وحيد الفرشيشي لـ"الصباح":"نحن أمام ثلاثة نصوص قانونية تتقاسم المشهد السياسي والدستوري.. وهو أننا مازلنا في فترة استثنائية وقد تتواصل وفق ما يريده الرئيس"
تونس – الصباح
انطلقت يوم أمس الاثنين 13 مارس الجاري الجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب وسط تساؤلات جوهرية عن تواصل الفترة الاستثنائية من عدمها والتي فرضتها إجراءات 25 جويلية 2021.
فالحديث عن انتهاء هذه الفترة منذ صدور الدستور الجديد وتنظيم الانتخابات التشريعية والانتهاء إلى إقرار مجلس نيابي جديد بقي بدوره محل نقاش واسع بين مؤيد لهذه الفكرة وبين من اعتبرها خاطئة وبين من ربط المسألة بما يقرره رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي ظلت بين يديه السلطة المطلقة في التأويل والتنفيذ ولا يُعلم إلى اليوم إلى أين ستكون الوجهة فهل سيبقي سعيد على الفترة الاستثنائية إلى حين تنظيم انتخابات بلدية ثم انتخاب المجلس الوطني للجهات والأقاليم واستكمال إحداث بقية الهيئات العمومية أم لا؟
اختلفت التحاليل حتى في قراءة الدستور الجديد لسنة 2022 في علاقة بهذه المسألة وتحديدا من خلال تفسيرالفصل 141 والذي جاء فيه "يستمّر العمل في المجال التشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه".
فأستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ، أكّد خلال استضافته أول أمس الأحد 12مارس الجاري في برنامج "جاوب حمزة" على أمواج إذاعة "موزاييك أف أم"، أنّ انعقاد الجلسة العامّة الافتتاحية لمجلس نواب الشعبي يؤدّي نهائيا إلى قبر الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021، المتعلّق بالتدابير الاستثنائية، مشيرا أيضا إلى أنّ "الحالة الاستثنائية انتهت بصدور الدستور الجديد".
على خلاف هذا الطرح، أكد أستاذ القانون العام الدكتور وحيد الفرشيشي في تصريح لـ"الصباح" أنّ "هذه الفترة الاستثنائية لم تنته، وذلك لأسباب بسيطة أولها أننا لم نستكمل بعد بقية المؤسسات كالمجلس الأعلى للقضاء، وأيضا لا وجود لأي هيكل لمراقبة دستورية القوانين، ولا للهيكل الثاني الذي سيشارك في التشريع وهو المجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي سيتقاسم مع مجلس نواب الشعب العديد من المسائل المتعلقة مثلا بالتنمية. وهذه تُعد مسائل جوهرية، وبالتالي بغياب المؤسسات التي نصّ عليها الدستور يواصل رئيس الجمهورية في جزء من عمله في إدارة الفترة الاستثنائية".
وأضاف الفرشيشي "لا يجب أن ننسى مسألة ثانية مهمة جدّا، وهي أننا ما زلنا في فترة تطبيق الأمر 26 جانفي 1972 المتعلق بحالة الطوارئ والذي تم التمديد فيها آخر مرة لمدة ستة أشهر، وهذا يُمكن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والولاة من استعمال كل الوسائل لحماية النظام والأمن العام مثل إيقاف الجرائد، والإذاعات، ومنع التظاهر والمظاهرات إلخ..".
وقال الفرشيشي "بالتوازي مع ذلك لا بدّ أن نفهم أنه ليس لدينا الحالة الاستثنائية التي تم الإعلان عنها في 25 جويلية 2021 فهذه جزئيا ستتواصل، ولكن في الواقع لدينا أيضا إشكالية أخرى وهي حالة الطوارئ التي بقيت متواصلة والتي تعطي كل الصلاحيات حتى في حالة وجود الدستور الجديد".
أما فيما يتعلق بالفصل 141 من دستور 2022، أوضح الفرشيشي أنّ "ما جاء فيه له أولا علاقة بالتشريع فقط، وثانيا القول "إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه، لا يُقصد به الجلسة الافتتاحية لأعمال نواب الشعب، فالتولي هو أن يُمارس البرلمان صلاحياته التشريعية، وبما أن هذا الأخير في العديد من المسائل لا يُمكن أن يُشرع بمفرده وإنما مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبالتالي تتواصل الفترة الاستثنائية جزئيا حتى في المجال التشريعي وأيضا في المجال القضائي إلى أن يتم انتخاب مجلس أعلى للقضاء بمقتضى الدستور الجديد وهو ما يجعلنا نتساءل هل سنواصل العمل بالاستثناءات التي أدخلها رئيس الجمهورية على نظام عمل المجلس الأعلى للقضاء بقانون سنة 2015 وتم تنقيحه في 2016 أم أنه سيتم التداول في قانون جديد داخل مجلس النواب والذي سيتطلب بدوره وقتا".
وأضاف وحيد الفرشيشي "لا ننسى أيضا أنه لا وجود للمحكمة الدستورية، وبالتالي من سيراقب دستورية القوانين، فنخلص إذن إلى أن المرحلة الاستثنائية ستتواصل إلى حين تركيز المؤسسات والتي قد تطول، خاصة أيضا في وجود مسائل ترتيبية أخرى تتعلق بالهيئات العمومية التي كان ينص عليها دستور 2014 والمتعلقة بالخمس هيئات الدستورية ولم يبق دستور 2022 إلا على واحدة فقط وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بينما لدينا ثلاث هيئات أخرى صدرت نصوصها التشريعية في الرائد الرسمي وهي هيئة مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة وهيئة حقوق الانسان وهيئة التنمية المستدامة والأجيال القادمة ولذلك سننتظر كيف سيتفاعل معها المجلس النيابي الجديد فهل سيلغيها تماما أم سيقوم بإصدار قانون لتنقيح كل تلك النصوص القانونية أم سيصدر قانونا لكل واحدة لإعادة تنظيمها باعتبار أن تركيبتها الحالية التي يتم انتخابها لا تستجيب لوظائف مجلس نواب الشعب الحالي والذي لم يتم التنصيص في صلاحياته الجديدة بانتخاب مثل هذه الهيئات على غرار دستور 2014".
وخلص الفرشيشي إلى القول "الفترة الاستثنائية لن تنتهي إلا ببدء أعمال كل المؤسسات الدستورية لا بإحداثها قانونيا فقط، أي هذه الفترة لن تنتهي إلا أن يشاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بإنهائها، فنحن الآن في وضعية قانونية دستورية يتواصل فيها تطبيق دستور 2014 بجزء كبير منها بما فيها رئاسة الجمهورية التي تنظم إلى اليوم بمقتضى الدستور القديم، وثانيا نحن أيضا في فترة يتواصل فيها تطبيق الأمر 117، وثالثا نحن في فترة يبدأ فيها تطبيق دستور 2022 أي نحن أمام ثلاثة نصوص قانونية يتم تطبيقها تزامنيا وتتقاسم المشهد السياسي والدستوري في تونس وهذا يؤكد أننا ما زالنا في فترة استثنائية وقد تتواصل وفق ما يريده الرئيس".
إيمان عبد اللطيف
وحيد الفرشيشي لـ"الصباح":"نحن أمام ثلاثة نصوص قانونية تتقاسم المشهد السياسي والدستوري.. وهو أننا مازلنا في فترة استثنائية وقد تتواصل وفق ما يريده الرئيس"
تونس – الصباح
انطلقت يوم أمس الاثنين 13 مارس الجاري الجلسة العامة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب وسط تساؤلات جوهرية عن تواصل الفترة الاستثنائية من عدمها والتي فرضتها إجراءات 25 جويلية 2021.
فالحديث عن انتهاء هذه الفترة منذ صدور الدستور الجديد وتنظيم الانتخابات التشريعية والانتهاء إلى إقرار مجلس نيابي جديد بقي بدوره محل نقاش واسع بين مؤيد لهذه الفكرة وبين من اعتبرها خاطئة وبين من ربط المسألة بما يقرره رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي ظلت بين يديه السلطة المطلقة في التأويل والتنفيذ ولا يُعلم إلى اليوم إلى أين ستكون الوجهة فهل سيبقي سعيد على الفترة الاستثنائية إلى حين تنظيم انتخابات بلدية ثم انتخاب المجلس الوطني للجهات والأقاليم واستكمال إحداث بقية الهيئات العمومية أم لا؟
اختلفت التحاليل حتى في قراءة الدستور الجديد لسنة 2022 في علاقة بهذه المسألة وتحديدا من خلال تفسيرالفصل 141 والذي جاء فيه "يستمّر العمل في المجال التشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه".
فأستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ، أكّد خلال استضافته أول أمس الأحد 12مارس الجاري في برنامج "جاوب حمزة" على أمواج إذاعة "موزاييك أف أم"، أنّ انعقاد الجلسة العامّة الافتتاحية لمجلس نواب الشعبي يؤدّي نهائيا إلى قبر الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021، المتعلّق بالتدابير الاستثنائية، مشيرا أيضا إلى أنّ "الحالة الاستثنائية انتهت بصدور الدستور الجديد".
على خلاف هذا الطرح، أكد أستاذ القانون العام الدكتور وحيد الفرشيشي في تصريح لـ"الصباح" أنّ "هذه الفترة الاستثنائية لم تنته، وذلك لأسباب بسيطة أولها أننا لم نستكمل بعد بقية المؤسسات كالمجلس الأعلى للقضاء، وأيضا لا وجود لأي هيكل لمراقبة دستورية القوانين، ولا للهيكل الثاني الذي سيشارك في التشريع وهو المجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي سيتقاسم مع مجلس نواب الشعب العديد من المسائل المتعلقة مثلا بالتنمية. وهذه تُعد مسائل جوهرية، وبالتالي بغياب المؤسسات التي نصّ عليها الدستور يواصل رئيس الجمهورية في جزء من عمله في إدارة الفترة الاستثنائية".
وأضاف الفرشيشي "لا يجب أن ننسى مسألة ثانية مهمة جدّا، وهي أننا ما زلنا في فترة تطبيق الأمر 26 جانفي 1972 المتعلق بحالة الطوارئ والذي تم التمديد فيها آخر مرة لمدة ستة أشهر، وهذا يُمكن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والولاة من استعمال كل الوسائل لحماية النظام والأمن العام مثل إيقاف الجرائد، والإذاعات، ومنع التظاهر والمظاهرات إلخ..".
وقال الفرشيشي "بالتوازي مع ذلك لا بدّ أن نفهم أنه ليس لدينا الحالة الاستثنائية التي تم الإعلان عنها في 25 جويلية 2021 فهذه جزئيا ستتواصل، ولكن في الواقع لدينا أيضا إشكالية أخرى وهي حالة الطوارئ التي بقيت متواصلة والتي تعطي كل الصلاحيات حتى في حالة وجود الدستور الجديد".
أما فيما يتعلق بالفصل 141 من دستور 2022، أوضح الفرشيشي أنّ "ما جاء فيه له أولا علاقة بالتشريع فقط، وثانيا القول "إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه، لا يُقصد به الجلسة الافتتاحية لأعمال نواب الشعب، فالتولي هو أن يُمارس البرلمان صلاحياته التشريعية، وبما أن هذا الأخير في العديد من المسائل لا يُمكن أن يُشرع بمفرده وإنما مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبالتالي تتواصل الفترة الاستثنائية جزئيا حتى في المجال التشريعي وأيضا في المجال القضائي إلى أن يتم انتخاب مجلس أعلى للقضاء بمقتضى الدستور الجديد وهو ما يجعلنا نتساءل هل سنواصل العمل بالاستثناءات التي أدخلها رئيس الجمهورية على نظام عمل المجلس الأعلى للقضاء بقانون سنة 2015 وتم تنقيحه في 2016 أم أنه سيتم التداول في قانون جديد داخل مجلس النواب والذي سيتطلب بدوره وقتا".
وأضاف وحيد الفرشيشي "لا ننسى أيضا أنه لا وجود للمحكمة الدستورية، وبالتالي من سيراقب دستورية القوانين، فنخلص إذن إلى أن المرحلة الاستثنائية ستتواصل إلى حين تركيز المؤسسات والتي قد تطول، خاصة أيضا في وجود مسائل ترتيبية أخرى تتعلق بالهيئات العمومية التي كان ينص عليها دستور 2014 والمتعلقة بالخمس هيئات الدستورية ولم يبق دستور 2022 إلا على واحدة فقط وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بينما لدينا ثلاث هيئات أخرى صدرت نصوصها التشريعية في الرائد الرسمي وهي هيئة مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة وهيئة حقوق الانسان وهيئة التنمية المستدامة والأجيال القادمة ولذلك سننتظر كيف سيتفاعل معها المجلس النيابي الجديد فهل سيلغيها تماما أم سيقوم بإصدار قانون لتنقيح كل تلك النصوص القانونية أم سيصدر قانونا لكل واحدة لإعادة تنظيمها باعتبار أن تركيبتها الحالية التي يتم انتخابها لا تستجيب لوظائف مجلس نواب الشعب الحالي والذي لم يتم التنصيص في صلاحياته الجديدة بانتخاب مثل هذه الهيئات على غرار دستور 2014".
وخلص الفرشيشي إلى القول "الفترة الاستثنائية لن تنتهي إلا ببدء أعمال كل المؤسسات الدستورية لا بإحداثها قانونيا فقط، أي هذه الفترة لن تنتهي إلا أن يشاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بإنهائها، فنحن الآن في وضعية قانونية دستورية يتواصل فيها تطبيق دستور 2014 بجزء كبير منها بما فيها رئاسة الجمهورية التي تنظم إلى اليوم بمقتضى الدستور القديم، وثانيا نحن أيضا في فترة يتواصل فيها تطبيق الأمر 117، وثالثا نحن في فترة يبدأ فيها تطبيق دستور 2022 أي نحن أمام ثلاثة نصوص قانونية يتم تطبيقها تزامنيا وتتقاسم المشهد السياسي والدستوري في تونس وهذا يؤكد أننا ما زالنا في فترة استثنائية وقد تتواصل وفق ما يريده الرئيس".