إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ورقة اقتصادية | عقلنة الاستهلاك بين الإفراط والتبذير

 

تونس-الصباح

مع دخول شهر رمضان المعظم، يشهد نمط استهلاك التونسي تغيرا جذريا يصل حد الإفراط  في الإنفاق حتى ينتهي به الأمر مع انقضاء الثلاثين يوما إلى إجهاد مالي باعتباره أكثر الأشهر إرهاقا لجيبه، وهذا ما تؤكده جل الأرقام والإحصائيات الرسمية في ما يتعلق بالارتفاع الكبير لنسبة الاستهلاك تصل إلى 34 بالمائة، ولا يمكن في الحقيقة تفسير ذلك، إلا بانسياق المستهلك إلى الشراءات العشوائية دون رقابة ذاتية على أهوائه وشهواته من جهة، وفقدانه السيطرة على ظاهرتي اللهفة والإسراف المفرط خلال هذا الشهر من جهة ثانية.

فمن غير المعقول أن يُقدم  التونسيون على اقتناء كميات كبيرة من السلع والمواد الغذائية وتكديسها في بيوتهم بدافع الخوف من فقدانها في الأسواق، كما من الصعب تفسير التغير المفاجئ في سلوكهم الاستهلاكي والانفاقي على حد السواء خلال هذا الشهر من السنة، والحال أن المقدرة الشرائية للتونسيين اليوم تعد من بين الأضعف عالميا باعتبار أن تونس مصنفة في قائمة دول العالم الأكثر انخفاضا في الدخل الفردي...

والأخطر في ثقافة استهلاك التونسي "الغريبة" خلال هذا الشهر من السنة أن يبلغ حجم التبذير الغذائي مستويات مرتفعة، يمكن اختصارها في الأرقام الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للاستهلاك التي تؤكد أن ثلث ما يُطهى في المطبخ التونسي خلال شهر رمضان وفي حدود الـ 900 ألف رغيف خبز يوميا يُرمى في القمامة..، وهو ما يكرس في مجتمعنا نمطا استهلاكيا غير معتدل تسيطر عليه اللهفة والإفراط في الإنفاق وتغيب عنه كل مقومات العقلانية..

وهذا ما يفرض علينا اليوم دون تراخ، حكومة كانت أم مواطنين ومنظمات مدنية مدافعة عن المستهلك، ضرورة عقلنة الاستهلاك في تونس عبر إطلاق خطة وطنية واستحداث آليات لتنظيم سلوك التونسيين الاستهلاكي مع العمل على التوعية بمخاطر ظاهرة التبذير الغذائي لما لها من انعكاس على الأمن الغذائي والسيادة الغذائية للبلاد، ولم لا التفكير في إصدار قانون حول التبذير الغذائي، على غرار فرنسا وإيطاليا، الذي يشجع المطاعم والمساحات التجارية على التخلص من بقايا الأطعمة والمنتجات لفائدة المصلحة العامة والجمعيات الخيرية، مقابل إقرار إعفاءات من الأداء البلدي.

وفاء بن محمد

ورقة اقتصادية | عقلنة الاستهلاك بين الإفراط والتبذير

 

تونس-الصباح

مع دخول شهر رمضان المعظم، يشهد نمط استهلاك التونسي تغيرا جذريا يصل حد الإفراط  في الإنفاق حتى ينتهي به الأمر مع انقضاء الثلاثين يوما إلى إجهاد مالي باعتباره أكثر الأشهر إرهاقا لجيبه، وهذا ما تؤكده جل الأرقام والإحصائيات الرسمية في ما يتعلق بالارتفاع الكبير لنسبة الاستهلاك تصل إلى 34 بالمائة، ولا يمكن في الحقيقة تفسير ذلك، إلا بانسياق المستهلك إلى الشراءات العشوائية دون رقابة ذاتية على أهوائه وشهواته من جهة، وفقدانه السيطرة على ظاهرتي اللهفة والإسراف المفرط خلال هذا الشهر من جهة ثانية.

فمن غير المعقول أن يُقدم  التونسيون على اقتناء كميات كبيرة من السلع والمواد الغذائية وتكديسها في بيوتهم بدافع الخوف من فقدانها في الأسواق، كما من الصعب تفسير التغير المفاجئ في سلوكهم الاستهلاكي والانفاقي على حد السواء خلال هذا الشهر من السنة، والحال أن المقدرة الشرائية للتونسيين اليوم تعد من بين الأضعف عالميا باعتبار أن تونس مصنفة في قائمة دول العالم الأكثر انخفاضا في الدخل الفردي...

والأخطر في ثقافة استهلاك التونسي "الغريبة" خلال هذا الشهر من السنة أن يبلغ حجم التبذير الغذائي مستويات مرتفعة، يمكن اختصارها في الأرقام الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للاستهلاك التي تؤكد أن ثلث ما يُطهى في المطبخ التونسي خلال شهر رمضان وفي حدود الـ 900 ألف رغيف خبز يوميا يُرمى في القمامة..، وهو ما يكرس في مجتمعنا نمطا استهلاكيا غير معتدل تسيطر عليه اللهفة والإفراط في الإنفاق وتغيب عنه كل مقومات العقلانية..

وهذا ما يفرض علينا اليوم دون تراخ، حكومة كانت أم مواطنين ومنظمات مدنية مدافعة عن المستهلك، ضرورة عقلنة الاستهلاك في تونس عبر إطلاق خطة وطنية واستحداث آليات لتنظيم سلوك التونسيين الاستهلاكي مع العمل على التوعية بمخاطر ظاهرة التبذير الغذائي لما لها من انعكاس على الأمن الغذائي والسيادة الغذائية للبلاد، ولم لا التفكير في إصدار قانون حول التبذير الغذائي، على غرار فرنسا وإيطاليا، الذي يشجع المطاعم والمساحات التجارية على التخلص من بقايا الأطعمة والمنتجات لفائدة المصلحة العامة والجمعيات الخيرية، مقابل إقرار إعفاءات من الأداء البلدي.

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews