في قرار غير مسبوق وانتهاك صارخ لحق ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية في العمل وفق قواعد المهنة الصحفية، وباستثناء حضور التلفزة الوطنية والإذاعة التونسية ووكالة تونس إفريقيا للأنباء، انعقدت أمس بقصر باردو بدعوة من رئيس الجمهورية قيس سعيد الجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب الجديد، ترأسها صالح المباركي النائب عن دائرة الكبارية بولاية تونس بصفته أكبر النوّاب سنّا وذلك بمساعدة أصغرهم سنّا وهو غسّان يامون النائب عن دائرة جربة حومة السوق وأصغرهنّ سنّا وهي سيرين بوصندل النائبة عن دائرة منزل جميل جرزونة ببنرزت.
ونظرا لعدم السماح لمبعوثي "دار الصباح" بدخول مقر المجلس لتغطية هذه الجلسة مثلما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية والعقود الخالية بما فيها حقبة الرئيس بن علي، فقد استحال على صحيفة "الصباح" التي تعتبر أحد أبرز المراجع التي يستند إليها الباحثون والجامعيون المختصون في التاريخ والعلوم القانونية والسياسية للنفاذ إلى المعلومة، تعذر على ممثليها القيام بالواجب المحمول عليهم في إنارة الرأي العام وتمكين المواطن من الأخبار الصحيحة والموثوقة من مصادرها، والأهم من ذلك أنها لم تتمكن كما كانت تفعل في السابق من نقل ما دار من محادثات واتفاقات في كواليس البرلمان التي تعتبر القلب النابض للمؤسسة التشريعية خاصة عندما يتعلق الأمر بانتخاب رئاسة المجلس، كما أنها لم تستطع التواصل المباشر مع النواب الجدد لاستفسارهم أولا وقبل كل شيء عن رأيهم في هذا القرار الجائر المستفز الذي يبطن رغبة محمومة في مزيد تكريس ثقافة التعتيم والذي سيجعل المجلس يعمل في عزلة وشعاره في ذلك "يغني وجناحه يرد عليه"، ثم لسؤالهم أيضا عن أولويات المجلس النيابي من وجهة نظرهم وعن المبادرات التشريعية التي يعتزمون الاشتغال عليها خلال هذه المدة النيابية وعن نوعية العلاقة التي يرنون إلى مأسستها مع بقية السلط وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية في ظل دستور 2022، وحتى التواصل غير المباشر معهم فقد كان صعبا إذ يبدو أن الكثير منهم سارعوا إلى تغيير أرقامهم الهاتفية التي أمدتنا بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال الحملة الانتخابية لتغطية حملاتهم.
ولكل هذه الأسباب تعتذر "الصباح" لقرائها عن هذه التغطية المنقوصة والمبتورة للجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب وتعلمهم أنها اضطرت إلى متابعة مجرياتها من خلال البث المباشر المتقطع الذي أمنته التلفزة الوطنية إذ أن القناة الوطنية راوحت بين النقل المباشر للجلسة وبين برامجها الإخبارية الأخرى.
النهي عن المنكر
في بداية الجلسة الافتتاحية قام أحد المرتلين بتلاوة آيات قرآنية تتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الشورى والملك نذكر منها ما يلي: "رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين". و"الذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون". و"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن وإلا وأنتم مسلمون". و"لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". و"قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلىٰ ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".
وإثر ذلك خاطب صالح المباركي رئيس الجلسة النواب مذكرا إياهم بأن جلستهم الافتتاحية تأتي في إطار تطبيق أحكام دستور الجمهورية التونسية المؤرخ في 25 جويلية 2022 ومقتضيات الأمر عدد 221 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بدعوة مجلس نواب الشعب لحضور جلسته العامة الافتتاحية.
وتوجه المباركي بالشكر لأبناء الشعب في مختلف الدوائر الانتخابية ممن تحملوا عبء المساهمة في المسار الانتقالي بكل مسؤولية ومنحوهم ثقتهم من خلال التزكيات ثم التصويت، وهي على حد وصفه مسؤولية تاريخية جسيمة تستدعي منهم الإيفاء بوعودهم في إطار ما يخوله الدستور.
وأضاف قائلا:"لا بد أن نعي أننا نعيش لحظة مفصلية فارقة في تاريخ البلاد وهو ما يحفزنا على القيام بدورنا من منطلق المصلحة العليا للوطن بعيدا عن أي صراعات وتجاذبات مرتبطة بمصالح ذاتية أو فئوية ضيقة فبلادنا تعيش تحديات اقتصادية واجتماعية جسيمة فرضتها علينا عوامل متعددة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ومن أوكد واجباتنا كنواب شعب أن نعمل صلب المؤسسة التشريعية في كنف التشاركية والانسجام الايجابي مع مكونات السلطة التنفيذية من منطلق الايمان بوحدة الدولة كي نتجاوز هذه التحديات الجسيمة وفق ما يفرضه علينا الواجب الوطني".
خطأ في اليمين
وتولى النواب بعدها أداء النشيد الوطني ثم قام رئيس الجلسة ومساعداه بتلاوة القائمة النهائية للمنتخبين بمجلس نواب الشعب بناء على قراري الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقين بالتصريح بالنتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب لسنة 2022 في دورتيها الأولى والثانية. وتمت دعوة النواب إثر ذلك إلى أداء اليمين بصورة جماعية بترديد ما يقوله رئيس الجلسة وارتكب هذا الأخير خطأ في قراءة اليمين ونفس الخطأ ارتكبه بقية النواب فاليمين وكما تضمنه الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة مجلس نواب الشعب الى الانعقاد ينص على ما يلي:
"أقسم بالله العظيم أن أبذل كل ما في وسعي في إخلاص وتفان لأقوم بالواجب الوطني المقدس ولأضطلع على خير وجه بمسؤولياتي رائدي الأسمى في ذلك مصلحة الوطن العليا في كنف احترام دستور البلاد وقوانينها". لكن اليمين الذي أداه رئيس الجلسة وبقية النواب هو الآتي ذكره:" أقسم بالله العظيم أن أبذل كل ما في وسعي في إخلاص وتفان لأقوم بالواجب الوطني المقدس ولأضطلع على خير وجه بمسؤولياتي رائدي الأسمى في ذلك مصلحة الوطن العليا في كنف احترام الدستور، دستور البلاد وقوانينها".
وعند هذا الحد تم رفع الجلسة واستئنافها بعد فترة قصيرة وتم الإعلان عن فتح باب الترشح لعضوية اللجنة القارة لفرز الأصوات ومراقبة عمليات التصويت وهي تتركب من ثمانية نواب وهم على التوالي عزيز لخضر وعواطف الشنيتي ومحمد ضو وعبد الجليل الهاني ومسعود قريرة وزينة جيب الله وبثينة الغانمي وهالة جاء بالله.
وكان الأمر المتعلق بدعوة المجلس للانعقاد نص على أن يكوّن المجلس في جلسته العامة الافتتاحية لجنة قارة لإحصاء الأصوات ومراقبة عمليات التصويت. كما نص الأمر سالف الذكر على أن يعلن رئيس الجلسة العامة الافتتاحية عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويسجلها ويعلن عنها ثم يأذن بالشروع في عملية التصويت.
وفي هذا السياق أعرب تسعة نواب عن رغبتهم في الترشح لرئاسة مجلس نواب الشعب لكن النائب أنور المرزوقي سرعان ما سحب ترشحه وبالتالي بلغ العدد النهائي للمترشحين 8 وكلهم رجال وهم هشام حسني وابراهيم بودبالة وشفيق زعفوري وفوزي الدعاس وبدر الدين القمودي وعبد السلام الدحماني وماهر القطاري ويسري البواب.
إخراج نائب
وفي الأثناء ارتفع صوت أحد النواب عاليا للاحتجاج على إخراج أحد زملائه بالقوة من قاعة الجلسة وبدا عليه الكثير من الانزعاج لكن رئاسة الجلسة لم تبد أي موقف. وعند فتح باب الترشحات لمنصبي النائب الأول والنائب الثاني لرئيس مجلس نواب الشعب تباينت قراءات النواب لأحكام الأمر الرئاسي الصادر في 8 مارس الجاري فهناك من قالوا إن النائب الأول يجب أن يكون بالضرورة امرأة ومن بين هؤلاء النائب عماد أولاد جبريل وهناك من رأى أن من يحرز على أكبر عدد من الأصوات هو الذي يفوز بالمنصب ليستقر الأمر في النهاية على تقديم قائمة فيها جدول مخصص للنساء وآخر مخصص للرجال المترشحات والمترشحين لمنصبي النائب الأول والنائب الثاني لرئيس المجلس وتولى مساعد رئيس الجلسة تلاوة أسماء المترشحين وهم حسب قوله منال بديدة وسيرين مرابط وآمال المؤدب وفاطمة المسدي وأنور المرزوقي وسوسن مبروك ومريم الشريف وسنية بن مبروك وألفة المرواني ونجلاء اللحياني ونور الهدى السبايطي وفخر الدين فضلون وأيمن بن صالح ورياض جعيدان ومعز بن يونس وصالح الصيادي.
وحسب مقتضيات الأمر المتعلق بالجلسة العامة الافتتاحية وتحديدا الفصل السادس منه يعلن رئيس الجلسة العامة الافتتاحية عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويسجلها ويعلن عنها ثم يأذن بالشروع في عملية التصويت. وبمقتضى الفصل السابع يقع انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبه ونائبته، بالتصويت السري وبالأغلبية المطلقة لأعضائه وفي صورة عدم حصول أي مترشح على هذه الأغلبية في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية يتقدم إليها المترشحان المتحصلان على أكثر عدد من الأصوات. ويعتبر فائزا المترشح المتحصّل على أكثر الأصوات. وفي صورة التساوي يرجح المترشح الأكبر سنا، وفي حالة استمرار التساوي يتم اللجوء إلى القرعة لتحديد الفائز. ويعلن رئيس الجلسة عن اسم المترشح الفائز برئاسة المجلس وعن اسمي نائبيه، وإثر ذلك ترفع الجلسة الافتتاحية.
دورة انتخابية ثانية
ونظرا لكثرة عدد المترشحين فقد كانت الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب الجديد طويلة، ونظرا لعدم حصول إي مترشح على الأغلبية المطلوبة من الأصوات فقد أعلن رئيس الجلسة عن المرور إلى دورة انتخابية ثانية يشارك فيها المترشحان الحائزان على أكبر عدد من الأصوات.. ففي ما يتعلق برئاسة المجلس فإن المترشحين هما إبراهيم بودربالة وعبد السلام الدحماني أما بالنسبة إلى نائبة رئيس المجلس فإن المترشحتين الفائزتين بأكبر عدد من الأصوات هما سوسن مبروك وآمال المدب وبخصوص نائب رئيس المجلس فإن المترشحين للدورة الانتخابية الثانية هما رياض جعيدان وأنور المرزوقي وكان من المفروض أن تتواصل الجلسة دون انقطاع لكن تم رفعها في حدود الخامسة مساء لتمكين النواب من تناول وجبة الغذاء وفي نهاية الدورة الانتخابية الثانية يتم بالضرورة الإعلان عن أسماء رئيس المجلس ونائبيه الأول والثاني.
ويذكر أيضا أن أمر 8 مارس نص على أن تستأنف الجلسة العامة أشغالها برئاسة الرئيس المنتخب وبمساعدة نائبيه. ويعرض الرئيس على المجلس تكوين لجنة إعداد النظام الداخلي ثم يعلن عن فتح باب الترشح لعضوية اللجنة المذكورة ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويعلن عنها ويعرض التركيبة على التصويت بالأغلبية المطلقة للأعضاء وفي آخر مرحلة يدعو رئيس المجلس لجنة إعداد النظام الداخلي للاجتماع مباشرة إثر الجلسة العامة الافتتاحية ثم يعلن عن رفع الجلسة.
ولعل السؤال الذي تبادر إلى أذهان الكثير من المتابعين للشأن العام ممن انزعجوا أمس بشدة من فضيحة منع الصحفيين من مواكبة الجلسة الافتتاحية، هو هل أن النواب الجدد سيتجهون في النظام الداخلي لمجلسهم نحو الانفتاح على الإعلام والمجتمع المدني أم أنهم سيخيرون العمل في قاعات مغلقة خاصة بالنسبة إلى اجتماعات اللجان؟ وكيف للناخب إذن أن يراقب النائب الذي صوت له وعلى أي أساس تتم عمليات سحب الوكالة؟
سعيدة بوهلال
تونس- الصباح
في قرار غير مسبوق وانتهاك صارخ لحق ممثلي وسائل الإعلام الوطنية والدولية في العمل وفق قواعد المهنة الصحفية، وباستثناء حضور التلفزة الوطنية والإذاعة التونسية ووكالة تونس إفريقيا للأنباء، انعقدت أمس بقصر باردو بدعوة من رئيس الجمهورية قيس سعيد الجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب الجديد، ترأسها صالح المباركي النائب عن دائرة الكبارية بولاية تونس بصفته أكبر النوّاب سنّا وذلك بمساعدة أصغرهم سنّا وهو غسّان يامون النائب عن دائرة جربة حومة السوق وأصغرهنّ سنّا وهي سيرين بوصندل النائبة عن دائرة منزل جميل جرزونة ببنرزت.
ونظرا لعدم السماح لمبعوثي "دار الصباح" بدخول مقر المجلس لتغطية هذه الجلسة مثلما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية والعقود الخالية بما فيها حقبة الرئيس بن علي، فقد استحال على صحيفة "الصباح" التي تعتبر أحد أبرز المراجع التي يستند إليها الباحثون والجامعيون المختصون في التاريخ والعلوم القانونية والسياسية للنفاذ إلى المعلومة، تعذر على ممثليها القيام بالواجب المحمول عليهم في إنارة الرأي العام وتمكين المواطن من الأخبار الصحيحة والموثوقة من مصادرها، والأهم من ذلك أنها لم تتمكن كما كانت تفعل في السابق من نقل ما دار من محادثات واتفاقات في كواليس البرلمان التي تعتبر القلب النابض للمؤسسة التشريعية خاصة عندما يتعلق الأمر بانتخاب رئاسة المجلس، كما أنها لم تستطع التواصل المباشر مع النواب الجدد لاستفسارهم أولا وقبل كل شيء عن رأيهم في هذا القرار الجائر المستفز الذي يبطن رغبة محمومة في مزيد تكريس ثقافة التعتيم والذي سيجعل المجلس يعمل في عزلة وشعاره في ذلك "يغني وجناحه يرد عليه"، ثم لسؤالهم أيضا عن أولويات المجلس النيابي من وجهة نظرهم وعن المبادرات التشريعية التي يعتزمون الاشتغال عليها خلال هذه المدة النيابية وعن نوعية العلاقة التي يرنون إلى مأسستها مع بقية السلط وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية في ظل دستور 2022، وحتى التواصل غير المباشر معهم فقد كان صعبا إذ يبدو أن الكثير منهم سارعوا إلى تغيير أرقامهم الهاتفية التي أمدتنا بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال الحملة الانتخابية لتغطية حملاتهم.
ولكل هذه الأسباب تعتذر "الصباح" لقرائها عن هذه التغطية المنقوصة والمبتورة للجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب وتعلمهم أنها اضطرت إلى متابعة مجرياتها من خلال البث المباشر المتقطع الذي أمنته التلفزة الوطنية إذ أن القناة الوطنية راوحت بين النقل المباشر للجلسة وبين برامجها الإخبارية الأخرى.
النهي عن المنكر
في بداية الجلسة الافتتاحية قام أحد المرتلين بتلاوة آيات قرآنية تتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الشورى والملك نذكر منها ما يلي: "رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين". و"الذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون". و"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن وإلا وأنتم مسلمون". و"لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". و"قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلىٰ ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب".
وإثر ذلك خاطب صالح المباركي رئيس الجلسة النواب مذكرا إياهم بأن جلستهم الافتتاحية تأتي في إطار تطبيق أحكام دستور الجمهورية التونسية المؤرخ في 25 جويلية 2022 ومقتضيات الأمر عدد 221 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بدعوة مجلس نواب الشعب لحضور جلسته العامة الافتتاحية.
وتوجه المباركي بالشكر لأبناء الشعب في مختلف الدوائر الانتخابية ممن تحملوا عبء المساهمة في المسار الانتقالي بكل مسؤولية ومنحوهم ثقتهم من خلال التزكيات ثم التصويت، وهي على حد وصفه مسؤولية تاريخية جسيمة تستدعي منهم الإيفاء بوعودهم في إطار ما يخوله الدستور.
وأضاف قائلا:"لا بد أن نعي أننا نعيش لحظة مفصلية فارقة في تاريخ البلاد وهو ما يحفزنا على القيام بدورنا من منطلق المصلحة العليا للوطن بعيدا عن أي صراعات وتجاذبات مرتبطة بمصالح ذاتية أو فئوية ضيقة فبلادنا تعيش تحديات اقتصادية واجتماعية جسيمة فرضتها علينا عوامل متعددة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ومن أوكد واجباتنا كنواب شعب أن نعمل صلب المؤسسة التشريعية في كنف التشاركية والانسجام الايجابي مع مكونات السلطة التنفيذية من منطلق الايمان بوحدة الدولة كي نتجاوز هذه التحديات الجسيمة وفق ما يفرضه علينا الواجب الوطني".
خطأ في اليمين
وتولى النواب بعدها أداء النشيد الوطني ثم قام رئيس الجلسة ومساعداه بتلاوة القائمة النهائية للمنتخبين بمجلس نواب الشعب بناء على قراري الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقين بالتصريح بالنتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب لسنة 2022 في دورتيها الأولى والثانية. وتمت دعوة النواب إثر ذلك إلى أداء اليمين بصورة جماعية بترديد ما يقوله رئيس الجلسة وارتكب هذا الأخير خطأ في قراءة اليمين ونفس الخطأ ارتكبه بقية النواب فاليمين وكما تضمنه الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة مجلس نواب الشعب الى الانعقاد ينص على ما يلي:
"أقسم بالله العظيم أن أبذل كل ما في وسعي في إخلاص وتفان لأقوم بالواجب الوطني المقدس ولأضطلع على خير وجه بمسؤولياتي رائدي الأسمى في ذلك مصلحة الوطن العليا في كنف احترام دستور البلاد وقوانينها". لكن اليمين الذي أداه رئيس الجلسة وبقية النواب هو الآتي ذكره:" أقسم بالله العظيم أن أبذل كل ما في وسعي في إخلاص وتفان لأقوم بالواجب الوطني المقدس ولأضطلع على خير وجه بمسؤولياتي رائدي الأسمى في ذلك مصلحة الوطن العليا في كنف احترام الدستور، دستور البلاد وقوانينها".
وعند هذا الحد تم رفع الجلسة واستئنافها بعد فترة قصيرة وتم الإعلان عن فتح باب الترشح لعضوية اللجنة القارة لفرز الأصوات ومراقبة عمليات التصويت وهي تتركب من ثمانية نواب وهم على التوالي عزيز لخضر وعواطف الشنيتي ومحمد ضو وعبد الجليل الهاني ومسعود قريرة وزينة جيب الله وبثينة الغانمي وهالة جاء بالله.
وكان الأمر المتعلق بدعوة المجلس للانعقاد نص على أن يكوّن المجلس في جلسته العامة الافتتاحية لجنة قارة لإحصاء الأصوات ومراقبة عمليات التصويت. كما نص الأمر سالف الذكر على أن يعلن رئيس الجلسة العامة الافتتاحية عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويسجلها ويعلن عنها ثم يأذن بالشروع في عملية التصويت.
وفي هذا السياق أعرب تسعة نواب عن رغبتهم في الترشح لرئاسة مجلس نواب الشعب لكن النائب أنور المرزوقي سرعان ما سحب ترشحه وبالتالي بلغ العدد النهائي للمترشحين 8 وكلهم رجال وهم هشام حسني وابراهيم بودبالة وشفيق زعفوري وفوزي الدعاس وبدر الدين القمودي وعبد السلام الدحماني وماهر القطاري ويسري البواب.
إخراج نائب
وفي الأثناء ارتفع صوت أحد النواب عاليا للاحتجاج على إخراج أحد زملائه بالقوة من قاعة الجلسة وبدا عليه الكثير من الانزعاج لكن رئاسة الجلسة لم تبد أي موقف. وعند فتح باب الترشحات لمنصبي النائب الأول والنائب الثاني لرئيس مجلس نواب الشعب تباينت قراءات النواب لأحكام الأمر الرئاسي الصادر في 8 مارس الجاري فهناك من قالوا إن النائب الأول يجب أن يكون بالضرورة امرأة ومن بين هؤلاء النائب عماد أولاد جبريل وهناك من رأى أن من يحرز على أكبر عدد من الأصوات هو الذي يفوز بالمنصب ليستقر الأمر في النهاية على تقديم قائمة فيها جدول مخصص للنساء وآخر مخصص للرجال المترشحات والمترشحين لمنصبي النائب الأول والنائب الثاني لرئيس المجلس وتولى مساعد رئيس الجلسة تلاوة أسماء المترشحين وهم حسب قوله منال بديدة وسيرين مرابط وآمال المؤدب وفاطمة المسدي وأنور المرزوقي وسوسن مبروك ومريم الشريف وسنية بن مبروك وألفة المرواني ونجلاء اللحياني ونور الهدى السبايطي وفخر الدين فضلون وأيمن بن صالح ورياض جعيدان ومعز بن يونس وصالح الصيادي.
وحسب مقتضيات الأمر المتعلق بالجلسة العامة الافتتاحية وتحديدا الفصل السادس منه يعلن رئيس الجلسة العامة الافتتاحية عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويسجلها ويعلن عنها ثم يأذن بالشروع في عملية التصويت. وبمقتضى الفصل السابع يقع انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبه ونائبته، بالتصويت السري وبالأغلبية المطلقة لأعضائه وفي صورة عدم حصول أي مترشح على هذه الأغلبية في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية يتقدم إليها المترشحان المتحصلان على أكثر عدد من الأصوات. ويعتبر فائزا المترشح المتحصّل على أكثر الأصوات. وفي صورة التساوي يرجح المترشح الأكبر سنا، وفي حالة استمرار التساوي يتم اللجوء إلى القرعة لتحديد الفائز. ويعلن رئيس الجلسة عن اسم المترشح الفائز برئاسة المجلس وعن اسمي نائبيه، وإثر ذلك ترفع الجلسة الافتتاحية.
دورة انتخابية ثانية
ونظرا لكثرة عدد المترشحين فقد كانت الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب الجديد طويلة، ونظرا لعدم حصول إي مترشح على الأغلبية المطلوبة من الأصوات فقد أعلن رئيس الجلسة عن المرور إلى دورة انتخابية ثانية يشارك فيها المترشحان الحائزان على أكبر عدد من الأصوات.. ففي ما يتعلق برئاسة المجلس فإن المترشحين هما إبراهيم بودربالة وعبد السلام الدحماني أما بالنسبة إلى نائبة رئيس المجلس فإن المترشحتين الفائزتين بأكبر عدد من الأصوات هما سوسن مبروك وآمال المدب وبخصوص نائب رئيس المجلس فإن المترشحين للدورة الانتخابية الثانية هما رياض جعيدان وأنور المرزوقي وكان من المفروض أن تتواصل الجلسة دون انقطاع لكن تم رفعها في حدود الخامسة مساء لتمكين النواب من تناول وجبة الغذاء وفي نهاية الدورة الانتخابية الثانية يتم بالضرورة الإعلان عن أسماء رئيس المجلس ونائبيه الأول والثاني.
ويذكر أيضا أن أمر 8 مارس نص على أن تستأنف الجلسة العامة أشغالها برئاسة الرئيس المنتخب وبمساعدة نائبيه. ويعرض الرئيس على المجلس تكوين لجنة إعداد النظام الداخلي ثم يعلن عن فتح باب الترشح لعضوية اللجنة المذكورة ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويعلن عنها ويعرض التركيبة على التصويت بالأغلبية المطلقة للأعضاء وفي آخر مرحلة يدعو رئيس المجلس لجنة إعداد النظام الداخلي للاجتماع مباشرة إثر الجلسة العامة الافتتاحية ثم يعلن عن رفع الجلسة.
ولعل السؤال الذي تبادر إلى أذهان الكثير من المتابعين للشأن العام ممن انزعجوا أمس بشدة من فضيحة منع الصحفيين من مواكبة الجلسة الافتتاحية، هو هل أن النواب الجدد سيتجهون في النظام الداخلي لمجلسهم نحو الانفتاح على الإعلام والمجتمع المدني أم أنهم سيخيرون العمل في قاعات مغلقة خاصة بالنسبة إلى اجتماعات اللجان؟ وكيف للناخب إذن أن يراقب النائب الذي صوت له وعلى أي أساس تتم عمليات سحب الوكالة؟