إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل أخطأنا الطريق في محاربة الاحتكار والمضاربة ؟

 

بقلم: نوفل سلامة

يمراليوم عام على صدور المرسوم عدد 14 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة وهو التشريع الذي أراده رئيس الجمهورية قيس سعيد إطارا لمحاصرة ظاهرة الغلاء في الأسعار ومحاربة المحتكرين الذين يتسببون في تضييق العيش على المواطنين وجعل حياتهم صعبة من وراء إخفاء المواد الغذائية وتقليل تواجدها في الأسواق والمحلات التجارية وهي المقاربة التي يتبناها الرئيس ويؤمن بها و التصور الذي يجعل المتسبب في غلاء الأسعار وندرة المواد الغذائية هم المضاربون وأن وراء ظاهرة قلة المنتجات الغذائية أشخاص فاسدين يشتغلون في مجال الاحتكار والمضاربة ويتسببون في التنكيل بالشعب.

الطريف في هذه المقاربة وهذا التصور في الاعتقاد بأن فقدان المواد الغذائية من الأسواق وندرتها وأن وراء غياب مادة القهوة والسكر والحليب وغير ذلك من المواد الغذائية مضاربون ومحتكرون تعمدوا اخفاء هذه المواد للمضاربة بها ومن أجل تحقيق الربح السريع والسهل من وراء اخفائها ثم اظاهرها من جديد بعد الزيادة في أسعارها .

والطريف الآخر فيما أوضحته الأرقام والمعطيات بخصوص حصيلة عمليات الايقافات التي طالت الكثير من الناشطين في مجال التجارة بتهمة اخفاء المواد والمضاربة بها واحتكارها وهي ملاحقات شملت منذ صدور المرسوم في شهر مارس من العام الماضي حوالي 2542 مظنونا في تورطه في جريمة الاحتكار والمضاربة تم إطلاق صراح 2318 منهم بعد عرضهم على التحقيق والتثبت من التهم المنسوبة إليهم وهو عدد يقابل نسبة 92 % من الموقوفين تم حفظ التهمة بحقهم وهو عدد كبير يطرح السؤال حول حقيقة علاقة غياب المواد الأساسية بالاحتكار والمضاربة وسؤال الرابط بين اختفاء هذه المواد وتخزينها بوجود أشخاص مجرمين يتعمدون التنكيل بالشعب في قوته ويعيد طرح السؤال حول حقيقة ندرة المواد الغذائية وهل فعلا وراءها مضاربون ومحتكرون ومخزنون غير قانونيين ؟

اليوم وبعد انطلاق العمل بمرسوم 20 مارس 2022 وبعد مرور عام كامل على انطلاق الحرب على المحتكرين وتحرير الشعب من تحكم المضاربين في قوته وبعد أن بينت الاحصائيات الرسمية المقدمة من وزارة العدل بخصوص نتائج الايقافات التي حصلت تطبيقا لهذا المرسوم والتي أوضحت أن 92 % من الموقوفين والمتهمين بارتكاب جريمة الاحتكار والمضاربة قد أطلق صراحهم لعدم ثبوت التهمة في حقهم ولكون أكثرهم يمارسون نشاطا تجاريا قانونيا وأن المواد الغذائية التي بحوزتهم يتم الاحتفاظ بها و تخزينها وفق القانون ولحاجة التجارة إليها ومن أجل تعديل السوق وقت الحاجة وليس بدافع الاحتكار والمضاربة الممنوعة .

إن الحصيلة التي انتهت إليها محاربة الفساد بمقتضى المرسوم المذكور والتي انتجت نتائج عكسية وتسببت في مشاكل التزود بالمواد الأساسية في الأسواق التونسية تفرض طرح سؤال حقيقة ندرة المواد الغذائية وسؤال جدوى المقاربة المتبعة في محاربة الفساد الغذائي. فهل أخطأنا الطريق في محاربة الاحتكار ؟ وهل جانبنا الصواب في معالجة ملف الفساد الذي وصل إلى غذاء المواطنين ؟ وهل من الممكن والجائز أن يكون وراء فقدان الكثير من المواد الغذائية الأساسية لعيش الشعب سبب آخر غير الاحتكار والمضاربة والتخزين من دون أن ننفي المسؤولية النسبية لهذه الظواهر؟ هل من الوارد أن يكون وراء هذه الأزمة عدم قدرة الدولة على خلاص مزوديها وعمليات التوريد لهذه المواد من الخارج ؟ هل من الراجح أن يكون عجز الدولة على توفير السيولة المالية اللازمة لشراء حاجياتها من المواد الغذائية وراء استفحال ظاهرة فقدان المواد الغذائية ؟ أليس من الواجب أن نغير نظرتنا للأشياء وللأمور ونغير مقاربتنا ومعالجتنا لمسألة الاحتكار والمضاربة والتخزين التي اتضح اليوم بعد حصيلة سنة كاملة من تطبيق مرسوم 20 مارس 2021 أنها ليست هي السبب المباشر و الحقيقي لما بات يعرف بقضية تفقير الشعب والتلاعب بقوته ؟

 

