إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلق هياكل موازية.. إضعاف تمثيليته و"تحجيم" دوره: الصراع يشتد وتصعيد غير مسبوق بين السلطة والاتحاد

تونس-الصباح
لم تعد "الحرب" أو الخلاف القائم بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة ورئاسة الجمهورية، خافيا أو غير مباشر، ليتحول منذ بداية السنة الى العلن. وتتجه الرسائل الصادرة عن الطرفين شيئا فشيئا نحو التصعيد ونوع من استعراض القوى. يرى متابعون للشأن العام أنها لن يكون لها نفس المسار الذي انتهت إليه صراعات وخلافات وعدم الاستقرار الذي طرأ على علاقة الاتحاد بالحكومات المختلفة ما بعد ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011، فقواعد اللعبة طرأت عليها مستجدات.
فلم يتوان الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة، ومن مقرات أمنية، على مهاجمة النقابيين والعمل النقابي.  ومن ناحيتها اعتمدت حكومة نجلاء بودن كل أسلحتها المتوفرة في محاولات إضعاف أو تهديد مواقع الاتحاد العام التونسي للشغل. فاتجهت وسط توتر علاقتها بالاتحاد العام التونسي للشغل الى تنظيم لقاء يوم 11 جانفي مع الأمين العام لاتحاد عمال تونس إسماعيل السحباني تناولت خلاله الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد حسب نص البيان المنشور، لتلحقه سريعا بمنشور يوم 23 من نفس الشهر، وجهته الحكومة إلى الوزراء تعلق باستخلاص معلوم الانخراط للأعوان العموميين لعدد من المنظمات النقابية بعنوان سنة 2023 والمتمثلة في الكنفدرالية العامة التونسية للشغل واتحاد عمال تونس والمنظمة التونسية للشغل واتحاد نقابات النقل والنقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية والاتحاد التونسي للمربين. ووفق المنشور تتولى الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية خصم المعلوم الشهري من أجرة كل عون عمومي منخرط في إحدى المنظمات المذكورة وذلك بعد تقديم مطلب كتابي من قبل العون المعني وإمضائه على المطبوعة التي تعدها المنظمة النقابية المعنية في الغرض. وهو إجراء كان يحتكره لسنوات الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا.
وبالتوازي مع ذلك تتم مواصلة خلق هياكل موازية وإضعاف التمثيلية النقابية الأهم وصدر في الرائد الرسمي الأخير في خضم تحركات نقابة التعليم الثانوي والمعلمين والأساتذة النواب وعدم المباشرة وحجب الأعداد، يوم 15 فيفري الجاري الإعلان عن بعث منظمة نقابية لمعلمي وأساتذة التعليم الابتدائي وأساتذة التعليم الثانوي بجميع أصنافهم تحت مسمى "النقابة الوطنية للتعليم بتونس" ومقرها الكبارية من ولاية تونس.  
وبالتوازي مع صراع المواقع والتمثيليات، تتخذ الحكومة هذه المرة في تعاملها مع الاحتجاجات والتحركات التصعيد والهروب الى الأمام وعوض التفاوض والبحث عن الحلول يكون ردها على تحرك جامعة النقل الدخول في التقاضي، عبر إيقاف كاتب عام نقابة شركة تونس للطرقات السيارة ومتابعة 16 آخرين منهم قضائيا وهي الضربة الأعنف التي توجهها حكومة ما بعد سنة 2011 للاتحاد العام التونسي للشغل على ما شاب علاقاته مع الحكومات المتعاقبة منة توتر وعدم استقرار..
رسائل لم تتغافل قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل عنها وبعثت بردودها، واحدا واحدا، سواء عبر تصريحات أمينه العام نور الدين الطبوبي وبقية القيادات التي أكدت جميعها أن أساليب الترهيب والتخويف والزج بالقضاء في الخلاف الحكومي النقابي لن يحيد الاتحاد العام التونسي للشغل عن الشأن العام ومصلحة البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وبرنامج الإنقاذ الوطني الذي دعا له، أو يثني المنظمة الشغيلية عن مواصلة نضالاتها وتحركاتها من اجل الحصول على مستحقات وامتيازات جديدة لمنظوريها. أو عبر توجه الاتحاد العام للشغل الى التعبئة ومزيد الالتفاف عبر تنظيم اجتماعات وتجمعات مع مختلف تمثيلياته الجهوية والقطاعية. والبداية كانت باجتماع عام جهوي في ولاية قبلي السبت الماضي لتلحقه أمس السبت 8 تجمعات وتحركات جهوية أخرى في كل من توزر وصفاقس ونابل وبنزرت وسيدي بوزيد والقصرين وسوسة والمنستير.. ليكون السبت القادم موعد تجمعات في 15 ولاية المتبقية.. وتتوج سلسلة هذه التحركات الجهوية بتحرك وطني يوم 11 مارس القادم وسط العاصمة تونس.
وتأتي هذه التحركات حسب الأمين العام المساعد المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، في إطار الاستجابة أو الترجمة لقرارات الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل وتتضمن 3 محاور كبرى، وهي الدفاع عن الحق النقابي، والتنديد بالهجمة على اتحاد الشغل، ثم الدفاع عن حق التونسيين ومقدرتهم الشرائية بعد الرفع الجزئي للدعم عن السلع الأساسية، وثالثاً دعم مبادرة الاتحاد في ما يتعلق بالحوار الوطني.
ووضع الطاهري جملة رسائل الرئيس والحكومة في إطار ما اعتبره "مقايضة" وفسر في تصريحه لأحد المواقع "بمعنى إما أن يعدل الاتحاد عن المبادرة، وعن نقد الانحرافات التي وقعت في مسار 25 جويلية 2021، أو كما يروج بعض أنصار الرئيس، حل الاتحاد، في هجوم على الاتحاد يذكرنا بأزمات الفترات السابقة."  وهو أيضا "محاولة لمواصلة تفكيك الدولة والهيمنة عليها وتمكين الرئيس من سلطات مطلقة لا حدود لها، وبالتالي أي قوة اجتماعية أو سياسية تحاول التصدي لذلك المشروع سيتم الاعتداء عليها ومحاولة ضربها".
واعتبر سامي الطاهي في نفس الحوار أن ضرب الاتحاد أو حله، يتنزل في إطار "هلوسة من السلطة من أجل السيطرة على الحكم نهائياً.. وهذه الهلوسة لم يعد من الممكن تحقيقها بعد 2011، فلا عودة إلى الاستبداد وللحكم الفردي، وفي ضرب الاتحاد ضرب لوحدة تونس."
واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل عبر عنوان غلاف الجريدة الناطقة باسمه "الشعب" الأسبوع الماضي، أن ما يقع بينه وبين السلطة الرسمية "حرب"، رغم أن قراءات للوضع العام تعتبر أن المنظمة الشغيلة ورغم اعتماد خيار عدم المواجهة في خلافها مع الحكومة ورئاسة الجمهورية إلا أنها كانت تعلم أن المواجهة لا مفر منها وان قيس سعيد لا يؤمن بالوسائط ومسألة محاولاته تضييق و"تحجيم" دور الاتحاد وإخراجه من الشأن الوطني لن تنتهي وبالتالي فكل ردوده في الفترة القادمة ستكون مبنية على هذا الأساس.
وتكشف في نفس الوقت قراءات أخرى عن تخوفاتها من هذا الصراع أو الحرب المعلنة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطة ممثلة في رئاسة الجمهورية والحكومة، باعتبار حجم كل منهما معتبرين انها مواجهة قادرة على تعديل الأمور والدفع بها نحو التصحيح وإيجاد الحلول المشتركة كما انها في نفس الوقت يمكن ان تكون اعادة لسيناريوهات سابقة سجلها التاريخ بين الطرفين وانطلاقة لانحرافات كبيرة من شانها مزيد تقسيم التونسيين، وإضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما كان القوة المعدلة أمام السلطة في مختلف انحرافاتها وتمثيلياتها..
 
 ريم سوودي
 
 خلق هياكل موازية.. إضعاف تمثيليته و"تحجيم" دوره: الصراع يشتد وتصعيد غير مسبوق  بين السلطة والاتحاد
تونس-الصباح
لم تعد "الحرب" أو الخلاف القائم بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة ورئاسة الجمهورية، خافيا أو غير مباشر، ليتحول منذ بداية السنة الى العلن. وتتجه الرسائل الصادرة عن الطرفين شيئا فشيئا نحو التصعيد ونوع من استعراض القوى. يرى متابعون للشأن العام أنها لن يكون لها نفس المسار الذي انتهت إليه صراعات وخلافات وعدم الاستقرار الذي طرأ على علاقة الاتحاد بالحكومات المختلفة ما بعد ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011، فقواعد اللعبة طرأت عليها مستجدات.
فلم يتوان الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة، ومن مقرات أمنية، على مهاجمة النقابيين والعمل النقابي.  ومن ناحيتها اعتمدت حكومة نجلاء بودن كل أسلحتها المتوفرة في محاولات إضعاف أو تهديد مواقع الاتحاد العام التونسي للشغل. فاتجهت وسط توتر علاقتها بالاتحاد العام التونسي للشغل الى تنظيم لقاء يوم 11 جانفي مع الأمين العام لاتحاد عمال تونس إسماعيل السحباني تناولت خلاله الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد حسب نص البيان المنشور، لتلحقه سريعا بمنشور يوم 23 من نفس الشهر، وجهته الحكومة إلى الوزراء تعلق باستخلاص معلوم الانخراط للأعوان العموميين لعدد من المنظمات النقابية بعنوان سنة 2023 والمتمثلة في الكنفدرالية العامة التونسية للشغل واتحاد عمال تونس والمنظمة التونسية للشغل واتحاد نقابات النقل والنقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية والاتحاد التونسي للمربين. ووفق المنشور تتولى الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية خصم المعلوم الشهري من أجرة كل عون عمومي منخرط في إحدى المنظمات المذكورة وذلك بعد تقديم مطلب كتابي من قبل العون المعني وإمضائه على المطبوعة التي تعدها المنظمة النقابية المعنية في الغرض. وهو إجراء كان يحتكره لسنوات الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا.
وبالتوازي مع ذلك تتم مواصلة خلق هياكل موازية وإضعاف التمثيلية النقابية الأهم وصدر في الرائد الرسمي الأخير في خضم تحركات نقابة التعليم الثانوي والمعلمين والأساتذة النواب وعدم المباشرة وحجب الأعداد، يوم 15 فيفري الجاري الإعلان عن بعث منظمة نقابية لمعلمي وأساتذة التعليم الابتدائي وأساتذة التعليم الثانوي بجميع أصنافهم تحت مسمى "النقابة الوطنية للتعليم بتونس" ومقرها الكبارية من ولاية تونس.  
وبالتوازي مع صراع المواقع والتمثيليات، تتخذ الحكومة هذه المرة في تعاملها مع الاحتجاجات والتحركات التصعيد والهروب الى الأمام وعوض التفاوض والبحث عن الحلول يكون ردها على تحرك جامعة النقل الدخول في التقاضي، عبر إيقاف كاتب عام نقابة شركة تونس للطرقات السيارة ومتابعة 16 آخرين منهم قضائيا وهي الضربة الأعنف التي توجهها حكومة ما بعد سنة 2011 للاتحاد العام التونسي للشغل على ما شاب علاقاته مع الحكومات المتعاقبة منة توتر وعدم استقرار..
رسائل لم تتغافل قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل عنها وبعثت بردودها، واحدا واحدا، سواء عبر تصريحات أمينه العام نور الدين الطبوبي وبقية القيادات التي أكدت جميعها أن أساليب الترهيب والتخويف والزج بالقضاء في الخلاف الحكومي النقابي لن يحيد الاتحاد العام التونسي للشغل عن الشأن العام ومصلحة البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وبرنامج الإنقاذ الوطني الذي دعا له، أو يثني المنظمة الشغيلية عن مواصلة نضالاتها وتحركاتها من اجل الحصول على مستحقات وامتيازات جديدة لمنظوريها. أو عبر توجه الاتحاد العام للشغل الى التعبئة ومزيد الالتفاف عبر تنظيم اجتماعات وتجمعات مع مختلف تمثيلياته الجهوية والقطاعية. والبداية كانت باجتماع عام جهوي في ولاية قبلي السبت الماضي لتلحقه أمس السبت 8 تجمعات وتحركات جهوية أخرى في كل من توزر وصفاقس ونابل وبنزرت وسيدي بوزيد والقصرين وسوسة والمنستير.. ليكون السبت القادم موعد تجمعات في 15 ولاية المتبقية.. وتتوج سلسلة هذه التحركات الجهوية بتحرك وطني يوم 11 مارس القادم وسط العاصمة تونس.
وتأتي هذه التحركات حسب الأمين العام المساعد المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، في إطار الاستجابة أو الترجمة لقرارات الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل وتتضمن 3 محاور كبرى، وهي الدفاع عن الحق النقابي، والتنديد بالهجمة على اتحاد الشغل، ثم الدفاع عن حق التونسيين ومقدرتهم الشرائية بعد الرفع الجزئي للدعم عن السلع الأساسية، وثالثاً دعم مبادرة الاتحاد في ما يتعلق بالحوار الوطني.
ووضع الطاهري جملة رسائل الرئيس والحكومة في إطار ما اعتبره "مقايضة" وفسر في تصريحه لأحد المواقع "بمعنى إما أن يعدل الاتحاد عن المبادرة، وعن نقد الانحرافات التي وقعت في مسار 25 جويلية 2021، أو كما يروج بعض أنصار الرئيس، حل الاتحاد، في هجوم على الاتحاد يذكرنا بأزمات الفترات السابقة."  وهو أيضا "محاولة لمواصلة تفكيك الدولة والهيمنة عليها وتمكين الرئيس من سلطات مطلقة لا حدود لها، وبالتالي أي قوة اجتماعية أو سياسية تحاول التصدي لذلك المشروع سيتم الاعتداء عليها ومحاولة ضربها".
واعتبر سامي الطاهي في نفس الحوار أن ضرب الاتحاد أو حله، يتنزل في إطار "هلوسة من السلطة من أجل السيطرة على الحكم نهائياً.. وهذه الهلوسة لم يعد من الممكن تحقيقها بعد 2011، فلا عودة إلى الاستبداد وللحكم الفردي، وفي ضرب الاتحاد ضرب لوحدة تونس."
واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل عبر عنوان غلاف الجريدة الناطقة باسمه "الشعب" الأسبوع الماضي، أن ما يقع بينه وبين السلطة الرسمية "حرب"، رغم أن قراءات للوضع العام تعتبر أن المنظمة الشغيلة ورغم اعتماد خيار عدم المواجهة في خلافها مع الحكومة ورئاسة الجمهورية إلا أنها كانت تعلم أن المواجهة لا مفر منها وان قيس سعيد لا يؤمن بالوسائط ومسألة محاولاته تضييق و"تحجيم" دور الاتحاد وإخراجه من الشأن الوطني لن تنتهي وبالتالي فكل ردوده في الفترة القادمة ستكون مبنية على هذا الأساس.
وتكشف في نفس الوقت قراءات أخرى عن تخوفاتها من هذا الصراع أو الحرب المعلنة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطة ممثلة في رئاسة الجمهورية والحكومة، باعتبار حجم كل منهما معتبرين انها مواجهة قادرة على تعديل الأمور والدفع بها نحو التصحيح وإيجاد الحلول المشتركة كما انها في نفس الوقت يمكن ان تكون اعادة لسيناريوهات سابقة سجلها التاريخ بين الطرفين وانطلاقة لانحرافات كبيرة من شانها مزيد تقسيم التونسيين، وإضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما كان القوة المعدلة أمام السلطة في مختلف انحرافاتها وتمثيلياتها..
 
 ريم سوودي