إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الحوار ومبدأ التّقيّة وبعد

 

 
 
بقلم:مصدّق الشّريف
 
* حال الجفاء سرعان ما تحوّل إلى معركة واضحة المعالم فيها الكثير من ليّ الذّراع إذ أنّ كلّ طرف يأبى أن يتراجع قيد أنملة عن موقفه
يقول الفقهاء إنّ التّقيّة هي الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير. وقد قادنا الحديث عن مبدأ التّقيّة ما نشهده من توتّر بلغ حدّا كبيرا بين رئيس الجمهوريّة وحكومته وبين القيادة النّقابيّة الحاليّة للاتحاد العام التّونسي للشغل. ولا نبالغ إن توقّعنا تحوّل هذا التّوتّر الحادّ إلى تصادم قد تشهده السّاحات العموميّة بين أنصار مسار 25 جويلية 2021 ورئيس الدّولة من جهة وبين أنصار الأمين العام للمنظمة الشغيلة من جهة أخرى.
وفي رأينا أنّ حال الجفاء سرعان ما تحوّل إلى معركة واضحة المعالم فيها الكثير من ليّ الذّراع إذ أنّ كلّ طرف يأبى أن يتراجع قيد أنملة عن موقفه. ويتمثّل الموقفان أساسا في إصرار قيادة الاتحاد على إقامة الحوار الوطنيّ كما تراه شكلا ومضمونا في حين أنّ رئيس الدّولة لا يرى طائلا منه ولا فائدة غير إضاعة الوقت طالما أنّ التّركيبة التي تنوي القيادة تشكيلها تحمل في طيّاتها أشخاصا جرّبتهم تونس ولم تجن من أعمالهم وعطائهم إلاّ الدّمار والخراب ولم تعد إلاّ بالوبال المبين على شعبها.
وإنّنا على شبه يقين تامّ بأنّ هناك رغبة ملحّة من قبل جهات حزبيّة ونقابيّة وكذلك شخصيّات من المجتمع المدني لعقد حوار وطنيّ كما حصل سابقا الغاية منه "بوس خوك وطاح الكفّ على ظلّه"، أيّ طيّ العشريّة السّوداء دون محاسبة أو تبرئة قانونيّة لكلّ من تعلّقت به شبهات جرائم فساد واغتيالات. وبذلك يأخذ الحوار شكل التّقيّة. ولعلّ هذا ما تفطّن إليه رئيس الجمهوريّة وأصرّ على عدم المضيّ فيه. وقد بدا جليّا أنّ أغلبيّة الشّعب التّونسيّ وراء موقف سعيّد ولا تريد أبدا السّير في سياسة ومنهاج تبييض المذنبين الذين عملوا على تخريب البلاد على جميع الأصعدة.
لقد صدع الشّعب التّونسيّ عاليا أكثر من مرّة أنّ الصّواب يكمن في تطبيق شعار "المحاسبة ولا شيء غير المحاسبة" فلا عاش في تونس من خانها. وقال التّونسيّون مرارا وتكرارا إنّ العدالة يجب أن تطبّق دون تفشّ وإنّما طبق القانون والشّفافيّة المطلقة وإنّ من ارتكب جرما لا بدّ أن يحاسب ومن سرق أموال الشّعب فلا مفرّ من أن يعيدها إلى خزينة الدّولة. أما من ثبتت براءته فلا جناح عليه.
وعلى العموم، فإنّ ما تشهده السّاحة القضائيّة من إيقافات متتالية بوتيرة متسارعة لا تعرف التّوقّف للعديد من السّياسيّين والنّقابيّين ورجال الأعمال وغيرهم بسبب اتّهامات خطيرة تلاحقهم تؤكّد مرّة أخرى، إن أثبت صحّتها القضاء، أسباب الملحّين على عقد الحوار الوطنيّ ودوافعهم.
 
 
 
  الحوار ومبدأ التّقيّة وبعد
 

 
 
بقلم:مصدّق الشّريف
 
* حال الجفاء سرعان ما تحوّل إلى معركة واضحة المعالم فيها الكثير من ليّ الذّراع إذ أنّ كلّ طرف يأبى أن يتراجع قيد أنملة عن موقفه
يقول الفقهاء إنّ التّقيّة هي الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير. وقد قادنا الحديث عن مبدأ التّقيّة ما نشهده من توتّر بلغ حدّا كبيرا بين رئيس الجمهوريّة وحكومته وبين القيادة النّقابيّة الحاليّة للاتحاد العام التّونسي للشغل. ولا نبالغ إن توقّعنا تحوّل هذا التّوتّر الحادّ إلى تصادم قد تشهده السّاحات العموميّة بين أنصار مسار 25 جويلية 2021 ورئيس الدّولة من جهة وبين أنصار الأمين العام للمنظمة الشغيلة من جهة أخرى.
وفي رأينا أنّ حال الجفاء سرعان ما تحوّل إلى معركة واضحة المعالم فيها الكثير من ليّ الذّراع إذ أنّ كلّ طرف يأبى أن يتراجع قيد أنملة عن موقفه. ويتمثّل الموقفان أساسا في إصرار قيادة الاتحاد على إقامة الحوار الوطنيّ كما تراه شكلا ومضمونا في حين أنّ رئيس الدّولة لا يرى طائلا منه ولا فائدة غير إضاعة الوقت طالما أنّ التّركيبة التي تنوي القيادة تشكيلها تحمل في طيّاتها أشخاصا جرّبتهم تونس ولم تجن من أعمالهم وعطائهم إلاّ الدّمار والخراب ولم تعد إلاّ بالوبال المبين على شعبها.
وإنّنا على شبه يقين تامّ بأنّ هناك رغبة ملحّة من قبل جهات حزبيّة ونقابيّة وكذلك شخصيّات من المجتمع المدني لعقد حوار وطنيّ كما حصل سابقا الغاية منه "بوس خوك وطاح الكفّ على ظلّه"، أيّ طيّ العشريّة السّوداء دون محاسبة أو تبرئة قانونيّة لكلّ من تعلّقت به شبهات جرائم فساد واغتيالات. وبذلك يأخذ الحوار شكل التّقيّة. ولعلّ هذا ما تفطّن إليه رئيس الجمهوريّة وأصرّ على عدم المضيّ فيه. وقد بدا جليّا أنّ أغلبيّة الشّعب التّونسيّ وراء موقف سعيّد ولا تريد أبدا السّير في سياسة ومنهاج تبييض المذنبين الذين عملوا على تخريب البلاد على جميع الأصعدة.
لقد صدع الشّعب التّونسيّ عاليا أكثر من مرّة أنّ الصّواب يكمن في تطبيق شعار "المحاسبة ولا شيء غير المحاسبة" فلا عاش في تونس من خانها. وقال التّونسيّون مرارا وتكرارا إنّ العدالة يجب أن تطبّق دون تفشّ وإنّما طبق القانون والشّفافيّة المطلقة وإنّ من ارتكب جرما لا بدّ أن يحاسب ومن سرق أموال الشّعب فلا مفرّ من أن يعيدها إلى خزينة الدّولة. أما من ثبتت براءته فلا جناح عليه.
وعلى العموم، فإنّ ما تشهده السّاحة القضائيّة من إيقافات متتالية بوتيرة متسارعة لا تعرف التّوقّف للعديد من السّياسيّين والنّقابيّين ورجال الأعمال وغيرهم بسبب اتّهامات خطيرة تلاحقهم تؤكّد مرّة أخرى، إن أثبت صحّتها القضاء، أسباب الملحّين على عقد الحوار الوطنيّ ودوافعهم.