إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ندوة "تونس والتحولات الثلاثة الطاقية والإيكولوجية والرقمية في أفق 2050" .. طرح الرؤية والسياسات الإستراتيجية.. وضبط رهانات تفرضها التوازنات العالمية الجديد

 

تونس – الصباح

احتضنت دار الضيافة بقرطاج يوم أمس ندوة نظمها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع منظمة كونراد آدناور وتحت إشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد، تمحور موضوعها حول "تونس والتحولات الثلاثة الطاقية والإيكولوجية والرقمية في أفق 2050: والرؤية والسياسات الإستراتيجية". وذلك بمشاركة كل من الأميرال عبدالرؤوف عطالله مستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالأمن الوطني، ونائلة  نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، وليلى الشيخاوي، وزيرة البيئة وسمير سعيد وزير الاقتصاد والتخطيط ونزار ناجي، وزير تكنولوجيا الاتصال إضافة إلى "مالط قايير" المندوب المقيم ممثلا لمنظمة كونراد آدناور بتونس إضافة إلى غيرهم من إطارات الدولة والمعهد والهياكل المشاركة في الدراسات والندوة. وتم خلالها تقديم دراستين أعدهما المعهد حول المسألة المطروحة في الندوة، على اعتبار أن الدراستين ترسمان "سيناريو قابل للتنفيذ. وقدم دارسة أولى تمحورت حول "الانتقال الطاقي والإيكولوجي في تونس في أفق 2050" نورة العروسي فيما قدم عادل بن يوسف دارسة "الانتقال الرقمي في تونس في أفق 2050".

وكشف سامي بن جنات، المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الإستراتجية، أثناء افتتاحه للندوة التي نزلها في إطار سياسة المعهد العملية استئناسا بخبراء في مجالات سياسية واقتصادية والطاقة والبيئة والمالية، عن ظروف وأهداف هندسة البعد الاستراتيجي لتونس في أفق 2050 ومساعيه للتأسيس لمفاهيم وضبط رهانات محددة تفرضها التوازنات العالمية الجديدة في الاقتصاد من ناحية ومراعاة للبعد الجيوسياسي من ناحية أخرى، وذلك عبر وضع سيناريوهات محتملة وفهمها لمكان تموقع بلادنا الدبلوماسي والسياسي واشتغاله لإعداد مجموعة من الدراسات ووضع الاستراتيجيات في انسجام وتناغم مع توجهات رئيس الجمهورية وذلك بمراعاة تمش معين يتمثل في تركيز هذه الاستراتيجيات على المدى القصير فالمتوسط استشرافا لمستقبل قابل للتحقيق على أرض الواقع. وبين في نفس الندوة أن المعهد يعمل على القطع مع المعايير التقليدية التي وصفها بـ"البالية" ومراهنته على ضبط رؤية شاملة تمكن بلادنا من اكتساب القدرة على اغتنام الفرص والمناورة واستحداث نماذج جديدة تمكنها من رفع الرهانات وكسب التحديات لاسيما في هذه المرحلة التي تعقب كومة من الصعاب والأزمات الناجمة عن عوامل داخلية في علاقة بالصراعات السياسية وخارجية تتمثل بالأساس في تداعيات أزمة "كوفيد 19" الصحية والحرب الروسية الأوكرانية أو ما وصفهما بن جنات بالصدمتين الرئيسيتين، وتزامن ذلك مع الثورة الرقمية والمتغيرات التي أفرزت رسم ملامح اقتصاد عالمي جديد يتسم بالنمو المنخفض والتضخم المالي المرتفع أو ما يعرف بالتضخم المصحوب بالركود.

