ـ رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري: منع التونسيين مزدوجي الجنسية من الترشح شرط مخالف للدستور
البطاقة عدد 3 لا تكفي لإثبات نقاوة السوابق العدلية للمترشح
تونس-الصباح
سلطت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي ترأسها الجامعية سلوى الحمروني أمس في ندوتها العلمية المنعقدة بالعاصمة الأضواء على ثلاثة مراسيم صدرت يوم 8 مارس الجاري ويتعلق أولها بتنقيح القانون الانتخابي، والثاني بحل المجالس البلدية، والثالث بانتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وبالمناسبة تم استعراض مستجدات شروط الترشّح للانتخابات البلدية وتبادل الآراء حول مسائل تتعلق بطريقة انتخاب أعضاء المجالس البلدية والتنظيم الداخلي لهذه المجالس والتقسيم الترابي للجماعات المحلية الجديدة وطرق انتخاب المحليات الجديدة وخارطة التنظيم الترابي الجديد ومكانة النساء في المحليات وتعايش النظم بين تراكم مستويات اللامركزية ودور السلط اللامحورية..
ومن بين المسائل التي تطرق إليها المشاركون في هذا اللقاء إذن، شروط الترشح وموانعه في الانتخابات المحلية، وأكد العديد منهم على تعارض المراسيم الثلاثة مع أحكام دستور 2022 وقالوا إنه كان من المفروض أن ينتهي العمل بالمراسيم منذ 18 أوت المنقضي تاريخ صدور الدستور، ومن المفروض أيضا بناء على مقتضيات الدستور الجديد أن لا يقع المساس بالمسائل الانتخابية عن طريق المراسيم، وبينوا أن عملية سن مراسيم بمثل هذه الأهمية في نفس اليوم الذي صدر فيه أمر دعوة مجلس نواب الشعب الجديد للانعقاد دليل على نظرية غصب السلطة التشريعية.
وهناك من المشاركين في المنتدى ومنهم الخبير الانتخابي رفيق الحلواني من أبدى استغرابه من إصرار أساتذة القانون الدستوري على تنظيم مثل هذه الملتقيات العلمية لتفسير المراسيم والحال أن رئيس الجمهورية قد فرض سياسة الأمر الواقع على الجميع وهو ماض بسرعة البرق في طريقه نحو تنفيذ مشروعه السياسي المتمثل في تركيز البناء القاعدي غير عابئ بشيء، في حين هناك من وجه انتقادات لاذعة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأنها بعد أن عبرت عن جاهزيتها التامة بشريا وماديا ولوجستيا لتنظيم الانتخابات البلدية في شهر ماي المقبل، لم تعترض على قرار رئيس الجمهورية بحل المجالس البلدية دون مبررات مقنعة، كما عبر بعضهم عن امتعاضهم مما قاله نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي عن المجالس البلدية المنحلة.
شروط غير دستورية
رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري الأستاذة سلوى الحمروني لاحظت عند تطرقها إلى شروط الترشح للانتخابات الواردة في المرسوم الصادر يوم 8 مارس الجاري، أنه تم اعتماد نفس الشروط المنصوص عليها في المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب ومنها الشروط الرامية إلى تنقية المشهد السياسي من المترشحين الذين لديهم سوابق عدلية والشروط المتعلقة بالواجب الجبائي كما تم نزع صفة الناخب عن التونسيين المترشحين من مزدوجي الجنسية رغم أن المجتمع المدني انتقد هذا الشرط بشدة لكن المشرع لا يسمع أي صوت بل تعنت في فرض مسائل لا دستورية. وذكرت أن حالة الاستثناء من المفروض أنها انتهت لكن رئيس الجمهورية مازال يتصرف كما لو أن البلاد في حالة استثناء ودون وجود رقابة من أي نوع كان. وقالت الحمروني إن البلدان الديمقراطية أصبحت تسمح للأجانب بالتصويت في الانتخابات المحلية لكن في تونس تم منع تونسيين من الترشح لا لشيء إلا لأنه لديهم جنسية أخرى.
وذكرت أنها عندما تقرأ قسم الإطلاعات في المرسوم تجد عبارة بعد مداولة مجلس الوزراء وهي تريد أن تعرف هل يعقل أن يوافق الوزراء على هذا الشرط الإقصائي الذي فيه احتقار للتونسيين من مزدوجي الجنسية وهو نوع من الوصم لهم ويعتبرهم من الدرجة الثانية وهذا لا يستقيم لا بمنطق الدستور ولا بمنطق حقوق الإنسان والإصرار على مثل هذا المنع هو عار على تونس بعد 67 سنة استقلال حسب وصف الجامعية .
ولا تختلف الأستاذة إقبال بن موسى في الرأي عما ذهبت إليه رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري إذ بينت انه تم سحب شروط الترشح للانتخابات التشريعية على المترشحين للانتخابات المجالس المحلية والمجالس البلدية، واستغربت بدورها من حرمان مزدوجي الجنسية من الترشح وقالت انه لا يوجد أي مبرر لهذا الشرط فهو مخالف لأحكام دستور 2022، وإضافة الى ذلك تم حسب قولها التضييق في حق الترشح من خلال إضافة موانع أخرى إذ تم منع إطارات البلديات وأعوانها من الترشح وهذا انتهاك كبير لحق الترشح. وفي المقابل لاحظت الجامعية أن الجيد في المرسوم الجديد هو انه يحد من التهرب الضريبي لأن أي مترشح للانتخابات مطالب بتسوية وضعيته الجبائية.
نظرية البناء القاعدي
أما الأستاذ أمين الخراط ممثل منظمة بوصلة فأشار إلى أن المرسوم الجديد يدل حرفيا على نظرية البناء القاعدي وقال إنه تم المرور من قتل دولة القانون الى قتل المواطنة والفاعل السياسي وذلك فضلا عن احتوائه على شروط تميزية ووصم لمزدوجي الجنسية كما أن اعتماد التصعيد من المحلي الى الجهوي الى الوطني من شأنه أن يحيي الروابط القبلية.. وذكر انه تم في المرسوم الجديد اعتماد آلية القرعة وبالتالي تم إفراغ الانتخابات من محتواها كما أن اعتماد التناوب كل ثلاثة أشهر ينهي مفهوم العهدة الإلزامية الثابتة. وأضاف أن العمل السياسي مات في غياب الأحزاب والأجسام الوسيطة وبالتالي تم التراجع عن دولة المواطنة والفاعل السياسي مثلما تم التراجع عن دولة القانون وقال انه شعر بالمرارة بسبب حل المجالس البلدية لأنه من الخطير جدا أن تقع مصادرة صوت الناخب الذي شارك في الانتخابات البلدية.
وذكر الأستاذ يوسف عبيد ممثل الجامعة الوطنية للبلديات أنه لا بد من التساؤل عن سبب حل المجالس البلدية وعن الشكل القانوني المعتمد لحلها وهو مرسوم ولماذا تم حلها اليوم وما مصير 7200 عضو مجالس بلدية تم انتخابهم ثم تقرر فجأة حل مجالسهم دون تفسير الأسباب الحقيقية لهذا الإجراء.
وذكر أن هناك من يعتبر أن سبب الحل مرده فشل المجالس في القيام بدورها ولكن كان يكفي أن يقع تطبيق القانون الانتخابي وضمان حياد الإدارة وكان يجب القيام بتقييم المجالس لمدة خمس سنوات يأخذ بعين الاعتبار لجميع العناصر وأولها البعد السياسي لأن الإرادة السياسية في دعم المجالس البلدية لم تكن متوفرة. وقال حتى وإن سلمنا فرضا أن المجالس فشلت وهو تقييم خاطئ فان حل جميع المجالس ثلاثة أشهر قبل انتهاء العهدة النيابية لا يمكن أن يتضمن سوى رسائل سياسية بامتياز وهو خطوة إضافية لتنزيل مشروع رئيس الجمهورية وهو عبارة عن تنفيذ قرار هدم تم اتخاذه مسبقا وخلص إلى أن حل المجالس هو تتويج طبيعي لمشروع الرئيس الشخصي فقد سبق للرئيس أن قال في خطابه أن البلديات تمثل دولة داخل الدولة ومجلة الجماعات المحلية تم إعدادها على المقاس وقال إن أزمة النفايات تسببت فيها البلديات عن قصد كما قرر الرئيس حل وزارة الشؤون المحلية وإلحاق هياكلها بوزارة الداخلية ثم جاء دستور 2022 الذي عاد بها الى دستور 1959 وورد فيه فصل وحيد يتعلق بالجماعات المحلية وفي خضم كل هذا لا يمكن اعتبار حل المجالس البلدية مفاجئا لكن توقيت حلها هو الذي مثل المفاجأة وكان بالإمكان فقط تنقيح القانون الانتخابي لكن رئيس الجمهورية اختار حل المجالس البلدية وتعيين الكتاب العامين على رأس البلديات الى حين تنظيم انتخابات جديدة. ولاحظ الجامعي أن المرسوم لم يشر الى موعد الانتخابات البلدية القادمة لكن محمد التليلي منصري الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات قال إن الأولوية يمكن أن تعطى لانتخابات المجالس المحلية والجهوية. وذكر أن سن مراسيم بمثل هذه الأهمية قبل أيام قليلة من انتصاب المجلس النيابي يدل على أن رئيس الجمهورية يريد اللعب في الوقت بدل الضائع وهذه المراسيم هي مواصلة للعمل بالأمر عدد 117 المتعلق بالحالة الاستثنائية وبالتالي هي غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن.
وقال إن حل المجالس البلدية فيه رسالة دقيقة المضمون وهي أن الرئيس يطبق ما يقرر وماض في تنفيذ مشروعه الشخصي بصفة تدريجية كما فيه رسالة مضمونة الوصول الى المنتخبين على اختلاف مستوياتهم وطنيا جهويا ومحليا الحالين منهم والسابقين والمستقبليين مفادها أنه يمكنهم سحب الوكالة ممن يتم انتخابهم.
تعسف على السلطة التشريعية
وتساءلت الأستاذة هناء بن عبدة في مفتتح أشغال الندوة العلمية للجمعية التونسية للقانون الدستوري حول المراسيم الثلاثة سالفة الذكر هل نحن في حالة استثناء؟ وأجابت عن هذا السؤال بالنفي، وقالت انه منذ 18 أوت تاريخ صدور الدستور الجديد انتهى العمل بالفصل 80 من دستور 2014 وانتهت الحالة الاستثنائية.. كما أن المؤسس منع نفسه من التدخل في المجال الانتخابي بمراسيم لكنه قبل يومين من انتصاب المجلس النيابي أصدر جملة من المراسيم وكان يجب انتظار البرلمان لكي ينطلق في أعماله لا أن يتم سن مراسيم والتدخل بالمراسيم في المجال الانتخابي فهذا حسب وصفها تعسف على السلطة التشريعية وغضب لها.
وتعقيبا عن استفسار حول ما إذا ستعرض المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية على المجلس النيابي أجابت الجامعية أن الدستور لا يوضح إن كان بعد انتهاء الحالة الاستثنائية يصادق المجلس على المراسيم والحال أن المراسيم هي منزلة بين منزلتين ففي فقه القضاء المراسيم ليست قوانين باستثناء المراسيم التي تدخل في المشروعية الثورية للشعب التونسي والتي تم إصدارها سنة 2011 أما غيرها من المراسيم فتبقى في منزلة بين التشريع والأوامر وبالتالي إذا لم يصادق عليها المجلس النيابي فان المحكمة الإدارية لا تعتبرها من القوانين والحال أن هذه المراسيم تتعلق بالحقوق والحريات لأنها تتحدث عن حق الترشح وبالتالي يجب حسب رأيها تمريرها على المجلس النيابي للمصادقة عليها وعلى المجلس أن يتحمل مسؤولياته التشريعية ويعرض هذه المراسيم على المصادقة حتى وان لم تقم السلطة التنفيذية بعرضها على المجلس من تلقاء نفسها.
وخلصت إلى أن المحكمة الإدارية لديها فقه قضاء مستقر وهي تعتبر أن المراسيم ليست قوانين باستثناء المراسيم التي تم سنها سنة 2011. وعن استفسار آخر حول ما إذا كان المرسوم تمهيدا للتخلي عن المجالس البلدية أجانب بالنفي لان الدستور نص على ان الجماعات المحلية هي مجالس بلدية ومجالس جهوية ومجالس أقاليم فالجماعات المحلية الدستورية هي بلديات وجهات وأقاليم وبالتالي لا يمكن التخلي عن المجالس البلدية وترى أن حلها هو تمهيد لتأخير الانتخابات وليس من اجل التخلي عنها.
ولاحظت الجامعية نهى الشواشي بدورها أنه في الحالة العادية فإن القيمة القانونية للمراسيم تبقى على أنها نصوص ترتيبية لا ترتقي الى مرتبة التشريع إلا بعد المصادقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب.
وحسب رأي رفيق الحلواني الخبير الانتخابي لا توجد نية لتنظيم انتخابات بلدية وحتى الصفحات الداعمة لـ25 جويلية والصفحات المؤثرة انتقدت رئيس الهيئة عندما تحدث في وقت سابق عن الانتخابات البلدية.. وأضاف الحلواني أنه كان بالإمكان أن يتم اتخاذ قرار يقضي بتأخير الانتخابات لكن تم إلغاء كل المجالس البلدية والسبب هو عدم جاهزية من يراد صعودهم الى مجالس البلديات.
أما تركية بن خذر ممثلة رابطة الناخبات التونسيات فبينت أن الرابطة تفاعلت مع 25 جويلية وبادرت بمراسلة رئيس الجمهورية لدعوته الى تعزيز حقوق النساء السياسية كما نظمت لقاء مع هيئة الانتخابات لدعوتها الى إدراج التناصف الأفقي لكن المرسوم الانتخابي الصادر منتصف سبتمبر الماضي لم يكن في مستوى الانتظارات لأنه ألغى التناصف والتمويل العمومي وأضاف شرطا مجحفا وهو التزكيات مما أدى الى تقلص عدد النساء في المجلس النيابي الى 24 امرأة فقط .
نائب رئيس هيئة الانتخابات: المجالس المحلية فشلت فشلا ذريعا في إدارة الشأن المحلي
قال ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه لا أحد ينكر أن المجالس المحلية فشلت فشلا ذريعا في إدارة الشأن المحلي. وبين أمس خلال مشاركته في الندوة العلمية التي عقدتها الجمعية التونسية للقانون الدستوري حول المراسيم الصادرة يوم 8 مارس والمتعلقة بتنقيح القانون الانتخابي وبحل المجالس البلدية وبانتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، أن الهيئة تقف على نفس المسافة من الجميع وأنها هيئة مستقلة لا تتدخل في المسائل السياسية ولا تعنيها التجاذبات وأنها تعمل على أساس مبدأ الحياد، وهي تبدي الرأي في مشاريع النصوص المتعلقة بالانتخابات وقد أبدت رأيها في المراسيم الثلاثة سالفة الذكر.
وكشف نائب رئيس الهيئة أنه كانت هناك اختلافات جوهرية في مواقف أعضاء مجلس الهيئة من المراسيم سواء تعلق الأمر بتوقيتها أو مجالها أو مضامينها ولكن في النهاية فإن القرار الصادر عن الهيئة يعبر عن رأي أغلبية الأعضاء، وذكر أن واجب التحفظ يمنعه من الإفصاح عن مواقف أعضاء الهيئة.
وبخصوص الانتخابات البلدية، بين الجديدي أنه قبل صدور المرسوم المتعلق بحل المجالس البلدية سبق له أن دعا إلى ضرورة التريث في تنظيم الانتخابات البلدية المقبلة لأن الإطار الدستوري لها يختلف عن الإطار الدستوري الذي تمت على أساسه الانتخابات البلدية لسنة 2018 فالبناء الدستوري لدستور 2014 اتجه الى تركيز السلطة المحلية واعتبر المجالس المحلية سلطة لكن الدستور الجديد جاء بتصور مغاير والمؤسس لم يتحدث عن سلطة محلية وبلدية وعن مفهوم التدبير الحر بل اعتبر البلديات ليست سلطة بقدر ما هي إدارات تضطلع بالشأن المحلي وبكونها ترجع بالنظر الى إشراف السلطة المركزية.
وذكر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة بعد أن أبدت رأيها في المراسيم الجديدة تنتظر من مجلس نواب الشعب أن يمارس وظيفته التشريعية ويسن قوانين تضبط صلاحيات المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجلس الأقاليم والجهات حتى تتضح الرؤية أكثر. وأضاف أنه من السابق لأوانه أن نحكم على التصور الدستوري الجديد وعلى التجربة التي جاء بها الدستور قبل ممارسة البرلمان وظيفته التشريعية وقبل صدور قوانين تجعل الصورة أوضح.
دعوة الى التريث
وبين ماهر الجديدي أن رأيه الشخصي وهو رأي لا يلزم الهيئة هو أنه من السابق لأوانه إجراء الانتخابات البلدية خلال الثلاثة أشهر القادمة لأنه لا بد من تقييم التجربة السابقة خاصة وأن المرسوم الجديد لم يمنع رؤساء وأعضاء المجالس البلدية السابقة من الترشح من جديد للانتخابات القادمة والحال أن هناك منهم من شملتهم تتبعات جزائية، ومعلوم لدى الجميع أن الزمن القضائي يختلف عن الزمن الانتخابي فهو زمن بطيء جدا بالنسبة للزمن الانتخابي وقد يؤدي هذا الاختلاف الى مشاكل كبيرة على مستوى قبول ترشحات رؤساء وأعضاء المجالس البلدية للانتخابات المقبلة، وأكد أنه يقول هذا الكلام بناء عن تجربة، وفسر أنه بمناسبة الانتخابات التشريعية السابقة لم يقع منع رؤساء البلديات والمجالس الجهوية من الترشح وقد لعب هؤلاء دورا سلبيا في مرحلة التعريف بالإمضاء على التزكيات إذ كانت هناك محاباة حظي بها بعض المترشحين على حساب غيرهم ولهذا السبب أصدرت الهيئة توجيهات للمجالس البلدية لكي تسهل مهمة التعريف بالإمضاء على جميع المترشحين دون تمييز..
ودعا الجديدي أكثر من مرة إلى التريث في تنظيم الانتخابات البلدية وقال إن التريث أمر محمود ومنشود لأن المرسوم لم يمنع رؤساء البلديات وأعضاء المجالس من الترشح ولأن غياب المنع قد يؤدي الى صعوبات على مستوى الترشح وقد يترشح من هم محل تتبعات جزائية وقد يفوزون في الانتخابات وبعد فوزهم تصدر أحكام قضائية باتة ضدهم.
وبخصوص أبرز الإشكاليات التي لاحظها في المراسيم الجديدة في علاقة بشروط الترشح بين ماهر الجديدي أن الهيئة سبق لها أن أكدت بمناسبة الانتخابات التشريعية على ضرورة إيجاد حل تشريعي لمشكل البطاقة عدد 3 لأنه على مستوى الواقع تبين لها عدم وجود تطابق بين شرط نقاوة السوابق العدلية للمترشحين وبين المعطيات الموجودة في سجل السوابق العدلية ولهذا السبب قررت رفض مطالب ترشح رغم أن المترشحين قدموا لها بطاقة عدد 3 نظيفة، وعند إعلامهم بقرارات الرفض تولى هؤلاء الطعن أمام المحكمة الإدارية وقضت المحكمة بإلغاء قرارات الرفض التي اتخذها الهيئة وأقرت صحة الترشحات لأن المترشحين لم تصدر في شأنهم أحكام باتة، ورغم ذلك فإن الهيئة تدرك جيدا أن إثبات نقاوة السوابق العدلية عن طريق بطاقة عدد 3 غير كاف لأنه بالتجربة تأكد لها عندما استرشدت على بعض المترشحين لدى القضاء ولدى وزارة العدل أن السجل المتعلق بالسوابق العدلية غير محين.
وبين نائب رئيس الهيئة أن عدد التزكيات في الانتخابات البلدية سيكون كبيرا جدا ولا بد من بحث حلول لتسهيل هذه العملية وأضاف أن دور المجتمع المدني في معاضدة جهود الهيئة كبير جدا وأن الهيئة لا تستطيع العمل بمفردها بل عليها الإنصات الى المجتمع المدني والشركاء الذين ساهموا في المسار الانتخابي.
بوهلال
ـ رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري: منع التونسيين مزدوجي الجنسية من الترشح شرط مخالف للدستور
البطاقة عدد 3 لا تكفي لإثبات نقاوة السوابق العدلية للمترشح
تونس-الصباح
سلطت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي ترأسها الجامعية سلوى الحمروني أمس في ندوتها العلمية المنعقدة بالعاصمة الأضواء على ثلاثة مراسيم صدرت يوم 8 مارس الجاري ويتعلق أولها بتنقيح القانون الانتخابي، والثاني بحل المجالس البلدية، والثالث بانتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وبالمناسبة تم استعراض مستجدات شروط الترشّح للانتخابات البلدية وتبادل الآراء حول مسائل تتعلق بطريقة انتخاب أعضاء المجالس البلدية والتنظيم الداخلي لهذه المجالس والتقسيم الترابي للجماعات المحلية الجديدة وطرق انتخاب المحليات الجديدة وخارطة التنظيم الترابي الجديد ومكانة النساء في المحليات وتعايش النظم بين تراكم مستويات اللامركزية ودور السلط اللامحورية..
ومن بين المسائل التي تطرق إليها المشاركون في هذا اللقاء إذن، شروط الترشح وموانعه في الانتخابات المحلية، وأكد العديد منهم على تعارض المراسيم الثلاثة مع أحكام دستور 2022 وقالوا إنه كان من المفروض أن ينتهي العمل بالمراسيم منذ 18 أوت المنقضي تاريخ صدور الدستور، ومن المفروض أيضا بناء على مقتضيات الدستور الجديد أن لا يقع المساس بالمسائل الانتخابية عن طريق المراسيم، وبينوا أن عملية سن مراسيم بمثل هذه الأهمية في نفس اليوم الذي صدر فيه أمر دعوة مجلس نواب الشعب الجديد للانعقاد دليل على نظرية غصب السلطة التشريعية.
وهناك من المشاركين في المنتدى ومنهم الخبير الانتخابي رفيق الحلواني من أبدى استغرابه من إصرار أساتذة القانون الدستوري على تنظيم مثل هذه الملتقيات العلمية لتفسير المراسيم والحال أن رئيس الجمهورية قد فرض سياسة الأمر الواقع على الجميع وهو ماض بسرعة البرق في طريقه نحو تنفيذ مشروعه السياسي المتمثل في تركيز البناء القاعدي غير عابئ بشيء، في حين هناك من وجه انتقادات لاذعة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأنها بعد أن عبرت عن جاهزيتها التامة بشريا وماديا ولوجستيا لتنظيم الانتخابات البلدية في شهر ماي المقبل، لم تعترض على قرار رئيس الجمهورية بحل المجالس البلدية دون مبررات مقنعة، كما عبر بعضهم عن امتعاضهم مما قاله نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي عن المجالس البلدية المنحلة.
شروط غير دستورية
رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري الأستاذة سلوى الحمروني لاحظت عند تطرقها إلى شروط الترشح للانتخابات الواردة في المرسوم الصادر يوم 8 مارس الجاري، أنه تم اعتماد نفس الشروط المنصوص عليها في المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب ومنها الشروط الرامية إلى تنقية المشهد السياسي من المترشحين الذين لديهم سوابق عدلية والشروط المتعلقة بالواجب الجبائي كما تم نزع صفة الناخب عن التونسيين المترشحين من مزدوجي الجنسية رغم أن المجتمع المدني انتقد هذا الشرط بشدة لكن المشرع لا يسمع أي صوت بل تعنت في فرض مسائل لا دستورية. وذكرت أن حالة الاستثناء من المفروض أنها انتهت لكن رئيس الجمهورية مازال يتصرف كما لو أن البلاد في حالة استثناء ودون وجود رقابة من أي نوع كان. وقالت الحمروني إن البلدان الديمقراطية أصبحت تسمح للأجانب بالتصويت في الانتخابات المحلية لكن في تونس تم منع تونسيين من الترشح لا لشيء إلا لأنه لديهم جنسية أخرى.
وذكرت أنها عندما تقرأ قسم الإطلاعات في المرسوم تجد عبارة بعد مداولة مجلس الوزراء وهي تريد أن تعرف هل يعقل أن يوافق الوزراء على هذا الشرط الإقصائي الذي فيه احتقار للتونسيين من مزدوجي الجنسية وهو نوع من الوصم لهم ويعتبرهم من الدرجة الثانية وهذا لا يستقيم لا بمنطق الدستور ولا بمنطق حقوق الإنسان والإصرار على مثل هذا المنع هو عار على تونس بعد 67 سنة استقلال حسب وصف الجامعية .
ولا تختلف الأستاذة إقبال بن موسى في الرأي عما ذهبت إليه رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري إذ بينت انه تم سحب شروط الترشح للانتخابات التشريعية على المترشحين للانتخابات المجالس المحلية والمجالس البلدية، واستغربت بدورها من حرمان مزدوجي الجنسية من الترشح وقالت انه لا يوجد أي مبرر لهذا الشرط فهو مخالف لأحكام دستور 2022، وإضافة الى ذلك تم حسب قولها التضييق في حق الترشح من خلال إضافة موانع أخرى إذ تم منع إطارات البلديات وأعوانها من الترشح وهذا انتهاك كبير لحق الترشح. وفي المقابل لاحظت الجامعية أن الجيد في المرسوم الجديد هو انه يحد من التهرب الضريبي لأن أي مترشح للانتخابات مطالب بتسوية وضعيته الجبائية.
نظرية البناء القاعدي
أما الأستاذ أمين الخراط ممثل منظمة بوصلة فأشار إلى أن المرسوم الجديد يدل حرفيا على نظرية البناء القاعدي وقال إنه تم المرور من قتل دولة القانون الى قتل المواطنة والفاعل السياسي وذلك فضلا عن احتوائه على شروط تميزية ووصم لمزدوجي الجنسية كما أن اعتماد التصعيد من المحلي الى الجهوي الى الوطني من شأنه أن يحيي الروابط القبلية.. وذكر انه تم في المرسوم الجديد اعتماد آلية القرعة وبالتالي تم إفراغ الانتخابات من محتواها كما أن اعتماد التناوب كل ثلاثة أشهر ينهي مفهوم العهدة الإلزامية الثابتة. وأضاف أن العمل السياسي مات في غياب الأحزاب والأجسام الوسيطة وبالتالي تم التراجع عن دولة المواطنة والفاعل السياسي مثلما تم التراجع عن دولة القانون وقال انه شعر بالمرارة بسبب حل المجالس البلدية لأنه من الخطير جدا أن تقع مصادرة صوت الناخب الذي شارك في الانتخابات البلدية.
وذكر الأستاذ يوسف عبيد ممثل الجامعة الوطنية للبلديات أنه لا بد من التساؤل عن سبب حل المجالس البلدية وعن الشكل القانوني المعتمد لحلها وهو مرسوم ولماذا تم حلها اليوم وما مصير 7200 عضو مجالس بلدية تم انتخابهم ثم تقرر فجأة حل مجالسهم دون تفسير الأسباب الحقيقية لهذا الإجراء.
وذكر أن هناك من يعتبر أن سبب الحل مرده فشل المجالس في القيام بدورها ولكن كان يكفي أن يقع تطبيق القانون الانتخابي وضمان حياد الإدارة وكان يجب القيام بتقييم المجالس لمدة خمس سنوات يأخذ بعين الاعتبار لجميع العناصر وأولها البعد السياسي لأن الإرادة السياسية في دعم المجالس البلدية لم تكن متوفرة. وقال حتى وإن سلمنا فرضا أن المجالس فشلت وهو تقييم خاطئ فان حل جميع المجالس ثلاثة أشهر قبل انتهاء العهدة النيابية لا يمكن أن يتضمن سوى رسائل سياسية بامتياز وهو خطوة إضافية لتنزيل مشروع رئيس الجمهورية وهو عبارة عن تنفيذ قرار هدم تم اتخاذه مسبقا وخلص إلى أن حل المجالس هو تتويج طبيعي لمشروع الرئيس الشخصي فقد سبق للرئيس أن قال في خطابه أن البلديات تمثل دولة داخل الدولة ومجلة الجماعات المحلية تم إعدادها على المقاس وقال إن أزمة النفايات تسببت فيها البلديات عن قصد كما قرر الرئيس حل وزارة الشؤون المحلية وإلحاق هياكلها بوزارة الداخلية ثم جاء دستور 2022 الذي عاد بها الى دستور 1959 وورد فيه فصل وحيد يتعلق بالجماعات المحلية وفي خضم كل هذا لا يمكن اعتبار حل المجالس البلدية مفاجئا لكن توقيت حلها هو الذي مثل المفاجأة وكان بالإمكان فقط تنقيح القانون الانتخابي لكن رئيس الجمهورية اختار حل المجالس البلدية وتعيين الكتاب العامين على رأس البلديات الى حين تنظيم انتخابات جديدة. ولاحظ الجامعي أن المرسوم لم يشر الى موعد الانتخابات البلدية القادمة لكن محمد التليلي منصري الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات قال إن الأولوية يمكن أن تعطى لانتخابات المجالس المحلية والجهوية. وذكر أن سن مراسيم بمثل هذه الأهمية قبل أيام قليلة من انتصاب المجلس النيابي يدل على أن رئيس الجمهورية يريد اللعب في الوقت بدل الضائع وهذه المراسيم هي مواصلة للعمل بالأمر عدد 117 المتعلق بالحالة الاستثنائية وبالتالي هي غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن.
وقال إن حل المجالس البلدية فيه رسالة دقيقة المضمون وهي أن الرئيس يطبق ما يقرر وماض في تنفيذ مشروعه الشخصي بصفة تدريجية كما فيه رسالة مضمونة الوصول الى المنتخبين على اختلاف مستوياتهم وطنيا جهويا ومحليا الحالين منهم والسابقين والمستقبليين مفادها أنه يمكنهم سحب الوكالة ممن يتم انتخابهم.
تعسف على السلطة التشريعية
وتساءلت الأستاذة هناء بن عبدة في مفتتح أشغال الندوة العلمية للجمعية التونسية للقانون الدستوري حول المراسيم الثلاثة سالفة الذكر هل نحن في حالة استثناء؟ وأجابت عن هذا السؤال بالنفي، وقالت انه منذ 18 أوت تاريخ صدور الدستور الجديد انتهى العمل بالفصل 80 من دستور 2014 وانتهت الحالة الاستثنائية.. كما أن المؤسس منع نفسه من التدخل في المجال الانتخابي بمراسيم لكنه قبل يومين من انتصاب المجلس النيابي أصدر جملة من المراسيم وكان يجب انتظار البرلمان لكي ينطلق في أعماله لا أن يتم سن مراسيم والتدخل بالمراسيم في المجال الانتخابي فهذا حسب وصفها تعسف على السلطة التشريعية وغضب لها.
وتعقيبا عن استفسار حول ما إذا ستعرض المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية على المجلس النيابي أجابت الجامعية أن الدستور لا يوضح إن كان بعد انتهاء الحالة الاستثنائية يصادق المجلس على المراسيم والحال أن المراسيم هي منزلة بين منزلتين ففي فقه القضاء المراسيم ليست قوانين باستثناء المراسيم التي تدخل في المشروعية الثورية للشعب التونسي والتي تم إصدارها سنة 2011 أما غيرها من المراسيم فتبقى في منزلة بين التشريع والأوامر وبالتالي إذا لم يصادق عليها المجلس النيابي فان المحكمة الإدارية لا تعتبرها من القوانين والحال أن هذه المراسيم تتعلق بالحقوق والحريات لأنها تتحدث عن حق الترشح وبالتالي يجب حسب رأيها تمريرها على المجلس النيابي للمصادقة عليها وعلى المجلس أن يتحمل مسؤولياته التشريعية ويعرض هذه المراسيم على المصادقة حتى وان لم تقم السلطة التنفيذية بعرضها على المجلس من تلقاء نفسها.
وخلصت إلى أن المحكمة الإدارية لديها فقه قضاء مستقر وهي تعتبر أن المراسيم ليست قوانين باستثناء المراسيم التي تم سنها سنة 2011. وعن استفسار آخر حول ما إذا كان المرسوم تمهيدا للتخلي عن المجالس البلدية أجانب بالنفي لان الدستور نص على ان الجماعات المحلية هي مجالس بلدية ومجالس جهوية ومجالس أقاليم فالجماعات المحلية الدستورية هي بلديات وجهات وأقاليم وبالتالي لا يمكن التخلي عن المجالس البلدية وترى أن حلها هو تمهيد لتأخير الانتخابات وليس من اجل التخلي عنها.
ولاحظت الجامعية نهى الشواشي بدورها أنه في الحالة العادية فإن القيمة القانونية للمراسيم تبقى على أنها نصوص ترتيبية لا ترتقي الى مرتبة التشريع إلا بعد المصادقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب.
وحسب رأي رفيق الحلواني الخبير الانتخابي لا توجد نية لتنظيم انتخابات بلدية وحتى الصفحات الداعمة لـ25 جويلية والصفحات المؤثرة انتقدت رئيس الهيئة عندما تحدث في وقت سابق عن الانتخابات البلدية.. وأضاف الحلواني أنه كان بالإمكان أن يتم اتخاذ قرار يقضي بتأخير الانتخابات لكن تم إلغاء كل المجالس البلدية والسبب هو عدم جاهزية من يراد صعودهم الى مجالس البلديات.
أما تركية بن خذر ممثلة رابطة الناخبات التونسيات فبينت أن الرابطة تفاعلت مع 25 جويلية وبادرت بمراسلة رئيس الجمهورية لدعوته الى تعزيز حقوق النساء السياسية كما نظمت لقاء مع هيئة الانتخابات لدعوتها الى إدراج التناصف الأفقي لكن المرسوم الانتخابي الصادر منتصف سبتمبر الماضي لم يكن في مستوى الانتظارات لأنه ألغى التناصف والتمويل العمومي وأضاف شرطا مجحفا وهو التزكيات مما أدى الى تقلص عدد النساء في المجلس النيابي الى 24 امرأة فقط .
نائب رئيس هيئة الانتخابات: المجالس المحلية فشلت فشلا ذريعا في إدارة الشأن المحلي
قال ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه لا أحد ينكر أن المجالس المحلية فشلت فشلا ذريعا في إدارة الشأن المحلي. وبين أمس خلال مشاركته في الندوة العلمية التي عقدتها الجمعية التونسية للقانون الدستوري حول المراسيم الصادرة يوم 8 مارس والمتعلقة بتنقيح القانون الانتخابي وبحل المجالس البلدية وبانتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، أن الهيئة تقف على نفس المسافة من الجميع وأنها هيئة مستقلة لا تتدخل في المسائل السياسية ولا تعنيها التجاذبات وأنها تعمل على أساس مبدأ الحياد، وهي تبدي الرأي في مشاريع النصوص المتعلقة بالانتخابات وقد أبدت رأيها في المراسيم الثلاثة سالفة الذكر.
وكشف نائب رئيس الهيئة أنه كانت هناك اختلافات جوهرية في مواقف أعضاء مجلس الهيئة من المراسيم سواء تعلق الأمر بتوقيتها أو مجالها أو مضامينها ولكن في النهاية فإن القرار الصادر عن الهيئة يعبر عن رأي أغلبية الأعضاء، وذكر أن واجب التحفظ يمنعه من الإفصاح عن مواقف أعضاء الهيئة.
وبخصوص الانتخابات البلدية، بين الجديدي أنه قبل صدور المرسوم المتعلق بحل المجالس البلدية سبق له أن دعا إلى ضرورة التريث في تنظيم الانتخابات البلدية المقبلة لأن الإطار الدستوري لها يختلف عن الإطار الدستوري الذي تمت على أساسه الانتخابات البلدية لسنة 2018 فالبناء الدستوري لدستور 2014 اتجه الى تركيز السلطة المحلية واعتبر المجالس المحلية سلطة لكن الدستور الجديد جاء بتصور مغاير والمؤسس لم يتحدث عن سلطة محلية وبلدية وعن مفهوم التدبير الحر بل اعتبر البلديات ليست سلطة بقدر ما هي إدارات تضطلع بالشأن المحلي وبكونها ترجع بالنظر الى إشراف السلطة المركزية.
وذكر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة بعد أن أبدت رأيها في المراسيم الجديدة تنتظر من مجلس نواب الشعب أن يمارس وظيفته التشريعية ويسن قوانين تضبط صلاحيات المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجلس الأقاليم والجهات حتى تتضح الرؤية أكثر. وأضاف أنه من السابق لأوانه أن نحكم على التصور الدستوري الجديد وعلى التجربة التي جاء بها الدستور قبل ممارسة البرلمان وظيفته التشريعية وقبل صدور قوانين تجعل الصورة أوضح.
دعوة الى التريث
وبين ماهر الجديدي أن رأيه الشخصي وهو رأي لا يلزم الهيئة هو أنه من السابق لأوانه إجراء الانتخابات البلدية خلال الثلاثة أشهر القادمة لأنه لا بد من تقييم التجربة السابقة خاصة وأن المرسوم الجديد لم يمنع رؤساء وأعضاء المجالس البلدية السابقة من الترشح من جديد للانتخابات القادمة والحال أن هناك منهم من شملتهم تتبعات جزائية، ومعلوم لدى الجميع أن الزمن القضائي يختلف عن الزمن الانتخابي فهو زمن بطيء جدا بالنسبة للزمن الانتخابي وقد يؤدي هذا الاختلاف الى مشاكل كبيرة على مستوى قبول ترشحات رؤساء وأعضاء المجالس البلدية للانتخابات المقبلة، وأكد أنه يقول هذا الكلام بناء عن تجربة، وفسر أنه بمناسبة الانتخابات التشريعية السابقة لم يقع منع رؤساء البلديات والمجالس الجهوية من الترشح وقد لعب هؤلاء دورا سلبيا في مرحلة التعريف بالإمضاء على التزكيات إذ كانت هناك محاباة حظي بها بعض المترشحين على حساب غيرهم ولهذا السبب أصدرت الهيئة توجيهات للمجالس البلدية لكي تسهل مهمة التعريف بالإمضاء على جميع المترشحين دون تمييز..
ودعا الجديدي أكثر من مرة إلى التريث في تنظيم الانتخابات البلدية وقال إن التريث أمر محمود ومنشود لأن المرسوم لم يمنع رؤساء البلديات وأعضاء المجالس من الترشح ولأن غياب المنع قد يؤدي الى صعوبات على مستوى الترشح وقد يترشح من هم محل تتبعات جزائية وقد يفوزون في الانتخابات وبعد فوزهم تصدر أحكام قضائية باتة ضدهم.
وبخصوص أبرز الإشكاليات التي لاحظها في المراسيم الجديدة في علاقة بشروط الترشح بين ماهر الجديدي أن الهيئة سبق لها أن أكدت بمناسبة الانتخابات التشريعية على ضرورة إيجاد حل تشريعي لمشكل البطاقة عدد 3 لأنه على مستوى الواقع تبين لها عدم وجود تطابق بين شرط نقاوة السوابق العدلية للمترشحين وبين المعطيات الموجودة في سجل السوابق العدلية ولهذا السبب قررت رفض مطالب ترشح رغم أن المترشحين قدموا لها بطاقة عدد 3 نظيفة، وعند إعلامهم بقرارات الرفض تولى هؤلاء الطعن أمام المحكمة الإدارية وقضت المحكمة بإلغاء قرارات الرفض التي اتخذها الهيئة وأقرت صحة الترشحات لأن المترشحين لم تصدر في شأنهم أحكام باتة، ورغم ذلك فإن الهيئة تدرك جيدا أن إثبات نقاوة السوابق العدلية عن طريق بطاقة عدد 3 غير كاف لأنه بالتجربة تأكد لها عندما استرشدت على بعض المترشحين لدى القضاء ولدى وزارة العدل أن السجل المتعلق بالسوابق العدلية غير محين.
وبين نائب رئيس الهيئة أن عدد التزكيات في الانتخابات البلدية سيكون كبيرا جدا ولا بد من بحث حلول لتسهيل هذه العملية وأضاف أن دور المجتمع المدني في معاضدة جهود الهيئة كبير جدا وأن الهيئة لا تستطيع العمل بمفردها بل عليها الإنصات الى المجتمع المدني والشركاء الذين ساهموا في المسار الانتخابي.