 

هل أخطأنا الطريق في محاربة الاحتكار والمضاربة ؟

 

بقلم: نوفل سلامة

يمراليوم عام على صدور المرسوم عدد 14 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة وهو التشريع الذي أراده رئيس الجمهورية قيس سعيد إطارا لمحاصرة ظاهرة الغلاء في الأسعار ومحاربة المحتكرين الذين يتسببون في تضييق العيش على المواطنين وجعل حياتهم صعبة من وراء إخفاء المواد الغذائية وتقليل تواجدها في الأسواق والمحلات التجارية وهي المقاربة التي يتبناها الرئيس ويؤمن بها و التصور الذي يجعل المتسبب في غلاء الأسعار وندرة المواد الغذائية هم المضاربون وأن وراء ظاهرة قلة المنتجات الغذائية أشخاص فاسدين يشتغلون في مجال الاحتكار والمضاربة ويتسببون في التنكيل بالشعب.

الطريف في هذه المقاربة وهذا التصور في الاعتقاد بأن فقدان المواد الغذائية من الأسواق وندرتها وأن وراء غياب مادة القهوة والسكر والحليب وغير ذلك من المواد الغذائية مضاربون ومحتكرون تعمدوا اخفاء هذه المواد للمضاربة بها ومن أجل تحقيق الربح السريع والسهل من وراء اخفائها ثم اظاهرها من جديد بعد الزيادة في أسعارها .

والطريف الآخر فيما أوضحته الأرقام والمعطيات بخصوص حصيلة عمليات الايقافات التي طالت الكثير من الناشطين في مجال التجارة بتهمة اخفاء المواد والمضاربة بها واحتكارها وهي ملاحقات شملت منذ صدور المرسوم في شهر مارس من العام الماضي حوالي 2542 مظنونا في تورطه في جريمة الاحتكار والمضاربة تم إطلاق صراح 2318 منهم بعد عرضهم على التحقيق والتثبت من التهم المنسوبة إليهم وهو عدد يقابل نسبة 92 % من الموقوفين تم حفظ التهمة بحقهم وهو عدد كبير يطرح السؤال حول حقيقة علاقة غياب المواد الأساسية بالاحتكار والمضاربة وسؤال الرابط بين اختفاء هذه المواد وتخزينها بوجود أشخاص مجرمين يتعمدون التنكيل بالشعب في قوته ويعيد طرح السؤال حول حقيقة ندرة المواد الغذائية وهل فعلا وراءها مضاربون ومحتكرون ومخزنون غير قانونيين ؟

اليوم وبعد انطلاق العمل بمرسوم 20 مارس 2022 وبعد مرور عام كامل على انطلاق الحرب على المحتكرين وتحرير الشعب من تحكم المضاربين في قوته وبعد أن بينت الاحصائيات الرسمية المقدمة من وزارة العدل بخصوص نتائج الايقافات التي حصلت تطبيقا لهذا المرسوم والتي أوضحت أن 92 % من الموقوفين والمتهمين بارتكاب جريمة الاحتكار والمضاربة قد أطلق صراحهم لعدم ثبوت التهمة في حقهم ولكون أكثرهم يمارسون نشاطا تجاريا قانونيا وأن المواد الغذائية التي بحوزتهم يتم الاحتفاظ بها و تخزينها وفق القانون ولحاجة التجارة إليها ومن أجل تعديل السوق وقت الحاجة وليس بدافع الاحتكار والمضاربة الممنوعة .

إن الحصيلة التي انتهت إليها محاربة الفساد بمقتضى المرسوم المذكور والتي انتجت نتائج عكسية وتسببت في مشاكل التزود بالمواد الأساسية في الأسواق التونسية تفرض طرح سؤال حقيقة ندرة المواد الغذائية وسؤال جدوى المقاربة المتبعة في محاربة الفساد الغذائي. فهل أخطأنا الطريق في محاربة الاحتكار ؟ وهل جانبنا الصواب في معالجة ملف الفساد الذي وصل إلى غذاء المواطنين ؟ وهل من الممكن والجائز أن يكون وراء فقدان الكثير من المواد الغذائية الأساسية لعيش الشعب سبب آخر غير الاحتكار والمضاربة والتخزين من دون أن ننفي المسؤولية النسبية لهذه الظواهر؟ هل من الوارد أن يكون وراء هذه الأزمة عدم قدرة الدولة على خلاص مزوديها وعمليات التوريد لهذه المواد من الخارج ؟ هل من الراجح أن يكون عجز الدولة على توفير السيولة المالية اللازمة لشراء حاجياتها من المواد الغذائية وراء استفحال ظاهرة فقدان المواد الغذائية ؟ أليس من الواجب أن نغير نظرتنا للأشياء وللأمور ونغير مقاربتنا ومعالجتنا لمسألة الاحتكار والمضاربة والتخزين التي اتضح اليوم بعد حصيلة سنة كاملة من تطبيق مرسوم 20 مارس 2021 أنها ليست هي السبب المباشر و الحقيقي لما بات يعرف بقضية تفقير الشعب والتلاعب بقوته ؟

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews