إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أثارتها حملة الايقافات: القضاء مجددا أمام اختبار الاستقلالية..

 

تونس-الصباح             

سلطت حملة الإيقافات الأخيرة التي انطلقت منذ بداية شهر فيفري المنقضي وشملت سياسيين بتهمة التآمر على أمن الدولة، الضوء من جديد على وضعية القضاء واستقلالية القضاة لا سيما في ظل تواتر اتهامات عدد من محاميي الموقوفين للسلطات القائمة بالوقوف وراء الإيقافات وبالتدخل في القضاء.

من جهته لا يتوقف الرئيس عن مخاطبة القضاة في تصريحاته لتحمل مسؤولياتهم في تنفيذ القانون ومحاسبة الفاسدين والمتآمرين، على حد تعبيره.

وقد أعلنت رئاسة الجمهورية مساء أول أمس أن الرئيس قيس سعيد شدّد خلال استقباله وزيرة العدل ليلى جفال بقصر قرطاج على انه "لا يمكن لمن تآمروا على أمن الدولة الداخلي والخارجي ومن أرادوا ولا يزالون مصرّين على التنكيل به في كلّ المجالات أن يلعبوا دور الضحية"، وعلى أن “الضحية هو الشعب في قوته وصحته ومعاشه ومن حقّه أن يحاسب في إطار القانون كل من تآمر على دولته وسطا على حقوقه”، وأنه أكد على أن “الإجراءات وضعت لا للإفلات من المحاسبة ولكن لضمان المحاكمات العادلة”.

وأضافت الرئاسة في بلاغ نشرته بصفحتها على موقع "فايسبوك" أنه “تم التطرق خلال اللقاء للدور الأساسي الذي يجب أن يضطلع به القضاة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس اليوم”، مشيرة إلى أن “لبلادنا قضاة شرفاء يحتكمون للقانون”، وإلى انه “يجب ألا يفلت من المحاسبة كل من أجرم في حق الشعب”، وأنه “بلا قضاء عادل وناجز لن يسترد الشعب حقوقه ولن يعرف الحقيقة التي طالما نادى بكشفها”. كما جدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد دعوة القضاة إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في علاقة بالإيقافات الأخيرة.

ليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس عن القضاء والقضاة في علاقة بالإيقافات الأخيرة فقد سبق له أن انتقد طول إجراءات التقاضي وبقاء الملفات في طور التقاضي لسنوات، وأكد خلال زيارة له يوم15فيفري الفارط  إلى مقر وزارة الداخلية مع بداية حملة الإيقافات، أن هناك قضاة شرفاء مشيرا إلى  قاضية في القصرين أرادت تطبيق القانون فتم إزاحتها، وفق تعبيره.

وقال الرئيس أيضا مؤخرا في إحدى زياراته الميدانية عند حديثه عن الفاسدين والمتآمرين على الشعب، متوجها إلى القضاة  بالقول:"من يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم"، وقد أثار هذا التصريح العديد من ردود الفعل ممن اعتبروا ذلك تهديدا للقضاة.

تخويف القضاة

تتالى أيضا في الآونة الأخيرة تصريحات المحاميين والحقوقيين التي تتهم رئيس السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية بالتدخل في القضاء وهرسلة القضاة، فقد كشفت المحامية إيناس حراث أول أمس عن إيقاف حاكم تحقيق بقطب مكافحة الإرهاب عن العمل وتسليط تفقد عليه، مبينة أن ذلك يأتي على خلفية عدم إصداره بطاقة إيداع في حق موقوف أحيل عليه في إشارة إلى حطاب بن عثمان رئيس نقابة أعوان وإطارات العدلية.

وكتبت حراث في تدوينة نشرتها على صفحتها بموقع "فايسبوك"، “كل الحب والاحترام والإعجاب والامتنان لحاكم التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب الذي تم إيقافه عن العمل بعد تسليط تفقد عليه إثر اتخاذه الأسبوع الماضي قرارا منصفا في ملف ارتأى فيه أن لا موجب لإصدار بطاقة إيداع".

وقال كذلك الأستاذ أمير الحزامي محامي الناشط السياسي لزهر العكرمي "إن بطاقة الإيداع بالسجن كانت جاهزة قبل استنطاق موكله وصدرت خوفا من بطش السلطة..، هناك سيف مسلط على رقاب القضاة من قبل وزيرة العدل ورئيس الجمهورية"، على حدّ تعبيره.

وصرح بدوره بسام الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بداية الأسبوع أن "هناك قضاة قالوا للمحامين أن ضغوطات كبيرة تمارس عليهم من السلطة السياسية لاتخاذ وجهة معينة"، مشيرا إلى أن القضاة اليوم "يعيشون حالة من الخوف".

واعتبر الطريفي من جهة أخرى أن "وصف رئيس الجمهورية هؤلاء بالمجرمين والإرهابيين خطير باعتبار أنه اصدر أحكاما قبل أن يبت فيها القضاء..، رئيس الجمهورية هو القاضي الأول في مخيال الشعب وبأنه لما يصدر أحكاما قبل القضاء يكون قد سطا على صلاحيات القضاء".

وأشارت تصريحات أخرى إلى أن تأخر الإعلان عن الحركة القضائية إلى اليوم قد يجعل القضاة يعملون تحت الضغط والخوف.

التمسك بالاستقلالية

تجدر الإشارة إلى أنه مع بداية حملة الإيقافات والحديث عن وضع القضاة وتدخل السلطة التنفيذية، أصدرت جمعية القضاة بيانا أعربت فيه عن استغرابها من سكوت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس..

ودعت الجمعية، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، النيابة إلى ضرورة “الانفتاح على محيطها”، و”تفعيل الإعلام القضائي تكريسًا للحق في المعلومة باعتماد سياسة اتصالية نزيهة وشفافة”، وبشكل دوري لإنارة الرأي العام حول المسارات الإجرائية لكل القضايا الهامة التي تشغله، من أجل تبديد كل الشكوك والتأويلات التي ترافقها.

ودعت جمعية القضاة في بيانها، جميع القضاة إلى “التمسك أكثر فأكثر باستقلالهم وحيادهم في أدائهم لرسالة القضاء بكامل النزاهة، وعدم الخضوع إلى أي تعليمات أو ضغوطات مهما كان مصدرها، وإلى تفعيل دورهم الأصيل في حماية الحقوق والحريات ومراقبة سلامة الإجراءات، وضمان مقومات المحاكمة العادلة والتحصن بالتطبيق السليم للقانون، وعدم التغطية على التجاوزات الأمنية أو التورط فيها بأي شكل من الأشكال".

م.ي

أثارتها حملة الايقافات: القضاء مجددا أمام اختبار الاستقلالية..

 

تونس-الصباح             

سلطت حملة الإيقافات الأخيرة التي انطلقت منذ بداية شهر فيفري المنقضي وشملت سياسيين بتهمة التآمر على أمن الدولة، الضوء من جديد على وضعية القضاء واستقلالية القضاة لا سيما في ظل تواتر اتهامات عدد من محاميي الموقوفين للسلطات القائمة بالوقوف وراء الإيقافات وبالتدخل في القضاء.

من جهته لا يتوقف الرئيس عن مخاطبة القضاة في تصريحاته لتحمل مسؤولياتهم في تنفيذ القانون ومحاسبة الفاسدين والمتآمرين، على حد تعبيره.

وقد أعلنت رئاسة الجمهورية مساء أول أمس أن الرئيس قيس سعيد شدّد خلال استقباله وزيرة العدل ليلى جفال بقصر قرطاج على انه "لا يمكن لمن تآمروا على أمن الدولة الداخلي والخارجي ومن أرادوا ولا يزالون مصرّين على التنكيل به في كلّ المجالات أن يلعبوا دور الضحية"، وعلى أن “الضحية هو الشعب في قوته وصحته ومعاشه ومن حقّه أن يحاسب في إطار القانون كل من تآمر على دولته وسطا على حقوقه”، وأنه أكد على أن “الإجراءات وضعت لا للإفلات من المحاسبة ولكن لضمان المحاكمات العادلة”.

وأضافت الرئاسة في بلاغ نشرته بصفحتها على موقع "فايسبوك" أنه “تم التطرق خلال اللقاء للدور الأساسي الذي يجب أن يضطلع به القضاة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس اليوم”، مشيرة إلى أن “لبلادنا قضاة شرفاء يحتكمون للقانون”، وإلى انه “يجب ألا يفلت من المحاسبة كل من أجرم في حق الشعب”، وأنه “بلا قضاء عادل وناجز لن يسترد الشعب حقوقه ولن يعرف الحقيقة التي طالما نادى بكشفها”. كما جدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد دعوة القضاة إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في علاقة بالإيقافات الأخيرة.

ليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس عن القضاء والقضاة في علاقة بالإيقافات الأخيرة فقد سبق له أن انتقد طول إجراءات التقاضي وبقاء الملفات في طور التقاضي لسنوات، وأكد خلال زيارة له يوم15فيفري الفارط  إلى مقر وزارة الداخلية مع بداية حملة الإيقافات، أن هناك قضاة شرفاء مشيرا إلى  قاضية في القصرين أرادت تطبيق القانون فتم إزاحتها، وفق تعبيره.

وقال الرئيس أيضا مؤخرا في إحدى زياراته الميدانية عند حديثه عن الفاسدين والمتآمرين على الشعب، متوجها إلى القضاة  بالقول:"من يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم"، وقد أثار هذا التصريح العديد من ردود الفعل ممن اعتبروا ذلك تهديدا للقضاة.

تخويف القضاة

تتالى أيضا في الآونة الأخيرة تصريحات المحاميين والحقوقيين التي تتهم رئيس السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية بالتدخل في القضاء وهرسلة القضاة، فقد كشفت المحامية إيناس حراث أول أمس عن إيقاف حاكم تحقيق بقطب مكافحة الإرهاب عن العمل وتسليط تفقد عليه، مبينة أن ذلك يأتي على خلفية عدم إصداره بطاقة إيداع في حق موقوف أحيل عليه في إشارة إلى حطاب بن عثمان رئيس نقابة أعوان وإطارات العدلية.

وكتبت حراث في تدوينة نشرتها على صفحتها بموقع "فايسبوك"، “كل الحب والاحترام والإعجاب والامتنان لحاكم التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب الذي تم إيقافه عن العمل بعد تسليط تفقد عليه إثر اتخاذه الأسبوع الماضي قرارا منصفا في ملف ارتأى فيه أن لا موجب لإصدار بطاقة إيداع".

وقال كذلك الأستاذ أمير الحزامي محامي الناشط السياسي لزهر العكرمي "إن بطاقة الإيداع بالسجن كانت جاهزة قبل استنطاق موكله وصدرت خوفا من بطش السلطة..، هناك سيف مسلط على رقاب القضاة من قبل وزيرة العدل ورئيس الجمهورية"، على حدّ تعبيره.

وصرح بدوره بسام الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بداية الأسبوع أن "هناك قضاة قالوا للمحامين أن ضغوطات كبيرة تمارس عليهم من السلطة السياسية لاتخاذ وجهة معينة"، مشيرا إلى أن القضاة اليوم "يعيشون حالة من الخوف".

واعتبر الطريفي من جهة أخرى أن "وصف رئيس الجمهورية هؤلاء بالمجرمين والإرهابيين خطير باعتبار أنه اصدر أحكاما قبل أن يبت فيها القضاء..، رئيس الجمهورية هو القاضي الأول في مخيال الشعب وبأنه لما يصدر أحكاما قبل القضاء يكون قد سطا على صلاحيات القضاء".

وأشارت تصريحات أخرى إلى أن تأخر الإعلان عن الحركة القضائية إلى اليوم قد يجعل القضاة يعملون تحت الضغط والخوف.

التمسك بالاستقلالية

تجدر الإشارة إلى أنه مع بداية حملة الإيقافات والحديث عن وضع القضاة وتدخل السلطة التنفيذية، أصدرت جمعية القضاة بيانا أعربت فيه عن استغرابها من سكوت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس..

ودعت الجمعية، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، النيابة إلى ضرورة “الانفتاح على محيطها”، و”تفعيل الإعلام القضائي تكريسًا للحق في المعلومة باعتماد سياسة اتصالية نزيهة وشفافة”، وبشكل دوري لإنارة الرأي العام حول المسارات الإجرائية لكل القضايا الهامة التي تشغله، من أجل تبديد كل الشكوك والتأويلات التي ترافقها.

ودعت جمعية القضاة في بيانها، جميع القضاة إلى “التمسك أكثر فأكثر باستقلالهم وحيادهم في أدائهم لرسالة القضاء بكامل النزاهة، وعدم الخضوع إلى أي تعليمات أو ضغوطات مهما كان مصدرها، وإلى تفعيل دورهم الأصيل في حماية الحقوق والحريات ومراقبة سلامة الإجراءات، وضمان مقومات المحاكمة العادلة والتحصن بالتطبيق السليم للقانون، وعدم التغطية على التجاوزات الأمنية أو التورط فيها بأي شكل من الأشكال".

م.ي