واعتبر مدير عام المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن بلادنا مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى للقيام بمراجعة شاملة لكل متعلقات الاقتصادي في سياق ما يشهده الاقتصاد العالمي من إعادة تشكل وفهم أسسه بهدف التموقع في القطاعات الواعدة وسلاسل الإنتاج المستقبلية وذلك بعد فض المشاكل الداخلية المفتعلة ومقاومة مظاهر الفساد والتوافقات الإجرامية التي ترمي إلى إرباك صاحب القرار وخلق اضطرابات اجتماعية حسب تأكيده في نفس الندوة. معتبرا أن كل ذلك من شأنه أن يضمن التوقي الاستباقي من المخاطر واغتنام الفرص الممكنة لتحقيق النمو والتطور المنتظر والمطلوب. كل ذلك بهدف الحفاظ على السيادة الوطنية وفتح المجال للاستثمار الأجنبي في إنعاش الاقتصاد الوطني على نحو مستدام من خلال التحولات الثلاثة التي يراهن القائمون عليها على أن تكون في صميم سياسة الإنقاذ الاقتصادي وإعادة تعريف منوال جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على القطاعات الحيوية.

حلول وبرامج تشاركية

من جانبه شدد الأميرال عبدالرؤوف عطا الله، المستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالأمن القومي، في نفس الندوة على أن الطاقة والاقتصاد الأخضر والبيئي والتكنولوجيا والرقمنة تعد من ركائز الأمن القومي اليوم في ظل التطورات المسجلة على مستوى عالمي. وبين أن مجلس الأمن القومي في تونس تولى صياغة ووضع جملة من الإستراتيجيات وذلك بإشراف 14 لجنة منبثقة عن المجلس الأعلى للأمن القومي بمشاركة عدة وزارات معنية وذلك في إطار السعي لتوحيد القرار في الدولة بالأساس، فضلا عن التفكير في بعث لجنة قارة مهمتها إعداد القوانين بهدف حماية المشاريع المقدمة في الغرض وحماية المناطق الحساسة في تونس على غرار ميناء رادس إضافة إلى وضع حلول وبرامج تشاركية لحماية حقوق الأجيال القادمة في إطار هذه الإستراتيجية بما تتضمنه من أهدف قصيرة المدة وأخرى بعيدة المدى.

كما أفاد مالط قايير، المندوب المقيم لمنظمة كونراد آدناور، الشريكة في تنظيم الندوة والدراسات، أن ما قدمه المعهد يعد برنامجا متطورا تتجاوز فوائده تونس لتشمل العالم باعتبار أنه جاء في سياق التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. وبين أن منظمته ستواصل العمل التشاركي الذي تم ضبطه ضمن هذه الإستراتيجية المحددة لسنة 2050 في مجالات الطاقة الإيكولوجية والرقمية على حد السواء. خاصة في ظل الاتفاقيات المبرمة بين تونس وغيرها من الهياكل والدول والمنظمات الدولية بما من شانه أن ينعش الاقتصاد ويستقطب اليد العاملة.

رأس مال نوعي

فيما اعتبر سمير سعيد وزير الاقتصاد والتخطيط، أن وزارته استندت على ستة محاور في هذه الإستراتيجية التي تهدف لتهيئة متطلبات تعافي الاقتصادي الوطني والتنمية، وضع في أولها الرأس مال البشري الذي اعتبره قوام التنمية الشاملة. الأمر الذي تطلب تركيز هذا السيناريو على إصلاح منظومة التعليم في تونس بما يجعلها آلية خادمة للأهداف المرسومة في التعليم والتكوين وبعث تخصصات تستجيب لما هو مطلوب في سوق الشغل اليوم في علاقة بالذكاء الصناعي والملاءمة بين التعليم والتكوين. ويتمثل المحور الثاني في المراهنة على اقتصاد المعرفة باعتباره محركا للابتكار والتجديد إضافة إلى الاقتصاد التنافسي والداعم للمبادرة الخاصة  وذلك عبر وضع خطة وطنية لتثمين الميزات التفاضلية للجهات. فضلا عن مراجعة التشريعات التي لها مردود مباشر على الاستثمار. وأوضح وزير الاقتصاد والتخطيط في نفس الندوة أن الإستراتجية تراهن أيضا على دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير الاقتصاد الأخضر والترفيع في حصة الطاقات المتجددة في أفق 2050 خاصة في ظل الاتفاق الحاصل في الغرض بين تونس وإيطاليا. كما اعتبر سعيد أن العدالة الاجتماعية والتنمية الجهوية العادلة والمتوازنة والدامجة للجهات تعد من بين المحاور الأساسية في الإستراتيجية التي ستعمل الجهات الرسمية على تفعيلها.

وفي تطرقها للاستراتيجية المذكورة آنفا شددت نائلة نويرة القنجي وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم على أن بلادنا تواجه تحديات كبرى في المجال الطاقي بعد أن فاق العجز 50%  في السنوات الأخيرة. واعتبرت ما تم وضعه من برامج متفاوتة الأبعاد إنما تهدف في مجملها للحد من الواردات وتوخي الإزالة التدريجية للكربون من الاقتصاد الوطني بما يمكن من تحقيق القيمة المضافة. وهي تعتبر أن النهوض بالاقتصاد الأخضر يتنزل في سياق الأمن الطاقي والحياد الكربوني والنمو الاقتصادي العادل. وتشترط في ذلك عل ضرورة الاهتمام بتغيير السلوك الاستهلاكي وتنويع مرابيح الطاقة والنهوض بالتكنولوجيات المبتكرة. وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص وتعزيز الخزن الكهربائي  والإدماج التدريجي للسيارات الكهربائية. إضافة إلى تطوير الموارد الأحفورية وتقليص الكربون بنسبة 36 %  في غضون 2050.

من جانبها وضعت ليلى الشيخاوي وزير البيئة القضاء تدريجيا على النقاط السوداء للتلوث وتطوير النقل العمومي وتشريك المواطن والمجتمع المدني في سياسة الدولة البيئية ضمن إستراتيجية النهوض بالجانب البيئي خاصة أمام ما تم التنصيص عليه في أجندة الأمم المتحدة 2030 وما تم إقراره في قمة المناخ بباريس 2015 بهدف تحقيق الانتقال الإيكولوجي في أفق 2050 وتطوير الثقافة البيئية.

إستراتيجية رقمية

كما أكد نزار بن ناجي وزير تكنولوجيا الاتصال أن المراهنة على الإستراتيجية الرقمية كان ضمن أجندا موحدة لسياسة الدولة، تتطلب جملة من الشروط والمراحل نذكر من بينها الحوكمة ومراجعة النصوص القانونية وتحيينها واستكمال النصوص المنقوصة والعمل على الإدماج الرقمي والمالي لتحقيق الإدماج الاجتماعي في عدة مستويات وتوسيع شبكة الاتصال وتحسين البنية التحتية الرقمية والانطلاق في تفعيل التحويل الرقمي للإدارة وضمان الأمن السبرني وضع قانون جديد ينظم العملية.

فيما تطرق مهدي تاج، مدير البحوث والدراسات بالمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية إلى دور الاقتصاد العالمي الجديد وضرورة انجاز التحولات الثلاثة وذلك باعتماد مقاربة منهجية دعا إثرها الجهات الرسمية إلى العمل على إيقاف نزيف هجرة الكفاءات التونسية في الهندسة والطب وغيرها من المجالات عبر تغيير مناويل الاستثمار لتحقق الفائدة الوطنية بالأساس.

 

سمير سعيد لـ"الصباح": الوضع الاقتصادي حرج

نعمل على استرجاع ثقة الممولين الأجانب والمنظمات الدولية لأن ذلك يمكننا من مواصلة القروض بشروط تيسيرية. ويجب أن نوجه القروض نحو استثمارات ناجعة. ويجب أن نسرع بتنفيذ الإصلاحات. الوضع الاقتصادي  في بلادنا حرج.

 

نائلة نويرة القنجي لـ"الصباح": لا بد من الاشتغال على الأمن الطاقي

اليوم فرصة لتقديم أهم ملامح دراسة قطاع الصناعة والمناجم والطاقة والانتقال الطاقي في أفق 2035 و2050، وهناك تناغم مع توجه المعهد المشرف على ذلك مع مخرجات إستراتيجية وزارتنا  لا بد من الاشتغال على الأمن الطاقي لأنه جزء من الأمن الاجتماعي وقد انطلقنا في تنفيذ برامجنا خاصة فيما يتعلق بالرصانة الطاقية وترشيد استعمالها وتطوير الطاقات المتجددة. لأن تونس ليس لها أي خيار اليوم سوى الإسراع والتعجيل في تنفيذ هذه الاستراتيجيات وتطوير البرامج.

سامي بن جنات لـ"الصباح": تكريس توجهات الجمهورية الجديدة

المعهد يواصل عمله بنسق حثيث وكانت هذه الندوة مناسبة لكشف جوانب مما تم إنجازه في السنيتين الأخيرتين في سياق تكريس توجهات الجمهورية الجديدة وما تتطلبه من إصلاحات. وقد وضعنا سيناريوهات قابلة للانجاز قادرة عل تحقيق معدل نمو اقتصادي بعد وضع برنامج عمل محدد سواء في التحولات الطاقية أو التحول الرقمي خاصة رقمنة التعليم والإدارة. ووضعنا مخطط عمل عاجلة لبلورة النظام القانوني في تونس وأخرى قصيرة أو طويلة المدى.

في نفس الإطار الاستراتيجي نشتغل على مشكل الماء وتشغيل وامتصاص الضغط المسجل على تونس واستقطاب الكفاءات التونسية  لتستفيد منها بلادنا وتوفير كل الظروف الملائمة لبقائها لتكون جزء من ثورة البلاد.

 

 

نزيهة الغضباني

في ندوة "تونس والتحولات الثلاثة الطاقية والإيكولوجية والرقمية في أفق 2050" .. طرح الرؤية والسياسات الإستراتيجية.. وضبط رهانات تفرضها التوازنات العالمية الجديد

 

تونس – الصباح

احتضنت دار الضيافة بقرطاج يوم أمس ندوة نظمها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع منظمة كونراد آدناور وتحت إشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد، تمحور موضوعها حول "تونس والتحولات الثلاثة الطاقية والإيكولوجية والرقمية في أفق 2050: والرؤية والسياسات الإستراتيجية". وذلك بمشاركة كل من الأميرال عبدالرؤوف عطالله مستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالأمن الوطني، ونائلة  نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، وليلى الشيخاوي، وزيرة البيئة وسمير سعيد وزير الاقتصاد والتخطيط ونزار ناجي، وزير تكنولوجيا الاتصال إضافة إلى "مالط قايير" المندوب المقيم ممثلا لمنظمة كونراد آدناور بتونس إضافة إلى غيرهم من إطارات الدولة والمعهد والهياكل المشاركة في الدراسات والندوة. وتم خلالها تقديم دراستين أعدهما المعهد حول المسألة المطروحة في الندوة، على اعتبار أن الدراستين ترسمان "سيناريو قابل للتنفيذ. وقدم دارسة أولى تمحورت حول "الانتقال الطاقي والإيكولوجي في تونس في أفق 2050" نورة العروسي فيما قدم عادل بن يوسف دارسة "الانتقال الرقمي في تونس في أفق 2050".

وكشف سامي بن جنات، المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الإستراتجية، أثناء افتتاحه للندوة التي نزلها في إطار سياسة المعهد العملية استئناسا بخبراء في مجالات سياسية واقتصادية والطاقة والبيئة والمالية، عن ظروف وأهداف هندسة البعد الاستراتيجي لتونس في أفق 2050 ومساعيه للتأسيس لمفاهيم وضبط رهانات محددة تفرضها التوازنات العالمية الجديدة في الاقتصاد من ناحية ومراعاة للبعد الجيوسياسي من ناحية أخرى، وذلك عبر وضع سيناريوهات محتملة وفهمها لمكان تموقع بلادنا الدبلوماسي والسياسي واشتغاله لإعداد مجموعة من الدراسات ووضع الاستراتيجيات في انسجام وتناغم مع توجهات رئيس الجمهورية وذلك بمراعاة تمش معين يتمثل في تركيز هذه الاستراتيجيات على المدى القصير فالمتوسط استشرافا لمستقبل قابل للتحقيق على أرض الواقع. وبين في نفس الندوة أن المعهد يعمل على القطع مع المعايير التقليدية التي وصفها بـ"البالية" ومراهنته على ضبط رؤية شاملة تمكن بلادنا من اكتساب القدرة على اغتنام الفرص والمناورة واستحداث نماذج جديدة تمكنها من رفع الرهانات وكسب التحديات لاسيما في هذه المرحلة التي تعقب كومة من الصعاب والأزمات الناجمة عن عوامل داخلية في علاقة بالصراعات السياسية وخارجية تتمثل بالأساس في تداعيات أزمة "كوفيد 19" الصحية والحرب الروسية الأوكرانية أو ما وصفهما بن جنات بالصدمتين الرئيسيتين، وتزامن ذلك مع الثورة الرقمية والمتغيرات التي أفرزت رسم ملامح اقتصاد عالمي جديد يتسم بالنمو المنخفض والتضخم المالي المرتفع أو ما يعرف بالتضخم المصحوب بالركود.

واعتبر مدير عام المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن بلادنا مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى للقيام بمراجعة شاملة لكل متعلقات الاقتصادي في سياق ما يشهده الاقتصاد العالمي من إعادة تشكل وفهم أسسه بهدف التموقع في القطاعات الواعدة وسلاسل الإنتاج المستقبلية وذلك بعد فض المشاكل الداخلية المفتعلة ومقاومة مظاهر الفساد والتوافقات الإجرامية التي ترمي إلى إرباك صاحب القرار وخلق اضطرابات اجتماعية حسب تأكيده في نفس الندوة. معتبرا أن كل ذلك من شأنه أن يضمن التوقي الاستباقي من المخاطر واغتنام الفرص الممكنة لتحقيق النمو والتطور المنتظر والمطلوب. كل ذلك بهدف الحفاظ على السيادة الوطنية وفتح المجال للاستثمار الأجنبي في إنعاش الاقتصاد الوطني على نحو مستدام من خلال التحولات الثلاثة التي يراهن القائمون عليها على أن تكون في صميم سياسة الإنقاذ الاقتصادي وإعادة تعريف منوال جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على القطاعات الحيوية.

حلول وبرامج تشاركية

من جانبه شدد الأميرال عبدالرؤوف عطا الله، المستشار لدى رئيس الجمهورية مكلف بالأمن القومي، في نفس الندوة على أن الطاقة والاقتصاد الأخضر والبيئي والتكنولوجيا والرقمنة تعد من ركائز الأمن القومي اليوم في ظل التطورات المسجلة على مستوى عالمي. وبين أن مجلس الأمن القومي في تونس تولى صياغة ووضع جملة من الإستراتيجيات وذلك بإشراف 14 لجنة منبثقة عن المجلس الأعلى للأمن القومي بمشاركة عدة وزارات معنية وذلك في إطار السعي لتوحيد القرار في الدولة بالأساس، فضلا عن التفكير في بعث لجنة قارة مهمتها إعداد القوانين بهدف حماية المشاريع المقدمة في الغرض وحماية المناطق الحساسة في تونس على غرار ميناء رادس إضافة إلى وضع حلول وبرامج تشاركية لحماية حقوق الأجيال القادمة في إطار هذه الإستراتيجية بما تتضمنه من أهدف قصيرة المدة وأخرى بعيدة المدى.

كما أفاد مالط قايير، المندوب المقيم لمنظمة كونراد آدناور، الشريكة في تنظيم الندوة والدراسات، أن ما قدمه المعهد يعد برنامجا متطورا تتجاوز فوائده تونس لتشمل العالم باعتبار أنه جاء في سياق التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. وبين أن منظمته ستواصل العمل التشاركي الذي تم ضبطه ضمن هذه الإستراتيجية المحددة لسنة 2050 في مجالات الطاقة الإيكولوجية والرقمية على حد السواء. خاصة في ظل الاتفاقيات المبرمة بين تونس وغيرها من الهياكل والدول والمنظمات الدولية بما من شانه أن ينعش الاقتصاد ويستقطب اليد العاملة.

رأس مال نوعي

فيما اعتبر سمير سعيد وزير الاقتصاد والتخطيط، أن وزارته استندت على ستة محاور في هذه الإستراتيجية التي تهدف لتهيئة متطلبات تعافي الاقتصادي الوطني والتنمية، وضع في أولها الرأس مال البشري الذي اعتبره قوام التنمية الشاملة. الأمر الذي تطلب تركيز هذا السيناريو على إصلاح منظومة التعليم في تونس بما يجعلها آلية خادمة للأهداف المرسومة في التعليم والتكوين وبعث تخصصات تستجيب لما هو مطلوب في سوق الشغل اليوم في علاقة بالذكاء الصناعي والملاءمة بين التعليم والتكوين. ويتمثل المحور الثاني في المراهنة على اقتصاد المعرفة باعتباره محركا للابتكار والتجديد إضافة إلى الاقتصاد التنافسي والداعم للمبادرة الخاصة  وذلك عبر وضع خطة وطنية لتثمين الميزات التفاضلية للجهات. فضلا عن مراجعة التشريعات التي لها مردود مباشر على الاستثمار. وأوضح وزير الاقتصاد والتخطيط في نفس الندوة أن الإستراتجية تراهن أيضا على دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير الاقتصاد الأخضر والترفيع في حصة الطاقات المتجددة في أفق 2050 خاصة في ظل الاتفاق الحاصل في الغرض بين تونس وإيطاليا. كما اعتبر سعيد أن العدالة الاجتماعية والتنمية الجهوية العادلة والمتوازنة والدامجة للجهات تعد من بين المحاور الأساسية في الإستراتيجية التي ستعمل الجهات الرسمية على تفعيلها.

وفي تطرقها للاستراتيجية المذكورة آنفا شددت نائلة نويرة القنجي وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم على أن بلادنا تواجه تحديات كبرى في المجال الطاقي بعد أن فاق العجز 50%  في السنوات الأخيرة. واعتبرت ما تم وضعه من برامج متفاوتة الأبعاد إنما تهدف في مجملها للحد من الواردات وتوخي الإزالة التدريجية للكربون من الاقتصاد الوطني بما يمكن من تحقيق القيمة المضافة. وهي تعتبر أن النهوض بالاقتصاد الأخضر يتنزل في سياق الأمن الطاقي والحياد الكربوني والنمو الاقتصادي العادل. وتشترط في ذلك عل ضرورة الاهتمام بتغيير السلوك الاستهلاكي وتنويع مرابيح الطاقة والنهوض بالتكنولوجيات المبتكرة. وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص وتعزيز الخزن الكهربائي  والإدماج التدريجي للسيارات الكهربائية. إضافة إلى تطوير الموارد الأحفورية وتقليص الكربون بنسبة 36 %  في غضون 2050.

من جانبها وضعت ليلى الشيخاوي وزير البيئة القضاء تدريجيا على النقاط السوداء للتلوث وتطوير النقل العمومي وتشريك المواطن والمجتمع المدني في سياسة الدولة البيئية ضمن إستراتيجية النهوض بالجانب البيئي خاصة أمام ما تم التنصيص عليه في أجندة الأمم المتحدة 2030 وما تم إقراره في قمة المناخ بباريس 2015 بهدف تحقيق الانتقال الإيكولوجي في أفق 2050 وتطوير الثقافة البيئية.

إستراتيجية رقمية

كما أكد نزار بن ناجي وزير تكنولوجيا الاتصال أن المراهنة على الإستراتيجية الرقمية كان ضمن أجندا موحدة لسياسة الدولة، تتطلب جملة من الشروط والمراحل نذكر من بينها الحوكمة ومراجعة النصوص القانونية وتحيينها واستكمال النصوص المنقوصة والعمل على الإدماج الرقمي والمالي لتحقيق الإدماج الاجتماعي في عدة مستويات وتوسيع شبكة الاتصال وتحسين البنية التحتية الرقمية والانطلاق في تفعيل التحويل الرقمي للإدارة وضمان الأمن السبرني وضع قانون جديد ينظم العملية.

فيما تطرق مهدي تاج، مدير البحوث والدراسات بالمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية إلى دور الاقتصاد العالمي الجديد وضرورة انجاز التحولات الثلاثة وذلك باعتماد مقاربة منهجية دعا إثرها الجهات الرسمية إلى العمل على إيقاف نزيف هجرة الكفاءات التونسية في الهندسة والطب وغيرها من المجالات عبر تغيير مناويل الاستثمار لتحقق الفائدة الوطنية بالأساس.

 

سمير سعيد لـ"الصباح": الوضع الاقتصادي حرج

نعمل على استرجاع ثقة الممولين الأجانب والمنظمات الدولية لأن ذلك يمكننا من مواصلة القروض بشروط تيسيرية. ويجب أن نوجه القروض نحو استثمارات ناجعة. ويجب أن نسرع بتنفيذ الإصلاحات. الوضع الاقتصادي  في بلادنا حرج.

 

نائلة نويرة القنجي لـ"الصباح": لا بد من الاشتغال على الأمن الطاقي

اليوم فرصة لتقديم أهم ملامح دراسة قطاع الصناعة والمناجم والطاقة والانتقال الطاقي في أفق 2035 و2050، وهناك تناغم مع توجه المعهد المشرف على ذلك مع مخرجات إستراتيجية وزارتنا  لا بد من الاشتغال على الأمن الطاقي لأنه جزء من الأمن الاجتماعي وقد انطلقنا في تنفيذ برامجنا خاصة فيما يتعلق بالرصانة الطاقية وترشيد استعمالها وتطوير الطاقات المتجددة. لأن تونس ليس لها أي خيار اليوم سوى الإسراع والتعجيل في تنفيذ هذه الاستراتيجيات وتطوير البرامج.

سامي بن جنات لـ"الصباح": تكريس توجهات الجمهورية الجديدة

المعهد يواصل عمله بنسق حثيث وكانت هذه الندوة مناسبة لكشف جوانب مما تم إنجازه في السنيتين الأخيرتين في سياق تكريس توجهات الجمهورية الجديدة وما تتطلبه من إصلاحات. وقد وضعنا سيناريوهات قابلة للانجاز قادرة عل تحقيق معدل نمو اقتصادي بعد وضع برنامج عمل محدد سواء في التحولات الطاقية أو التحول الرقمي خاصة رقمنة التعليم والإدارة. ووضعنا مخطط عمل عاجلة لبلورة النظام القانوني في تونس وأخرى قصيرة أو طويلة المدى.

في نفس الإطار الاستراتيجي نشتغل على مشكل الماء وتشغيل وامتصاص الضغط المسجل على تونس واستقطاب الكفاءات التونسية  لتستفيد منها بلادنا وتوفير كل الظروف الملائمة لبقائها لتكون جزء من ثورة البلاد.

 

 

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews