إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد 67 سنة على الاستقلال | منوال زراعي امتداد لإرث المستعمر.. وسيادة غذائية مفقودة..

 

 تونس الصباح

اختلفت التحاليل والقراءات للمسار الذي اتخذته تونس منذ حصولها على الاستقلال يوم 20 مارس 1956، والى غاية يوم 12 ماي 1964 أين تحقق الجلاء الزراعي. ففي الوقت الذي تقول قراءة أن الدولة التونسية قد ورثت منوالها الزراعي وأسس إنتاجها الفلاحي من المنوال الزراعي الاستعماري وهي إلى غاية اليوم تتصرف في إرث وضعه المعمر الفرنسي طبقا لمتطلباته ومصالحه الاقتصادية يمنعها من تحقيق سيادتها الغذائية. وتعتبر قراءة أخرى أن استرجاع الأراضي من المعمرين كانت خطوة محددة في استكمال السيادة التونسية على أراضيها وكانت مكملة للمسار الذي انخرطت فيه تونس للتخلص من بقايا الاستعمار بما في ذلك الأمني والعسكري والمالي والحفاظ على الفلاحة التصديرية كخيار اقتصادي.

وبأكثر توضيح يفسر حافظ ستهم أحد الجغرافيين التونسيين الذين ساهموا في تطوير الجغرافيا بالجامعة التونسية منذ نشأتها. والذي يتبنى مواقف اشتراكية، وتخصص في الجغرافيا الريفية والجغرافيا البشرية، وركز أبحاثه على إقليم الوطن القبلي من خلال التطور الذي شهده الإنتاج الفلاحي في البلاد التونسية، وذلك في كتابه بعنوان: "الأرض والفلاح والسوق والمجتمع في المغرب العربي"، إن مسار استغلال الأرض واستنزافها تم حسب رأيه عبر الشروع في تعزيز الزراعات التجارية التي تعتمد طلب السوق كبوصلة لاختياراتها. وقد بدأ ذلك ضمن منوال زراعي وضعه المستعمر الفرنسي. ففي سنة 1932، تعززت زراعات الكروم في البلاد التونسية من أجل إنتاج الخمور حتى أصبحت مساحتها تناهز 50 ألف هكتار يتم تصدير 90% منها إلى السوق الفرنسية وذلك إثر الآفة التي أصابت الكروم الفرنسية بسبب حشرة الفليلوكسيرا. وحسب نفس المصدر، دفعت أزمة 1929 بإكثار إنتاج القوارص الذي تبين أنه زراعة تجارية مربحة تعوّض أزمة الإفراط في إنتاج الحبوب في العالم مما تسبب فيما يطلق عليه بـ "الثورة القوارصية" التي تعززت بنقص الإنتاج الإسباني بسبب الحرب الأهلية وتعطيل الصادرات الإيطالية كعقوبة لغزوها لأثيوبيا.

من جهة أخرى وعلى مستوى إنتاج الحبوب، لم يعرف الفلاّحون التونسيون سوى زراعة القمح الصلب والشعير إلى أن أدخلت السلطات الاستعمارية الفرنسية القمح اللين في الإنتاج الزراعي المتعلق بالحبوب والذي كان موجها بالأساس للتصدير إلى فرنسا بلاد "الباڤات".

وطبقا لهذا ورثت حكومة الاستقلال اقتصادا زراعيا مرتبطا ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الفرنسي خاصة والأوروبي عامة، والذي يتميز بطغيان المزروعات التجارية التصديرية. ففي سنة 1957 مثلت الصادرات الزراعية للبلاد التونسية نسبة60% من إجمالي الصادرات والتي تتكون أساسا من خمور وحبوب وزيت زيتون وباكورات وخضراوات وقوارص.

علاوة على ذلك، تم استنزاف الأراضي عبر استعمال تقنيات التعاقب الثنائي بين زراعة القمح سنة وحرث الأرض البور في السنة الموالية مما قضى على الغطاء العشبي وعلى طبقة الدبال وعلى الغبار الذي يتركه الغنم حين يرعى. وتسبب هذا الإنهاك للأرض في الانجراف المائي والريحي للتراب الخصب مما انجر عنه تراجع مردودية الإنتاج.

في المقابل يعتبر مصطفى التليلي أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية أن استرجاع الأراضي يعني بالضرورة انتقال الاستفادة من منتوجاتها وخيراتها من المستعمر إلى أبناء البلاد، وحفاظ عدد من الفلاحين التونسيين على نفس نمط الإنتاج الفلاحي المعتمد آنذاك يعد أمرا عاديا، فالتوجه العام العالمي الوطني ما بعد الاستقلال كان نحو تشجيع التصدير واستجلاب العملة الصعبة التي عبرها تم تركيز صناعة وطنية وتوفير منتوجات استهلاكية، وهو توجه بعيد كل البعد عن الإرث الاستعماري.

وأشار التليلي إلى أن استرجاع الأراضي أي بعد الاستقلال يعد خطوة محددة في استكمال السيادة، حتى أن العديد من الباحثين في التاريخ يعتبرون أن الاستقلال الحقيقي كان مع إمضاء بروتوكول تونسي- فرنسي نص على بيع المعمّرين الفرنسيين أراضيهم للبلاد التونسية أو للخواص بصفة طوعية وكان ذلك بتاريخ 8 ماي 1957. وتفرع مسار التخلص من بقايا الاستعمار الفرنسي آنذاك على الجانب الفلاحي والعسكري والأمني والقانوني والمالي، وأصبحت لتونس عملتها الخاصة بها وهي الدينار التونسي وبنك مركزي.. وكونت النواة الأولى للجيش التونسي والأمن والحرس التونسي كما تم وضع نواة للأراضي الدولية وقطاع فلاحي عمومي تابع للدولة بما لحقه من تجارب مختلفة فيما يهم المنوال الزراعي.

أما بالنسبة لمسالة الخيارات الزراعية وما خلفته من تبعية غذائية فبين مصطفى التليلي أن الأمر كان مرتبطا بالتغير الحاصل خلال السنوات الماضية بنمط الاستهلاك والزيادة في عدد السكان، ومن هناك يمكن النقد والقول أن تونس لم تنجح في وضع سياسية فلاحية مواكبة للتطور، تقوم على الإبقاء على التصدير بما في ذلك القوارص والخمور والتمور، وقادرة في نفس الوقت على توفير اكتفائها وأمنها الغذائي.

وتجدر الإشارة إلى أن عملية استرجاع أراضي المعمّرين الفرنسيين قد مرت حسب المراجع التاريخية بـ4 مراحل ما بين إعلان الاستقلال الداخلي وصولا إلى الجلاء الزراعي.

في مرحلة أولى، تم التوقيع على بروتوكول تونسي-فرنسي نص على بيع المعمّرين الفرنسيين أراضيهم للبلاد التونسية أو للخواص بصفة طوعية. وكان ذلك يوم 8 ماي 1957 تم بيع 127 ألف هكتار للدولة و40 ألف هكتار للخواص.

في مرحلة ثانية، أقرت الدولة التونسية إثر الاستقلال التام قانون 7 ماي 1959 والذي يقضي بافتكاك أراضي المعمّرين المهملة أو ناقصة الاستغلال والتي بلغت مساحتها وقتها 75 ألف هكتار فقط، حيث أن السلطات الفرنسية قد استماتت في الدفاع عن مواطنيها المعمّرين وذلك بفرض دفع تعويضات لهم من قبل الدولة التونسية.

هكذا وفي مرحلة ثالثة، أجبرت السلطات الفرنسية الدولة التونسية على إمضاء بروتوكوليْن بتاريخيْ 13 أكتوبر 1960 و2 مارس 1963 تحت مسمّى “نقل ملكية الأراضي الفلاحية للفرنسيين إلى الدولة التونسية”. ويشترط هذان البروتوكولان شراء الدولة التونسية لمساحة 150 ألف هكتار من قبل المعمّرين كتعويض لهم من أجل تسهيل عودتهم إلى فرنسا وإعادة اندماجهم في اقتصادها. هذا الأدهى. أما الأمرّ، فإن مبالغ الشراء التعويضية قد تم اقتراضها من الدولة الفرنسية.

 وفي مرحلة أخيرة، جاء القانون عدد5 المؤرخ في 12 ماي 1964 والمتعلق بـ"الجلاء الزراعي" كي يسترد 300 ألف هكتار من أراضي المعمّرين وذلك بمقابل تعويضي أيضا.

وتتجه عديد الكتابات إلى اعتبار أن عدم تحقيق السيادة الغذائية ما بعد استرجاع كل الأراضي الفلاحية من المعمرين الفرنسيين، جعل استقال تونس يبقى منقوصا.

ويقول علي جلولي أستاذ القانون في كلية صفاقس في احد كتاباته المنشورة، انه ولئن تمّ تحقيق جلاء الجنود عن بنزرت ورمادة في 15 أكتوبر1963 بعد معركة قدّم فيها الشعب التونسي مئات الشّهداء، وإعلان "الجلاء الزّراعي" تمّ في 12 ماي 1964 وذلك بتأميم كلّ الأراضي الفلاحيّة التي كانت تحت ذمّة المعمّرين، وأيضا تأميم أراضي الأحْباس والزوايا…الخ، وتحويلها جميعا إلى ملكيّة للدّولة، فان هذا الإجراء ظلّ منقوصا وبدأ يفقد معناه حين بدأ الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة في توزيع أخْصب الأراضي على قادة حزبه والمقرّبين منه. ولئن تمكّن بعض المُقاومين القُدامى من قِطَعٍ فلاحيّة، فإنّ هذه القطع وقع تمليكها أيضا لبعض من كانوا خَدَمًا وأعوانا عند المستعمر. أمّا الأراضي التي تحوّلت إلى ملكية الدولة، فإنّ أجزاء مهمّة منها ظلّت دون استغلالٍ لتتحوّل تدريجيّا إلى أراض غير مستصلحة.

ريم سوودي

 

 

   بعد 67 سنة على الاستقلال |  منوال زراعي امتداد لإرث المستعمر.. وسيادة غذائية مفقودة..

 

 تونس الصباح

اختلفت التحاليل والقراءات للمسار الذي اتخذته تونس منذ حصولها على الاستقلال يوم 20 مارس 1956، والى غاية يوم 12 ماي 1964 أين تحقق الجلاء الزراعي. ففي الوقت الذي تقول قراءة أن الدولة التونسية قد ورثت منوالها الزراعي وأسس إنتاجها الفلاحي من المنوال الزراعي الاستعماري وهي إلى غاية اليوم تتصرف في إرث وضعه المعمر الفرنسي طبقا لمتطلباته ومصالحه الاقتصادية يمنعها من تحقيق سيادتها الغذائية. وتعتبر قراءة أخرى أن استرجاع الأراضي من المعمرين كانت خطوة محددة في استكمال السيادة التونسية على أراضيها وكانت مكملة للمسار الذي انخرطت فيه تونس للتخلص من بقايا الاستعمار بما في ذلك الأمني والعسكري والمالي والحفاظ على الفلاحة التصديرية كخيار اقتصادي.

وبأكثر توضيح يفسر حافظ ستهم أحد الجغرافيين التونسيين الذين ساهموا في تطوير الجغرافيا بالجامعة التونسية منذ نشأتها. والذي يتبنى مواقف اشتراكية، وتخصص في الجغرافيا الريفية والجغرافيا البشرية، وركز أبحاثه على إقليم الوطن القبلي من خلال التطور الذي شهده الإنتاج الفلاحي في البلاد التونسية، وذلك في كتابه بعنوان: "الأرض والفلاح والسوق والمجتمع في المغرب العربي"، إن مسار استغلال الأرض واستنزافها تم حسب رأيه عبر الشروع في تعزيز الزراعات التجارية التي تعتمد طلب السوق كبوصلة لاختياراتها. وقد بدأ ذلك ضمن منوال زراعي وضعه المستعمر الفرنسي. ففي سنة 1932، تعززت زراعات الكروم في البلاد التونسية من أجل إنتاج الخمور حتى أصبحت مساحتها تناهز 50 ألف هكتار يتم تصدير 90% منها إلى السوق الفرنسية وذلك إثر الآفة التي أصابت الكروم الفرنسية بسبب حشرة الفليلوكسيرا. وحسب نفس المصدر، دفعت أزمة 1929 بإكثار إنتاج القوارص الذي تبين أنه زراعة تجارية مربحة تعوّض أزمة الإفراط في إنتاج الحبوب في العالم مما تسبب فيما يطلق عليه بـ "الثورة القوارصية" التي تعززت بنقص الإنتاج الإسباني بسبب الحرب الأهلية وتعطيل الصادرات الإيطالية كعقوبة لغزوها لأثيوبيا.

من جهة أخرى وعلى مستوى إنتاج الحبوب، لم يعرف الفلاّحون التونسيون سوى زراعة القمح الصلب والشعير إلى أن أدخلت السلطات الاستعمارية الفرنسية القمح اللين في الإنتاج الزراعي المتعلق بالحبوب والذي كان موجها بالأساس للتصدير إلى فرنسا بلاد "الباڤات".

وطبقا لهذا ورثت حكومة الاستقلال اقتصادا زراعيا مرتبطا ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الفرنسي خاصة والأوروبي عامة، والذي يتميز بطغيان المزروعات التجارية التصديرية. ففي سنة 1957 مثلت الصادرات الزراعية للبلاد التونسية نسبة60% من إجمالي الصادرات والتي تتكون أساسا من خمور وحبوب وزيت زيتون وباكورات وخضراوات وقوارص.

علاوة على ذلك، تم استنزاف الأراضي عبر استعمال تقنيات التعاقب الثنائي بين زراعة القمح سنة وحرث الأرض البور في السنة الموالية مما قضى على الغطاء العشبي وعلى طبقة الدبال وعلى الغبار الذي يتركه الغنم حين يرعى. وتسبب هذا الإنهاك للأرض في الانجراف المائي والريحي للتراب الخصب مما انجر عنه تراجع مردودية الإنتاج.

في المقابل يعتبر مصطفى التليلي أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية أن استرجاع الأراضي يعني بالضرورة انتقال الاستفادة من منتوجاتها وخيراتها من المستعمر إلى أبناء البلاد، وحفاظ عدد من الفلاحين التونسيين على نفس نمط الإنتاج الفلاحي المعتمد آنذاك يعد أمرا عاديا، فالتوجه العام العالمي الوطني ما بعد الاستقلال كان نحو تشجيع التصدير واستجلاب العملة الصعبة التي عبرها تم تركيز صناعة وطنية وتوفير منتوجات استهلاكية، وهو توجه بعيد كل البعد عن الإرث الاستعماري.

وأشار التليلي إلى أن استرجاع الأراضي أي بعد الاستقلال يعد خطوة محددة في استكمال السيادة، حتى أن العديد من الباحثين في التاريخ يعتبرون أن الاستقلال الحقيقي كان مع إمضاء بروتوكول تونسي- فرنسي نص على بيع المعمّرين الفرنسيين أراضيهم للبلاد التونسية أو للخواص بصفة طوعية وكان ذلك بتاريخ 8 ماي 1957. وتفرع مسار التخلص من بقايا الاستعمار الفرنسي آنذاك على الجانب الفلاحي والعسكري والأمني والقانوني والمالي، وأصبحت لتونس عملتها الخاصة بها وهي الدينار التونسي وبنك مركزي.. وكونت النواة الأولى للجيش التونسي والأمن والحرس التونسي كما تم وضع نواة للأراضي الدولية وقطاع فلاحي عمومي تابع للدولة بما لحقه من تجارب مختلفة فيما يهم المنوال الزراعي.

أما بالنسبة لمسالة الخيارات الزراعية وما خلفته من تبعية غذائية فبين مصطفى التليلي أن الأمر كان مرتبطا بالتغير الحاصل خلال السنوات الماضية بنمط الاستهلاك والزيادة في عدد السكان، ومن هناك يمكن النقد والقول أن تونس لم تنجح في وضع سياسية فلاحية مواكبة للتطور، تقوم على الإبقاء على التصدير بما في ذلك القوارص والخمور والتمور، وقادرة في نفس الوقت على توفير اكتفائها وأمنها الغذائي.

وتجدر الإشارة إلى أن عملية استرجاع أراضي المعمّرين الفرنسيين قد مرت حسب المراجع التاريخية بـ4 مراحل ما بين إعلان الاستقلال الداخلي وصولا إلى الجلاء الزراعي.

في مرحلة أولى، تم التوقيع على بروتوكول تونسي-فرنسي نص على بيع المعمّرين الفرنسيين أراضيهم للبلاد التونسية أو للخواص بصفة طوعية. وكان ذلك يوم 8 ماي 1957 تم بيع 127 ألف هكتار للدولة و40 ألف هكتار للخواص.

في مرحلة ثانية، أقرت الدولة التونسية إثر الاستقلال التام قانون 7 ماي 1959 والذي يقضي بافتكاك أراضي المعمّرين المهملة أو ناقصة الاستغلال والتي بلغت مساحتها وقتها 75 ألف هكتار فقط، حيث أن السلطات الفرنسية قد استماتت في الدفاع عن مواطنيها المعمّرين وذلك بفرض دفع تعويضات لهم من قبل الدولة التونسية.

هكذا وفي مرحلة ثالثة، أجبرت السلطات الفرنسية الدولة التونسية على إمضاء بروتوكوليْن بتاريخيْ 13 أكتوبر 1960 و2 مارس 1963 تحت مسمّى “نقل ملكية الأراضي الفلاحية للفرنسيين إلى الدولة التونسية”. ويشترط هذان البروتوكولان شراء الدولة التونسية لمساحة 150 ألف هكتار من قبل المعمّرين كتعويض لهم من أجل تسهيل عودتهم إلى فرنسا وإعادة اندماجهم في اقتصادها. هذا الأدهى. أما الأمرّ، فإن مبالغ الشراء التعويضية قد تم اقتراضها من الدولة الفرنسية.

 وفي مرحلة أخيرة، جاء القانون عدد5 المؤرخ في 12 ماي 1964 والمتعلق بـ"الجلاء الزراعي" كي يسترد 300 ألف هكتار من أراضي المعمّرين وذلك بمقابل تعويضي أيضا.

وتتجه عديد الكتابات إلى اعتبار أن عدم تحقيق السيادة الغذائية ما بعد استرجاع كل الأراضي الفلاحية من المعمرين الفرنسيين، جعل استقال تونس يبقى منقوصا.

ويقول علي جلولي أستاذ القانون في كلية صفاقس في احد كتاباته المنشورة، انه ولئن تمّ تحقيق جلاء الجنود عن بنزرت ورمادة في 15 أكتوبر1963 بعد معركة قدّم فيها الشعب التونسي مئات الشّهداء، وإعلان "الجلاء الزّراعي" تمّ في 12 ماي 1964 وذلك بتأميم كلّ الأراضي الفلاحيّة التي كانت تحت ذمّة المعمّرين، وأيضا تأميم أراضي الأحْباس والزوايا…الخ، وتحويلها جميعا إلى ملكيّة للدّولة، فان هذا الإجراء ظلّ منقوصا وبدأ يفقد معناه حين بدأ الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة في توزيع أخْصب الأراضي على قادة حزبه والمقرّبين منه. ولئن تمكّن بعض المُقاومين القُدامى من قِطَعٍ فلاحيّة، فإنّ هذه القطع وقع تمليكها أيضا لبعض من كانوا خَدَمًا وأعوانا عند المستعمر. أمّا الأراضي التي تحوّلت إلى ملكية الدولة، فإنّ أجزاء مهمّة منها ظلّت دون استغلالٍ لتتحوّل تدريجيّا إلى أراض غير مستصلحة.

ريم سوودي

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews