إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منها تزايد تدفق المهاجرين غير النظاميين.. قلق إيطالي- أوروبي من تداعيات حملة "تحريض" ضد المهاجرين الأفارقة في تونس

 

تونس- الصباح

على خلفية بروز موجة من التحريض ضد المهاجرين الأفارقة في تونس على مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، والتي كانت محور تنديد وتحذير من قبل نشطاء بالمجتمع المدني على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يبدو أن الأمر أزعج بعض شركاء تونس الأوربيين ومن بينهم ايطاليا التي تخوفت من تبعات الظاهرة خاصة على مستوى تزايد تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر السواحل التونسية ومن بينهم الحاملون لجنسيات من دول افريقية جنوب الصحراء والذين يتخطون من تونس بلد عبور في انتظار المرور إلى الضفة الأوربية..

ومنطلق هذا التخوف الايطالي- الأوربي، أن يدفع الحملة التحريضية ضد تواجد الأفارقة في تونس، إلى تحفيز عدد منهم على خيار الهجرة غير النظامية، من جهة، وتبدد مشروع أوربي قديم- جديد، من جعل تونس منصة فرز أو مركز مؤقت لإعادة ترحيل المهاجرين غير المرغوب فيهم..

وكان وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني قد وصف الوضع في تونس بـ"المعقد"، محذرا من تداعياته على تدفقات المهاجرين من تونس على حدود إيطاليا.

ونقلت وكالة “اكي” الايطالية أمس، عن تاياني، قوله للصحفيين على هامش اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي المنعقد الاثنين المنقضي، في بروكسيل:“هناك وضع معقد للغاية في تونس.. ستكون القضية التونسية بالتأكيد نقطة أساسية في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية المقبل”.

وأضاف “سنطرح المشكلة أيضًا في مجلس العدل والشؤون الداخلية لأن من شأن الوضع بتونس ان يصبح مقلقًا بشكل متزايد وكذلك الأمر من ناحية تدفقات الهجرة المتصاعدة باستمرار. لا يمكن أن تكون هذه مشكلة إيطالية فقط بل يجب أن تكون مشكلة أوروبية”.

ولفت تاياني الى انه أثار “سياسيا” مسألة تونس خلال الاجتماع مع نظرائه الأوروبيين “حتى تعرف كل الدول أن هناك حالة طارئة” مضيفا “ثم تحدثت مع الممثل السامي جوزيب بوريل بالتفصيل وسأعاود الاتصال به اليوم لمعرفة ما يمكن عمله وما يمكن للخدمات الخارجية للاتحاد الأوروبي القيام به”.

وتابع “نحن نراقب ما يحدث خطوة بخطوة، لأن هناك حاجة إلى تحرك أوروبي..أظهر بوريل استعداده للنقاش ولإيجاد حلول وحتى الذهاب إلى تونس ليرى ما يمكن فعله لوقف تدفقات الهجرة هذه والتي تشكل مصدر قلق كبير لإيطاليا”.

قلق إيطالي تجاه الهجرة النظامية

تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني، كان قد أكد خلال زيارة قام بها إلى تونس بتاريخ 18 جانفي 2023، والتقى خلالها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، على أن بلاده مستعدة لزيادة عدد المهاجرين القانونيين من تونس، مشدّدا على ضرورة بذل مزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية.

وقال الوزير الايطالي في مقطع فيديو نشرته  صفحة رئاسة الجمهورية على صفحتها بموقع فيسبوك، إن إيطاليا تريد التعاون مع تونس "لتقليص الهجرة غير القانونية وتعزيز الهجرة القانونية".

وتابع أن "تونس هي أيضا ضحية لظاهرة الهجرة غير القانونية. فمنذ العام الفائت، جاء منها العديد من المهاجرين إلى إيطاليا" ممن هم من دول جنوب الصحراء الكبرى.

وقال:"يجب أن نعمل للسماح للشباب الأفارقة أن يحلموا في وطنهم، يجب أن يكون حلمهم، أن نبقى في بلدنا". ومن أجل ذلك، من الضروري "زيادة الاستثمارات في أفريقيا".

وقال إن إيطاليا من جهتها "مستعدة لزيادة عدد المهاجرين القانونيين المتكونين في تونس والقادرين على القدوم للعمل في مجالي الزراعة والصناعة.. ويمر ذلك عبر إبرام اتفاقيات "للحصول على عمّال قانونيين، شباب تونسيون وأفارقة، يمكنهم الاندماج" وتقليل عدد الذين "يأتون للعمل بشكل غير قانوني، ويتقاضون أجوراً زهيدة".

حملة تحريض خطيرة

يذكر أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حذّر مما وصفه بـ"تصاعد حملة التحريض التي تستهدف المهاجرين المتواجدين في تونس وخصوصا منهم الوافدون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء".

وذكر الناطق الرسمي باسم المنتدى رمضان بن عمر في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، ان حملة التحريض ضد المهاجرين في تونس ليست جديدة لكنها اتخذت هذه المرة منحى خطير وهي منظمة.

واعتبر ان حملة الاستهداف والتحريض ضد هؤلاء المهاجرين انطلقت بما وصفه بـ"تنميط صورة المهاجر في إشارة الى وصم المهاجرين"، مشيرا، الى أن بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة سابقا لنقابات أمنية كانت ساهمت بدورها في تشويه المهاجرين من خلال نشر صور لبعضهم وإلصاق شبهات وتهم لهم بالارتباط بشبكات الاحتيال والدعارة..

ولاحظ، أن الحملة الحالية "أكثر خطورة بالنظر الى أنها سجلت انخراط من يوصفون بالمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي وهم عادة لهم عدد كبير من المتابعين وكذلك انضمت لهذه الحملة الأحزاب الفاشية وعدد من النواب ممن عبروا عن مساندتهم لها."

وانتقد بن عمر، عدم تحرك أجهزة الدولة في تتبع الخطابات العنصرية التي تستهدف المهاجرين. ولاحظ وجود "هوة كبيرة بين الخطاب الرسمي الذي يروج لاحترام حقوق المهاجرين وبين واقع تعرضهم للانتهاكات بشكل متكرر."

وقال إن الوجه الآخر لحملة التحريض ضد المهاجرين في تونس هو انها تمثل نتيجة لوجود ضغوط أوروبية على تونس. مشيرا الى  ان زيارة عدد من المسؤولين الايطاليين مؤخرا الى تونس في ظل ما وصفه بالتعتيم الرسمي حولها تركزت على مطالبة السلطات التونسية بالتضييق على المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء حتى لا يفكروا في المجيء مجددا.

وخلص الى أن الدول الأوروبية تعتبر أن تونس تحولت الى قاعدة متقدمة لهجرة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، لكنه أكد على انه لا يمكن بأي حال القبول بشن حملة ضدهم بالنظر الى أن جزءا هاما من هؤلاء هم من الطلبة الذين يدرون العملة الصعبة لتونس فيما ينحدر جزء آخر منهم من المهاجرين الذين اعترضت مراكب تقلهم في اطار رحلات الهجرة اللانظامية، في حين يأتي آخرون من بينهم من بلدان مجاورة حيث يعانون من سوء المعاملة والانتهاكات.

وأكد ان ظهور الحملات المناهضة للمهاجرين لا يقتصر فقط على تونس بل يمكن ان يكون نتيجة للتأثر بموجة التحريض الشعبوية المنتشرة بعدة بلدان غربية، معتبرا ان ظهور مثل هذه الحملات عادة ما يكون حصيلة لتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وهو دليل لانتشار الفكر الشعبوي المعادي لقيم التعايش الإنساني.

وكشف بن عمر أنّه وحسب المعهد الوطني للإحصاء، يوجد في تونس 21 ألف مهاجر غير نظامي من إفريقيا جنوب الصحراء، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد المهاجرين في دول الجوار. ولفت إلى أنّ انخراط الدولة في هذه الحملة يهدف إلى تلقي ''دعم الدول الأوروبية وتحديدا إيطاليا وفرنسا'' في علاقة بملف الهجرة غير النظامية..

رفيق بن عبد الله

منها تزايد تدفق المهاجرين غير النظاميين..  قلق إيطالي- أوروبي من تداعيات حملة "تحريض" ضد المهاجرين الأفارقة في تونس

 

تونس- الصباح

على خلفية بروز موجة من التحريض ضد المهاجرين الأفارقة في تونس على مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، والتي كانت محور تنديد وتحذير من قبل نشطاء بالمجتمع المدني على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يبدو أن الأمر أزعج بعض شركاء تونس الأوربيين ومن بينهم ايطاليا التي تخوفت من تبعات الظاهرة خاصة على مستوى تزايد تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر السواحل التونسية ومن بينهم الحاملون لجنسيات من دول افريقية جنوب الصحراء والذين يتخطون من تونس بلد عبور في انتظار المرور إلى الضفة الأوربية..

ومنطلق هذا التخوف الايطالي- الأوربي، أن يدفع الحملة التحريضية ضد تواجد الأفارقة في تونس، إلى تحفيز عدد منهم على خيار الهجرة غير النظامية، من جهة، وتبدد مشروع أوربي قديم- جديد، من جعل تونس منصة فرز أو مركز مؤقت لإعادة ترحيل المهاجرين غير المرغوب فيهم..

وكان وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني قد وصف الوضع في تونس بـ"المعقد"، محذرا من تداعياته على تدفقات المهاجرين من تونس على حدود إيطاليا.

ونقلت وكالة “اكي” الايطالية أمس، عن تاياني، قوله للصحفيين على هامش اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي المنعقد الاثنين المنقضي، في بروكسيل:“هناك وضع معقد للغاية في تونس.. ستكون القضية التونسية بالتأكيد نقطة أساسية في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية المقبل”.

وأضاف “سنطرح المشكلة أيضًا في مجلس العدل والشؤون الداخلية لأن من شأن الوضع بتونس ان يصبح مقلقًا بشكل متزايد وكذلك الأمر من ناحية تدفقات الهجرة المتصاعدة باستمرار. لا يمكن أن تكون هذه مشكلة إيطالية فقط بل يجب أن تكون مشكلة أوروبية”.

ولفت تاياني الى انه أثار “سياسيا” مسألة تونس خلال الاجتماع مع نظرائه الأوروبيين “حتى تعرف كل الدول أن هناك حالة طارئة” مضيفا “ثم تحدثت مع الممثل السامي جوزيب بوريل بالتفصيل وسأعاود الاتصال به اليوم لمعرفة ما يمكن عمله وما يمكن للخدمات الخارجية للاتحاد الأوروبي القيام به”.

وتابع “نحن نراقب ما يحدث خطوة بخطوة، لأن هناك حاجة إلى تحرك أوروبي..أظهر بوريل استعداده للنقاش ولإيجاد حلول وحتى الذهاب إلى تونس ليرى ما يمكن فعله لوقف تدفقات الهجرة هذه والتي تشكل مصدر قلق كبير لإيطاليا”.

قلق إيطالي تجاه الهجرة النظامية

تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني، كان قد أكد خلال زيارة قام بها إلى تونس بتاريخ 18 جانفي 2023، والتقى خلالها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، على أن بلاده مستعدة لزيادة عدد المهاجرين القانونيين من تونس، مشدّدا على ضرورة بذل مزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية.

وقال الوزير الايطالي في مقطع فيديو نشرته  صفحة رئاسة الجمهورية على صفحتها بموقع فيسبوك، إن إيطاليا تريد التعاون مع تونس "لتقليص الهجرة غير القانونية وتعزيز الهجرة القانونية".

وتابع أن "تونس هي أيضا ضحية لظاهرة الهجرة غير القانونية. فمنذ العام الفائت، جاء منها العديد من المهاجرين إلى إيطاليا" ممن هم من دول جنوب الصحراء الكبرى.

وقال:"يجب أن نعمل للسماح للشباب الأفارقة أن يحلموا في وطنهم، يجب أن يكون حلمهم، أن نبقى في بلدنا". ومن أجل ذلك، من الضروري "زيادة الاستثمارات في أفريقيا".

وقال إن إيطاليا من جهتها "مستعدة لزيادة عدد المهاجرين القانونيين المتكونين في تونس والقادرين على القدوم للعمل في مجالي الزراعة والصناعة.. ويمر ذلك عبر إبرام اتفاقيات "للحصول على عمّال قانونيين، شباب تونسيون وأفارقة، يمكنهم الاندماج" وتقليل عدد الذين "يأتون للعمل بشكل غير قانوني، ويتقاضون أجوراً زهيدة".

حملة تحريض خطيرة

يذكر أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حذّر مما وصفه بـ"تصاعد حملة التحريض التي تستهدف المهاجرين المتواجدين في تونس وخصوصا منهم الوافدون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء".

وذكر الناطق الرسمي باسم المنتدى رمضان بن عمر في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، ان حملة التحريض ضد المهاجرين في تونس ليست جديدة لكنها اتخذت هذه المرة منحى خطير وهي منظمة.

واعتبر ان حملة الاستهداف والتحريض ضد هؤلاء المهاجرين انطلقت بما وصفه بـ"تنميط صورة المهاجر في إشارة الى وصم المهاجرين"، مشيرا، الى أن بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة سابقا لنقابات أمنية كانت ساهمت بدورها في تشويه المهاجرين من خلال نشر صور لبعضهم وإلصاق شبهات وتهم لهم بالارتباط بشبكات الاحتيال والدعارة..

ولاحظ، أن الحملة الحالية "أكثر خطورة بالنظر الى أنها سجلت انخراط من يوصفون بالمؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي وهم عادة لهم عدد كبير من المتابعين وكذلك انضمت لهذه الحملة الأحزاب الفاشية وعدد من النواب ممن عبروا عن مساندتهم لها."

وانتقد بن عمر، عدم تحرك أجهزة الدولة في تتبع الخطابات العنصرية التي تستهدف المهاجرين. ولاحظ وجود "هوة كبيرة بين الخطاب الرسمي الذي يروج لاحترام حقوق المهاجرين وبين واقع تعرضهم للانتهاكات بشكل متكرر."

وقال إن الوجه الآخر لحملة التحريض ضد المهاجرين في تونس هو انها تمثل نتيجة لوجود ضغوط أوروبية على تونس. مشيرا الى  ان زيارة عدد من المسؤولين الايطاليين مؤخرا الى تونس في ظل ما وصفه بالتعتيم الرسمي حولها تركزت على مطالبة السلطات التونسية بالتضييق على المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء حتى لا يفكروا في المجيء مجددا.

وخلص الى أن الدول الأوروبية تعتبر أن تونس تحولت الى قاعدة متقدمة لهجرة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، لكنه أكد على انه لا يمكن بأي حال القبول بشن حملة ضدهم بالنظر الى أن جزءا هاما من هؤلاء هم من الطلبة الذين يدرون العملة الصعبة لتونس فيما ينحدر جزء آخر منهم من المهاجرين الذين اعترضت مراكب تقلهم في اطار رحلات الهجرة اللانظامية، في حين يأتي آخرون من بينهم من بلدان مجاورة حيث يعانون من سوء المعاملة والانتهاكات.

وأكد ان ظهور الحملات المناهضة للمهاجرين لا يقتصر فقط على تونس بل يمكن ان يكون نتيجة للتأثر بموجة التحريض الشعبوية المنتشرة بعدة بلدان غربية، معتبرا ان ظهور مثل هذه الحملات عادة ما يكون حصيلة لتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وهو دليل لانتشار الفكر الشعبوي المعادي لقيم التعايش الإنساني.

وكشف بن عمر أنّه وحسب المعهد الوطني للإحصاء، يوجد في تونس 21 ألف مهاجر غير نظامي من إفريقيا جنوب الصحراء، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد المهاجرين في دول الجوار. ولفت إلى أنّ انخراط الدولة في هذه الحملة يهدف إلى تلقي ''دعم الدول الأوروبية وتحديدا إيطاليا وفرنسا'' في علاقة بملف الهجرة غير النظامية..

رفيق بن عبد الله