إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عاصفة من الانتقادات والاتهامات ودعوات لايقاف المسلسل .. "فلوجة" يضع الجميع في ورطة ويطرح مجددا إشكالية العلاقة بين الفن والاخلاق

 

قضية ضد المسلسل.. وزارة التربية طرف في القصة ومندوب الطفولة على الخط

تونس- الصباح

 خلفت مشاهدة الحلقة الاولى من مسلسل "فلوجة" للمخرجة سوسن الجمني والذي شرعت قناة الحوار التونسي في بثه في إطار برمجتها لرمضان الجاري، عاصفة من الانتقادات ومن الاتهامات بالمساس من المؤسسة التربوية وصدرت العديد من الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ايقاف المسلسل. بل تولى أحد المحامين تقديم دعوى قضائية استعجالية لايقاف المسلسل ( بتاريخ يوم امس الجمعة). ودخل ايضا المندوب العام لحماية الطفولة على الخط، بتوجيه رسالة إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال، "الهايكا" لتغيير توقيت بث المسلسل ( يبث في وقت الذروة) وتحديد سقف عمري للمشاهدة.

ورغم أن وزير التربية محمد علي البوغديري قد شدد امس في تصريحات اعلامية على أن مسلسل "فلوجة" هو عمل دنيء مشيرا إلى أن الوزارة ستتخذ كل الاجراءات اللازمة من اجل ايقاف بث المسلسل، فإن ذلك لا يحول دون التذكير بأن وزارة التربية ( في عهد الوزير السابق) هي التي منحت القناة رخصة التصوير بمعهد ثانوي تابع للدولة.

وفعلا لقد اثار استغلال المعهد الثانوي فرحات حشاد برادس لتصوير احداث بالمسلسل الذي يهتم وفق ما ظهر في الحلقة الاولى بالمحيط التلمذيموجة من الغضب بسبب الصورة السلبية والمخجلة التي ظهر عليها المعهد الذي بدا وكأنه "وكرا" لممارسة الفساد واستهلاك المخدرات في صفوف التلاميذ.

ورغم وجود بعض الأصوات التي حاولت التهدئة، مذكرة بأنه لا ينبغي مصادرة الاعمال الفنية ومنعها، لأن في ذلك مصادرة لحرية التعبير والابداع، وأن المشاهد يبقى حرا في اختيار القناة التي يراها مناسبة لذوقه، بعيدا عن محاولات التحكم في الاذواق، فإن مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع "الفايسبوك" قد عجّ بالمواقف الرافضة لمواصلة بث المسلسل الذي "اسقط " في منظورهم واقعا آخر على الواقع التلمذي التونسي واعتبروا ان فيه اساءة كبيرة للمدرسة العمومية التونسية التي ظهرت وكأنها نموذجا للتفسخ والانحلال الاخلاقي. واعتبر منتقدو العمل أن المسلسل لا ينقل واقعا موجودا في تونس، وانما ينطلق من احكام مسبقة حول المحيط التلمذي في تونس، ليقدم صورة مجانبة للحقيقة، وذلك في اطار السعي وراء الاثارة واستدراج المشاهدين. ولنا أن نشير إلى أنها ليست المرة الاولى التي تقدم قناة الحوار التونسي اعمالا درامية تثير سخط المشاهدين والملاحظين، ففي رمضان الفارط مثلا، اثار مسلسل "براءة " لسامي الفهري ( بطولة فتحي الهداوي وريم الرياحي ) جدلا قويا بسبب موضوع المسلسل الذي يتعلق بالزواج العرفي الذي ظهر في المسلسل وكانه امرا واقعا في حين أنه يجرم قانونيا في تونس. كما أن تعامل المسلسل مع المرأة عموما بما في ذلك زوجة الشهيد كان فيها استنقاصا كبيرا. مسلسل "الفوندو" أيضا على نفس القناة ( في جزءين) للمخرجة سوسن الجمني مخرجة المسلسل الجديد" الفلوجة" اثار أيضا الجدل لكثرة مشاهد العنف والاجرام في هذا العمل إلى حد التخمة.

وإذا ما عدنا إلى قضية مسلسل الفلوجة، يبدو أن القضية لن تقف عند حدود المسالة الفنية والذوقية، التي كثيرا ما ترتفع بسببها الاصوات المنتقدة، قبل أن تصمت في النهاية وتذعن للأمر الواقع وتواصل متابعة المسلسل، حتى العديد من الملاحظين يجزمون بأن المراهنة على مواضيع تثير ردود فعل قوية، مسألة مدبرة ويراد منها مضاعفة عدد المشاهدين. وعلى الارجح لن تكون الامور كما في السابق، نظرا لوجود وزارة التربية في الموضوع. بل قد تتعقد المسائل أكثر بعد تبين أن قناة الحوار التونسي قد حصلت على رخصة من وزارة التربية للتصوير بالمعهد الفني برادس وأنها صورت بالمعهد في اطار القانون. فقد تم تداول وثيقة موجّهة من قناة الحوار التونسي إلى وزير التربية السابق فتحي السلاوتي بتاريخ 7 ديسمبر 2022 تتعلّق بانطلاق تصويرمسلسل"فلوجة"في معهد فرحات حشاد برادس.

والوثيقة مصحوبة برخصة التصوير حسب ما تم التنصيص عليه في المصاحيب. مع العلم أنه تم في نص المراسلة بين القناة والوزارة والتي أشر فيها مدير ديوان وزير التربية السابق بالموافقة، على أن عنوان المسلسل هو" خليل" وليس "فلوجة"

وقد أكدكاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي، لسعد اليعقوبي هذا الامر وقال في تدوينة على صفحته على موقع الفايسبوك أن وزارة التربية قد" وقّعت عقدا مع صاحب قناة الحوار التونسي وسمحت بتصوير مسلسل "الفلوجة" بمعهد رادس بعد أن حولوا اسمه إلى معهد بورقيبة مقابل التبرع ببعض أثاث التصوير للمعهد المذكور".

وقال اليعقوبي " حذرنا وزير التربية، فتحي السلاوتي والذي اتضح انه لم يكن على علم بهذا العقد وأن مصالحه قامت بإمضاء الاتفاق دون إعلامه ولكن الوزير عاد ليؤكد ان المسلسل سيخضع لرقابة الوزارة وستتوجه إلى الهايكا لطلب منعه لمخالفته العقد قبل حلول شهر رمضان".

ومن جهتها أشارت احدى المدرسات بالمعهد في تدوينة لها ايضا علقت فيها على الأحداث، إلى أن وضع المعهد على ذمة قناة الحوار التونسي كان يفترض أن يتم وفق اتفاقية واضحة تتمثل في توفير اثاث جديد ( خاصة قاعة الاساتذة) واجراء تحسينات على المعهد لتنتهي بأن فريق التصوير لم ينفذ شيئا ما اتفق عليه، بل عبثوا وفق وصفها بقاعة الاساتذة حتى أنهم نزعوا ستارة كانوا قد وضعوها خلال التصوير واستردوا كنبة كانت تستعمل ايضا للتصوير، بل اتلفوا آلة للقهوة كانت مصدر رزق لامرأة فقيرة وفق توصيفها.

واشارت الاستاذة المدونة إلى أنها قامت مع زملائها بوقفة احتجاجية انتهت بتعهد القناة بالتصوير بعد مغادرة الاساتذة.

ولنا أن ننبه إلى أن المسلسل قد وضع الجميع فعلا في ورطة. فهو من جهة استغل معهدا ثانويا مسرحا لاحداث مسلسل متأثرا كثيرا بمسلسلات تبثها محطة نتفليكس، والتي تنطلق عادة من واقع مختلف عن واقعنا، على الرغم من وجود بعض نقاط التقاطع، ومن جهة أخرى من غير الموضوعي أن نحكم على عمل فني درامي يدور شهرا كاملا بمجرد مشاهدة حلقة واحدة. ولعل الاخطر من ذلك هو أن هذا العمل يضعنا أمام اشكالية حرية التعبير وهل يجوز مهما كان موضوعه واسلوب الطرح، ان نطالب بمنعه. وها نحن مجددا وبدل الاستمتاع بفرجة رائقة في شهر رمضان الذي يستحب فيه السهر امام التلفزيون ومع العائلة أمام قضية شائكة وهي قضية العلاقة بين الفن والاخلاق. فقد شاء اصحاب البرمجة -وليس اليوم فقط وإنما منذ أعوام- أن يحولوا الاعمال الدرامية التلفزيونية إلى دراما حقيقية.

حياة السايب

 

 

 

 

 

 

عاصفة من الانتقادات والاتهامات ودعوات لايقاف المسلسل .. "فلوجة" يضع الجميع في ورطة ويطرح مجددا إشكالية العلاقة بين الفن والاخلاق

 

قضية ضد المسلسل.. وزارة التربية طرف في القصة ومندوب الطفولة على الخط

تونس- الصباح

 خلفت مشاهدة الحلقة الاولى من مسلسل "فلوجة" للمخرجة سوسن الجمني والذي شرعت قناة الحوار التونسي في بثه في إطار برمجتها لرمضان الجاري، عاصفة من الانتقادات ومن الاتهامات بالمساس من المؤسسة التربوية وصدرت العديد من الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ايقاف المسلسل. بل تولى أحد المحامين تقديم دعوى قضائية استعجالية لايقاف المسلسل ( بتاريخ يوم امس الجمعة). ودخل ايضا المندوب العام لحماية الطفولة على الخط، بتوجيه رسالة إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال، "الهايكا" لتغيير توقيت بث المسلسل ( يبث في وقت الذروة) وتحديد سقف عمري للمشاهدة.

ورغم أن وزير التربية محمد علي البوغديري قد شدد امس في تصريحات اعلامية على أن مسلسل "فلوجة" هو عمل دنيء مشيرا إلى أن الوزارة ستتخذ كل الاجراءات اللازمة من اجل ايقاف بث المسلسل، فإن ذلك لا يحول دون التذكير بأن وزارة التربية ( في عهد الوزير السابق) هي التي منحت القناة رخصة التصوير بمعهد ثانوي تابع للدولة.

وفعلا لقد اثار استغلال المعهد الثانوي فرحات حشاد برادس لتصوير احداث بالمسلسل الذي يهتم وفق ما ظهر في الحلقة الاولى بالمحيط التلمذيموجة من الغضب بسبب الصورة السلبية والمخجلة التي ظهر عليها المعهد الذي بدا وكأنه "وكرا" لممارسة الفساد واستهلاك المخدرات في صفوف التلاميذ.

ورغم وجود بعض الأصوات التي حاولت التهدئة، مذكرة بأنه لا ينبغي مصادرة الاعمال الفنية ومنعها، لأن في ذلك مصادرة لحرية التعبير والابداع، وأن المشاهد يبقى حرا في اختيار القناة التي يراها مناسبة لذوقه، بعيدا عن محاولات التحكم في الاذواق، فإن مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع "الفايسبوك" قد عجّ بالمواقف الرافضة لمواصلة بث المسلسل الذي "اسقط " في منظورهم واقعا آخر على الواقع التلمذي التونسي واعتبروا ان فيه اساءة كبيرة للمدرسة العمومية التونسية التي ظهرت وكأنها نموذجا للتفسخ والانحلال الاخلاقي. واعتبر منتقدو العمل أن المسلسل لا ينقل واقعا موجودا في تونس، وانما ينطلق من احكام مسبقة حول المحيط التلمذي في تونس، ليقدم صورة مجانبة للحقيقة، وذلك في اطار السعي وراء الاثارة واستدراج المشاهدين. ولنا أن نشير إلى أنها ليست المرة الاولى التي تقدم قناة الحوار التونسي اعمالا درامية تثير سخط المشاهدين والملاحظين، ففي رمضان الفارط مثلا، اثار مسلسل "براءة " لسامي الفهري ( بطولة فتحي الهداوي وريم الرياحي ) جدلا قويا بسبب موضوع المسلسل الذي يتعلق بالزواج العرفي الذي ظهر في المسلسل وكانه امرا واقعا في حين أنه يجرم قانونيا في تونس. كما أن تعامل المسلسل مع المرأة عموما بما في ذلك زوجة الشهيد كان فيها استنقاصا كبيرا. مسلسل "الفوندو" أيضا على نفس القناة ( في جزءين) للمخرجة سوسن الجمني مخرجة المسلسل الجديد" الفلوجة" اثار أيضا الجدل لكثرة مشاهد العنف والاجرام في هذا العمل إلى حد التخمة.

