إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خفض العجز عند 5.5 % يقتضي مراجعة نموذج ميزانية الدولة

 


نحو مراجعة نموذج ميزانية الدولة لخفض العجز عند 5.5%

البنوك تواصل تمويل الميزانية والقرض الرقاعي لدعم جهود تمويل الميزانية 

 

*توقعات بتراجع عجز الميزانية إلى 5.5٪ مع نهاية العام الجاري 

تونس- الصباح

أعلنت وزار المالية، في آخر تقرير لها صادر منذ أيام، عن ارتفاع عجز الميزانية إلى10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2022، ووفقاً للمعطيات المقدمة، سجل عجز الميزانية مستويات 11 مليار دينار، أي ما يعادل 3.54 مليار دولار، وهذه المعطيات تدحض بعض التوقعات الصادرة عن الخبراء الاقتصاديين بتجاوز عجز الميزانية حاجز 20 مليار دينار. 

وحسب ما أعلن عنه عدد من المسؤولين، فأن المرحلة القادمة تتطلب خفض العجز عند 5.5%، انطلاقا من العام الجاري، وهناك اليوم حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط والتي لم تتجاوز ايراداته المستوى المطلوب خلال السنوات الماضية.

ويحد التصنيف السلبي الموجه من وكالات الترقيم السيادي العالمية، من قدرة تونس على الخروج مستقبلا للاقتراض من الأسواق المالية العالمية، كما يزيد ذلك من صعوبة الحصول على قروض بنسب فائدة معقولة، علما وأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم ترواح بعد مكانها، واقتصرت على المحادثات.

ولمح مؤخرا، عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، عن تخوفهم من عدم قدرة تونس على مواصلة تامين خلاص أجور الموظفين خلال الفترة القليلة القادمة، بسبب الصعوبات التي تعرفها البلاد في تعبئة الموارد المالية الضرورية في ظل انسداد الأفق السياسية والمالية، حيث سجلت تونس في الفترة القليلة الماضية، صعوبة في الخروج إلى السوق المالية الدولية لتوفير الموارد المالية لسنة 2022، خصوصا وان أي اتفاق مع هذه المؤسسات، رهين ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وتضاعفت كتلة الأجور أكثر من ثلاث مرات مقارنة بسنة 2010 إذ لم تتجاوز ستة مليارات دينار سنة 2010، لتبلغ اليوم أكثر من 20 مليار دينار، فيما تحملت الميزانية العامة للدولة وحدها، وزر الضغط الاجتماعي، من خلال فتح باب الانتدابات بشكل عشوائي في القطاع العام لتفادي مزيد من الاحتقان الاجتماعي، كما تحملت تداعيات اتفاقيات الزيادة في الأجور مع الاتحاد العام التونسي للشغل، دون أن يقابل ذلك نمو اقتصادي، قادر على امتصاص أزمة زيادة العاطلين عن العمل، وهو ما أثر بشكل لافت على ميزانية الدولة للسنة الحالية ، وأيضا للسنوات القادمة.

ارتفاع تمويل البنوك للميزانية 

وحسب الرئيس السابق للجمعية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية، احمد كرم، في تصريح سابق لـ"الصباح"، فإن "البنوك التونسية أضحت تواجه منذ سنة تقريباً ضغطاً كبيراً بسبب ميزانية الدولة، وأصبحت تُوجّه أغلب مواردها لتمويل المؤسسات العمومية، وبخاصة خزينة الدولة، لافتاً إلى أن قائم القروض الموجهة للدولة ارتفع خلال سنة 2020 بنسبة 26.6 في المائة ونفس الأمر تم تسجيله أيضاً خلال عام 2021.

وانطلقت الحكومة مؤخرا، في إصدار قرض رقاعي وطني لسنة 2023، بغرض تعبئة 8.2 مليار دينار، مستفيدة من نجاح القرض السابق بنسبة استجابة تجاوزت 212%، بالإضافة إلى قروض محلية بالعملة الصعبة، وطرحت الحكومة في 2022، قرضا رقاعيا على 4 أقساط، تمكّنت من خلاله من تعبئة مبلغ 9.2 م. د بعنوان القرض الرقاعي الوطني لسنة 2022، رغم أنّ الهدف كان في حدود 4.1 م. د. 

القرض الرقاعي لتمويل الميزانية  

وستخصّص الحكومة القرض الرقاعي الوطني لسنة 2023، لتمويل ميزانية الدولة إلى جانب 3 موارد أخرى تتضمّن رقاع الخزينة لمدّة 52 أسبوعا، بالإضافة إلى قرض داخلي بقيمة 528 مليون دينار، وتتضمّن قائمة مصادر الاقتراض لسنة 2023، بالدولار، كل من صندوق النقد العربي بما يعادل 37 مليون دولار و500 م.د من البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد، إضافة إلى اقتراض 100 م. د من اليابان و300 م. د من الجزائر.

وستقترض تونس بعملة اليورو 367 مليون يورو من البنك الدولي و100 مليون يورو من البنك الإفريقي للتنمية، و300 مليون يورو  من الاتّحاد الأوروبي، إلى جانب 210 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية و210 مليون يورو  من ألمانيا.

وكشفت الحكومة في تقريرها حول قانون المالية لسنة 2023، أنّها ستحصل على قروض أخرى في حدود 1.5 مليار دولار، أي ما يقارب 4.7 مليار دينار ضمن توجهاتها لاقتراض 13 مليار دينار العام الجاري. 

وستفضي عملية الاقتراض إلى ارتفاع حجم الدين العمومي إلى 124.5 مليار دينار مع موفى 2023،علما وان الديون الخارجية تمثل 63.9% من إجمالي الدين، في حين تستحوذ عملة اليورو على نصف ديون تونس الخارجية.

وتتوقع الحكومة أن يتراجع عجز الميزانية إلى 5.2 بالمائة عام 2023 مقابل 7.7٪ خلال 2022، وذلك بفضل إجراءات تقشف قد تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود وإصلاح شركات القطاع العام، علما وان تونس تشهد أزمة اقتصادية عميقة أدت إلى ارتفاع مستويات المعيشة ومعدلات التضخم إلى 10.4٪.

* سفيان المهداوي 

"وهناك اليوم حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط"

خفض العجز عند 5.5 % يقتضي مراجعة نموذج ميزانية الدولة

 


نحو مراجعة نموذج ميزانية الدولة لخفض العجز عند 5.5%

البنوك تواصل تمويل الميزانية والقرض الرقاعي لدعم جهود تمويل الميزانية 

 

*توقعات بتراجع عجز الميزانية إلى 5.5٪ مع نهاية العام الجاري 

تونس- الصباح

أعلنت وزار المالية، في آخر تقرير لها صادر منذ أيام، عن ارتفاع عجز الميزانية إلى10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2022، ووفقاً للمعطيات المقدمة، سجل عجز الميزانية مستويات 11 مليار دينار، أي ما يعادل 3.54 مليار دولار، وهذه المعطيات تدحض بعض التوقعات الصادرة عن الخبراء الاقتصاديين بتجاوز عجز الميزانية حاجز 20 مليار دينار. 

وحسب ما أعلن عنه عدد من المسؤولين، فأن المرحلة القادمة تتطلب خفض العجز عند 5.5%، انطلاقا من العام الجاري، وهناك اليوم حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط والتي لم تتجاوز ايراداته المستوى المطلوب خلال السنوات الماضية.

ويحد التصنيف السلبي الموجه من وكالات الترقيم السيادي العالمية، من قدرة تونس على الخروج مستقبلا للاقتراض من الأسواق المالية العالمية، كما يزيد ذلك من صعوبة الحصول على قروض بنسب فائدة معقولة، علما وأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم ترواح بعد مكانها، واقتصرت على المحادثات.

ولمح مؤخرا، عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، عن تخوفهم من عدم قدرة تونس على مواصلة تامين خلاص أجور الموظفين خلال الفترة القليلة القادمة، بسبب الصعوبات التي تعرفها البلاد في تعبئة الموارد المالية الضرورية في ظل انسداد الأفق السياسية والمالية، حيث سجلت تونس في الفترة القليلة الماضية، صعوبة في الخروج إلى السوق المالية الدولية لتوفير الموارد المالية لسنة 2022، خصوصا وان أي اتفاق مع هذه المؤسسات، رهين ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وتضاعفت كتلة الأجور أكثر من ثلاث مرات مقارنة بسنة 2010 إذ لم تتجاوز ستة مليارات دينار سنة 2010، لتبلغ اليوم أكثر من 20 مليار دينار، فيما تحملت الميزانية العامة للدولة وحدها، وزر الضغط الاجتماعي، من خلال فتح باب الانتدابات بشكل عشوائي في القطاع العام لتفادي مزيد من الاحتقان الاجتماعي، كما تحملت تداعيات اتفاقيات الزيادة في الأجور مع الاتحاد العام التونسي للشغل، دون أن يقابل ذلك نمو اقتصادي، قادر على امتصاص أزمة زيادة العاطلين عن العمل، وهو ما أثر بشكل لافت على ميزانية الدولة للسنة الحالية ، وأيضا للسنوات القادمة.

ارتفاع تمويل البنوك للميزانية 

وحسب الرئيس السابق للجمعية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية، احمد كرم، في تصريح سابق لـ"الصباح"، فإن "البنوك التونسية أضحت تواجه منذ سنة تقريباً ضغطاً كبيراً بسبب ميزانية الدولة، وأصبحت تُوجّه أغلب مواردها لتمويل المؤسسات العمومية، وبخاصة خزينة الدولة، لافتاً إلى أن قائم القروض الموجهة للدولة ارتفع خلال سنة 2020 بنسبة 26.6 في المائة ونفس الأمر تم تسجيله أيضاً خلال عام 2021.

وانطلقت الحكومة مؤخرا، في إصدار قرض رقاعي وطني لسنة 2023، بغرض تعبئة 8.2 مليار دينار، مستفيدة من نجاح القرض السابق بنسبة استجابة تجاوزت 212%، بالإضافة إلى قروض محلية بالعملة الصعبة، وطرحت الحكومة في 2022، قرضا رقاعيا على 4 أقساط، تمكّنت من خلاله من تعبئة مبلغ 9.2 م. د بعنوان القرض الرقاعي الوطني لسنة 2022، رغم أنّ الهدف كان في حدود 4.1 م. د. 

القرض الرقاعي لتمويل الميزانية  

وستخصّص الحكومة القرض الرقاعي الوطني لسنة 2023، لتمويل ميزانية الدولة إلى جانب 3 موارد أخرى تتضمّن رقاع الخزينة لمدّة 52 أسبوعا، بالإضافة إلى قرض داخلي بقيمة 528 مليون دينار، وتتضمّن قائمة مصادر الاقتراض لسنة 2023، بالدولار، كل من صندوق النقد العربي بما يعادل 37 مليون دولار و500 م.د من البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد، إضافة إلى اقتراض 100 م. د من اليابان و300 م. د من الجزائر.

وستقترض تونس بعملة اليورو 367 مليون يورو من البنك الدولي و100 مليون يورو من البنك الإفريقي للتنمية، و300 مليون يورو  من الاتّحاد الأوروبي، إلى جانب 210 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية و210 مليون يورو  من ألمانيا.

وكشفت الحكومة في تقريرها حول قانون المالية لسنة 2023، أنّها ستحصل على قروض أخرى في حدود 1.5 مليار دولار، أي ما يقارب 4.7 مليار دينار ضمن توجهاتها لاقتراض 13 مليار دينار العام الجاري. 

وستفضي عملية الاقتراض إلى ارتفاع حجم الدين العمومي إلى 124.5 مليار دينار مع موفى 2023،علما وان الديون الخارجية تمثل 63.9% من إجمالي الدين، في حين تستحوذ عملة اليورو على نصف ديون تونس الخارجية.

وتتوقع الحكومة أن يتراجع عجز الميزانية إلى 5.2 بالمائة عام 2023 مقابل 7.7٪ خلال 2022، وذلك بفضل إجراءات تقشف قد تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود وإصلاح شركات القطاع العام، علما وان تونس تشهد أزمة اقتصادية عميقة أدت إلى ارتفاع مستويات المعيشة ومعدلات التضخم إلى 10.4٪.

* سفيان المهداوي 

"وهناك اليوم حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط"

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews