- السلطة تريد جر الاتحاد لمربع التصادم ومربع الانفعال وردود الفعل
- صندوق النقد الدولي سيربت على أكتاف هذه الحكومة ويقول لها بكل تودد بأنها حكومة نجيبة وتنفذ التعليمات
*تصريحات مديرة صندوق النقد تعني أن الحكومة رضخت لتعليماتها
قال الناطق الرسمي للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في حديث لـ"الصباح" ("الصباح نيوز") أن المنظمة الشغيلة مع المحاسبة الحقيقية في الملفات الكبرى إلا أن ما يقع لآن ليس محاسبة بل هو استعراض لإلهاء الناس عن بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية وإنسائهم "لطخة" الانتخابات.
وأضاف الطاهري أن الاتحاد سيمارس ضغطا لإجبار السلطة للاستماع الى 90 في المائة من الذين قالوا في الانتخابات الأخيرة "لا" لهذا المسار.
وأكد الطاهري أن الاتحاد لا يبحث عن التصادم مع السلطة.. برغم من مناوشات السلطة لجر الاتحاد لمربع التصادم ومربع الانفعال وردود الفعل نحن لا نبحث عن ذلك ونحن نأمل أن تحل كل الأمور بالحوار.
وأقر الطاهري بوجود رغبة من بعض الأطراف السياسية في المعارضة بأن يكون الاتحاد هو قاطرة التحرك لوقف مسار الانهيار الاقتصادي والسياسي.. ولكن الاتحاد متمسك باستقلالية قراره.
وفي التالي نص الحوار:
حاوره: نزار مقني
*بعد البيان الأخير للمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل.. كيف ستكون التحركات القادمة للمنظمة الشغيلة؟
التحركات انطلقت منذ الأسبوع الفارط.. وستكون هناك تحركات في 9 جهات هذا الأسبوع انطلاقا من يوم السبت في صفاقس والمنستير وبنزرت ونابل وتوزر وسيدي بوزيد وجندوبة وستكون كلها في إطار تجمعات ومسيرات بمراكز الولايات.. ترفع خلالها شعارات متعلقة بالدفاع عن قوت التونسيين أمام غلاء المعيشة ورفع الدعم وزيادة الأسعار ووقف الانتدابات والتفقير وأيضا دفاعا عن الاتحاد إزاء الهجمة الموجودة والاعتقالات والقضايا الملفقة للنقابيين ودعم مبادرة الاتحاد للحوار لأن البلاد تعيش أزمة وانغلق فيها أي تفاعل ويسودها التوتر وكثير من التشنج.. وهذا الحوار لن يكون إلا وسيلة للخروج من هذه الأزمة وتخفيض منسوب التوتر والحدة الموجودة.
والأسبوع القادم يوم 25 فيفري سيكون للجهات التي ستقوم بتجمعات وتتوج هذه التظاهرات يوم 4 مارس القادم بالعاصمة والتي تخص إقليم تونس.
*حسب الخطاب المتصاعد من قبل السلطة اليوم فانه لا يوجد تغيير لموقفها "المعادي" لأي حوار وطني.. كيف سيتمكن الاتحاد وشركاؤه من جلب السلطة لهذا الحوار؟
دور المجتمع المدني بصفة عامة يكمن في أنه قوة ضغط وتعديل وتوازن وما يمكن أن يعرف به بأنه سلطة مضادة.. وإذا كانت السلطة الحالية ممعنة في التمشي الأحادي وإقصاء الرأي المخالف وضرب المعارضين والتضييق على حرية التعبير والصحافة وكل الحريات العامة والفردية والحقوق.. فانه بصفة عامة فإننا سنمارس ضغطنا بما يكفي لإجبار هذه الحكومة وهذه السلطة من رأس حكومتها الى أجهزتها للاستماع الى 90 في المائة من الذين قالوا في الانتخابات الأخيرة "لا" لهذا المسار.. وامتنعوا عن الانخراط فيه ولم يعطوا له أي مشروعية أو شرعية وكل ما يقتضيه الأمر لإنقاذ تونس ولتجنب أي تصادم وللخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار سنقوم به كاتحاد وكأصدقاء في المجتمع المدني والجمعيات والمنظمات الموجودة في البلاد والتي كان لها دور سابق في تجنيب البلاد الاحتراب والاقتتال والفوضى يمكنها الآن أيضا رغم صعوبة الظرف وطبيعة هذه السلطة الاستثنائية بدرجة كبيرة والتي لها نزوع للاستبداد أن تخرجها من هذه الوضعية وأن تقول لا لعودة الاستبداد.
*إذن ننتظر في الأسابيع القليلة القادمة وبعد صدور الصيغة النهائية للمبادرة أن يكون هناك تصادم بين المجتمع المدني وخاصة الاتحاد والسلطة القائمة؟
نحن لا نبحث عن التصادم. برغم مناوشات السلطة من هنا وهناك تريد جر الاتحاد لمربع التصادم ومربع الانفعال وردود الفعل نحن لا نبحث عن ذلك ونحن نأمل أن تحل كل الأمور بالحوار وضرورة فرض الحوار وإجبار السلطة على أن تستمع الى شعبها والى المجتمع المدني الحي وتتنازل عن علوائها وكبريائها وتقوم بمراجعات.
أنا لا أريد أن أفكر في سيناريوهات حول "إذا لم تتنازل السلطة ماذا سنفعل؟" طبعا نتوقعه.. لكن نريد تجنبه أكثر ما يمكن.
*مؤخرا مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا في قمة الحكومات في دبي.. أشارت الى انه في الأسابيع القليلة القادمة تونس ستتحصل على القرض الذي طلبته من الصندوق.. كيف قرأتم هذا التصريح خاصة بعد تعديل قانون عدد 9 لسنة 1989 والمتعلّق بالمساهمات والمنشآت والمؤسّسات العموميّة؟
بداية نحن لا نتمنى ألا تحصل تونس على قروض وألا تخرج من أزمتها المالية والاقتصادية حتى لا تتهمنا الحكومة بتعطيل مصالح البلاد ولا تطلق جزافا تهم الخيانة كما تفعل الآن وخاصة رأس السلطة..
لكن في نفس الوقت نتوجس خيفة من هذه التصريحات اذ أنه يدل على أن صندوق النقد الدولي وجد فيما تفعله الحكومة من خلال المرور بقوة في بعض الإجراءات التي تقوم بها مثل رفع الدعم بنسبة 33 في المائة في قانون المالية 2023 و20.5 في المائة بالنسبة للمواد الطاقية ومرورها بقوة في المصادقة على القانون عدد 9 لسنة 1989 الخاص بالمساهمات العمومية ولا ندري لحد الآن فحوى هذا التنقيح.. والذي يبدو أن له نفس الروح وهي روح التفويت والخوصصة.. فنعتقد أن صندوق النقد الدولي كما نعرفه صندوق لا يبحث إلا على أمواله وعلى ضمانات أمواله سيربت على أكتاف هذه الحكومة ويقول لها بكل تودد بأنها حكومة نجيبة وتسمعين الكلام وتنفذ التعليمات وهذا بطبيعة الحال مخوف على مصير تونس.. فرفع الدعم في ظل أزمة وعدد زيادة الأجور وضعف رؤية تعويض هذه الخسارة التي ستصيب جيوب الأجراء وعموم التونسيين والمؤسسات نفسها (رفع الدعم عن الطاقة سيضر المؤسسات)..
في ظل كل هذا نحن نعتقد أننا ذاهبون الى سيناريو أعمق من أزمة لبنان وإذا كان اليوم اللبنانيون غير قادرين على سحب أموالهم المودعة في البنوك سنجد أن تونس بكل مكوناتها من دولة وشعب ستذهب نحو الإفلاس.. فهذه السياسات الخرقاء التي اعتمدتها هذه الحكومة لا تختلف بتاتا مع سياسات الحكومات السابقة.. فهذه الحكومة استغلت الظرف الاستثنائي ومرت بقوة باتجاه فرض خيارات لا سلطة للشعب عليها ولا رغبة له فيها بل بالعكس ستضر التونسيين وستؤدي لدمار كبير على المستوى الاجتماعي.
*في علاقة بالأزمة السياسية اليوم كثيرون يرون أن هناك مقولة تشير الى أن المعارضة تريد أن يكون اتحاد الشغل هو رأس الحربة في المعركة السياسية ضد رئيس الجمهورية.. فهل أن هذه المقولة صحيحة أم أن الاتحاد مازال ملتزما بالاتجاه الثالث الذي سطره منذ سبتمبر 2021؟
الأكيد هناك رغبة من بعض الأطراف في المعارضة بأن يكون الاتحاد هو قاطرة التحرك لوقف مسار الانهيار الاقتصادي والسياسي الموجود في البلاد وهو أمر مستمد من مشروعية لدى الاتحاد الذي كان قاطرة لإنقاذ تونس.. لكن نحن عبرنا في كثير في المرات على أن قرار المنظمة مستقل وأن نحدد موقفنا وآلياتنا ووسائلنا للتصدي لهذا الانحدار الذي تعيش فيه تونس منذ 25 جويلية وفق إرادة هياكلنا وقواعدنا..
ففكرة أن نظل على نفس المسافة من الجميع فيها جانب صحيح.. لكن في وضع الأزمة في تونس لا يمكن أن نكون محايدين.. في لحظة معينة لا بد أن نتجاوز هذا الوضع وهذا لا يعني لا تذيل للمعارضة ولا توظيف للاتحاد بقدر ما أنه إذا كانت هناك التقاءات على إنقاذ تونس ولكن في نفس الوقت على نقد ذاتي خاصة وأن في هذه المعارضة هناك من كان يحكم ومسؤول عما وصلنا إليه.. وما فعله مسار 25 جويلية أنه أضاف أزمة للأزمات المتتالية التي تعاني فيها تونس منذ 2011 الى الآن.. هم كذلك يجبوا أن يراجعوا أنفسهم وأن يواجهوا الشعب بحقيقتهم ومن أجرموا في العشرية السابقة فالإرهاب ولد في ظل حكومة الترويكا وظل حكومة النداء والنهضة والانهيار الاقتصادي ولد في نفس هذه الفترة والفساد واستشراؤه وتفكك أجهزة الدولة.. وكان 25 جويلية هو الذي أضاف على هذه الحقبة بوتيرة أسرع.. لكنهم هم الذين يتحملوا المسؤولية وعليهم أن يواجهوا الشعب ويراجعوه لأن الـ90 في المائة الذين لم ينتخبوا لا يعني أنهم مع المعارضة بل هم ضد الكل لأن الكل مساهم في هذه الحقبة.
*الاتحاد إذن هو مع مبدأ المحاسبة الذي ترفعه السلطة اليوم وعلى الأقل مع هذه الإيقافات التي ترفع فوقها شعار المحاسبة؟
لا أحد ضد المحاسبة وما تفعله السلطة ليس محاسبة.. نحن لم نر قضايا حقيقية فهناك ناس لها مسؤولية سياسية في الفترة التي استشرى فيها الفساد وتم تسفير فيها آلاف التونسيات والتونسيين.. وآخرون قاموا بسرقة المال العام.. إذن لا بد من محاسبة..
لكن ما نشهده الآن ليس محاسبة على تلك الملفات بل على قضايا جانبية بل من يبحثون له عن قضية رشوة وهو مورط في أكثر من ذلك أو من يبحثون له عن قضية تدوينة أو تصريح في اجتماع وهو مورط في أكثر من ذلك.. المحاسبة القائمة الآن ليست المحاسبة التي بحث عنها التونسيون منذ 14 جانفي الى الآن بالعكس كل مرة يأتينا حاكم من الحكام يريد أن يرفع منسوب الثقة فيه يخاطب الشعب أنه سيحاسب ونرى بعض المشاهد الجانبية بأن يقبض على فلان أو فلان ونسمع أن أغلبهم يخرجون من السجون والإيقاف ويخرجون أبطالا وفيهم من يرفع شعار المظلومية ويصبح يطالب بالاعتذار وأن تعوضه الدولة جراء ما تعرض له.
المحاسبة الحقيقية تقوم على ملفات كبرى مثل الاغتيالات والإرهاب والتسفير وتفكيك أجهزة الدولة ولا بد بعد ذلك من تجاوز هذه المرحلة ونبدأ بالبناء..
ما يقع لآن ليس محاسبة بل هو استعراض لإلهاء الناس عن بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية وانسائهم "لطخة" الانتخابات وأيضا للتحضير لمرحلة قادمة من الانتخابات كالانتخابات الرئاسية في سنة 2024 واستحقاقات أخرى كثيرة.
- نحن مع المحاسبة.. ولكن
- السلطة تريد جر الاتحاد لمربع التصادم ومربع الانفعال وردود الفعل
- صندوق النقد الدولي سيربت على أكتاف هذه الحكومة ويقول لها بكل تودد بأنها حكومة نجيبة وتنفذ التعليمات
*تصريحات مديرة صندوق النقد تعني أن الحكومة رضخت لتعليماتها
قال الناطق الرسمي للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في حديث لـ"الصباح" ("الصباح نيوز") أن المنظمة الشغيلة مع المحاسبة الحقيقية في الملفات الكبرى إلا أن ما يقع لآن ليس محاسبة بل هو استعراض لإلهاء الناس عن بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية وإنسائهم "لطخة" الانتخابات.
وأضاف الطاهري أن الاتحاد سيمارس ضغطا لإجبار السلطة للاستماع الى 90 في المائة من الذين قالوا في الانتخابات الأخيرة "لا" لهذا المسار.
وأكد الطاهري أن الاتحاد لا يبحث عن التصادم مع السلطة.. برغم من مناوشات السلطة لجر الاتحاد لمربع التصادم ومربع الانفعال وردود الفعل نحن لا نبحث عن ذلك ونحن نأمل أن تحل كل الأمور بالحوار.
وأقر الطاهري بوجود رغبة من بعض الأطراف السياسية في المعارضة بأن يكون الاتحاد هو قاطرة التحرك لوقف مسار الانهيار الاقتصادي والسياسي.. ولكن الاتحاد متمسك باستقلالية قراره.
وفي التالي نص الحوار:
حاوره: نزار مقني
*بعد البيان الأخير للمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل.. كيف ستكون التحركات القادمة للمنظمة الشغيلة؟
التحركات انطلقت منذ الأسبوع الفارط.. وستكون هناك تحركات في 9 جهات هذا الأسبوع انطلاقا من يوم السبت في صفاقس والمنستير وبنزرت ونابل وتوزر وسيدي بوزيد وجندوبة وستكون كلها في إطار تجمعات ومسيرات بمراكز الولايات.. ترفع خلالها شعارات متعلقة بالدفاع عن قوت التونسيين أمام غلاء المعيشة ورفع الدعم وزيادة الأسعار ووقف الانتدابات والتفقير وأيضا دفاعا عن الاتحاد إزاء الهجمة الموجودة والاعتقالات والقضايا الملفقة للنقابيين ودعم مبادرة الاتحاد للحوار لأن البلاد تعيش أزمة وانغلق فيها أي تفاعل ويسودها التوتر وكثير من التشنج.. وهذا الحوار لن يكون إلا وسيلة للخروج من هذه الأزمة وتخفيض منسوب التوتر والحدة الموجودة.
والأسبوع القادم يوم 25 فيفري سيكون للجهات التي ستقوم بتجمعات وتتوج هذه التظاهرات يوم 4 مارس القادم بالعاصمة والتي تخص إقليم تونس.
*حسب الخطاب المتصاعد من قبل السلطة اليوم فانه لا يوجد تغيير لموقفها "المعادي" لأي حوار وطني.. كيف سيتمكن الاتحاد وشركاؤه من جلب السلطة لهذا الحوار؟
دور المجتمع المدني بصفة عامة يكمن في أنه قوة ضغط وتعديل وتوازن وما يمكن أن يعرف به بأنه سلطة مضادة.. وإذا كانت السلطة الحالية ممعنة في التمشي الأحادي وإقصاء الرأي المخالف وضرب المعارضين والتضييق على حرية التعبير والصحافة وكل الحريات العامة والفردية والحقوق.. فانه بصفة عامة فإننا سنمارس ضغطنا بما يكفي لإجبار هذه الحكومة وهذه السلطة من رأس حكومتها الى أجهزتها للاستماع الى 90 في المائة من الذين قالوا في الانتخابات الأخيرة "لا" لهذا المسار.. وامتنعوا عن الانخراط فيه ولم يعطوا له أي مشروعية أو شرعية وكل ما يقتضيه الأمر لإنقاذ تونس ولتجنب أي تصادم وللخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار سنقوم به كاتحاد وكأصدقاء في المجتمع المدني والجمعيات والمنظمات الموجودة في البلاد والتي كان لها دور سابق في تجنيب البلاد الاحتراب والاقتتال والفوضى يمكنها الآن أيضا رغم صعوبة الظرف وطبيعة هذه السلطة الاستثنائية بدرجة كبيرة والتي لها نزوع للاستبداد أن تخرجها من هذه الوضعية وأن تقول لا لعودة الاستبداد.
*إذن ننتظر في الأسابيع القليلة القادمة وبعد صدور الصيغة النهائية للمبادرة أن يكون هناك تصادم بين المجتمع المدني وخاصة الاتحاد والسلطة القائمة؟
نحن لا نبحث عن التصادم. برغم مناوشات السلطة من هنا وهناك تريد جر الاتحاد لمربع التصادم ومربع الانفعال وردود الفعل نحن لا نبحث عن ذلك ونحن نأمل أن تحل كل الأمور بالحوار وضرورة فرض الحوار وإجبار السلطة على أن تستمع الى شعبها والى المجتمع المدني الحي وتتنازل عن علوائها وكبريائها وتقوم بمراجعات.
أنا لا أريد أن أفكر في سيناريوهات حول "إذا لم تتنازل السلطة ماذا سنفعل؟" طبعا نتوقعه.. لكن نريد تجنبه أكثر ما يمكن.
*مؤخرا مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا في قمة الحكومات في دبي.. أشارت الى انه في الأسابيع القليلة القادمة تونس ستتحصل على القرض الذي طلبته من الصندوق.. كيف قرأتم هذا التصريح خاصة بعد تعديل قانون عدد 9 لسنة 1989 والمتعلّق بالمساهمات والمنشآت والمؤسّسات العموميّة؟
بداية نحن لا نتمنى ألا تحصل تونس على قروض وألا تخرج من أزمتها المالية والاقتصادية حتى لا تتهمنا الحكومة بتعطيل مصالح البلاد ولا تطلق جزافا تهم الخيانة كما تفعل الآن وخاصة رأس السلطة..
لكن في نفس الوقت نتوجس خيفة من هذه التصريحات اذ أنه يدل على أن صندوق النقد الدولي وجد فيما تفعله الحكومة من خلال المرور بقوة في بعض الإجراءات التي تقوم بها مثل رفع الدعم بنسبة 33 في المائة في قانون المالية 2023 و20.5 في المائة بالنسبة للمواد الطاقية ومرورها بقوة في المصادقة على القانون عدد 9 لسنة 1989 الخاص بالمساهمات العمومية ولا ندري لحد الآن فحوى هذا التنقيح.. والذي يبدو أن له نفس الروح وهي روح التفويت والخوصصة.. فنعتقد أن صندوق النقد الدولي كما نعرفه صندوق لا يبحث إلا على أمواله وعلى ضمانات أمواله سيربت على أكتاف هذه الحكومة ويقول لها بكل تودد بأنها حكومة نجيبة وتسمعين الكلام وتنفذ التعليمات وهذا بطبيعة الحال مخوف على مصير تونس.. فرفع الدعم في ظل أزمة وعدد زيادة الأجور وضعف رؤية تعويض هذه الخسارة التي ستصيب جيوب الأجراء وعموم التونسيين والمؤسسات نفسها (رفع الدعم عن الطاقة سيضر المؤسسات)..
في ظل كل هذا نحن نعتقد أننا ذاهبون الى سيناريو أعمق من أزمة لبنان وإذا كان اليوم اللبنانيون غير قادرين على سحب أموالهم المودعة في البنوك سنجد أن تونس بكل مكوناتها من دولة وشعب ستذهب نحو الإفلاس.. فهذه السياسات الخرقاء التي اعتمدتها هذه الحكومة لا تختلف بتاتا مع سياسات الحكومات السابقة.. فهذه الحكومة استغلت الظرف الاستثنائي ومرت بقوة باتجاه فرض خيارات لا سلطة للشعب عليها ولا رغبة له فيها بل بالعكس ستضر التونسيين وستؤدي لدمار كبير على المستوى الاجتماعي.
*في علاقة بالأزمة السياسية اليوم كثيرون يرون أن هناك مقولة تشير الى أن المعارضة تريد أن يكون اتحاد الشغل هو رأس الحربة في المعركة السياسية ضد رئيس الجمهورية.. فهل أن هذه المقولة صحيحة أم أن الاتحاد مازال ملتزما بالاتجاه الثالث الذي سطره منذ سبتمبر 2021؟
الأكيد هناك رغبة من بعض الأطراف في المعارضة بأن يكون الاتحاد هو قاطرة التحرك لوقف مسار الانهيار الاقتصادي والسياسي الموجود في البلاد وهو أمر مستمد من مشروعية لدى الاتحاد الذي كان قاطرة لإنقاذ تونس.. لكن نحن عبرنا في كثير في المرات على أن قرار المنظمة مستقل وأن نحدد موقفنا وآلياتنا ووسائلنا للتصدي لهذا الانحدار الذي تعيش فيه تونس منذ 25 جويلية وفق إرادة هياكلنا وقواعدنا..
ففكرة أن نظل على نفس المسافة من الجميع فيها جانب صحيح.. لكن في وضع الأزمة في تونس لا يمكن أن نكون محايدين.. في لحظة معينة لا بد أن نتجاوز هذا الوضع وهذا لا يعني لا تذيل للمعارضة ولا توظيف للاتحاد بقدر ما أنه إذا كانت هناك التقاءات على إنقاذ تونس ولكن في نفس الوقت على نقد ذاتي خاصة وأن في هذه المعارضة هناك من كان يحكم ومسؤول عما وصلنا إليه.. وما فعله مسار 25 جويلية أنه أضاف أزمة للأزمات المتتالية التي تعاني فيها تونس منذ 2011 الى الآن.. هم كذلك يجبوا أن يراجعوا أنفسهم وأن يواجهوا الشعب بحقيقتهم ومن أجرموا في العشرية السابقة فالإرهاب ولد في ظل حكومة الترويكا وظل حكومة النداء والنهضة والانهيار الاقتصادي ولد في نفس هذه الفترة والفساد واستشراؤه وتفكك أجهزة الدولة.. وكان 25 جويلية هو الذي أضاف على هذه الحقبة بوتيرة أسرع.. لكنهم هم الذين يتحملوا المسؤولية وعليهم أن يواجهوا الشعب ويراجعوه لأن الـ90 في المائة الذين لم ينتخبوا لا يعني أنهم مع المعارضة بل هم ضد الكل لأن الكل مساهم في هذه الحقبة.
*الاتحاد إذن هو مع مبدأ المحاسبة الذي ترفعه السلطة اليوم وعلى الأقل مع هذه الإيقافات التي ترفع فوقها شعار المحاسبة؟
لا أحد ضد المحاسبة وما تفعله السلطة ليس محاسبة.. نحن لم نر قضايا حقيقية فهناك ناس لها مسؤولية سياسية في الفترة التي استشرى فيها الفساد وتم تسفير فيها آلاف التونسيات والتونسيين.. وآخرون قاموا بسرقة المال العام.. إذن لا بد من محاسبة..
لكن ما نشهده الآن ليس محاسبة على تلك الملفات بل على قضايا جانبية بل من يبحثون له عن قضية رشوة وهو مورط في أكثر من ذلك أو من يبحثون له عن قضية تدوينة أو تصريح في اجتماع وهو مورط في أكثر من ذلك.. المحاسبة القائمة الآن ليست المحاسبة التي بحث عنها التونسيون منذ 14 جانفي الى الآن بالعكس كل مرة يأتينا حاكم من الحكام يريد أن يرفع منسوب الثقة فيه يخاطب الشعب أنه سيحاسب ونرى بعض المشاهد الجانبية بأن يقبض على فلان أو فلان ونسمع أن أغلبهم يخرجون من السجون والإيقاف ويخرجون أبطالا وفيهم من يرفع شعار المظلومية ويصبح يطالب بالاعتذار وأن تعوضه الدولة جراء ما تعرض له.
المحاسبة الحقيقية تقوم على ملفات كبرى مثل الاغتيالات والإرهاب والتسفير وتفكيك أجهزة الدولة ولا بد بعد ذلك من تجاوز هذه المرحلة ونبدأ بالبناء..
ما يقع لآن ليس محاسبة بل هو استعراض لإلهاء الناس عن بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية وانسائهم "لطخة" الانتخابات وأيضا للتحضير لمرحلة قادمة من الانتخابات كالانتخابات الرئاسية في سنة 2024 واستحقاقات أخرى كثيرة.