إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. أخلاق الدولة ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  

    أسوأ ما في حياتنا، أن نتحدّث عن أخلاق لا نمارسها، وفضائل نجهلها ولا نعرفها.

      يُنظر إلى الدولة على أنها نوع من الكيان المحايد، حتى لو كان وحشا باردا، تتمثل وظيفتها في إنشاء وإنفاذ القانون من خلال ضمان نظام معين في المجتمع .

  من طبائع الدول أنها تهرب من إمبراطورية القيم، بالأحرى من التأثيرات خارج إطار ما تدفع به مؤسساتها وتشريعاتها.

  فما يُفهم  بأخلاق الدولة هو أساسا تلك القيم العامة التي تعبّر عما يشكل روح قوانين المؤسسات السياسية، والمجتمع المدني بما يشير إلى معيارية الحياة العامة، بقدر ما الأمر موجه إلى مواطني المجتمعات الديمقراطية والتعددية  بقدر  ما تحتاجه  البلدان  حديثة  العهد  بما  يعرف  بدولة  القانون  والمؤسسات .

  بالتالي لا يمكن مقاربة مسالة الأخلاق في علاقة بالدولة إلا بطريقة معيارية، كما لو أن الطريقة التي نفهمها بها قد تأثرت بالضرورة بما هي عليه، أي الأحكام المطلقة حول الخير والشر.

     يمكن أن تكون الأخلاق بوصلة قيّمة لأنها ترسي المبادئ وتسند الحجج، لكنها بوصلة في إعادة الأعمار الدائم حيث أن التحديات التي تواجهها تقدم وجوها جديدة .

  في العالم الانقلوسكسوني هناك ضمن مؤسسات الحكم ما يسمّى  بـ"لجنة أخلاقيات الدولة" بصلة بالمواطنين من خلال تعزيز النزاهة في  عمل  الحكومة.

 تقدم هذه اللجنة المستقلة والتي تضمّ من يوصفون بحكماء البلاد المشورة المجانية للمواطنين ولجميع الموظفين العموميين بشأن تجاوز السلطة وتضارب المصالح، وتطبيق القانون مدنيًا.

 تعتبر التجربة الاسكندنافية في عملية التحديث والالتزام الأخلاقي للدولة، بالمقارنة مع غالبية بقية الدول الأوروبية، الأقوى والاهم  بما مكّنت من القطع مع الدولة القديمة وإحداث تغيير اجتماعي بشكل عميق وسلمي، لم يكن الأمر مجرد استبدال طبقة حاكمة  بأخرى، لكن بتحويل الدولة من خلال المجتمع المدني، إذ  استطاعت الحركات الشعبية الكبيرة الممثّلة  في  الأجسام  الوسيطة والتي تتراوح بين الأحزاب السياسية إلى النقابات العمالية والجماعات المهنية والمنظمات والجمعيات التطوعية، أن تكتسب نفوذاً كبيرا على سلطة الدولة ولعبت دورا  حاسما في الرقابة  وتطوير الثقافة السياسية وتكريس مبادئ وقيم تُعدّ المشترك بين الجميع .

    لنأخذ على سبيل المثال  فكرة المساواة، فلقد تمّ وضع الفروق في المكانة والجنس واللون والأصل جانبا بشكل منهجي وحظيت  المسالة بتقدير كبير وتم اعتبارها كالقيمة الثقافية الأهم في البلدان  المذكورة بما كرّس التعامل بين الجميع كأنداد بقناعة أن  الإصلاح يصعد من أدنى إلى أعلى، فإذا صلح المجتمع صلحت الدولة، فلامبالاة الناس هي أفضل أرض خصبة  للسقوط  وانهيار  الأمة .

   تغدو الدولة غير أخلاقية عندما تتجاوز سيادتها وحقوقها المشروعة،لأن حقوقها الأصلية محدودة مثل حقوق الأمة: لها حدود طبيعية، من ناحية، وظائفها الصالح العام الذي يجب أن تدركه  وتكون في خدمته، من ناحية أخرى، بمعنى آخر عندما تفترض الدولة الحق في فرض ما تشاء  أو  رفض ما يرغب  فيه  الأفراد، وعدم التشاور  في كل ما تفعله  ولا تقارب  إلا  بما فيه  مصالح  الحاكم  فيها .

 فالدولة اللا أخلاقية هي السقوط  بامتياز  وهي في نهاية الأمر  دولة  مستبدة، سواء كانت ملكية أو أرستقراطية أو ديمقراطية .

     فإذا كانت الطبيعة جدول من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها ولا خداع، فمن باب أولى وأحرى أن تكون من بيدها  مصائر الناس والشعوب عنوان  انضباط وسموّ في الفعل وممارسة  الحكم   .

   إن القانون والنظام الأخلاقي والدولة هي الحقيقة الإيجابية الوحيدة والرضا الوحيد لقيمة  الحرية  .

حكاياتهم ..   أخلاق الدولة ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  

    أسوأ ما في حياتنا، أن نتحدّث عن أخلاق لا نمارسها، وفضائل نجهلها ولا نعرفها.

      يُنظر إلى الدولة على أنها نوع من الكيان المحايد، حتى لو كان وحشا باردا، تتمثل وظيفتها في إنشاء وإنفاذ القانون من خلال ضمان نظام معين في المجتمع .

  من طبائع الدول أنها تهرب من إمبراطورية القيم، بالأحرى من التأثيرات خارج إطار ما تدفع به مؤسساتها وتشريعاتها.

  فما يُفهم  بأخلاق الدولة هو أساسا تلك القيم العامة التي تعبّر عما يشكل روح قوانين المؤسسات السياسية، والمجتمع المدني بما يشير إلى معيارية الحياة العامة، بقدر ما الأمر موجه إلى مواطني المجتمعات الديمقراطية والتعددية  بقدر  ما تحتاجه  البلدان  حديثة  العهد  بما  يعرف  بدولة  القانون  والمؤسسات .

  بالتالي لا يمكن مقاربة مسالة الأخلاق في علاقة بالدولة إلا بطريقة معيارية، كما لو أن الطريقة التي نفهمها بها قد تأثرت بالضرورة بما هي عليه، أي الأحكام المطلقة حول الخير والشر.

     يمكن أن تكون الأخلاق بوصلة قيّمة لأنها ترسي المبادئ وتسند الحجج، لكنها بوصلة في إعادة الأعمار الدائم حيث أن التحديات التي تواجهها تقدم وجوها جديدة .

  في العالم الانقلوسكسوني هناك ضمن مؤسسات الحكم ما يسمّى  بـ"لجنة أخلاقيات الدولة" بصلة بالمواطنين من خلال تعزيز النزاهة في  عمل  الحكومة.

 تقدم هذه اللجنة المستقلة والتي تضمّ من يوصفون بحكماء البلاد المشورة المجانية للمواطنين ولجميع الموظفين العموميين بشأن تجاوز السلطة وتضارب المصالح، وتطبيق القانون مدنيًا.

 تعتبر التجربة الاسكندنافية في عملية التحديث والالتزام الأخلاقي للدولة، بالمقارنة مع غالبية بقية الدول الأوروبية، الأقوى والاهم  بما مكّنت من القطع مع الدولة القديمة وإحداث تغيير اجتماعي بشكل عميق وسلمي، لم يكن الأمر مجرد استبدال طبقة حاكمة  بأخرى، لكن بتحويل الدولة من خلال المجتمع المدني، إذ  استطاعت الحركات الشعبية الكبيرة الممثّلة  في  الأجسام  الوسيطة والتي تتراوح بين الأحزاب السياسية إلى النقابات العمالية والجماعات المهنية والمنظمات والجمعيات التطوعية، أن تكتسب نفوذاً كبيرا على سلطة الدولة ولعبت دورا  حاسما في الرقابة  وتطوير الثقافة السياسية وتكريس مبادئ وقيم تُعدّ المشترك بين الجميع .

    لنأخذ على سبيل المثال  فكرة المساواة، فلقد تمّ وضع الفروق في المكانة والجنس واللون والأصل جانبا بشكل منهجي وحظيت  المسالة بتقدير كبير وتم اعتبارها كالقيمة الثقافية الأهم في البلدان  المذكورة بما كرّس التعامل بين الجميع كأنداد بقناعة أن  الإصلاح يصعد من أدنى إلى أعلى، فإذا صلح المجتمع صلحت الدولة، فلامبالاة الناس هي أفضل أرض خصبة  للسقوط  وانهيار  الأمة .

   تغدو الدولة غير أخلاقية عندما تتجاوز سيادتها وحقوقها المشروعة،لأن حقوقها الأصلية محدودة مثل حقوق الأمة: لها حدود طبيعية، من ناحية، وظائفها الصالح العام الذي يجب أن تدركه  وتكون في خدمته، من ناحية أخرى، بمعنى آخر عندما تفترض الدولة الحق في فرض ما تشاء  أو  رفض ما يرغب  فيه  الأفراد، وعدم التشاور  في كل ما تفعله  ولا تقارب  إلا  بما فيه  مصالح  الحاكم  فيها .

 فالدولة اللا أخلاقية هي السقوط  بامتياز  وهي في نهاية الأمر  دولة  مستبدة، سواء كانت ملكية أو أرستقراطية أو ديمقراطية .

     فإذا كانت الطبيعة جدول من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها ولا خداع، فمن باب أولى وأحرى أن تكون من بيدها  مصائر الناس والشعوب عنوان  انضباط وسموّ في الفعل وممارسة  الحكم   .

   إن القانون والنظام الأخلاقي والدولة هي الحقيقة الإيجابية الوحيدة والرضا الوحيد لقيمة  الحرية  .