إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم | في سياسة الحفاظ على الارتباك في العقول ..!.

 

بقلم: أبوبكر الصغير

يستطيع المرء أن يخدع ويغش بعض الناس بعض الوقت، لكنه لا يستطيع أن يخدع كل الناس طول الوقت.

تداولت وسائل إعلام عالمية خلال اليومين الماضيين، من بينها وكالة فرانس براس (فرنسا) وقناة الحرة (الولايات المتحدة) ما يمكن تسميته ببيان موقف حديث أصدرته السعودية دعما لتونس بعد تصريحات الرئيس قيس سعيد بخصوص المهاجرين من جنوب الصحراء وما أثارته من انتقادات.

تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما في تونس، تحديدا تلك المحسوبة على أنصار رئيس الجمهورية بشكل مكثف هذا البيان ليتّضح انّه

قديم كان نشر سنة 2021 عقب اتخاذ رئيس الدولة تدابير استثنائية من بينها إقالة حكومة المشيشي وتجميد عمل البرلمان .

يحمل البيان المنشور صورة تضم موقفا عليه شعار المملكة العربية السعودية.

وجاء في التعليق المرافق "السعودية تؤكد وقوفها إلى جانب كل ما يدعم أمن واستقرار تونس، كما تؤكد احترامها لكل ما يتعلق بالشأن الداخلي التونسي وتعده أمرا سياديا ".

لا يختلف اثنان في ثبات موقف المملكة في دعم والوقوف بجانب تونس، لكن ليس بهذه الطريقة يقوم الفعل السياسي ويتمّ الانتصار  للقضايا والتعامل مع توجهات البلدان الشقيقة والصديقة .

في جانب متّصل، لأول مرّة يبادر أنصار قيس سعيد وبمناسبة ذكرى الاستقلال بالخروج بذلك الزخم في تجمع شعبي جمع أجيالا وفئات مختلفة .

تمّ خلال التجمع رفع شعارات مناصرة لرئيس الجمهورية ومشروعه السياسي، كذلك التأكيد على مواصلة المسار والمحاسبة، ومطالبة فرنسا بالاعتذار لتونس عن فترة استعمارها !.

هذه قضية قديمة - جديدة كان طرحها "ائتلاف الكرامة" بتقديم لائحة في الموضوع  لكن سقطت عند التصويت  عليها في البرلمان السابق .

كما تمت إعادة إثارتها خلال زيارة رئيس الدولة الى فرنسا، في حوار صحفي سئل الرئيس قيس سعيد عن موقفه من هذه القضية و: "هل يجب على فرنسا أن تعتذر عن ماضيها الاستعماري في تونس".

أجاب مستعينا بمثل فرنسي قائلا "من يعتذر يتهم نفسه" وسط استغراب صحفي فرانس 24 الذي سأله قائلا "ولم لا؟" ليرد قيس سعيد بأنه ينظر الى المستقبل.

ذكّر الصحفي رئيس الجمهورية بأن الرئيس الفرنسي اعترف بارتكاب فرنسا لجرائم ضد الإنسانية في الجزائر متسائلا إن لم يكن الأمر متشابها في البلدين وعن أحقية التونسيين باعتذار فرنسي !..

اعتبر قيس سعيد أن الأمر ليس مشابها تماما للوضع في الجزائر، قائلا: إن تونس كانت تحت نظام الحماية وليس تحت الاستعمار المباشر مثل الجزائر وأن الاعتذار يمكن أن يكون بطرق أخرى مصرّحا أن اللائحة (لائتلاف  الكرامة) لم تكن بريئة وتساءل قائلا "لم نطالب بعد 60 سنة بالاعتذار؟".

لكن الرئيس الدولة نفسه وخلال زيارته المفاجئة لولاية القيروان وعلى خلفية الحراك الخارجي من قبل بعض العواصم الغربية عاد للحديث عن استعمار وحسم المسالة بالتأكيد على مبدأ السيادة .

إن التواصل السياسي مفهوميا هدفه قيادة متلقيه إلى الالتزام بالخيارات السياسية التي تقترحها عليهم خطابات وأشكال واستراتيجيات  السلطة، وهو مظهر من مظاهر السياسة البديلة للعنف لتسوية النزاعات، إنه جانبها التعاوني، يمكن أن يكون أيضًا إستراتيجية رمزية للهيمنة، وهذا جانب الاتصال الخلافي .

في كلا الفرضيتين، يتطلب الاتصال السياسي المصداقية والوضوح  ويتضمن استخدام الإقناع .

لكن الأحداث الكبرى والمعارك السياسية تولد أحيانا دفقا كثيفا للغاية من الصور والمعلومات، تستند بعضها إلى إشاعات لا أساس لها من الصحة أو معلومات مضللة أو تلاعب أو حتى نظريات مؤامرة، يندرج هذا السلوك في الحفاظ على الارتباك في العقول ومنع التحليل الموضوعي للحقائق والأحداث .

إن الفوز في أي معركة لا يتطلب إمكانات وقدرة فحسب، بمقدار ما يتطلب العمل الحقيقي والجاد للفريق لتحقيق الفوز .

فلا أحد قادر أن يصنع سيمفونية بمفرده.

حكاياتهم  |  في سياسة الحفاظ على الارتباك في العقول ..!.

 

بقلم: أبوبكر الصغير

يستطيع المرء أن يخدع ويغش بعض الناس بعض الوقت، لكنه لا يستطيع أن يخدع كل الناس طول الوقت.

تداولت وسائل إعلام عالمية خلال اليومين الماضيين، من بينها وكالة فرانس براس (فرنسا) وقناة الحرة (الولايات المتحدة) ما يمكن تسميته ببيان موقف حديث أصدرته السعودية دعما لتونس بعد تصريحات الرئيس قيس سعيد بخصوص المهاجرين من جنوب الصحراء وما أثارته من انتقادات.

تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما في تونس، تحديدا تلك المحسوبة على أنصار رئيس الجمهورية بشكل مكثف هذا البيان ليتّضح انّه

قديم كان نشر سنة 2021 عقب اتخاذ رئيس الدولة تدابير استثنائية من بينها إقالة حكومة المشيشي وتجميد عمل البرلمان .

يحمل البيان المنشور صورة تضم موقفا عليه شعار المملكة العربية السعودية.

وجاء في التعليق المرافق "السعودية تؤكد وقوفها إلى جانب كل ما يدعم أمن واستقرار تونس، كما تؤكد احترامها لكل ما يتعلق بالشأن الداخلي التونسي وتعده أمرا سياديا ".

لا يختلف اثنان في ثبات موقف المملكة في دعم والوقوف بجانب تونس، لكن ليس بهذه الطريقة يقوم الفعل السياسي ويتمّ الانتصار  للقضايا والتعامل مع توجهات البلدان الشقيقة والصديقة .

في جانب متّصل، لأول مرّة يبادر أنصار قيس سعيد وبمناسبة ذكرى الاستقلال بالخروج بذلك الزخم في تجمع شعبي جمع أجيالا وفئات مختلفة .

تمّ خلال التجمع رفع شعارات مناصرة لرئيس الجمهورية ومشروعه السياسي، كذلك التأكيد على مواصلة المسار والمحاسبة، ومطالبة فرنسا بالاعتذار لتونس عن فترة استعمارها !.

هذه قضية قديمة - جديدة كان طرحها "ائتلاف الكرامة" بتقديم لائحة في الموضوع  لكن سقطت عند التصويت  عليها في البرلمان السابق .

كما تمت إعادة إثارتها خلال زيارة رئيس الدولة الى فرنسا، في حوار صحفي سئل الرئيس قيس سعيد عن موقفه من هذه القضية و: "هل يجب على فرنسا أن تعتذر عن ماضيها الاستعماري في تونس".

أجاب مستعينا بمثل فرنسي قائلا "من يعتذر يتهم نفسه" وسط استغراب صحفي فرانس 24 الذي سأله قائلا "ولم لا؟" ليرد قيس سعيد بأنه ينظر الى المستقبل.

ذكّر الصحفي رئيس الجمهورية بأن الرئيس الفرنسي اعترف بارتكاب فرنسا لجرائم ضد الإنسانية في الجزائر متسائلا إن لم يكن الأمر متشابها في البلدين وعن أحقية التونسيين باعتذار فرنسي !..

اعتبر قيس سعيد أن الأمر ليس مشابها تماما للوضع في الجزائر، قائلا: إن تونس كانت تحت نظام الحماية وليس تحت الاستعمار المباشر مثل الجزائر وأن الاعتذار يمكن أن يكون بطرق أخرى مصرّحا أن اللائحة (لائتلاف  الكرامة) لم تكن بريئة وتساءل قائلا "لم نطالب بعد 60 سنة بالاعتذار؟".

لكن الرئيس الدولة نفسه وخلال زيارته المفاجئة لولاية القيروان وعلى خلفية الحراك الخارجي من قبل بعض العواصم الغربية عاد للحديث عن استعمار وحسم المسالة بالتأكيد على مبدأ السيادة .

إن التواصل السياسي مفهوميا هدفه قيادة متلقيه إلى الالتزام بالخيارات السياسية التي تقترحها عليهم خطابات وأشكال واستراتيجيات  السلطة، وهو مظهر من مظاهر السياسة البديلة للعنف لتسوية النزاعات، إنه جانبها التعاوني، يمكن أن يكون أيضًا إستراتيجية رمزية للهيمنة، وهذا جانب الاتصال الخلافي .

في كلا الفرضيتين، يتطلب الاتصال السياسي المصداقية والوضوح  ويتضمن استخدام الإقناع .

لكن الأحداث الكبرى والمعارك السياسية تولد أحيانا دفقا كثيفا للغاية من الصور والمعلومات، تستند بعضها إلى إشاعات لا أساس لها من الصحة أو معلومات مضللة أو تلاعب أو حتى نظريات مؤامرة، يندرج هذا السلوك في الحفاظ على الارتباك في العقول ومنع التحليل الموضوعي للحقائق والأحداث .

إن الفوز في أي معركة لا يتطلب إمكانات وقدرة فحسب، بمقدار ما يتطلب العمل الحقيقي والجاد للفريق لتحقيق الفوز .

فلا أحد قادر أن يصنع سيمفونية بمفرده.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews