رغم اختلاف السياقات والملابسات إلا أن كثيرين سارعوا للمقارنة بين حملة الإيقافات الأخيرة التي يعيش على وقعها الرأي العام وبين حملة مشابهة تقريبا خاضها في 2017 رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.
ولعل وجه الشبه بين الأمس واليوم يكمن في مستويين اثنين على الأقل. الأول، موضوع التهم محور الإيقافات، استنادا إلى ما توفر من معطيات إلى حد اللحظة، ومن بينها التآمر على أمن الدولة والفساد والعبث بالدولة. والثاني ،تشابه في صفات الموقفين مراوحة بين رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين.
صرح رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس مباشرة من مقر وزارة الداخلية بشأن الإيقافات الأخيرة قائلا 'إنهم يتآمرون على أمن الدولة ويُخططون ويُعِدون لاغتيال رئيس الدولة وهو تحت حماية الأمن'.
وتحدث سعيد عن ضرورة إنقاذ تونس وعن ضرورة القضاء على العبث وإنقاذ الشعب من المجرمين مشددا على أن 'سيادة تونس ليست للبيع وليست موضوعة في بورصة من البورصات التي تم تهريب إليها الأموال'.على حد تعبيره.
يذكر أن من بين الأسماء التي شملتها حملة الإيقافات التي يقودها رئيس الجمهورية، نجد رجل الأعمال كمال لطيف ومجموعة من السياسيين على غرار خيام التركي ونور الدين البحيري إلى جانب الإعلامي ومدير إذاعة موزاييك نور الدين بوطار والتطورات متواصلة في علاقة بالإيقافات الجديدة بعد الحديث أمس عن إيقاف النائي السابق وليد جلاد.
وقد صرح أمس المتحدث باسم حراك 25 جويلية ،المساند لرئيس الجمهورية، محمود بن مبروك بأن " الإيقافات الأخيرة التي نفذها النظام الحاكم ضد مجموعة من رجال الأعمال والسياسيين توفرت بشأنها معطيات وتقارير أمنية بينها التآمر على أمن الدولة والعمل على إسقاط الرئيس قيس سعيد والانقلاب عليه وعزله عن طريق تأجيج الاحتجاجات الشعبية ضد ارتفاع الأسعار وشح المواد الأساسية في السوق".
واعتبر بن مبروك أن الإيقافات" تمت في إطار مطلب شعبي يتمثل في المحاسبة" على حد قوله.
ما أشبه الأمس باليوم
وبالعودة إلى حملة إيقافات 2017 ،يتذكر الجميع حينها تصريح الشاهد الشهير في 2017 عندها قال انه في الحرب على الفساد لا توجد خيارات "يا الفساد يا تونس وانا اخترت تونس" وذلك تعليقا منه على انطلاق حملة إيقافات ومصادرة أصولات شملت رجال أعمال في مقدمتهم شفيق جراية إلى جانب مجموعة أخرى وطالت الحملة تباعا أمنيين وسياسيين منهم سليم الرياحي وكذلك إعلاميون على غرار سمير الوافي وغيرهم.
ففي 23 ماي 2017 تم إلقاء القبض على شفيق جراية بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة". روج اثرها أن الإيقاف في علاقة بالزيارة التي كان قد قام بها جراية قبل أسبوع إلى جنيف، والاشتباه " بأن يكون قد عمل خلالها على عقد صفقات لإرسال أسلحة إلى المجموعات الإسلامية في ليبيا" استنادا لما تداولته مصادر إعلامية.
تم أيضا إيقاف رجل الأعمال ياسين الشنوفي، المرشح السابق للرئاسة، إلى جانب مجموعة من رجال الأعمال وضابط في الديوانة بتهم "الفساد واختلاس الأموال وتعريض أمن الدولة للخطر".
وتتالت الإيقافات اثر ذلك بعد اعتقال صابر العجيلي، مدير عام الأمن السياحي، "للاشتباه في امتلاكه روابط مع جراية" وتم أيضا إيقاف الإعلامي سمير الوافي.
كما تم تجميد الأصول المالية لعدد من رجال الأعمال من بينهم سليم الرياحي مؤسس ورئيس الاتحاد الوطني الحر حينها والمرشح للانتخابات الرئاسية 2014.
تشكيك في الأهداف
ورغم ما لاقته حملة الشاهد حينها من تأييد كبير من أحزاب ومجتمع مدني والرأي العام إلا أنه سرعان ما تحولت المساندة إلى اتهامات بأن محاربة الفساد والاتهامات الموجهة حول التأمر على أمن الدولة والإيقافات والوضع تحت الإقامة الجبرية ومصادرة الأصول كانت غايتها تصفية خصوم سياسيين .
الامر يعيد نفسه اليوم في ظل اتهام الرئيس قيس سعيد بالبحث عن تصفية الخصوم السياسيين وتوظيف الحدث سياسيا وشعبيا.
فقد صرح بهذا الصدد المحامي غازي الشواشي، عضو هيئة الدفاع عن الناشط السياسي خيّام التركي،واعتبر أن ما حصل هو "عملية استعراضية الغاية منها إلهاء الرأي العام، وهي محاولة مكشوفة لترهيب المعارضين".
قالت أيضا رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، ان "التعويم واللبس المحيط بالإيقافات الأخير لا يخدم الا الفساد والفاسدين ويساهم في صنع بطولات جديدة لهم، وتبييض الإخوان" وفق تعبيرها.
وحذرت موسي في تصريح إذاعي أمس ان "مخالفة الاجراءات القانونية في الايقافات والمحاكمات يساهم في تعويم مكافحة الفساد والتطبيع معه".
بدورها أصدرت منظمة أنا يقظ بيان اثر الإيقافات الأخيرة تضمن توجسا من الحملة وأهدافها وأشارت إلى أن "المحاسبة ومكافحة الفساد" شعار طالما رفعته الحكومات السابقة الّتي شنّت الحروب وأطلقت الحملات، الّتي تبيّنت أنّها كانت مطيّة لتصفية خصومها على الساحة السياسيّة والإعلاميّة، حيث لن تقنعنا الحروب "السعيديّة" الّتي شنت على قياديي الأحزاب ورجال الأعمال والإعلاميين بنيّة النظام في مكافحة الفساد والحال أنّ الدولة أوصدت أبوابها بقرار سياسي أمام المبلّغين عن الفساد منذ 20 أوت 2021، تاريخ غلق مقرّات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد".
م.ي
تونس-الصباح
رغم اختلاف السياقات والملابسات إلا أن كثيرين سارعوا للمقارنة بين حملة الإيقافات الأخيرة التي يعيش على وقعها الرأي العام وبين حملة مشابهة تقريبا خاضها في 2017 رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.
ولعل وجه الشبه بين الأمس واليوم يكمن في مستويين اثنين على الأقل. الأول، موضوع التهم محور الإيقافات، استنادا إلى ما توفر من معطيات إلى حد اللحظة، ومن بينها التآمر على أمن الدولة والفساد والعبث بالدولة. والثاني ،تشابه في صفات الموقفين مراوحة بين رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين.
صرح رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس مباشرة من مقر وزارة الداخلية بشأن الإيقافات الأخيرة قائلا 'إنهم يتآمرون على أمن الدولة ويُخططون ويُعِدون لاغتيال رئيس الدولة وهو تحت حماية الأمن'.
وتحدث سعيد عن ضرورة إنقاذ تونس وعن ضرورة القضاء على العبث وإنقاذ الشعب من المجرمين مشددا على أن 'سيادة تونس ليست للبيع وليست موضوعة في بورصة من البورصات التي تم تهريب إليها الأموال'.على حد تعبيره.
يذكر أن من بين الأسماء التي شملتها حملة الإيقافات التي يقودها رئيس الجمهورية، نجد رجل الأعمال كمال لطيف ومجموعة من السياسيين على غرار خيام التركي ونور الدين البحيري إلى جانب الإعلامي ومدير إذاعة موزاييك نور الدين بوطار والتطورات متواصلة في علاقة بالإيقافات الجديدة بعد الحديث أمس عن إيقاف النائي السابق وليد جلاد.
وقد صرح أمس المتحدث باسم حراك 25 جويلية ،المساند لرئيس الجمهورية، محمود بن مبروك بأن " الإيقافات الأخيرة التي نفذها النظام الحاكم ضد مجموعة من رجال الأعمال والسياسيين توفرت بشأنها معطيات وتقارير أمنية بينها التآمر على أمن الدولة والعمل على إسقاط الرئيس قيس سعيد والانقلاب عليه وعزله عن طريق تأجيج الاحتجاجات الشعبية ضد ارتفاع الأسعار وشح المواد الأساسية في السوق".
واعتبر بن مبروك أن الإيقافات" تمت في إطار مطلب شعبي يتمثل في المحاسبة" على حد قوله.
ما أشبه الأمس باليوم
وبالعودة إلى حملة إيقافات 2017 ،يتذكر الجميع حينها تصريح الشاهد الشهير في 2017 عندها قال انه في الحرب على الفساد لا توجد خيارات "يا الفساد يا تونس وانا اخترت تونس" وذلك تعليقا منه على انطلاق حملة إيقافات ومصادرة أصولات شملت رجال أعمال في مقدمتهم شفيق جراية إلى جانب مجموعة أخرى وطالت الحملة تباعا أمنيين وسياسيين منهم سليم الرياحي وكذلك إعلاميون على غرار سمير الوافي وغيرهم.
ففي 23 ماي 2017 تم إلقاء القبض على شفيق جراية بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة". روج اثرها أن الإيقاف في علاقة بالزيارة التي كان قد قام بها جراية قبل أسبوع إلى جنيف، والاشتباه " بأن يكون قد عمل خلالها على عقد صفقات لإرسال أسلحة إلى المجموعات الإسلامية في ليبيا" استنادا لما تداولته مصادر إعلامية.
تم أيضا إيقاف رجل الأعمال ياسين الشنوفي، المرشح السابق للرئاسة، إلى جانب مجموعة من رجال الأعمال وضابط في الديوانة بتهم "الفساد واختلاس الأموال وتعريض أمن الدولة للخطر".
وتتالت الإيقافات اثر ذلك بعد اعتقال صابر العجيلي، مدير عام الأمن السياحي، "للاشتباه في امتلاكه روابط مع جراية" وتم أيضا إيقاف الإعلامي سمير الوافي.
كما تم تجميد الأصول المالية لعدد من رجال الأعمال من بينهم سليم الرياحي مؤسس ورئيس الاتحاد الوطني الحر حينها والمرشح للانتخابات الرئاسية 2014.
تشكيك في الأهداف
ورغم ما لاقته حملة الشاهد حينها من تأييد كبير من أحزاب ومجتمع مدني والرأي العام إلا أنه سرعان ما تحولت المساندة إلى اتهامات بأن محاربة الفساد والاتهامات الموجهة حول التأمر على أمن الدولة والإيقافات والوضع تحت الإقامة الجبرية ومصادرة الأصول كانت غايتها تصفية خصوم سياسيين .
الامر يعيد نفسه اليوم في ظل اتهام الرئيس قيس سعيد بالبحث عن تصفية الخصوم السياسيين وتوظيف الحدث سياسيا وشعبيا.
فقد صرح بهذا الصدد المحامي غازي الشواشي، عضو هيئة الدفاع عن الناشط السياسي خيّام التركي،واعتبر أن ما حصل هو "عملية استعراضية الغاية منها إلهاء الرأي العام، وهي محاولة مكشوفة لترهيب المعارضين".
قالت أيضا رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، ان "التعويم واللبس المحيط بالإيقافات الأخير لا يخدم الا الفساد والفاسدين ويساهم في صنع بطولات جديدة لهم، وتبييض الإخوان" وفق تعبيرها.
وحذرت موسي في تصريح إذاعي أمس ان "مخالفة الاجراءات القانونية في الايقافات والمحاكمات يساهم في تعويم مكافحة الفساد والتطبيع معه".
بدورها أصدرت منظمة أنا يقظ بيان اثر الإيقافات الأخيرة تضمن توجسا من الحملة وأهدافها وأشارت إلى أن "المحاسبة ومكافحة الفساد" شعار طالما رفعته الحكومات السابقة الّتي شنّت الحروب وأطلقت الحملات، الّتي تبيّنت أنّها كانت مطيّة لتصفية خصومها على الساحة السياسيّة والإعلاميّة، حيث لن تقنعنا الحروب "السعيديّة" الّتي شنت على قياديي الأحزاب ورجال الأعمال والإعلاميين بنيّة النظام في مكافحة الفساد والحال أنّ الدولة أوصدت أبوابها بقرار سياسي أمام المبلّغين عن الفساد منذ 20 أوت 2021، تاريخ غلق مقرّات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد".