم يوم الاقتراع والقائمة ليست بالهينة .

-فرض مدونة سلوك خاصة بالمترشح يعي فيها حقوقه والتزاماته خاصة مع الإقرار بضعف الثقافة القانونية الانتخابية لدى عدد طيب من المترشحين وقد سهرت أكثر من هيئة فرعية على تنظيم أيام دراسية لتعريفهم بالإطار القانوني للانتخابات وتعزيز هذه الثقافة لديهم وقد تمثل مدونة السلوك أول احتكاك شخصي بالمادة القانونية بما يمثله من ضبط نفسي غير مباشر للمترشح .

-مراجعة الإطار القانوني لتنظيم النشاط بالحملة الانتخابية خاصة احترام التوقيت المعلن عنه للهيئات الفرعية، ورغم الحرية المطلقة التي أقرها القانون الانتخابي فإنه حصل أن تم التعسف في استغلالها كضبط مدة طويلة مقارنة بطبيعة النشاط بأن يتم الإعلام بثماني ساعات على الأقل من أجل نصب خيمة دعائية بل وحتى مقهى سياسي وفي أكثر من مكان وبصفة متزامنة، ولئن يمكن تغليب حسن النية وإكراهات قد تفرض استغلال هامش التوقيت طالما لم يقع تجاوزه فإن سوء النية مفترض أيضا كتعمد تظليل وإرباك الهيئة وتهربا من رقابتها، والواجب يقتضي الإعلام مسبقا عن إلغاء أي نشاط وإلا استحق العقاب المالي مع فرض مدة قصوى لبعض الأنشطة البسيطة أو التي لا تتطلب بحكم طبيعتها حيزا زمنيا هاما كمجرد تركيز نقطة التواصل، المقهى السياسي أو المسيرة .

-التنسيق مع الهياكل الأمنية قبل وأثناء مراقبة بعض الأنشطة الانتخابية المشتبه بخروجها عن السيطرة قولا أو فعلا .

- مبادرة هيئة الانتخابات بتنظيم استشارة وطنية لإصلاح المنظومة الانتخابية حالما تتضح الروزنامة، دون مشاريع مسبقة أو جاهزة بل بتوافق جمعياتي برلماني حقوقي، إصلاح يعزز استقرار ونجاعة القانون الانتخابي .

(انتهى)

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews