إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خفت الضجيج واختفت "الرموز" .. المعارضة تنحني للعاصفة .. !

 
 
تونس – الصباح
بعد انتخابات البرلمان الأخيرة وبعد تسجيل نسب عزوف قياسية، حاولت المعارضة بكل أطيافها الاستثمار في هذا الفشل الشعبي لمنظومة 25 جويلية ودفعت باتجاه خلق مبادرات سياسية تجمّع الفرقاء وتحشد الدعم الشعبي الى القوى المعارضة للمسار من أحزاب ونشطاء. وقد بدأت تتشكّل مبادرات جدية تقودها شخصيات سياسية مستقلة وكذلك أتت مبادرة المنظمات الوطنية، اتحاد الشغل وعمادة المحامين والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ..
ولكن في الوقت الذي راهن البعض على هذه المبادرات السياسية والمدنية لخلق ديناميكية وحركية في المشهد السياسي وتقريب وجهات النظر بين الرئيس قيس سعيد الذي يمضي قدما في مشروعه السياسي دون اكتراثه لمواقف خصومه وبين قوى المعارضة التي تتمسّك برفض مسار 25 جويلية، أتت مستجدات قلبت المعادلة نهائيا وأخفتت صوت المعارضة وهذه المستجدات لم تكن إلا الإيقافات الأخيرة التي أربكت المشهد السياسي والوطني وطرحت عدة أسئلة بشان العلاقة السياسية التي يفترض أن تكون بين السلطة والمعارضة .
 
إيقافات وأسئلة ..
يجمع أغلب المحامين الذي ينوبون في قضايا الإيقافات الأخيرة أن منوبيهم تم سؤالهم عن مواقفهم السياسية من السلطة وأن هناك إيقافات تمت على خلفية تلك الآراء أو على خلفية اجتماعات عقدتها بعض رموز المعارضة بغاية النظر في مصير السلطة السياسية القائمة، ولئن لم تقدم الى اليوم الأجهزة الرسمية روايتها للأحداث ولا لأسباب هذه الإيقافات إلا أن رئيس الجمهورية يصرّ على كون خصومه يتآمرون عليه ويحاولون الاستقواء بالأجنبي بمقابلة السفراء والشخصيات الديبلوماسية من أجل تغيير هيئة الحكم .
وهذا الموقف من رئيس الجمهورية يرى البعض أن فيه الكثير من المبالغة لأن مقابلة السفراء أو الالتقاء ببعضهم ليس جريمة وأن انشغال بعض المنظمات الدولية او بعض القوى الإقليمية او الدولية ليس فيه تهديد للسيادة الوطنية بل هو أمر معمول به في أغلب دول العالم، حيث لا يمكن لدولة أن تتقوقع على نفسها دون معرفة ما يجري داخلها ودون أن يكون لهذا العالم موقف مما يجري خاصة اذا تعلق الأمر بمسألة الحريات والحقوق والالتزام بالإجراءات والتي تجد لها مناصرين في كل مكان من العالم .
في المقابل فان أغلب القوى السياسية المعارضة يبدو أنها اليوم ومع تواصل سلسة الإيقافات قد بدأت تنحني للعاصفة ، حيث غابت الاحتجاجات في الشارع في الأسابيع الأخيرة وخفتت الأصوات السياسية والمواقف للكثير من الرموز والشخصيات وحتى الندوات الصحفية التي يتم عقدها فإنها للتعبير عن مواقف من هذه الإيقافات وليس للتداول في الشأن السياسي وإيجاد بدائل حقيقة للوضع الذي بدا يتعقّد أكثر خاصة وأن رئيس الجمهورية قيس سعيد يتمسّك برفض الحوار ولا يكترث الى الدعوات المتكررة من مختلف الأطراف للحوار ولإيجاد حلول للأزمة التي تصرّ عليها المعارضة وتفنّدها السلطة .
ولعل أسوأ ما في الأزمة الراهنة أنها منحت شرعية لمواقف دولية حتى تكون موجودة ويتم تداولها، سواء من طرف المنتظم الأممي أو حتى من طرف سفارات ودول أجنبية تتفق اليوم أن هناك مخاطر حقيقية في بلادنا تهدد الديمقراطية والحريات والحقوق، وهذه المواقف الدولية سيكون لها حضور في علاقة بالوضع الاقتصادي المنهار الذي ما زال الى اليوم تحت رحمة صندوق النقد الدولي والجهات المانحة في حين تعوّل الدولة على القروض والهبات لتجاوز وضعية مالية صعبة وعجز في الموازنة العامة وشح في الموارد وارتفاع في الأسعار وافتقاد للكثير من المواد الاستهلاكية.
وإذا كانت منظومة قيس سعيد تحاول اليوم التقليل من حجم المخاطر إلا ان ذلك لا ينفيها.. في المقابل فان المعارضة ومن خلال مختلف قواها الوازنة بلغت درجة غير مسبوقة من الوهن وباتت عاجزة تماما عن مواجهة السلطة لا بأدوات الحوار ولا بآليات الانتفاض ضد قراراتها وحشد الدعم الشعبي، هذا بالإضافة الى كون وجود شخصيات سياسية اليوم في السجن وبتهم مختلفة تؤكد المعارضة أنها ملفقة وتتمسك السلطة بقانونيتها أضعف هذه المعارضة أكثر من ذي قبل .
 
منية العرفاوي
 
 
  خفت الضجيج واختفت "الرموز" .. المعارضة تنحني للعاصفة .. !
 
 
تونس – الصباح
بعد انتخابات البرلمان الأخيرة وبعد تسجيل نسب عزوف قياسية، حاولت المعارضة بكل أطيافها الاستثمار في هذا الفشل الشعبي لمنظومة 25 جويلية ودفعت باتجاه خلق مبادرات سياسية تجمّع الفرقاء وتحشد الدعم الشعبي الى القوى المعارضة للمسار من أحزاب ونشطاء. وقد بدأت تتشكّل مبادرات جدية تقودها شخصيات سياسية مستقلة وكذلك أتت مبادرة المنظمات الوطنية، اتحاد الشغل وعمادة المحامين والمنتدى الاقتصادي والاجتماعي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ..
ولكن في الوقت الذي راهن البعض على هذه المبادرات السياسية والمدنية لخلق ديناميكية وحركية في المشهد السياسي وتقريب وجهات النظر بين الرئيس قيس سعيد الذي يمضي قدما في مشروعه السياسي دون اكتراثه لمواقف خصومه وبين قوى المعارضة التي تتمسّك برفض مسار 25 جويلية، أتت مستجدات قلبت المعادلة نهائيا وأخفتت صوت المعارضة وهذه المستجدات لم تكن إلا الإيقافات الأخيرة التي أربكت المشهد السياسي والوطني وطرحت عدة أسئلة بشان العلاقة السياسية التي يفترض أن تكون بين السلطة والمعارضة .
 
إيقافات وأسئلة ..
يجمع أغلب المحامين الذي ينوبون في قضايا الإيقافات الأخيرة أن منوبيهم تم سؤالهم عن مواقفهم السياسية من السلطة وأن هناك إيقافات تمت على خلفية تلك الآراء أو على خلفية اجتماعات عقدتها بعض رموز المعارضة بغاية النظر في مصير السلطة السياسية القائمة، ولئن لم تقدم الى اليوم الأجهزة الرسمية روايتها للأحداث ولا لأسباب هذه الإيقافات إلا أن رئيس الجمهورية يصرّ على كون خصومه يتآمرون عليه ويحاولون الاستقواء بالأجنبي بمقابلة السفراء والشخصيات الديبلوماسية من أجل تغيير هيئة الحكم .
وهذا الموقف من رئيس الجمهورية يرى البعض أن فيه الكثير من المبالغة لأن مقابلة السفراء أو الالتقاء ببعضهم ليس جريمة وأن انشغال بعض المنظمات الدولية او بعض القوى الإقليمية او الدولية ليس فيه تهديد للسيادة الوطنية بل هو أمر معمول به في أغلب دول العالم، حيث لا يمكن لدولة أن تتقوقع على نفسها دون معرفة ما يجري داخلها ودون أن يكون لهذا العالم موقف مما يجري خاصة اذا تعلق الأمر بمسألة الحريات والحقوق والالتزام بالإجراءات والتي تجد لها مناصرين في كل مكان من العالم .
في المقابل فان أغلب القوى السياسية المعارضة يبدو أنها اليوم ومع تواصل سلسة الإيقافات قد بدأت تنحني للعاصفة ، حيث غابت الاحتجاجات في الشارع في الأسابيع الأخيرة وخفتت الأصوات السياسية والمواقف للكثير من الرموز والشخصيات وحتى الندوات الصحفية التي يتم عقدها فإنها للتعبير عن مواقف من هذه الإيقافات وليس للتداول في الشأن السياسي وإيجاد بدائل حقيقة للوضع الذي بدا يتعقّد أكثر خاصة وأن رئيس الجمهورية قيس سعيد يتمسّك برفض الحوار ولا يكترث الى الدعوات المتكررة من مختلف الأطراف للحوار ولإيجاد حلول للأزمة التي تصرّ عليها المعارضة وتفنّدها السلطة .
ولعل أسوأ ما في الأزمة الراهنة أنها منحت شرعية لمواقف دولية حتى تكون موجودة ويتم تداولها، سواء من طرف المنتظم الأممي أو حتى من طرف سفارات ودول أجنبية تتفق اليوم أن هناك مخاطر حقيقية في بلادنا تهدد الديمقراطية والحريات والحقوق، وهذه المواقف الدولية سيكون لها حضور في علاقة بالوضع الاقتصادي المنهار الذي ما زال الى اليوم تحت رحمة صندوق النقد الدولي والجهات المانحة في حين تعوّل الدولة على القروض والهبات لتجاوز وضعية مالية صعبة وعجز في الموازنة العامة وشح في الموارد وارتفاع في الأسعار وافتقاد للكثير من المواد الاستهلاكية.
وإذا كانت منظومة قيس سعيد تحاول اليوم التقليل من حجم المخاطر إلا ان ذلك لا ينفيها.. في المقابل فان المعارضة ومن خلال مختلف قواها الوازنة بلغت درجة غير مسبوقة من الوهن وباتت عاجزة تماما عن مواجهة السلطة لا بأدوات الحوار ولا بآليات الانتفاض ضد قراراتها وحشد الدعم الشعبي، هذا بالإضافة الى كون وجود شخصيات سياسية اليوم في السجن وبتهم مختلفة تؤكد المعارضة أنها ملفقة وتتمسك السلطة بقانونيتها أضعف هذه المعارضة أكثر من ذي قبل .
 
منية العرفاوي