إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أقر حل البلديات ودعا البرلمان للانعقاد .. سعيد يفرض خياره السياسي.. فأيّ رأي لخصومه؟

 

تونس-الصباح

لا يزال نظام التدابير الاستثنائية مستفيدا من الواقع السياسي الذي فرضه الرئيس قيس سعيد منذ تاريخ 25 جويلية 2021 وذلك بعد خطوته الأخيرة والقاضية بحل المجالس البلدية المنتخبة قبل أشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي البلدي والنظر في قانون المجلس الوطني للأقاليم والجهات ودعوة أعضاء مجلس النواب للانعقاد.

والواضح أن المرسوم الجديد للرئيس سيلقى بظلاله أكثر على واقع المعارضة بعد ان تبينت أسبقية خطوات سعيد على حساب خصومه من الأحزاب التي بقيت خارج سياقات التأثير المباشر على القرارات الصادرة منذ إعلان المرسوم عدد 117لسنة 2021.

وعلى الرغم من المحاولات الجارية لإنهاء جميع أشكال الوسائط من أحزاب ونقابات وإعلام فان حالة الحيرة مازالت تسيطر على الجميع بعد فشل المبادرات السياسية المختلفة في توحيد صف المعارضة الحزبية لمواجهة نظام سعيد.

كما لم ينجح الاتحاد العام التونسي للشغل في تنزيل موقفه على ارض الواقع وتفعيله بعد ان بات هو الاخر محاصرا داخل مربعات نقابية ضيقة أفقدته القدرة على المناورة والتحرك الحر لتحال المنظمة على الهامش رغم بعض نداءات "الولاء" التي يطلقها أعضاء من داخل المكتب التنفيذي للاتحاد.

وقد زاد الوضع السياسي قتامة مع تحويل مجهودات المعارضة من المطالب السياسية إلى المطلبية الحقوقية خاصة بعد الإحالات الأخيرة لقيادات حزبية وناشطين مستقلين على القضاء في ما بات يعرف "بقضايا التآمر على أمن الدولة". فهل تخلق كل هذه التحولات تراجعا لأفق الصراع السياسي بين سعيد وخصومه؟

في واقع الأمر لا يبدو أفق الصراع في تراجع بل على العكس من ذلك تماما حيث مازالت مؤشرات أزمة الثقة آخذة في التصعيد.

استقواء وضغوطات

البعض يتهم نظام سعيد بتوظيف أجهزة الدولة في محاربة خصومه من أحزاب ومنظمات حيث كان آخرها التصريح الغريب لوزير الداخلية والذي شكل مؤشرا خطيرا، حسب وصف عدد من المنظمات .

فقد نشرت وزارة الداخلية على صفحتها على شبكة فايسبوك تصريحا لوزير الداخلية توفيق شرف الدين على هامش زيارته لمدينة بن قردان لإحياء ذكرى دحر الإرهاب بالمدينة يصف فيه الإعلام والنقابات ورجال الأعمال والسياسيين بـ"المرتزقة" و"الخونة"، في خطاب تخويني رث يحرض على الأجسام الوسيطة في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشر بالدولة البوليسية ويقفز على نضالات عقود في بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

وأثار الخطاب التخويني لوزير الداخلية حفيظة عدد من منظمات المجتمع المدني التي عبرت في بيان مشترك عن امتعاضها لما تضمنته كلمة الوزير والذي يأتي في سياق أزمة سياسية واجتماعية حادة وفي وقت كان عليه التوجه بخطاب تجميعي يتلاءم وموضوع زيارته الى مدينة بن قردان لإحياء ذكرى انتصار تونس على الإرهاب.

من جهتها كشفت جمعية القضاة نهاية الأسبوع الماضي أنّ "القضاء يتعرّض إلى ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة"، وذلك إثر الإيقافات والتتبعات التي شهدتها البلاد في المدّة الأخيرة والتي شملت نشطاء سياسيين وقضاة ومحامين ونقابيين وصحفيين وإعلاميين وما صاحبها من "تهديد ووعيد موجّه للقضاة المتعهدين بتلك الملفات من رئيس الجمهورية أعلى هرم الدولة ومن بعض الصفحات والناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي المساندين والداعمين له"، وفق نصّ البيان.

ونبّهت جمعية القضاة من "الخطورة الكبيرة التي تكتسيها تصريحات وخطابات رئيس الجمهورية تُجاه القضاة بخصوص القضايا المعروضة عليهم لما تمثله من تدخّل مباشر وصريح في سير الأبحاث وفي الإجراءات المتبعة فيها ومن انتهاك واضح وصارخ لمبدأ التفريق بين السلط ومعايير المحاكمة العادلة واستقلال السلطة القضائية عماد دولة القانون".

الشارع لمواجهة السلطة

مع استمرار استعمال النظام القائم لأجهزة الدولة لقمع المعارضين اختارت أحزاب ومنظمات الشارع كسلاح لمواجهة السلطة وهو ما دفع ببعض الأطراف للنزول الى الساحات تعبيرا عن رفضها لسياسات الحكم.

ولا خلاف حول تزايد مؤشرات تململ الشارع الاجتماعي وإمكانية تقاطعه مع الشارع السياسي في ظل أزمة مواطنية وأزمة اجتماعية مركبة وسياسية خانقة.

فقد تحركت ماكينة الاتحاد لتحشد النقابيين في تحرك عمالي وازن حيث خرج آلاف من في مسيرة من أمام مقر المنظمة ببطحاء محمد علي بالعاصمة احتجاجا على الوضع السياسي والحقوقي وتدهور العلاقة بين المنظمة النقابية ورئيس الجمهورية قيس سعيد.

وتجمع أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل بالتزامن مع تجمعات ومسيرات عمالية في عدد من الجهات الداخلية على غرار جهة سوسة وتوزر وتطاوين.

كما تحرك الشارع السياسي رغم منعه وذلك بعد ان نجحت جبهة الخلاص الوطني في تخطي الحاجز الأمني والانتقال الى شارع الحبيب بورقيبة بعد حصار امني كبير لمسيرة الجبهة.

فهل يفرض سعيد خياره السياسي نهائيا على الجميع أم للمقاومة الحزبية والمدنية رأي آخر؟

خليل الحناشي

أقر حل البلديات ودعا البرلمان للانعقاد .. سعيد يفرض خياره السياسي.. فأيّ رأي لخصومه؟

 

تونس-الصباح

لا يزال نظام التدابير الاستثنائية مستفيدا من الواقع السياسي الذي فرضه الرئيس قيس سعيد منذ تاريخ 25 جويلية 2021 وذلك بعد خطوته الأخيرة والقاضية بحل المجالس البلدية المنتخبة قبل أشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي البلدي والنظر في قانون المجلس الوطني للأقاليم والجهات ودعوة أعضاء مجلس النواب للانعقاد.

والواضح أن المرسوم الجديد للرئيس سيلقى بظلاله أكثر على واقع المعارضة بعد ان تبينت أسبقية خطوات سعيد على حساب خصومه من الأحزاب التي بقيت خارج سياقات التأثير المباشر على القرارات الصادرة منذ إعلان المرسوم عدد 117لسنة 2021.

وعلى الرغم من المحاولات الجارية لإنهاء جميع أشكال الوسائط من أحزاب ونقابات وإعلام فان حالة الحيرة مازالت تسيطر على الجميع بعد فشل المبادرات السياسية المختلفة في توحيد صف المعارضة الحزبية لمواجهة نظام سعيد.

كما لم ينجح الاتحاد العام التونسي للشغل في تنزيل موقفه على ارض الواقع وتفعيله بعد ان بات هو الاخر محاصرا داخل مربعات نقابية ضيقة أفقدته القدرة على المناورة والتحرك الحر لتحال المنظمة على الهامش رغم بعض نداءات "الولاء" التي يطلقها أعضاء من داخل المكتب التنفيذي للاتحاد.

وقد زاد الوضع السياسي قتامة مع تحويل مجهودات المعارضة من المطالب السياسية إلى المطلبية الحقوقية خاصة بعد الإحالات الأخيرة لقيادات حزبية وناشطين مستقلين على القضاء في ما بات يعرف "بقضايا التآمر على أمن الدولة". فهل تخلق كل هذه التحولات تراجعا لأفق الصراع السياسي بين سعيد وخصومه؟

في واقع الأمر لا يبدو أفق الصراع في تراجع بل على العكس من ذلك تماما حيث مازالت مؤشرات أزمة الثقة آخذة في التصعيد.

استقواء وضغوطات

البعض يتهم نظام سعيد بتوظيف أجهزة الدولة في محاربة خصومه من أحزاب ومنظمات حيث كان آخرها التصريح الغريب لوزير الداخلية والذي شكل مؤشرا خطيرا، حسب وصف عدد من المنظمات .

فقد نشرت وزارة الداخلية على صفحتها على شبكة فايسبوك تصريحا لوزير الداخلية توفيق شرف الدين على هامش زيارته لمدينة بن قردان لإحياء ذكرى دحر الإرهاب بالمدينة يصف فيه الإعلام والنقابات ورجال الأعمال والسياسيين بـ"المرتزقة" و"الخونة"، في خطاب تخويني رث يحرض على الأجسام الوسيطة في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشر بالدولة البوليسية ويقفز على نضالات عقود في بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

وأثار الخطاب التخويني لوزير الداخلية حفيظة عدد من منظمات المجتمع المدني التي عبرت في بيان مشترك عن امتعاضها لما تضمنته كلمة الوزير والذي يأتي في سياق أزمة سياسية واجتماعية حادة وفي وقت كان عليه التوجه بخطاب تجميعي يتلاءم وموضوع زيارته الى مدينة بن قردان لإحياء ذكرى انتصار تونس على الإرهاب.

من جهتها كشفت جمعية القضاة نهاية الأسبوع الماضي أنّ "القضاء يتعرّض إلى ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة"، وذلك إثر الإيقافات والتتبعات التي شهدتها البلاد في المدّة الأخيرة والتي شملت نشطاء سياسيين وقضاة ومحامين ونقابيين وصحفيين وإعلاميين وما صاحبها من "تهديد ووعيد موجّه للقضاة المتعهدين بتلك الملفات من رئيس الجمهورية أعلى هرم الدولة ومن بعض الصفحات والناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي المساندين والداعمين له"، وفق نصّ البيان.

ونبّهت جمعية القضاة من "الخطورة الكبيرة التي تكتسيها تصريحات وخطابات رئيس الجمهورية تُجاه القضاة بخصوص القضايا المعروضة عليهم لما تمثله من تدخّل مباشر وصريح في سير الأبحاث وفي الإجراءات المتبعة فيها ومن انتهاك واضح وصارخ لمبدأ التفريق بين السلط ومعايير المحاكمة العادلة واستقلال السلطة القضائية عماد دولة القانون".

الشارع لمواجهة السلطة

مع استمرار استعمال النظام القائم لأجهزة الدولة لقمع المعارضين اختارت أحزاب ومنظمات الشارع كسلاح لمواجهة السلطة وهو ما دفع ببعض الأطراف للنزول الى الساحات تعبيرا عن رفضها لسياسات الحكم.

ولا خلاف حول تزايد مؤشرات تململ الشارع الاجتماعي وإمكانية تقاطعه مع الشارع السياسي في ظل أزمة مواطنية وأزمة اجتماعية مركبة وسياسية خانقة.

فقد تحركت ماكينة الاتحاد لتحشد النقابيين في تحرك عمالي وازن حيث خرج آلاف من في مسيرة من أمام مقر المنظمة ببطحاء محمد علي بالعاصمة احتجاجا على الوضع السياسي والحقوقي وتدهور العلاقة بين المنظمة النقابية ورئيس الجمهورية قيس سعيد.

وتجمع أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل بالتزامن مع تجمعات ومسيرات عمالية في عدد من الجهات الداخلية على غرار جهة سوسة وتوزر وتطاوين.

كما تحرك الشارع السياسي رغم منعه وذلك بعد ان نجحت جبهة الخلاص الوطني في تخطي الحاجز الأمني والانتقال الى شارع الحبيب بورقيبة بعد حصار امني كبير لمسيرة الجبهة.

فهل يفرض سعيد خياره السياسي نهائيا على الجميع أم للمقاومة الحزبية والمدنية رأي آخر؟

خليل الحناشي