وإذا ما عدنا إلى قضية مسلسل الفلوجة، يبدو أن القضية لن تقف عند حدود المسالة الفنية والذوقية، التي كثيرا ما ترتفع بسببها الاصوات المنتقدة، قبل أن تصمت في النهاية وتذعن للأمر الواقع وتواصل متابعة المسلسل، حتى العديد من الملاحظين يجزمون بأن المراهنة على مواضيع تثير ردود فعل قوية، مسألة مدبرة ويراد منها مضاعفة عدد المشاهدين. وعلى الارجح لن تكون الامور كما في السابق، نظرا لوجود وزارة التربية في الموضوع. بل قد تتعقد المسائل أكثر بعد تبين أن قناة الحوار التونسي قد حصلت على رخصة من وزارة التربية للتصوير بالمعهد الفني برادس وأنها صورت بالمعهد في اطار القانون. فقد تم تداول وثيقة موجّهة من قناة الحوار التونسي إلى وزير التربية السابق فتحي السلاوتي بتاريخ 7 ديسمبر 2022 تتعلّق بانطلاق تصويرمسلسل"فلوجة"في معهد فرحات حشاد برادس.

والوثيقة مصحوبة برخصة التصوير حسب ما تم التنصيص عليه في المصاحيب. مع العلم أنه تم في نص المراسلة بين القناة والوزارة والتي أشر فيها مدير ديوان وزير التربية السابق بالموافقة، على أن عنوان المسلسل هو" خليل" وليس "فلوجة"

وقد أكدكاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي، لسعد اليعقوبي هذا الامر وقال في تدوينة على صفحته على موقع الفايسبوك أن وزارة التربية قد" وقّعت عقدا مع صاحب قناة الحوار التونسي وسمحت بتصوير مسلسل "الفلوجة" بمعهد رادس بعد أن حولوا اسمه إلى معهد بورقيبة مقابل التبرع ببعض أثاث التصوير للمعهد المذكور".

وقال اليعقوبي " حذرنا وزير التربية، فتحي السلاوتي والذي اتضح انه لم يكن على علم بهذا العقد وأن مصالحه قامت بإمضاء الاتفاق دون إعلامه ولكن الوزير عاد ليؤكد ان المسلسل سيخضع لرقابة الوزارة وستتوجه إلى الهايكا لطلب منعه لمخالفته العقد قبل حلول شهر رمضان".

ومن جهتها أشارت احدى المدرسات بالمعهد في تدوينة لها ايضا علقت فيها على الأحداث، إلى أن وضع المعهد على ذمة قناة الحوار التونسي كان يفترض أن يتم وفق اتفاقية واضحة تتمثل في توفير اثاث جديد ( خاصة قاعة الاساتذة) واجراء تحسينات على المعهد لتنتهي بأن فريق التصوير لم ينفذ شيئا ما اتفق عليه، بل عبثوا وفق وصفها بقاعة الاساتذة حتى أنهم نزعوا ستارة كانوا قد وضعوها خلال التصوير واستردوا كنبة كانت تستعمل ايضا للتصوير، بل اتلفوا آلة للقهوة كانت مصدر رزق لامرأة فقيرة وفق توصيفها.

واشارت الاستاذة المدونة إلى أنها قامت مع زملائها بوقفة احتجاجية انتهت بتعهد القناة بالتصوير بعد مغادرة الاساتذة.

ولنا أن ننبه إلى أن المسلسل قد وضع الجميع فعلا في ورطة. فهو من جهة استغل معهدا ثانويا مسرحا لاحداث مسلسل متأثرا كثيرا بمسلسلات تبثها محطة نتفليكس، والتي تنطلق عادة من واقع مختلف عن واقعنا، على الرغم من وجود بعض نقاط التقاطع، ومن جهة أخرى من غير الموضوعي أن نحكم على عمل فني درامي يدور شهرا كاملا بمجرد مشاهدة حلقة واحدة. ولعل الاخطر من ذلك هو أن هذا العمل يضعنا أمام اشكالية حرية التعبير وهل يجوز مهما كان موضوعه واسلوب الطرح، ان نطالب بمنعه. وها نحن مجددا وبدل الاستمتاع بفرجة رائقة في شهر رمضان الذي يستحب فيه السهر امام التلفزيون ومع العائلة أمام قضية شائكة وهي قضية العلاقة بين الفن والاخلاق. فقد شاء اصحاب البرمجة -وليس اليوم فقط وإنما منذ أعوام- أن يحولوا الاعمال الدرامية التلفزيونية إلى دراما حقيقية.

حياة السايب

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews