إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نهيب بالسّادة القضاة أن يورونا الحقّ حقّا حتّى نناصره ويوروننا الباطل باطلا حتى نجتنبه

 

  بقلم:مصدّق الشّريف

*في خضمّ ما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار حول الموقوفين، تفاعل عموم التونسيّات والتونسيّين وعبّر أكثرهم عن مواقفهم التي تحوم جلّها حول ضرورة المحاسبة إذ لا سبيل إلى أن يفلت المجرمون من العقاب

منذ اكثر من الشهر، وبالتحديد منذ يوم السبت 11 فيفري 2023، تسارعت وتيرة الإيقافات والإيداع بالسّجن للعديد من السياسيّين والنّقابيين ورجال الأعمال والمسؤولين وحتّى لموظّفين بالإدارات والمؤسسات العموميّة والخاصّة. وتأتي هذه الإيقافات وما تبعها من احتفاظ للتحقيق والبحث وإصدار بطاقات قبوع خلف الأسوار لأجل تهم التآمر على أمن الدولة واختلاس أموال الشعب والتّحيل وانتحال صفات أو استغلال منصب لتحقيق مآرب مادّية ومعنويّة.

والملاحظ أنّ الحديث عن هذه الملفات لم يعرف التوقف بالشرح والتحليل من قبل كلّ الجهات.بعضهم يؤكد صحة التهم وبعضهم الآخر ينفيها نفيا قاطعا مشدّدا على أنّها مبنية على الباطل وأنّ الملفات فارغة لا ترتقي إلى مستوى الإيقاف والتتبعات القضائية.

والملاحظ أيضا أنّ كلّ ما قيل ويقال في شأن هذه الملفات مصدره الوحيد وسائل التواصل الاجتماعي في ظلّ صمت وزارة العدل والدوائر المنوط بها اجراءات البحث والتحقيق صمتا مطبقا. ولا يختلف اثنان في أنّ وسائل التواصل الاجتماعي وما يصدر فيها من تدوينات لا يمكن الاعتماد عليه. ولا يمكن لأيّ كان مهما كان موقعه أن يتخذها مصدرا يبني عليه تحاليله حتى يحترم نفسه ويحافظ على مصداقيته. وبالتالي يبقى كل ما نسمعه ونقرؤه من كل حدب وصوب محل شك ولا يرتقي أبدا إلى المعلومة الرّسمية.

وفي حال ثبتت التّهم، باعتبار أن ّالمتهم بريء إلى أن تثبت العدالة ادانته، يمكن فعلا أن نقول بصوت عال مسكينة بلادنا ما أصبرها على الظلم و الجور والخيانة التي تعرضت لها طيلة سنوات من قبل أبنائها. وإن صحّ ما يروّج من تهم، فقد ضرب المجرمون عرض الحائط بالأمانة والإخلاص لبلادهم التي ولدوا فيها وتربوا تحت سمائها و درسوا في مدارسها وكلّياتها وفرّطوا في سيادتها.وما كان منهم إلاّ أن أقبلوا بكلّ نهم وشراهة وأنانية على خيراتها تحت شعار هل من مزيد.

وفي خضمّ ما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار حول الموقوفين، تفاعل عموم التونسيّات والتونسيّين وعبّر أكثرهم عن مواقفهم التي تحوم جلّها حول ضرورة المحاسبة إذ لا سبيل إلى أن يفلت المجرمون من العقاب بعد أن نكلوا بالشعب التونسي وسرقوا قوته وحرموه من بهجة الحياة. ولعلّ موجة هجرة أدمغة هي أكبر دليل على ذلك. لقد تفاعل التونسيّات والتونسيّون مع الأخبار الأخيرة بحرقة ولوعة فيها تحسر وبكاء على ما آلت إليه أوضاع بلادهم وعلى آمال ثورتهم التي تبخرت. لم يعيشوا بعد الثورة إلاّ مزيدا من الشقاء والعناء. فمعدّل البطالة في ارتفاع وغلاء المعيشة لا يطاق والآفاق كلّها مسدودة.

ولكنّ بعض السّادة المحلّلين من صحافيّات وصحافيّين يتفّهمون مسار الإصلاح ومقاومة الفساد الذي تقوم به وزارة العدل. بالإضافة إلى أنّهم يلومون بل يسخرون من كل الذين عبّروا عن رأيهم وموقفهم ممّا جاء في تدوينات نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ويعتبرونهم من الرعاع والسّذج. ويعتبر هؤلاء أنفسهم سادة القوم وسراتها لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم.

إنّنا نستنكر كلّ تعليق فيه تشفّ من الموقوفين أو قدح في أعراضهم ولو ثبتت إدانتهم، فهذا أمر لا نقبله بتاتا. لكنّنا في الآن ذاته نتفهّم غضب التونسيّين ولغتهم الحادّة لأنّهم ذاقوا الويلات منذ عشر سنوات وأكثر.منهم من مات أبواه جوعا. ومنهم من اغتيل والده أوأخوه أوعمه أوخاله أو صديقه أو جاره جورا. ومنهم من قطع رأس ابنه في رابعة النهار.

وعلى العموم، فإنّنا نهيب بالسّادة القضاة أن يورونا الحقّ حقّا حتّى نناصره وأن يوروننا الباطل باطلا حتى نجتنبه ونقاومه بكلّ ما أوتينا من قوة وصبر.

 

 

 

نهيب بالسّادة القضاة أن يورونا الحقّ حقّا حتّى نناصره ويوروننا الباطل باطلا حتى نجتنبه

 

  بقلم:مصدّق الشّريف

*في خضمّ ما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار حول الموقوفين، تفاعل عموم التونسيّات والتونسيّين وعبّر أكثرهم عن مواقفهم التي تحوم جلّها حول ضرورة المحاسبة إذ لا سبيل إلى أن يفلت المجرمون من العقاب

منذ اكثر من الشهر، وبالتحديد منذ يوم السبت 11 فيفري 2023، تسارعت وتيرة الإيقافات والإيداع بالسّجن للعديد من السياسيّين والنّقابيين ورجال الأعمال والمسؤولين وحتّى لموظّفين بالإدارات والمؤسسات العموميّة والخاصّة. وتأتي هذه الإيقافات وما تبعها من احتفاظ للتحقيق والبحث وإصدار بطاقات قبوع خلف الأسوار لأجل تهم التآمر على أمن الدولة واختلاس أموال الشعب والتّحيل وانتحال صفات أو استغلال منصب لتحقيق مآرب مادّية ومعنويّة.

والملاحظ أنّ الحديث عن هذه الملفات لم يعرف التوقف بالشرح والتحليل من قبل كلّ الجهات.بعضهم يؤكد صحة التهم وبعضهم الآخر ينفيها نفيا قاطعا مشدّدا على أنّها مبنية على الباطل وأنّ الملفات فارغة لا ترتقي إلى مستوى الإيقاف والتتبعات القضائية.

والملاحظ أيضا أنّ كلّ ما قيل ويقال في شأن هذه الملفات مصدره الوحيد وسائل التواصل الاجتماعي في ظلّ صمت وزارة العدل والدوائر المنوط بها اجراءات البحث والتحقيق صمتا مطبقا. ولا يختلف اثنان في أنّ وسائل التواصل الاجتماعي وما يصدر فيها من تدوينات لا يمكن الاعتماد عليه. ولا يمكن لأيّ كان مهما كان موقعه أن يتخذها مصدرا يبني عليه تحاليله حتى يحترم نفسه ويحافظ على مصداقيته. وبالتالي يبقى كل ما نسمعه ونقرؤه من كل حدب وصوب محل شك ولا يرتقي أبدا إلى المعلومة الرّسمية.

وفي حال ثبتت التّهم، باعتبار أن ّالمتهم بريء إلى أن تثبت العدالة ادانته، يمكن فعلا أن نقول بصوت عال مسكينة بلادنا ما أصبرها على الظلم و الجور والخيانة التي تعرضت لها طيلة سنوات من قبل أبنائها. وإن صحّ ما يروّج من تهم، فقد ضرب المجرمون عرض الحائط بالأمانة والإخلاص لبلادهم التي ولدوا فيها وتربوا تحت سمائها و درسوا في مدارسها وكلّياتها وفرّطوا في سيادتها.وما كان منهم إلاّ أن أقبلوا بكلّ نهم وشراهة وأنانية على خيراتها تحت شعار هل من مزيد.

وفي خضمّ ما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار حول الموقوفين، تفاعل عموم التونسيّات والتونسيّين وعبّر أكثرهم عن مواقفهم التي تحوم جلّها حول ضرورة المحاسبة إذ لا سبيل إلى أن يفلت المجرمون من العقاب بعد أن نكلوا بالشعب التونسي وسرقوا قوته وحرموه من بهجة الحياة. ولعلّ موجة هجرة أدمغة هي أكبر دليل على ذلك. لقد تفاعل التونسيّات والتونسيّون مع الأخبار الأخيرة بحرقة ولوعة فيها تحسر وبكاء على ما آلت إليه أوضاع بلادهم وعلى آمال ثورتهم التي تبخرت. لم يعيشوا بعد الثورة إلاّ مزيدا من الشقاء والعناء. فمعدّل البطالة في ارتفاع وغلاء المعيشة لا يطاق والآفاق كلّها مسدودة.

ولكنّ بعض السّادة المحلّلين من صحافيّات وصحافيّين يتفّهمون مسار الإصلاح ومقاومة الفساد الذي تقوم به وزارة العدل. بالإضافة إلى أنّهم يلومون بل يسخرون من كل الذين عبّروا عن رأيهم وموقفهم ممّا جاء في تدوينات نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ويعتبرونهم من الرعاع والسّذج. ويعتبر هؤلاء أنفسهم سادة القوم وسراتها لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم.

إنّنا نستنكر كلّ تعليق فيه تشفّ من الموقوفين أو قدح في أعراضهم ولو ثبتت إدانتهم، فهذا أمر لا نقبله بتاتا. لكنّنا في الآن ذاته نتفهّم غضب التونسيّين ولغتهم الحادّة لأنّهم ذاقوا الويلات منذ عشر سنوات وأكثر.منهم من مات أبواه جوعا. ومنهم من اغتيل والده أوأخوه أوعمه أوخاله أو صديقه أو جاره جورا. ومنهم من قطع رأس ابنه في رابعة النهار.

وعلى العموم، فإنّنا نهيب بالسّادة القضاة أن يورونا الحقّ حقّا حتّى نناصره وأن يوروننا الباطل باطلا حتى نجتنبه ونقاومه بكلّ ما أوتينا من قوة وصبر.