إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم | فرنسا: إلى الخط الخلفي !.

يرويها: أبو بكر الصغير

      إن الطريق إلى العظمة، أن تكون جنبا إلى جنب مع الآخرين.

    قصص الأجداد لن تفيدك خاصة عندما يفيق الأحفاد من أوهام عظمة استعمار غاشم وعزاء كاذب لمجد غير موجود.

 يقرّ62٪ من الفرنسيين أن بلادهم في حالة تدهور داخليا وفي علاقاتها الخارجية، وفقًا لمسح أجراه معهد CSA.

  هذا الشعور بالتراجع، الممزوج بالحنين إلى عظمة مفقودة، هو موضوع متكرر في فرنسا.

  من الشائع هناك استحضار أمجاد المملكة أو الإمبراطورية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر والقائد العظيم نابليون.

  بالتأكيد، عاشت فرنسا فترات عظمة في ذلك الوقت. لكن هل كانت فعلا بقدر ما نعتقد؟ وماذا بقي من مجد العظمة هذه اليوم؟.

   كشف صحفي فرنسي، أن الكحول جعلت وجوه نواب البرلمان مختلفة وشفاههم وأسنانهم تصبغت بلون السواد، مؤكدا أن الإشكال موجود بكل الكتل البرلمانية في فرنسا بيمينها ووسطها ويسارها.

    أكد نفس الصحفي أن الكثير من النواب يشربون الكحول خاصة قبل فترات المناقشات المسائية حتى لو تعلّق الأمر بقرارات مصيرية و هامة جدا، مشيرا إلى أن مخزون الكحول داخل "كافتيريا" البرلمان ينفذ بسرعة وأنّ نادلي مقهى البرلمان يتذمرون لأنه من المستحيل أن يجد المرء مكانا بالمقهى.

    إن إفراط نواب البرلمان الفرنسي في استهلاك الكحول قبل جلسات النقاش والتصويت أصبحت سمة ملازمة للسلطة التشريعية.

  خسرت فرنسا الكثير خلال السنوات الأخيرة على كلّ المستويات، بسبب هذه الأنانية السياسية المفرطة والتعالي في التعامل مع الشعوب بما في ذلك النخب.

 يكفي الاستشهاد بموضوع التأشيرات وهذه المعاملات المهينة التي يعيشها المرء مع مكتب خدمة التأشيرات ليس في تونس فقط بل في كلّ البلدان المغاربية، كيف يتم رفض مطالب عشرات آلاف التونسيين حتى لو كانوا علماء ومهندسين وأطباء يسافرون لمهمة أو لعمل، بل الأخطر من ذلك، تلك المليارت التي تدفع كثمن لهذه الورقة والتي في اغلب الأحيان لا يحصل عليها طالبوها، ولا يستردّون أموالهم.

   فأجا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالإعلان أمام الجالية الفرنسية في الغابون خلال جولته الإفريقية الحالية إن "عصر فرنسا - إفريقيا انتهى"، وأضاف "أحيانًا يتكون لدي شعور بأن الذهنيات لا تتطور بوتيرة تطورنا نفسها عندما أقرأ وأسمع وأرى أنّه ما زالت تُنسب لفرنسا نوايا ليست ولم تعد لديها"!.

   غاب عن ساكن قصر الاليزي انه على قدر النوايا يرزق المرء، وأنّ أسوأ البشر من كانت نيته عكس ظاهره .

     لهذا لا غرابة أن نرى دولا افريقية تنشد معارك استقلال وسيادة ثانية من فرنسا اليوم، خاصة في ظلّ هذه المنافسة والخيارات والإغراءات المعروضة أمامها من قبل دول عظمى تسعى وراء مصالحها ومدّ نفوذها في قارتنا التي يجمع العالم أن مستقبل البشرية بيدها.

 سباق محموم يجري بين الصين وتركيا وروسيا وأمريكا للفوز بتحالفات وشراكات إستراتيجية مع دول من القارة. خمسون مليار دولار دفعة أولى أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال القمة الأمريكية - الإفريقية الأخيرة ستخصص لمشاريع افريقية.

  رغم أن لمصطلح "فرنسا- إفريقيا" دلالات سلبية، إذ يُستعمل لوصف العلاقات التي ربطت فرنسا بمستعمراتها السابقة بعد استقلالها وتدخّلات باريس المفرط في شؤونها سياسيا واقتصاديا للحفاظ على نفوذها في القارة، فانّه لا يجب أن يتّجه الموقف إلى كلّ الأعداء في البلد المستعمر، ليس لأهمية ترابط المصالح وتشابكها وعوامل أخرى عديدة فقط، بل كذلك درءا لمغامرة البحث عن حليف جديد قد تكون تكلفة ذلك أكثر من منفعته.

  كثيرا ما نقول أحبّ الشيطان الذي تعرفه واحذر من الملاك الذي لا تعرفه، على الرغم من كل شيء، نحن نعرف الفرنسيين جيدا، لكن يجب ألا نلقي بأنفسنا في أحضان الصين أو روسيا أو أي طرف آخر بسبب حقد غرامي قد يزول إذا عدّلت باريس سياساتها في التعامل مع شعوبنا.

  يجب على المرء أن يتعلمّ تقبل ما لا يستطيع تغييره وأن يركز على ما يستطيع التأثير فيه، إذ السياسة ليست لعبة النوايا الحسنة أو المبادئ السامية فحسب بل كذلك ما توفّره من مكاسب إستراتيجية ومادية وتضمنه من استقرار ودفع لنمو وتطوّر ورقي البلدان.

 

 

حكاياتهم | فرنسا: إلى الخط الخلفي !.

يرويها: أبو بكر الصغير

      إن الطريق إلى العظمة، أن تكون جنبا إلى جنب مع الآخرين.

    قصص الأجداد لن تفيدك خاصة عندما يفيق الأحفاد من أوهام عظمة استعمار غاشم وعزاء كاذب لمجد غير موجود.

 يقرّ62٪ من الفرنسيين أن بلادهم في حالة تدهور داخليا وفي علاقاتها الخارجية، وفقًا لمسح أجراه معهد CSA.

  هذا الشعور بالتراجع، الممزوج بالحنين إلى عظمة مفقودة، هو موضوع متكرر في فرنسا.

  من الشائع هناك استحضار أمجاد المملكة أو الإمبراطورية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر والقائد العظيم نابليون.

  بالتأكيد، عاشت فرنسا فترات عظمة في ذلك الوقت. لكن هل كانت فعلا بقدر ما نعتقد؟ وماذا بقي من مجد العظمة هذه اليوم؟.

   كشف صحفي فرنسي، أن الكحول جعلت وجوه نواب البرلمان مختلفة وشفاههم وأسنانهم تصبغت بلون السواد، مؤكدا أن الإشكال موجود بكل الكتل البرلمانية في فرنسا بيمينها ووسطها ويسارها.

    أكد نفس الصحفي أن الكثير من النواب يشربون الكحول خاصة قبل فترات المناقشات المسائية حتى لو تعلّق الأمر بقرارات مصيرية و هامة جدا، مشيرا إلى أن مخزون الكحول داخل "كافتيريا" البرلمان ينفذ بسرعة وأنّ نادلي مقهى البرلمان يتذمرون لأنه من المستحيل أن يجد المرء مكانا بالمقهى.

    إن إفراط نواب البرلمان الفرنسي في استهلاك الكحول قبل جلسات النقاش والتصويت أصبحت سمة ملازمة للسلطة التشريعية.

  خسرت فرنسا الكثير خلال السنوات الأخيرة على كلّ المستويات، بسبب هذه الأنانية السياسية المفرطة والتعالي في التعامل مع الشعوب بما في ذلك النخب.

 يكفي الاستشهاد بموضوع التأشيرات وهذه المعاملات المهينة التي يعيشها المرء مع مكتب خدمة التأشيرات ليس في تونس فقط بل في كلّ البلدان المغاربية، كيف يتم رفض مطالب عشرات آلاف التونسيين حتى لو كانوا علماء ومهندسين وأطباء يسافرون لمهمة أو لعمل، بل الأخطر من ذلك، تلك المليارت التي تدفع كثمن لهذه الورقة والتي في اغلب الأحيان لا يحصل عليها طالبوها، ولا يستردّون أموالهم.

   فأجا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالإعلان أمام الجالية الفرنسية في الغابون خلال جولته الإفريقية الحالية إن "عصر فرنسا - إفريقيا انتهى"، وأضاف "أحيانًا يتكون لدي شعور بأن الذهنيات لا تتطور بوتيرة تطورنا نفسها عندما أقرأ وأسمع وأرى أنّه ما زالت تُنسب لفرنسا نوايا ليست ولم تعد لديها"!.

   غاب عن ساكن قصر الاليزي انه على قدر النوايا يرزق المرء، وأنّ أسوأ البشر من كانت نيته عكس ظاهره .

     لهذا لا غرابة أن نرى دولا افريقية تنشد معارك استقلال وسيادة ثانية من فرنسا اليوم، خاصة في ظلّ هذه المنافسة والخيارات والإغراءات المعروضة أمامها من قبل دول عظمى تسعى وراء مصالحها ومدّ نفوذها في قارتنا التي يجمع العالم أن مستقبل البشرية بيدها.

 سباق محموم يجري بين الصين وتركيا وروسيا وأمريكا للفوز بتحالفات وشراكات إستراتيجية مع دول من القارة. خمسون مليار دولار دفعة أولى أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال القمة الأمريكية - الإفريقية الأخيرة ستخصص لمشاريع افريقية.

  رغم أن لمصطلح "فرنسا- إفريقيا" دلالات سلبية، إذ يُستعمل لوصف العلاقات التي ربطت فرنسا بمستعمراتها السابقة بعد استقلالها وتدخّلات باريس المفرط في شؤونها سياسيا واقتصاديا للحفاظ على نفوذها في القارة، فانّه لا يجب أن يتّجه الموقف إلى كلّ الأعداء في البلد المستعمر، ليس لأهمية ترابط المصالح وتشابكها وعوامل أخرى عديدة فقط، بل كذلك درءا لمغامرة البحث عن حليف جديد قد تكون تكلفة ذلك أكثر من منفعته.

  كثيرا ما نقول أحبّ الشيطان الذي تعرفه واحذر من الملاك الذي لا تعرفه، على الرغم من كل شيء، نحن نعرف الفرنسيين جيدا، لكن يجب ألا نلقي بأنفسنا في أحضان الصين أو روسيا أو أي طرف آخر بسبب حقد غرامي قد يزول إذا عدّلت باريس سياساتها في التعامل مع شعوبنا.

  يجب على المرء أن يتعلمّ تقبل ما لا يستطيع تغييره وأن يركز على ما يستطيع التأثير فيه، إذ السياسة ليست لعبة النوايا الحسنة أو المبادئ السامية فحسب بل كذلك ما توفّره من مكاسب إستراتيجية ومادية وتضمنه من استقرار ودفع لنمو وتطوّر ورقي البلدان.