إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم | الهروب الكبير ..!

 

بقلم: أبوبكر الصغير

أحيانا تتطلب بعض الأحداث دراسة البشر.. أكثر من دراسة أعمالهم وأفعالهم .

إننا ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا .

سبحان مغيّر الأحوال ..

من كانوا يحكمون بالأمس وبيدهم كلّ النفوذ وكلّ السلطات، أصبح همّ ورغبة وطموح بعضهم اليوم الخروج من البلاد بأي ثمن .

لا ينقصنا إلا الثورة في قلوبنا ووطن يحركنا للأفضل.

تابعت شخصيا أطوار حادثة محاولة القيادي بحركة "النهضة" وزير الفلاحة الأسبق وصاحب الشخصية القوية الكاريزماتية، ملامح وجهه فقط تثير الارتباك، كيف خطّط لاجتياز حدودنا الجنوبية مع ليبيا بالتواطؤ مع أشخاص آخرين .

إن مثل هذه العمليات عادة ما تتطلّب تخطيطا مسبقا وترتيبات دقيقة وكذلك دعم لوجستي ومادي .

قبل فترة غير بعيدة عشنا على واقعة اجتياز الحدود التونسية - الجزائرية خلسة من قبل الأخوين نبيل وغازي القروي اللذين وجدا دعمًا من بعض الأطراف في تونس كذلك من الجزائر باعتبار أنّ لهما أعمالا في الجار الغربي، كما يقال أن لهم أصولا جزائرية من الأم .

ذكرتني هذه الأحداث، بأخرى، فرار وزير التعاضد احمد بن صالح والأهم الوزير الأول الأسبق محمد مزالي الذي تمهّدت له كلّ السبل لخلافة بورقيبة لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !.

كشف مزالي في كتاباته الطريقة التي فرّ بها من تونس بمساعدة مجموعة من الأشخاص على رأسهم صديق قديم له، يدعى رشيد عزوز، قدم تفاصيل ضافية عن الخطة التي أعدها للغرض، كيف اجتاز الحواجز الأمنية وكيف دخل الحدود وكيف عومل من قبل السلطات الجزائرية؟ التي مكنته من بطاقة عبور والمغادرة الى سويسرا لتتولّى شؤونه اللجنة الاولمبية الدولية بحكم عضويته في مكتبها التنفيذي، لمّا استقرّ بفرنسا وفّرت له دولة الكويت دخلا شهريا لمساعدته في شؤون حياته، كان المبلغ مهمّا وقتها.

يقول مزالي في إحدى رواياته حول ظروف خروجه من تونس إن المسلك الذي عبره في الحدود التونسية - الجزائرية من جهة حمام بورقيبة قرب المركز الحدودي ببوش، هو نفس المسلك الذي عبره قبله احمد بن صالح، لكن أضاف مزالي انه وجد من كان ينتظره وقد تنكّر بتغيير ملامحه وملابسه .

إن أغلب المعارضين والسياسيين الذين غادروا البلاد سرّا بما في ذلك رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي قاموا بذلك عبر الحدود التونسية-الجزائرية .

من يفقهون بهذه المسائل خاصة في عمليات تهريب السلع والبضائع يملكون "وصفة وطريقة الهروب" بعيدا عن عيون حرس الحدود .

الطريف هنا اليوم أن البغال والحمير أصبحت هي التي تعوّض "الدي ماكس" و"الماهيندرا" في نقل وتهريب البضائع والسلع، يتمّ تدريبها على اجتياز الحواجز والحدود والعقبات اعتمادا على نظرية الاستجابة الشرطية للطبيب الروسي إيفان بافلوف، تعني رد الفعل التكيفي للحيوان تجاه منبه خاص في شكل سماعات توضع على الأذنين !! لينضبط البغل في مسلكه ونقطة وصوله .

يقول العارفون، إن "خطّ الجزائر" للهروب لم يعد "آمنا" فبحكم الوضع الجديد للعلاقات التونسية الجزائرية تمّ تشديد المراقبة، كما أن السلطات الجزائرية نفسها أصبحت تقوم بتسليم من يتم القبض عليهم في عمليات اجتياز الحدود كما حصل مؤخرا مع مدير عام المصالح المختصة لزهر لونغو .

هذا الاجتياز للحدود لا يتمّ في اتجاه واحد عشنا قبل أيام قضية المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي التي فرّت من الجزائر مجتازة الحدود خلسة، كذلك ما نقلته بعض وسائل إعلامية أجنبية حول اختفاء بتونس معارض جزائري كان فرّ من بلاده الخ ..

ليس وطني دائماً على حق، ولكني لا استطيع أن أمارس حقاً حقيقياً إلا في وطني، مهما كلفني ذلك .

فحياتنا خارج الوطن غير طبيعية كحياة الطيور في أقفاصها.

الحقيقة هي: الوعي ليس في الجسد. في الواقع، إنه الجسد حيث هو الموجود في الوعي .

 

 

حكاياتهم | الهروب الكبير ..!

 

بقلم: أبوبكر الصغير

أحيانا تتطلب بعض الأحداث دراسة البشر.. أكثر من دراسة أعمالهم وأفعالهم .

إننا ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا .

سبحان مغيّر الأحوال ..

من كانوا يحكمون بالأمس وبيدهم كلّ النفوذ وكلّ السلطات، أصبح همّ ورغبة وطموح بعضهم اليوم الخروج من البلاد بأي ثمن .

لا ينقصنا إلا الثورة في قلوبنا ووطن يحركنا للأفضل.

تابعت شخصيا أطوار حادثة محاولة القيادي بحركة "النهضة" وزير الفلاحة الأسبق وصاحب الشخصية القوية الكاريزماتية، ملامح وجهه فقط تثير الارتباك، كيف خطّط لاجتياز حدودنا الجنوبية مع ليبيا بالتواطؤ مع أشخاص آخرين .

إن مثل هذه العمليات عادة ما تتطلّب تخطيطا مسبقا وترتيبات دقيقة وكذلك دعم لوجستي ومادي .

قبل فترة غير بعيدة عشنا على واقعة اجتياز الحدود التونسية - الجزائرية خلسة من قبل الأخوين نبيل وغازي القروي اللذين وجدا دعمًا من بعض الأطراف في تونس كذلك من الجزائر باعتبار أنّ لهما أعمالا في الجار الغربي، كما يقال أن لهم أصولا جزائرية من الأم .

ذكرتني هذه الأحداث، بأخرى، فرار وزير التعاضد احمد بن صالح والأهم الوزير الأول الأسبق محمد مزالي الذي تمهّدت له كلّ السبل لخلافة بورقيبة لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !.

كشف مزالي في كتاباته الطريقة التي فرّ بها من تونس بمساعدة مجموعة من الأشخاص على رأسهم صديق قديم له، يدعى رشيد عزوز، قدم تفاصيل ضافية عن الخطة التي أعدها للغرض، كيف اجتاز الحواجز الأمنية وكيف دخل الحدود وكيف عومل من قبل السلطات الجزائرية؟ التي مكنته من بطاقة عبور والمغادرة الى سويسرا لتتولّى شؤونه اللجنة الاولمبية الدولية بحكم عضويته في مكتبها التنفيذي، لمّا استقرّ بفرنسا وفّرت له دولة الكويت دخلا شهريا لمساعدته في شؤون حياته، كان المبلغ مهمّا وقتها.

يقول مزالي في إحدى رواياته حول ظروف خروجه من تونس إن المسلك الذي عبره في الحدود التونسية - الجزائرية من جهة حمام بورقيبة قرب المركز الحدودي ببوش، هو نفس المسلك الذي عبره قبله احمد بن صالح، لكن أضاف مزالي انه وجد من كان ينتظره وقد تنكّر بتغيير ملامحه وملابسه .

إن أغلب المعارضين والسياسيين الذين غادروا البلاد سرّا بما في ذلك رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي قاموا بذلك عبر الحدود التونسية-الجزائرية .

من يفقهون بهذه المسائل خاصة في عمليات تهريب السلع والبضائع يملكون "وصفة وطريقة الهروب" بعيدا عن عيون حرس الحدود .

الطريف هنا اليوم أن البغال والحمير أصبحت هي التي تعوّض "الدي ماكس" و"الماهيندرا" في نقل وتهريب البضائع والسلع، يتمّ تدريبها على اجتياز الحواجز والحدود والعقبات اعتمادا على نظرية الاستجابة الشرطية للطبيب الروسي إيفان بافلوف، تعني رد الفعل التكيفي للحيوان تجاه منبه خاص في شكل سماعات توضع على الأذنين !! لينضبط البغل في مسلكه ونقطة وصوله .

يقول العارفون، إن "خطّ الجزائر" للهروب لم يعد "آمنا" فبحكم الوضع الجديد للعلاقات التونسية الجزائرية تمّ تشديد المراقبة، كما أن السلطات الجزائرية نفسها أصبحت تقوم بتسليم من يتم القبض عليهم في عمليات اجتياز الحدود كما حصل مؤخرا مع مدير عام المصالح المختصة لزهر لونغو .

هذا الاجتياز للحدود لا يتمّ في اتجاه واحد عشنا قبل أيام قضية المعارضة الجزائرية أميرة بوراوي التي فرّت من الجزائر مجتازة الحدود خلسة، كذلك ما نقلته بعض وسائل إعلامية أجنبية حول اختفاء بتونس معارض جزائري كان فرّ من بلاده الخ ..

ليس وطني دائماً على حق، ولكني لا استطيع أن أمارس حقاً حقيقياً إلا في وطني، مهما كلفني ذلك .

فحياتنا خارج الوطن غير طبيعية كحياة الطيور في أقفاصها.

الحقيقة هي: الوعي ليس في الجسد. في الواقع، إنه الجسد حيث هو الموجود في الوعي .