حديث عن البدايات ومراحل التطور وابرز المحطات التي شهدتها التلفزة التونسية
فكرة دقيقة عن الجانب التقني في التلفزيون
تونس- الصباح
احتضن" ستوديو9" بمقر مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية مؤخرا لقاء تكريميا للمهندسين إبراهيم الغضاب والباجي صانصة في اعداد وتنظيم لجمعية قدماء مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية برئاسة الأستاذ خالد بن فقير.
وحضر اللقاء جمع غفير من المنتسبين لمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية يمثلون اجيالا متعددة مديرون عامون ومهندسون وتقنيون ومنتجون ومخرجون ومذيعون من بينهم عبدالحفيظ الهرقام وعبدالعزيز قاسم ورؤوف الباسطي والشاذلي بن يونس ومحمد رؤوف يعيش ونورالدين المازني والمنجي النصري وعبدالمجيد الشعار والمنصف المكشر ومحمد المحرزي وحمادي عرافة ودنيا الشاوش وفتحية عدالة ومفيدة الزهاق والقائمة طويلة في هذا المجال وفي كلمة الافتتاح اعلن خالد بن فقيران تكريم المهندسين إبراهيم الغضاب والباجي صانصة يأتي في اطار تكريم كل من كان له حضوره البارز والهام في مؤسسة الإذاعة والتلفزة في أي موقع له اعترافا وتكريما لهم وتقديرا لجهودهم التي لا ينكرها الاجاحد وكشف من جهة أخرى ان اللقاء القادم سيتم فيه تكريم صناع الدراما التلفزيونية في تونس وقد انطلق الاعداد لهذا اللقاء الذي سيكون في سهرة رمضانية.
الصورة تتكلم
وما شد الانتباه في هذا اللقاء التكريمي للمهندسين إبراهيم الغضاب والباجي صانصة فسح المجال للصورة والتعليق للحديث عن مسيرة المحتفى بهما من خلال شريطين وثائقيين تابعهما الحضور بانتباه وشغف اعتبارا للقيمة التاريخية على اعتبار انهما –إبراهيم الغضاب والباجي صانصة- كانا من مؤسسي الجانب التقني للتلفزة التونسية في سنوات التأسيس الأولى.
التحق إبراهيم الغضاب 1963 بمؤسّسة الإذاعة التّونسيّة تحت إشراف المدير العامّ الرّاحل "الحبيب بولعراس" وهو يذكر أن بولعراس كان بصدد إعداد الخطوط العريضة لتأسيس التّلفزة التّونسيّة بإشراف مباشر من المهندس الرئيسي "المنجي الشّافعي" الذي حرص على إرسال ستة مهندسين إلى باريس لاستكمال الدّراسة الهندسيّة في مجال تقنيّات الرّاديو والتّلفزيون. وهم: "إبراهيم الغضّاب"،"الباجي صانصة"،المرحوم "محسن بودربالة"،المرحوم "علي القريشي"، المرحوم "عبد الحميد بن ذياب" و"جميل المنياوي".
امتدّت الدّراسة حتّى 1965 ثم كانت الانطلاقة في إعداد مشروع التّلفزة التّونسيّة بإشراف المدير العامّ الجديد الرّاحل "محمّد مزالي" تحت اسم (RTT).
كانت البداية بوضع الأسس التّقنيّة بالتّعاون مع مؤسّسة (تومسون) و (ORTF) وفي أواخر1965 تسلمت التلفزة التونسية التّقنيّات الضّروريّة لتجهيز "استوديو 10" الخاصّ بالإنتاج والأخبار و"استوديو 6" الخاصّ بالمنوّعات ومركز توزيع الصّورة والصّوت، وإلى جانب ذلك آلات تقنيّة لبثّ الأشرطة والصّوت، حيث كان يتم التّصوير في مرحلة أولى ثمّ يقع تسجيل الصّوت، بعد ذلك يتمّ المزج بين الاثنين. وكلّ إنتاج يتمّ تصويره في فيلم في غياب الفيديو، وتم لذلك توفير مخبر لتحميض الأشرطة.
وبادر الراحل "المنجي الشّافعي" بإرسال مهندسين اثنين إلى إسبانيا وهما "محمّد الأندلسي" و"لمين الخمّاسي" للتّدرّب على آلات التّسجيل. (Magnétoscope quadriplex) وهي آلة لتسجيل الصّوت والصّورة على أشرطة مغناطيسيّة إلى جانب آلات التّسجيل (Ampex) للتّسجيل على الشريط المغناطيسي. وكان الراحل "المنجي الشّافعي" قد طلب من المهندسَيْن "محمّد الأندلسي" و "لمين الخمّاسي" ضرورة العودة سريعا إلى تونس بعد تسلّم الآلات التّقنيّة المشار إليها سلفا في الوقت الذي تحوّل فيه الرّاحل "علي القريشي" إلى إيطاليا لدراسة خصوصيّات صيانة الآلات التّقنيّة، وتمّ إثر ذلك تعزيز الجانب التّقني لمؤسّسة التّلفزة باقتناء حافلة مستعملة خاصّة بالريبورتاجات من نوع (ماركوني) وقد تمّ استعمالها في الألعاب الأولمبيّة بهلسنكي وهي مجهّزة بـ 2 كاميرا، وأّول ما تمّ تسجيله بهذه الحافلة خطاب المرحوم "الباهي الأدغم" يوم 9 أفريل 1967 في والوقت الذي كان فيه الزّعيم "الحبيب بورقيبة" في الخارج للعلاج.
وخطاب "الباهي الأدغم" كان أوّل منتوج تلفزيّ يسجّل ويحفظ في (bobine) ليتعزّز بعد ذلك الجانب التّقني باقتناء آلات متطوّرة خاصّة بالإنتاج والتّصوير . وتبقى سنة 1975 إحدى المحطّات الهامّة في مسيرة التّلفزة التّونسيّة على المستوى التّقني تحت إشراف الأستاذ "صلاح الدّين بن حميدة" المدير العامّ لمؤسّسة الإذاعة والتّلفزة في تلك الفترة من خلال استعمال واستغلال الألوان في التّلفزة.
تغطيّة الألعاب المتوسّطيّة بالجزائر
كما تمّ اقتناء آلات تحميض الأشرطة بالألوان، وكانت البداية بتصوير نشاط الزّعيم الرّاحل "الحبيب بورقيبة" بالألوان. ثمّ كانت الريبورتاجات الخارجيّة باستعمال كاميرا مع آلة تسجيل بداخلها. وغطّت الألوان كامل استوديوهات التّلفزة كلّ حسب اختصاصه. وحيث كان البثّ بالألوان للأخبار والمنتجات الدّراميّة والمنوّعات والأغاني والتّحقيقات. وتمّ تعزيز هذا التّطوّر التّقني باقتناء آلات تسجيل بالألوان من نوع (BCM) لتصبح لنا بالتّالي تركيبة تقنيّة متطوّرة. وفي فترة إشراف الراحل "صلاح الدّين معاوي" تمّ بعث استوديوهات لمذيعات الرّبط بالألوان (استوديو 11). وفي 1983 ثمّ بعث وحدة إنتاج تلفزي بصفاقس. وعرفت سنة 1989 تجديدا كاملا لآلات الإنتاج والأخبار واقتناء كاميراهات جديدة متطوّرة وعلى درجة تقنيّة عالية. وعرفت سنة 1992 تحت إشراف الأستاذ "عبد الحفيظ الهرقام" انطلاق البثّ الفضائي للتّلفزة التّونسيّة. وقد تم في بطولة إفريقيا للأمم في كرة القدم 1994 تجهيز استوديو متكامل في الملعب مع اقتناء حافلة متطوّرة بـ 8 كاميراهات لمواكبة هذا الحدث الرّياضي.
اما المهندس الباجي صانصة فقد التحق سنة 1963 بمؤسسة الإذاعة التّونسيّة تحت إشراف الرّاحل "الحبيب بولعراس" كمهندس استعدادا لتأسيس التّلفزة التّونسيّة. هو يذكر أن الراحل "المنجي الشّافعي" كان المهندس المشرف على هذا المشروع الطّموح وهو الذي تولى اختيار ستّة مهندسين لمواصلة الدّراسة في فرنسا وكان للراحل الحبيب بولعراس دورا رياديا في وضع الأسس الأولى لبعث التّلفزة التّونسيّة، من خلال تحديد قائمة للطّلبة الذين تمّ إرسالهم إلى باريس لدراسة ما له علاقة بالتّلفزة من إنتاج وإخراج وغير ذلك. فكانت "فاطمة اسكندراني" أوّل "سكريبت"، وفي الإخراج "عبد الرّزّاق الحمّامي" و"يوسف اليحياوي" و"الهادي بسباس" و"محمّد الحاج سليمان" و"عبد العزيز فريخة" و"سالم بن سالم.
ويشير المتحدث إلى أنه إذا كان لـ"الحبيب بولعراس" الفضل في إعداد التّلفزة فإنّ للراحل محمد مزالي الفضل في سرعة التّنفيذ، فما ان عاد المهندسون السّتة من باريس حتى انعقدت جلسة لتحديد حاجيّات المولود البصريّ الجديد، وكانت البداية ضرورة توفير الإرسال والاستقبال. وتمّ تكليف "عبد الحميد بن ذياب" بذلك. وقد كان يصعد يوميّا إلى "بوقرنين" لتعويض البرنامج الإيطالي بالتّونسيّ. وتمّ تكليف "الباجي صانصة" بالإشراف على الانتدابات والتّكوين في الإنتاج والمونتاج والصّوت و"السكريبت" من خلال مركز تكوين خاصّ بالإذاعة والتّلفزة معا. وقد عمل هذا المركز على تنظيم مناظرات الانتداب والتّكوين ومتابعة الطّلبة في تكوينهم بأوروبا بعد مرحلة أولى بتونس. وكانت أوّل دفعة في الإنتاج والإخراج والتّصوير والتّركيب تتكون من كل من "النّوري بوزيد" و"عبد الجبّار البحوري" و"المنصف الكاتب" و"عبد القادر الجّربي" و"صفيّة معروفي" و"السّيّدة بن محمود". وتمّ تكليف "محسن بودربالة" بالرّيبورتاجات و"جميل المنياوي" و"علي القريشي" بـ"المانوتوسكوب" ليكون أوّل مهندس "مانوتوسكوب" في التّلفزة التّونسيّة.
وتتالت أفواج المهندسين والتّقنيّين بشكل حرفي لتحقّق التّلفزة التّونسيّة الاكتفاء الذّاتي في المجال التّقني، و تمّ تسليم الإشراف على تكوين المهندسين والتّقنيّين إلى المدرسة العليا للاتّصالات بروّاد وقد تغير اهتمام الباجي صانصة إلى الدّراسات وإعداد المشاريع بداية من 1973، حيث أشرف على مشاريع بعث إذاعات صفاقس والمنستير ودار التّلفزة بالمنار الذي ذكر بأنه تمّ إجهاضه في 1975 وتجديد استوديوهات الإذاعة الوطنيّة 1984/1988، وفتح المجال للإشهار التّلفزي سنة 1988..
وفي 1989 غادر الباجي صانصة المؤسّسة ليعود إليها بعد سنة، وأنطُلِق في إعداد مشروع الدّار الجديدة للتّلفزة الوطنيّة: مشروع كان حلم المهنيّين والمشرفين على هذه التّلفزة بأن تكون لهم دار خاصّة بهم تتوفّر فيها فضاءات العمل والإبداع، وتمكّن من مواكبة نسق التّطوّر الذي تعيشه البلاد وقد انطلقت رسميا في عملها سنة 2009 .
ونشير إلى أن تفاعل الحضور كان إيجابيا مع مضامين الشريطين الوثائقيين وكانت العودة الى ذكريات مضت في مسيرة التلفزة التونسية وعبر المهندس الباجي صانصة عن انشغاله اليوم بمستقبل هذا المرفق العمومي الذي اصبح في حاجة ماسة واكيدة لـ" ثورة " على مستوى الأفكار والإنتاج. من جهته توقف المهندس إبراهيم الغضاب عند بعض التفاصيل التقنية التي لازالت راسخة في الذاكرة ليفسح المجال بعد ذلك لالتقاط الصور التذكارية لهذا اللقاء التكريمي.
محسن بن احمد
حديث عن البدايات ومراحل التطور وابرز المحطات التي شهدتها التلفزة التونسية
فكرة دقيقة عن الجانب التقني في التلفزيون
تونس- الصباح
احتضن" ستوديو9" بمقر مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية مؤخرا لقاء تكريميا للمهندسين إبراهيم الغضاب والباجي صانصة في اعداد وتنظيم لجمعية قدماء مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية برئاسة الأستاذ خالد بن فقير.
وحضر اللقاء جمع غفير من المنتسبين لمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية يمثلون اجيالا متعددة مديرون عامون ومهندسون وتقنيون ومنتجون ومخرجون ومذيعون من بينهم عبدالحفيظ الهرقام وعبدالعزيز قاسم ورؤوف الباسطي والشاذلي بن يونس ومحمد رؤوف يعيش ونورالدين المازني والمنجي النصري وعبدالمجيد الشعار والمنصف المكشر ومحمد المحرزي وحمادي عرافة ودنيا الشاوش وفتحية عدالة ومفيدة الزهاق والقائمة طويلة في هذا المجال وفي كلمة الافتتاح اعلن خالد بن فقيران تكريم المهندسين إبراهيم الغضاب والباجي صانصة يأتي في اطار تكريم كل من كان له حضوره البارز والهام في مؤسسة الإذاعة والتلفزة في أي موقع له اعترافا وتكريما لهم وتقديرا لجهودهم التي لا ينكرها الاجاحد وكشف من جهة أخرى ان اللقاء القادم سيتم فيه تكريم صناع الدراما التلفزيونية في تونس وقد انطلق الاعداد لهذا اللقاء الذي سيكون في سهرة رمضانية.
الصورة تتكلم
وما شد الانتباه في هذا اللقاء التكريمي للمهندسين إبراهيم الغضاب والباجي صانصة فسح المجال للصورة والتعليق للحديث عن مسيرة المحتفى بهما من خلال شريطين وثائقيين تابعهما الحضور بانتباه وشغف اعتبارا للقيمة التاريخية على اعتبار انهما –إبراهيم الغضاب والباجي صانصة- كانا من مؤسسي الجانب التقني للتلفزة التونسية في سنوات التأسيس الأولى.
التحق إبراهيم الغضاب 1963 بمؤسّسة الإذاعة التّونسيّة تحت إشراف المدير العامّ الرّاحل "الحبيب بولعراس" وهو يذكر أن بولعراس كان بصدد إعداد الخطوط العريضة لتأسيس التّلفزة التّونسيّة بإشراف مباشر من المهندس الرئيسي "المنجي الشّافعي" الذي حرص على إرسال ستة مهندسين إلى باريس لاستكمال الدّراسة الهندسيّة في مجال تقنيّات الرّاديو والتّلفزيون. وهم: "إبراهيم الغضّاب"،"الباجي صانصة"،المرحوم "محسن بودربالة"،المرحوم "علي القريشي"، المرحوم "عبد الحميد بن ذياب" و"جميل المنياوي".
امتدّت الدّراسة حتّى 1965 ثم كانت الانطلاقة في إعداد مشروع التّلفزة التّونسيّة بإشراف المدير العامّ الجديد الرّاحل "محمّد مزالي" تحت اسم (RTT).
كانت البداية بوضع الأسس التّقنيّة بالتّعاون مع مؤسّسة (تومسون) و (ORTF) وفي أواخر1965 تسلمت التلفزة التونسية التّقنيّات الضّروريّة لتجهيز "استوديو 10" الخاصّ بالإنتاج والأخبار و"استوديو 6" الخاصّ بالمنوّعات ومركز توزيع الصّورة والصّوت، وإلى جانب ذلك آلات تقنيّة لبثّ الأشرطة والصّوت، حيث كان يتم التّصوير في مرحلة أولى ثمّ يقع تسجيل الصّوت، بعد ذلك يتمّ المزج بين الاثنين. وكلّ إنتاج يتمّ تصويره في فيلم في غياب الفيديو، وتم لذلك توفير مخبر لتحميض الأشرطة.
وبادر الراحل "المنجي الشّافعي" بإرسال مهندسين اثنين إلى إسبانيا وهما "محمّد الأندلسي" و"لمين الخمّاسي" للتّدرّب على آلات التّسجيل. (Magnétoscope quadriplex) وهي آلة لتسجيل الصّوت والصّورة على أشرطة مغناطيسيّة إلى جانب آلات التّسجيل (Ampex) للتّسجيل على الشريط المغناطيسي. وكان الراحل "المنجي الشّافعي" قد طلب من المهندسَيْن "محمّد الأندلسي" و "لمين الخمّاسي" ضرورة العودة سريعا إلى تونس بعد تسلّم الآلات التّقنيّة المشار إليها سلفا في الوقت الذي تحوّل فيه الرّاحل "علي القريشي" إلى إيطاليا لدراسة خصوصيّات صيانة الآلات التّقنيّة، وتمّ إثر ذلك تعزيز الجانب التّقني لمؤسّسة التّلفزة باقتناء حافلة مستعملة خاصّة بالريبورتاجات من نوع (ماركوني) وقد تمّ استعمالها في الألعاب الأولمبيّة بهلسنكي وهي مجهّزة بـ 2 كاميرا، وأّول ما تمّ تسجيله بهذه الحافلة خطاب المرحوم "الباهي الأدغم" يوم 9 أفريل 1967 في والوقت الذي كان فيه الزّعيم "الحبيب بورقيبة" في الخارج للعلاج.
وخطاب "الباهي الأدغم" كان أوّل منتوج تلفزيّ يسجّل ويحفظ في (bobine) ليتعزّز بعد ذلك الجانب التّقني باقتناء آلات متطوّرة خاصّة بالإنتاج والتّصوير . وتبقى سنة 1975 إحدى المحطّات الهامّة في مسيرة التّلفزة التّونسيّة على المستوى التّقني تحت إشراف الأستاذ "صلاح الدّين بن حميدة" المدير العامّ لمؤسّسة الإذاعة والتّلفزة في تلك الفترة من خلال استعمال واستغلال الألوان في التّلفزة.
تغطيّة الألعاب المتوسّطيّة بالجزائر
كما تمّ اقتناء آلات تحميض الأشرطة بالألوان، وكانت البداية بتصوير نشاط الزّعيم الرّاحل "الحبيب بورقيبة" بالألوان. ثمّ كانت الريبورتاجات الخارجيّة باستعمال كاميرا مع آلة تسجيل بداخلها. وغطّت الألوان كامل استوديوهات التّلفزة كلّ حسب اختصاصه. وحيث كان البثّ بالألوان للأخبار والمنتجات الدّراميّة والمنوّعات والأغاني والتّحقيقات. وتمّ تعزيز هذا التّطوّر التّقني باقتناء آلات تسجيل بالألوان من نوع (BCM) لتصبح لنا بالتّالي تركيبة تقنيّة متطوّرة. وفي فترة إشراف الراحل "صلاح الدّين معاوي" تمّ بعث استوديوهات لمذيعات الرّبط بالألوان (استوديو 11). وفي 1983 ثمّ بعث وحدة إنتاج تلفزي بصفاقس. وعرفت سنة 1989 تجديدا كاملا لآلات الإنتاج والأخبار واقتناء كاميراهات جديدة متطوّرة وعلى درجة تقنيّة عالية. وعرفت سنة 1992 تحت إشراف الأستاذ "عبد الحفيظ الهرقام" انطلاق البثّ الفضائي للتّلفزة التّونسيّة. وقد تم في بطولة إفريقيا للأمم في كرة القدم 1994 تجهيز استوديو متكامل في الملعب مع اقتناء حافلة متطوّرة بـ 8 كاميراهات لمواكبة هذا الحدث الرّياضي.
اما المهندس الباجي صانصة فقد التحق سنة 1963 بمؤسسة الإذاعة التّونسيّة تحت إشراف الرّاحل "الحبيب بولعراس" كمهندس استعدادا لتأسيس التّلفزة التّونسيّة. هو يذكر أن الراحل "المنجي الشّافعي" كان المهندس المشرف على هذا المشروع الطّموح وهو الذي تولى اختيار ستّة مهندسين لمواصلة الدّراسة في فرنسا وكان للراحل الحبيب بولعراس دورا رياديا في وضع الأسس الأولى لبعث التّلفزة التّونسيّة، من خلال تحديد قائمة للطّلبة الذين تمّ إرسالهم إلى باريس لدراسة ما له علاقة بالتّلفزة من إنتاج وإخراج وغير ذلك. فكانت "فاطمة اسكندراني" أوّل "سكريبت"، وفي الإخراج "عبد الرّزّاق الحمّامي" و"يوسف اليحياوي" و"الهادي بسباس" و"محمّد الحاج سليمان" و"عبد العزيز فريخة" و"سالم بن سالم.
ويشير المتحدث إلى أنه إذا كان لـ"الحبيب بولعراس" الفضل في إعداد التّلفزة فإنّ للراحل محمد مزالي الفضل في سرعة التّنفيذ، فما ان عاد المهندسون السّتة من باريس حتى انعقدت جلسة لتحديد حاجيّات المولود البصريّ الجديد، وكانت البداية ضرورة توفير الإرسال والاستقبال. وتمّ تكليف "عبد الحميد بن ذياب" بذلك. وقد كان يصعد يوميّا إلى "بوقرنين" لتعويض البرنامج الإيطالي بالتّونسيّ. وتمّ تكليف "الباجي صانصة" بالإشراف على الانتدابات والتّكوين في الإنتاج والمونتاج والصّوت و"السكريبت" من خلال مركز تكوين خاصّ بالإذاعة والتّلفزة معا. وقد عمل هذا المركز على تنظيم مناظرات الانتداب والتّكوين ومتابعة الطّلبة في تكوينهم بأوروبا بعد مرحلة أولى بتونس. وكانت أوّل دفعة في الإنتاج والإخراج والتّصوير والتّركيب تتكون من كل من "النّوري بوزيد" و"عبد الجبّار البحوري" و"المنصف الكاتب" و"عبد القادر الجّربي" و"صفيّة معروفي" و"السّيّدة بن محمود". وتمّ تكليف "محسن بودربالة" بالرّيبورتاجات و"جميل المنياوي" و"علي القريشي" بـ"المانوتوسكوب" ليكون أوّل مهندس "مانوتوسكوب" في التّلفزة التّونسيّة.
وتتالت أفواج المهندسين والتّقنيّين بشكل حرفي لتحقّق التّلفزة التّونسيّة الاكتفاء الذّاتي في المجال التّقني، و تمّ تسليم الإشراف على تكوين المهندسين والتّقنيّين إلى المدرسة العليا للاتّصالات بروّاد وقد تغير اهتمام الباجي صانصة إلى الدّراسات وإعداد المشاريع بداية من 1973، حيث أشرف على مشاريع بعث إذاعات صفاقس والمنستير ودار التّلفزة بالمنار الذي ذكر بأنه تمّ إجهاضه في 1975 وتجديد استوديوهات الإذاعة الوطنيّة 1984/1988، وفتح المجال للإشهار التّلفزي سنة 1988..
وفي 1989 غادر الباجي صانصة المؤسّسة ليعود إليها بعد سنة، وأنطُلِق في إعداد مشروع الدّار الجديدة للتّلفزة الوطنيّة: مشروع كان حلم المهنيّين والمشرفين على هذه التّلفزة بأن تكون لهم دار خاصّة بهم تتوفّر فيها فضاءات العمل والإبداع، وتمكّن من مواكبة نسق التّطوّر الذي تعيشه البلاد وقد انطلقت رسميا في عملها سنة 2009 .
ونشير إلى أن تفاعل الحضور كان إيجابيا مع مضامين الشريطين الوثائقيين وكانت العودة الى ذكريات مضت في مسيرة التلفزة التونسية وعبر المهندس الباجي صانصة عن انشغاله اليوم بمستقبل هذا المرفق العمومي الذي اصبح في حاجة ماسة واكيدة لـ" ثورة " على مستوى الأفكار والإنتاج. من جهته توقف المهندس إبراهيم الغضاب عند بعض التفاصيل التقنية التي لازالت راسخة في الذاكرة ليفسح المجال بعد ذلك لالتقاط الصور التذكارية لهذا اللقاء التكريمي.