إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين تعرية الواقع.. وتبخيس المدرسة.. | "الفلوجة" يثير الجدل.. "الهايكا" على الخط.. ووزير التربية يتوعّد

 

تونس الصباح

موجة من الانتقادات أثارها بث الحلقة الأولى من مسلسل "الفلوجة" الذي تناول كإطار عمل له الفضاء التربوي وسلوك التلاميذ وعلاقتهم بكل من عائلاتهم والإطار التربوي وشبه التربوي. ووصلت حالة الرفض والاستماتة في الدفاع القطاعي حد اتخاذ وزير التربية محمد البوغديري شخصيا لموقف يفهم منه انه يدفع نحو منع تواصل بث المسلسل.

وأفاد الوزير في تصريح له على موجات إذاعة جوهرة اف ام أن المسلسل سيئ الى ابعد الحدود.. واعتبر ان ما عُرض أول أمس، يتنافى والأخلاق العائلية ولا علاقة له بشهر رمضان.. ولا يعكس ما تقوم به الأسرة التربوية من عمل جاد وجبار من أجل إنقاذ المتعلمين والارتقاء بمستواهم الفكري والمعرفي.

وعلى الأغلب اخطر ما ورد في تصريح الوزير هو قوله "أن ردّة الفعل وقعت منذ عرض الحلقة المهزلة، حيث اتصل برئيسة الحكومة نجلاء بودن التي عرضت بدورها الموضوع على رئيس الجمهورية." وكشف البوغديري ان هناك" لقاء على مستوى وزاري من اجل اتخاذ كل الإجراءات لإيقاف المهزلة التي أساءت الى التعليم التونسي في الوقت الذي تتجه فيه الحكومة لإعلان المجلس الأعلى للتربية، من اجل الإقلاع بالمستوى التربوي." وترافق موقف الوزير ببيان حاد صدر عن جامعة التعليم الثانوي شددت خلاله على" إكبارها المطلق لكل فعل إبداعي وإيمانها بحرية الفن في معالجة كل القضايا المجتمعية " الا انها اعتبرت ان العمل الفني الفلوجة يتنزل في إطار "مجردة محاولة متجددة لتبخيس المدرسة والتعدي على حرمتها ورمزيتها" ودعت هيئة الاتصال السمعي البصري ومندوب الطفولة الى التدخل كما لفتت نظر وزير التربية الى ضرورة فتح تحقيق في إسناد رخصة تصوير المسلسل داخل إحدى المؤسسات التربوية العمومية.

واستغربت راضية السعيدي عضو هيئة الاتصال السمعي البصري، صدور هذا التصريح عن وزير التربية خاصة انه جاء فيه دعوى الى إمكانية إيقاف العمل الفني المتمثل في مسلسل "الفلوجة" وذكرت السعيدي الوزير ان هناك هيئة تعديلية تعنى بمهمة تعديل المشهد السمعي البصري والمضامين الإعلامية.

وقالت عضو هيئة الاتصال السمعي البصري ان مسلسل "الفلوجة" باعتباره يتنزل ضمن الدراما التونسية، لا تقوم الهيئة باتخاذ اي قرار منذ بث الحلقة الاولى فهناك حبكة درامية يتم اخذها بعين الاعتبار وتسهر الهيئة على احترام خصوصيات العمل الفني او يصبح الامر بمثابة "الصنصرة".

وبينت في نفس الوقت ان مرصد الهيئة بصدد العمل على مختلف المضامين التي يتم عرضها خلال رمضان في حال اتضح ان مسلسل الفلوجة وردت فيه مشاهد صادمة وعنف فالأكيد أن الهيئة سيكون لها قرار بتغيير توقيت بث المسلسل. لتوضح السعيدي في نفس الوقت ان الهيئة لا تمس من المضامين الخاصة بالدرامة التونسية باعتبارها شكل إبداعي وجب احترامه.

وأضافت في نفس السياق ان المسلسلات الرمضانية تثير على الدوام ردود فعل مختلفة ونقد، وعلى الأولياء في هذا السياق ان يتحملوا مسؤولية التعديل عبر تحديد المضامين التي يسمحون لأطفالهم بمتابعته.

بدوره لا يبدو موقف الجامعة العامة للتعليم الثانوي، هو انعكاس لموقف الكاتب العام لسعد اليعقوبي بالأساس حيث اختلفت مواقف المربين والأساتذة من المسلسل واعتبر الكثيرون انه انعكاس لواقع نرفض الاعتراف به في حين رأى آخرون انه موضوع للنقاش مع التلاميذ وليس للصنصرة. ومن بينها تدوينة النقابي السابق بالجامعة محمد نجيب السلامي اين اعتبر ان الالتجاء الى المحاكم من اجل ايقاف بث المسلسل هو اجراء مرفوض فالمحاكم لم تبعث لتقييم الأعمال الفنية والإنتاجات الأدبية والفكرية والثقافية.. إن فتح هذا الباب سيشرٌع مستقبلا لمحاكمة الفكر والأدباء وكل إبداع فني وهذا أمر في غاية الخطورة. فلكل عمل فني سنجد جماهير رافضة له ومطالبة بإيقافه ومحاكمة صاحبه. وهو مع "تخصيص حيز زمني كاف لمناقشة بعضا مما جاء في هذا المسلسل من مشاهد وحوار يقع تناولها بالنقاش مع التلاميذ في القسم لتكون فرصة لتطوير الفكر النقدي لديهم.

وفي مقاربة سوسيولوجية للردود الفعل "الهستيرية" التي رافقت بث الحلقة الأولى من مسلسل الفلوجة قالت نجاة عرعاري الباحث في علم الاجتماع، أن محاكمة عمل فني منذ الحلقة الأولى غير موضوعي بالمرة وغير ناضج، وبإمكان الصورة ان تبدأ قاتمة اجتماعيا وحتى على مستوى المعايير، ان تحمل مضامين ايجابية. وبتناولنا للطرح الفني، أولا علينا التساؤلات هل العمل الفني هو تعرية للواقع ام انه عمل من وحي الخيال استباقا لما يحدث. شددت في حديثها على انها ضد الصنصرة، فإن كان على الولي ان يقوم بدوره فعليه منع أطفاله من المشاهدة او ان يكون المسلسل فرصة للحوار والنقاش للوقاية. وكل طرح فني قابل للنقاش والنقد ولكن المتلقي له معاييره اما ان يتعمق في الرسالة التي يريد أن يبلغها المخرج او ان يكون سطحيا وهي وضعية الحال بالنسبة لمسلسل الفلوجة.

واعتبرت نجاة عرعاري ان ردود الفعل قائمة بالأساس على الدفاع على المؤسسة التربوية وعلى القيم في حين ان بشاعة الواقع غير المرئي في الكثير من الأحيان تكون اكثر مما يحدث في العمل الدرامي، ابتداء من استهلاك المخدرات في الأوساط المدرسية، والدراسات الرسمية تقول ان 3 تلاميذ من 5 يستهلكون مواد مخدرة، إلى انتشار ظاهرة العنف والعلاقات الجنسية والتحرش الجنسي، وسلعنة التعليم وانهيار منظومة التعليم.. كلها معطيات يعرفها ويدركها الجميع وتثبتها دراسات رسمية وسويولوجية ونفسية منشورة، الا انه عندما تبث في التلفاز تصبح معلومات معممة وهو ما لا يستجيب للذوق العام.

وعكس مسلسل الفلوجة حسب الباحث في علم الاجتماع، معطيات إحصائية لحالات الاعتداءات على المدرسين وعلى الإطار التربوي الذي فقد بنفسه السيطرة على الأوضاع وانخرط في انهيار المنظومة. ولظاهرة "دخلات" الباكلوريا وما تحمله من شعارات ملغمة، ولمشكل الولي الذي مازال يفكر بالطريقة التقليدية في حين ان شباب اليوم له مرجعياته ورموزه وثقافته الخاصة به، وبالتالي هناك هوة كبيرة بين الأجيال. كما تناول للعنف الموجود داخل ألعاب الفيديو، وداخل الأسرة وفي المحيط المدرسي وتأثيراته السلبية على الأطفال والمراهقين.. وكيف ان الأسرة تغيب على كل آليات الرقابة والحوار.. وذكرت نجاة العرعاري ان ما تجسده سوسن الجملي في المسلسل غير مستجد وهو موجود في الأغاني الفنية التي تحفز على استهلاك المخدرات وخاصة منها أغاني الراب الجزائري والأمريكي وهي من أكثر الأغاني التي يستمع إليها الشباب بشكل دائم.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

 

بين تعرية الواقع.. وتبخيس المدرسة..  | "الفلوجة" يثير الجدل.. "الهايكا" على الخط.. ووزير التربية يتوعّد

 

تونس الصباح

موجة من الانتقادات أثارها بث الحلقة الأولى من مسلسل "الفلوجة" الذي تناول كإطار عمل له الفضاء التربوي وسلوك التلاميذ وعلاقتهم بكل من عائلاتهم والإطار التربوي وشبه التربوي. ووصلت حالة الرفض والاستماتة في الدفاع القطاعي حد اتخاذ وزير التربية محمد البوغديري شخصيا لموقف يفهم منه انه يدفع نحو منع تواصل بث المسلسل.

وأفاد الوزير في تصريح له على موجات إذاعة جوهرة اف ام أن المسلسل سيئ الى ابعد الحدود.. واعتبر ان ما عُرض أول أمس، يتنافى والأخلاق العائلية ولا علاقة له بشهر رمضان.. ولا يعكس ما تقوم به الأسرة التربوية من عمل جاد وجبار من أجل إنقاذ المتعلمين والارتقاء بمستواهم الفكري والمعرفي.

وعلى الأغلب اخطر ما ورد في تصريح الوزير هو قوله "أن ردّة الفعل وقعت منذ عرض الحلقة المهزلة، حيث اتصل برئيسة الحكومة نجلاء بودن التي عرضت بدورها الموضوع على رئيس الجمهورية." وكشف البوغديري ان هناك" لقاء على مستوى وزاري من اجل اتخاذ كل الإجراءات لإيقاف المهزلة التي أساءت الى التعليم التونسي في الوقت الذي تتجه فيه الحكومة لإعلان المجلس الأعلى للتربية، من اجل الإقلاع بالمستوى التربوي." وترافق موقف الوزير ببيان حاد صدر عن جامعة التعليم الثانوي شددت خلاله على" إكبارها المطلق لكل فعل إبداعي وإيمانها بحرية الفن في معالجة كل القضايا المجتمعية " الا انها اعتبرت ان العمل الفني الفلوجة يتنزل في إطار "مجردة محاولة متجددة لتبخيس المدرسة والتعدي على حرمتها ورمزيتها" ودعت هيئة الاتصال السمعي البصري ومندوب الطفولة الى التدخل كما لفتت نظر وزير التربية الى ضرورة فتح تحقيق في إسناد رخصة تصوير المسلسل داخل إحدى المؤسسات التربوية العمومية.

واستغربت راضية السعيدي عضو هيئة الاتصال السمعي البصري، صدور هذا التصريح عن وزير التربية خاصة انه جاء فيه دعوى الى إمكانية إيقاف العمل الفني المتمثل في مسلسل "الفلوجة" وذكرت السعيدي الوزير ان هناك هيئة تعديلية تعنى بمهمة تعديل المشهد السمعي البصري والمضامين الإعلامية.

وقالت عضو هيئة الاتصال السمعي البصري ان مسلسل "الفلوجة" باعتباره يتنزل ضمن الدراما التونسية، لا تقوم الهيئة باتخاذ اي قرار منذ بث الحلقة الاولى فهناك حبكة درامية يتم اخذها بعين الاعتبار وتسهر الهيئة على احترام خصوصيات العمل الفني او يصبح الامر بمثابة "الصنصرة".

وبينت في نفس الوقت ان مرصد الهيئة بصدد العمل على مختلف المضامين التي يتم عرضها خلال رمضان في حال اتضح ان مسلسل الفلوجة وردت فيه مشاهد صادمة وعنف فالأكيد أن الهيئة سيكون لها قرار بتغيير توقيت بث المسلسل. لتوضح السعيدي في نفس الوقت ان الهيئة لا تمس من المضامين الخاصة بالدرامة التونسية باعتبارها شكل إبداعي وجب احترامه.

وأضافت في نفس السياق ان المسلسلات الرمضانية تثير على الدوام ردود فعل مختلفة ونقد، وعلى الأولياء في هذا السياق ان يتحملوا مسؤولية التعديل عبر تحديد المضامين التي يسمحون لأطفالهم بمتابعته.

بدوره لا يبدو موقف الجامعة العامة للتعليم الثانوي، هو انعكاس لموقف الكاتب العام لسعد اليعقوبي بالأساس حيث اختلفت مواقف المربين والأساتذة من المسلسل واعتبر الكثيرون انه انعكاس لواقع نرفض الاعتراف به في حين رأى آخرون انه موضوع للنقاش مع التلاميذ وليس للصنصرة. ومن بينها تدوينة النقابي السابق بالجامعة محمد نجيب السلامي اين اعتبر ان الالتجاء الى المحاكم من اجل ايقاف بث المسلسل هو اجراء مرفوض فالمحاكم لم تبعث لتقييم الأعمال الفنية والإنتاجات الأدبية والفكرية والثقافية.. إن فتح هذا الباب سيشرٌع مستقبلا لمحاكمة الفكر والأدباء وكل إبداع فني وهذا أمر في غاية الخطورة. فلكل عمل فني سنجد جماهير رافضة له ومطالبة بإيقافه ومحاكمة صاحبه. وهو مع "تخصيص حيز زمني كاف لمناقشة بعضا مما جاء في هذا المسلسل من مشاهد وحوار يقع تناولها بالنقاش مع التلاميذ في القسم لتكون فرصة لتطوير الفكر النقدي لديهم.

وفي مقاربة سوسيولوجية للردود الفعل "الهستيرية" التي رافقت بث الحلقة الأولى من مسلسل الفلوجة قالت نجاة عرعاري الباحث في علم الاجتماع، أن محاكمة عمل فني منذ الحلقة الأولى غير موضوعي بالمرة وغير ناضج، وبإمكان الصورة ان تبدأ قاتمة اجتماعيا وحتى على مستوى المعايير، ان تحمل مضامين ايجابية. وبتناولنا للطرح الفني، أولا علينا التساؤلات هل العمل الفني هو تعرية للواقع ام انه عمل من وحي الخيال استباقا لما يحدث. شددت في حديثها على انها ضد الصنصرة، فإن كان على الولي ان يقوم بدوره فعليه منع أطفاله من المشاهدة او ان يكون المسلسل فرصة للحوار والنقاش للوقاية. وكل طرح فني قابل للنقاش والنقد ولكن المتلقي له معاييره اما ان يتعمق في الرسالة التي يريد أن يبلغها المخرج او ان يكون سطحيا وهي وضعية الحال بالنسبة لمسلسل الفلوجة.

واعتبرت نجاة عرعاري ان ردود الفعل قائمة بالأساس على الدفاع على المؤسسة التربوية وعلى القيم في حين ان بشاعة الواقع غير المرئي في الكثير من الأحيان تكون اكثر مما يحدث في العمل الدرامي، ابتداء من استهلاك المخدرات في الأوساط المدرسية، والدراسات الرسمية تقول ان 3 تلاميذ من 5 يستهلكون مواد مخدرة، إلى انتشار ظاهرة العنف والعلاقات الجنسية والتحرش الجنسي، وسلعنة التعليم وانهيار منظومة التعليم.. كلها معطيات يعرفها ويدركها الجميع وتثبتها دراسات رسمية وسويولوجية ونفسية منشورة، الا انه عندما تبث في التلفاز تصبح معلومات معممة وهو ما لا يستجيب للذوق العام.

وعكس مسلسل الفلوجة حسب الباحث في علم الاجتماع، معطيات إحصائية لحالات الاعتداءات على المدرسين وعلى الإطار التربوي الذي فقد بنفسه السيطرة على الأوضاع وانخرط في انهيار المنظومة. ولظاهرة "دخلات" الباكلوريا وما تحمله من شعارات ملغمة، ولمشكل الولي الذي مازال يفكر بالطريقة التقليدية في حين ان شباب اليوم له مرجعياته ورموزه وثقافته الخاصة به، وبالتالي هناك هوة كبيرة بين الأجيال. كما تناول للعنف الموجود داخل ألعاب الفيديو، وداخل الأسرة وفي المحيط المدرسي وتأثيراته السلبية على الأطفال والمراهقين.. وكيف ان الأسرة تغيب على كل آليات الرقابة والحوار.. وذكرت نجاة العرعاري ان ما تجسده سوسن الجملي في المسلسل غير مستجد وهو موجود في الأغاني الفنية التي تحفز على استهلاك المخدرات وخاصة منها أغاني الراب الجزائري والأمريكي وهي من أكثر الأغاني التي يستمع إليها الشباب بشكل دائم.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews