انضمت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إلى وكالات تصنيف ائتمانية عالمية كانت قد أصدرت في وقت قريب تقارير سلبية عن الوضع المالي في تونس، لتؤكد على هشاشة الاقتصاد الوطني في ظل المخاطر المالية التي تواجهها تونس، وذلك على غرار وكالة "موديز"، ووكالة "ستاندرد آند بورز"، وتؤكد في نفس الوقت على أن تحسن الوضع يبقى رهين حصول اتفاق سريع بين تونس وصندوق النقد الدولي.. في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة التونسية من أجل الظفر بهذا الاتفاق الذي تعتبره ضروريا وحيويا لإنعاش المالية العمومية..
فقد أكدت وكالة "فيتش" أمس في تقرير لها أن "تونس ما زالت تواجه مخاطر تمويل كبيرة"، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".
وقالت إن اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي يعد شرطا أساسيا لفتح الطريق أمام المساعدات من الدول المانحة.
وكانت "فيتش" قد رفعت في ديسمبر الماضي، تصنيف تونس السيادي إلى CCC+
مستندة إلى اتفاق تم التوصل إليه على مستوى الخبراء مع الحكومة التونسية خلال شهر أكتوبر 2022، لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، إلا أن الموافقة النهائية على اتفاق القرض ما تزال معلقة بعد تأجيل الإدارة التنفيذية للصندوق للنظر في ملف تونس إلى أجل غير مسمى بعد أن كان مبرمجا خلال يوم 19 ديسمبر 2022.
لكن، ومع تأخر حصول الاتفاق النهائي، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، في 28 جانفي 2023 التصنيف الائتماني لتونس إلى CAA2 مع نظرة مستقبلية سلبية. كما خفضت تصنيفها للبنك المركزي التونسي، المسؤول قانونيا عن المدفوعات المتعلقة بكل سندات الخزينة، الى "caa2" مع آفاق سلبية.
ويعني التصنيف في خانة "CAA2" أن الحكومة والبنك المركزي معرضان إلى مخاطر عالية على مستوى إمكانية عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وفسّرت وكالة "موديز" قرارها بأن عدم تعبئة تونس لتمويلات خارجية، لتلبية الحاجيات العاجلة للحكومة، من شأنه أن يرفع من مستوى مخاطر التعثر في سداد القروض الخارجية. كما أن عدم وضع البرنامج التمويلي لصندوق النقد الدولي حيز النفاذ يفاقم الوضعية الصعبة للمالية العمومية ويزيد من الضغوطات على احتياطي البلاد من النقد الخارجي.
وشدد تقرير وكالة موديز على أن مزيد التأخير في إطلاق البرنامج التمويلي مع صندوق النقد الدولي سيتسبب في تآكل المدخرات من العملة الأجنبية تحت تأثير ارتفاع نسق تسديد الديون، مما ينجر عنه تزايد المخاطر المتعلقة بالمدفوعات الخارجية واحتمال التوجه نحو جدولة الدين الخارجي لتونس.
وما يزال أمام تونس فرصة قد تكون الأخيرة للحسم في هذا الموضوع، وذلك خلال شهر أفريل المقبل مع التئام اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، والمبرمجة تحديدا بين 10 و16 من نفس الشهر.
ومن المقرر أن تشارك تونس في اجتماعات الربيع بوفد رسمي لم تتحدد ملامحه بعد، لكن من غير المستبعد أن تقود هذه المرة الوفد التونسي رئيس الحكومة السيدة نجلاء بودن بالنظر إلى الرهانات المطروحة وعلى رأسها على الإطلاق السعي لانتزاع موافقة نهائية من الإدارة التنفيذية لصندوق النقد بخصوص الاتفاق المالي المعلق.
وكانت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، قد عبرت في محادثة ثنائية جمعتها مع رئيسة الحكومة السيدة نجلاء بودن يوم 14 فيفري الماضي، تناولت مدى تقدم البرنامج الوطني للإصلاحات الذي أقرته تونس، وذلك على هامش أشغال القمة العالمية للحكومات التي انعقدت بدبي من 13 إلى 15 فيفري، عن تفاؤلها بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي مع تونس، خلال الفترة المقبلة، شرط استكمال بعض الشروط.
وفي سياق متصل، كان وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير سعيد، قد أكد أمس، في تصريح صحفي، على هامش ندوة حول "الإستراتيجية الوطنية لقطاع الطاقة في أفق2035 أن كل الإصلاحات جاهزة وأن الحكومة بصدد العمل على التسريع في تنفيذها من أجل استرجاع التوازنات المالية ونسق النمو.
وأضاف سعيد، أيضا أن الاتصالات متواصلة مع صندوق النقد الدولي ومع كل الأطراف الممولة والتي أعلنت في عديد المناسبات عن دعمها لتونس.
ونفس الأمر بالنسبة لوكالة الترقيم "ستاندرد آند بورز"، التي توقعت في تقرير حديث لها عن تونس، أصدرته قبل أيام، ضمن سيناريو الأكثر تشاؤما، أن يؤدي عدم حصول تونس على اتفاق مع صندوق النقد وفتح الباب أمام تمويلات خارجية إلى وضعيّة "العاجز عن الدفع". وأكّدت الوكالة أنّ غياب الاتفاق سيكلف النظام البنكي التونسي ما بين 4،1 و7،6 مليار دولار، أي ما بين 8 و14،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الإسمي، موفى سنة 2023.
وقدمت وكالة التصنيف الأمريكية، ثلاثة سيناريوهات مفترضة تتراوح بين "ضغوط ضعيفة" نحو "ضغوط متوسطة" فـ"ضغوط حادّة" واعتمادا على الاستطلاعات، التّي تمّ إجراؤها لدى المستثمرين تناولت الوكالة الانعكاسات المالية والاقتصادية المحتملة على القطاع البنكي، الذي يواجه ظرفا "غير مؤكد".
ولفتت ضمن سيناريو "الضغوط الحادّة"، إلى أنّ تونس ستكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية إذا لم تتوصل إلى إبرام الاتفاق مع صندوق النقد والحصول على دعم آخر في إطار التعاون الثنائي، وتحديدا، من قبل دول الخليج ممّا قد يؤدّي إلى اختلال التوازن في ميزان الدفوعات والمالية العمومية، وأقرّت أنّ هذا الوضع قد يؤدي، أيضا، إلى تراجع "كبير" في قيمة الدينار التونسي و"ارتفاع حاد" في التضخم، وبالتالي تكبد البنوك "خسائر كبيرة" وزيادة حاجتها إلى إعادة الرسملة.
وفي ما يتعلّق بسيناريو "الضغوط الضعيفة"، الأكثر تفاؤلا، اعتبرت وكالة التصنيف أن إبرام اتفاق مع الصندوق، في غضون نهاية الثلاثية الأولى من سنة 2023 وتنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يمكن من استعادة الثقة "تدريجيا" في تونس وإنعاش الاستثمار الخاص..
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
انضمت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إلى وكالات تصنيف ائتمانية عالمية كانت قد أصدرت في وقت قريب تقارير سلبية عن الوضع المالي في تونس، لتؤكد على هشاشة الاقتصاد الوطني في ظل المخاطر المالية التي تواجهها تونس، وذلك على غرار وكالة "موديز"، ووكالة "ستاندرد آند بورز"، وتؤكد في نفس الوقت على أن تحسن الوضع يبقى رهين حصول اتفاق سريع بين تونس وصندوق النقد الدولي.. في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة التونسية من أجل الظفر بهذا الاتفاق الذي تعتبره ضروريا وحيويا لإنعاش المالية العمومية..
فقد أكدت وكالة "فيتش" أمس في تقرير لها أن "تونس ما زالت تواجه مخاطر تمويل كبيرة"، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".
وقالت إن اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي يعد شرطا أساسيا لفتح الطريق أمام المساعدات من الدول المانحة.
وكانت "فيتش" قد رفعت في ديسمبر الماضي، تصنيف تونس السيادي إلى CCC+
مستندة إلى اتفاق تم التوصل إليه على مستوى الخبراء مع الحكومة التونسية خلال شهر أكتوبر 2022، لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، إلا أن الموافقة النهائية على اتفاق القرض ما تزال معلقة بعد تأجيل الإدارة التنفيذية للصندوق للنظر في ملف تونس إلى أجل غير مسمى بعد أن كان مبرمجا خلال يوم 19 ديسمبر 2022.
لكن، ومع تأخر حصول الاتفاق النهائي، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، في 28 جانفي 2023 التصنيف الائتماني لتونس إلى CAA2 مع نظرة مستقبلية سلبية. كما خفضت تصنيفها للبنك المركزي التونسي، المسؤول قانونيا عن المدفوعات المتعلقة بكل سندات الخزينة، الى "caa2" مع آفاق سلبية.
ويعني التصنيف في خانة "CAA2" أن الحكومة والبنك المركزي معرضان إلى مخاطر عالية على مستوى إمكانية عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وفسّرت وكالة "موديز" قرارها بأن عدم تعبئة تونس لتمويلات خارجية، لتلبية الحاجيات العاجلة للحكومة، من شأنه أن يرفع من مستوى مخاطر التعثر في سداد القروض الخارجية. كما أن عدم وضع البرنامج التمويلي لصندوق النقد الدولي حيز النفاذ يفاقم الوضعية الصعبة للمالية العمومية ويزيد من الضغوطات على احتياطي البلاد من النقد الخارجي.
وشدد تقرير وكالة موديز على أن مزيد التأخير في إطلاق البرنامج التمويلي مع صندوق النقد الدولي سيتسبب في تآكل المدخرات من العملة الأجنبية تحت تأثير ارتفاع نسق تسديد الديون، مما ينجر عنه تزايد المخاطر المتعلقة بالمدفوعات الخارجية واحتمال التوجه نحو جدولة الدين الخارجي لتونس.
وما يزال أمام تونس فرصة قد تكون الأخيرة للحسم في هذا الموضوع، وذلك خلال شهر أفريل المقبل مع التئام اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، والمبرمجة تحديدا بين 10 و16 من نفس الشهر.
ومن المقرر أن تشارك تونس في اجتماعات الربيع بوفد رسمي لم تتحدد ملامحه بعد، لكن من غير المستبعد أن تقود هذه المرة الوفد التونسي رئيس الحكومة السيدة نجلاء بودن بالنظر إلى الرهانات المطروحة وعلى رأسها على الإطلاق السعي لانتزاع موافقة نهائية من الإدارة التنفيذية لصندوق النقد بخصوص الاتفاق المالي المعلق.
وكانت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، قد عبرت في محادثة ثنائية جمعتها مع رئيسة الحكومة السيدة نجلاء بودن يوم 14 فيفري الماضي، تناولت مدى تقدم البرنامج الوطني للإصلاحات الذي أقرته تونس، وذلك على هامش أشغال القمة العالمية للحكومات التي انعقدت بدبي من 13 إلى 15 فيفري، عن تفاؤلها بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي مع تونس، خلال الفترة المقبلة، شرط استكمال بعض الشروط.
وفي سياق متصل، كان وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير سعيد، قد أكد أمس، في تصريح صحفي، على هامش ندوة حول "الإستراتيجية الوطنية لقطاع الطاقة في أفق2035 أن كل الإصلاحات جاهزة وأن الحكومة بصدد العمل على التسريع في تنفيذها من أجل استرجاع التوازنات المالية ونسق النمو.
وأضاف سعيد، أيضا أن الاتصالات متواصلة مع صندوق النقد الدولي ومع كل الأطراف الممولة والتي أعلنت في عديد المناسبات عن دعمها لتونس.
ونفس الأمر بالنسبة لوكالة الترقيم "ستاندرد آند بورز"، التي توقعت في تقرير حديث لها عن تونس، أصدرته قبل أيام، ضمن سيناريو الأكثر تشاؤما، أن يؤدي عدم حصول تونس على اتفاق مع صندوق النقد وفتح الباب أمام تمويلات خارجية إلى وضعيّة "العاجز عن الدفع". وأكّدت الوكالة أنّ غياب الاتفاق سيكلف النظام البنكي التونسي ما بين 4،1 و7،6 مليار دولار، أي ما بين 8 و14،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الإسمي، موفى سنة 2023.
وقدمت وكالة التصنيف الأمريكية، ثلاثة سيناريوهات مفترضة تتراوح بين "ضغوط ضعيفة" نحو "ضغوط متوسطة" فـ"ضغوط حادّة" واعتمادا على الاستطلاعات، التّي تمّ إجراؤها لدى المستثمرين تناولت الوكالة الانعكاسات المالية والاقتصادية المحتملة على القطاع البنكي، الذي يواجه ظرفا "غير مؤكد".
ولفتت ضمن سيناريو "الضغوط الحادّة"، إلى أنّ تونس ستكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية إذا لم تتوصل إلى إبرام الاتفاق مع صندوق النقد والحصول على دعم آخر في إطار التعاون الثنائي، وتحديدا، من قبل دول الخليج ممّا قد يؤدّي إلى اختلال التوازن في ميزان الدفوعات والمالية العمومية، وأقرّت أنّ هذا الوضع قد يؤدي، أيضا، إلى تراجع "كبير" في قيمة الدينار التونسي و"ارتفاع حاد" في التضخم، وبالتالي تكبد البنوك "خسائر كبيرة" وزيادة حاجتها إلى إعادة الرسملة.
وفي ما يتعلّق بسيناريو "الضغوط الضعيفة"، الأكثر تفاؤلا، اعتبرت وكالة التصنيف أن إبرام اتفاق مع الصندوق، في غضون نهاية الثلاثية الأولى من سنة 2023 وتنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يمكن من استعادة الثقة "تدريجيا" في تونس وإنعاش الاستثمار الخاص..