بات ملف تونس لدى صندوق النقد الدولي واضحا مؤخرا، ولم تعد النقاط الخلافية التي صاحبت مسار المفاوضات بين الحكومة التونسية والصندوق بالغريبة لدى التونسيين،بعدالتصريحات الأخيرة التي أدلت بها مديرته العامة، كريستالينا غورغيفا والتي تؤكد فيها أن العقبة الأكبر أمام الملف هي تعثر تعبئة الحكومة لتمويلات خارجية عن طريق التعاون الثنائي المالي كانت قد ضمنته في قانون المالية لسنة 2022.
وبهذه التصريحات الجديدة، يكون الصندوق قد انتقل من الجانب التقني وتجاوز الإشكال السياسي والاجتماعي باتجاه ضمان ثقة الجهات الممولة الأخرى من صناديق ودول آو ما يعرف بـ"أصدقاء تونس" في الدولة التونسية من خلال عقد شراكات تمويلية معها وتعبئة موارد مالية جديدة كانت قد ضبطتها في قانون المالية لسنة 2022، وهو ما سيسمح بصفة آلية حصولها على قرض صندوق النقد.
لتنقلب بذلك القاعدة المتعارف عليها من قبل،وتصبح تعبئة الحكومة لتمويلات جديدة لتمويل ميزانيتها ينطلق أولا من التعاون المالي الثنائي ليصل في مرحلة ثانية إلى اتفاق الصندوق والقرض المبرمج تعبئته بما يناهز الـ 1.9 مليار دولار..
وبالرغم من استكمال الحكومة لأهم مكونات الجانب التقني التشريعي المتمثل في القوانين على غرار قانون حوكمة المؤسسات العمومية، إلا انه رسالة الصندوق وصلت إلى الحكومة كما يجب، وجسدت تفاعلها الايجابي مؤخرا، ليس فقط بتفعيل الإصلاحات المبرمجة في الاتفاق البيني ولا باستكمال القوانين، بل بالسعي إلى تفعيل برنامج التعاون الثنائي المالي من خلال الحضور المتواصل لأكبر التظاهرات الاقتصادية الكبرى على غرار المنتدى الاقتصادي العالمي"دافوس" بعقد سلسلة من اللقاءات مع مسؤولي المؤسسات والصناديق المالية العالمية، وآخرها كان منتدى المالية العامة للدول العربية الذي انعقد في دبي وحضره أكثر من 150 فاعل اقتصادي ومالي من محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية بالدول العربية من بينهم محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
منتدى المالية العامة للدول العربية.. الرهان الأبرز
ولعل هذا المنتدى الأبرز في الوقت الراهن، الذي من المنتظر أن يثمر شراكات جدية بين الحكومة التونسية وبقية البلدان العربية الشقيقة والصديقة والهياكل المالية في المنطقة العربية وأبرزها صندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية، وصناديق سيادية أخرى بإمكانها تمويل تونس في الوقت الصعب الذي تمر به ماليتها العمومية.
ومن المنتظر أن يخلق هذا المنتدى منعرجا جديدا في المسار التمويلي للدولة خاصة بعد رصده للعديد من النوايا لدعم تونس،من ذلك دعا صندوق النقد الدولي، بقية الجهات المانحة وأصدقاء تونس من الدول العربية إلى دعمها ماليا حسب ما صرحت به مديرته العامة، كريستالينا غورغيفا خلال افتتاح أشغال المنتدى بقولها ان"مجتمعات المنطقة العربية معرضة بشكل كبير لخطر زعزعة الاستقرار، معتبرة ان التعاون متعدد الاطراف بإمكانه مساعدة هذه الدول على استعادة قدرتها على معالجة ديونها".، داعية أصدقاء تونس بدعمها ماليا.
وشهد منتدى المالية العامة في الدول العربية في دورته السابعة، والمنعقد يومي 12 و13 فيفري 2023 المنتظم في دبي، حضور مكثف للفاعلين الاقتصاديين وقادة العالم والحكومات باعتباره سبق القمة العالمية للحكومات التي انتظمت في الإمارات العربية المتحدة في الفترة الممتدة بين 13 و 15 فيفري 2023 ...
وجاء المنتدى في هذه الدورة تحت عنوان "الاستدامة المالية في المنطقة العربية في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا. التحديات والفرص"، بتنظيم من وزارة المالية الإماراتية بالشراكة مع صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي ويأتي على هامش القمة العالمية للحكومات 2023 ...
من جهته، أبدى صندوق النقد العربي دعم تونس في هذا المنتدى، وفق تصريح مدير عام ورئيس مجلس إدارة الصندوق، عبد الرحمان بن عبد الله الحميدي اثر لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، معتبرا انه من الضروري التباحث حول الأوضاع في تونس وكيفية دعم الصندوق لها ومساعدتها على التوصل إلى اتفاقيات مالية جديدة مع بقية الجهات المانحة على مستوى الدول والمؤسسات والهياكل المالية...
ويعد صندوق النقد العربي من أهم ممولي تونس، إلى جانب البلدان العربية التي تنضوي تحته، إذ يعتبر الصندوق من ابرز المؤسسات المالية في المنطقة العربية يعود تأسيسه إلى سنة 1976،، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في الصندوق ما يناهز الـ 22 دولة عربية، وهي الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، الجزائر، جيبوتي، السعودية، السودان، سوريا، الصومال، العراق، عُمان، فلسطين، قطر، القُمر المتحدة، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، موريتانيا، اليمن، ومن أهم مهام هذا الصندوق تصحيح الاختلال في موازين مدفوعات الدول الأعضاء.
كما ابدي عدد من المشاركين من مسؤولي كبرى الهياكل والصناديق الاستثمارية في المنتدى دعم تونس، وغذى حضور الوفد التونسي في هذه التظاهرة التي تتراسها رئيسة الحكومة هذا الدعم الملحوظ من خلال سلسلة اللقاءات التي قام بها الوفد مع عدد من الجهات المانحة العربية ومسؤولي البلدان الصديقة والشقية بالمنطقة...
وتبقى نوايا الدعم المالي العربي لتونس محط الأنظار في قادم الأيام، إلى حين تفعيلها رسميا بعقد شراكات تمويل حقيقة عن طريق تمويلات مالية توجه مباشرة إلى ميزانية الدولة او عبر مشاريع واستثمارات جديدة ، وقد تكون خطوط تمويل لصالح قطاعات اقتصادية حيوية في البلاد ...
والاهم ان تتحول هذه النوايا إلى دعم مالي من شانه فتح باب التمويلات الخارجية الكبرى أمام الحكومة التونسية والتي على رأسها برنامج تمويل مع صندوق النقد الدولي، باعتبار ان تعبئة تمويلات خارجية ثنائية ومتعددة الاطراف يمثل حجرة عثرة أمام تونس للحصول على قرض الصندوق.
وكانت الحكومة التونسية قد ضبطت حاجياتها من التمويلات الخارجية لسنة 2022 بحوالي 13 مليار دينار، بما فيها قرض صندوق النقد المقدر بـ 1.9 مليار دولار أي ما يعادل الـ6 مليار دينار وما يساوي نصف الحاجيات التمويلية الخارجية التي لم يتم تحصيلها بعد وخلقت عجزا واسعا في الميزانية العمومية يلامس الـ 10 مليار دينار..
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: ملتزمون بدعم تونس والحكومة أحرزت تقدما في استكمال برنامج الإصلاحات
أفادت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا في تصريح إعلامي على هامش منتدى المالية العامة للدول العربية بان السلطات التونسية أحرزت تقدما جيدا بخصوص الإجراءات الضرورية لطرح برنامجها على مجلس إدارة الصندوق، مؤكدة التزام مؤسستها المالية لدعم تونس.
وفي كلمة مديرة الصندوق في النسخة السابعة للمنتدى، الذي حضرته "الصباح"، اعتبرت غورغيفا ان النمو العالمي مازال ضعيفا، بالرغم من انه في الوقت الحالي يشهد نقطة تحول، مبينة ان نسبة النمو تتراجع مع بداية العام الحالي إلى 2.9 بالمائة بعد ان كانت في حدود ال3.4 بالمائة في العام الماضي، مع توقعات بان يسجل تحسنا طفيفا في عام 2024 ليصل إلى 3.1 بالمائة. حسب تعبيرها.
الصندوق قدم أكبر التمويلات في تاريخه للدول العربية
وأشارت غورغيفا إلى دور بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم، مبينة ان الصندوق قدم إلى البلدان العربية أكثر من37 مليار دولار أمريكي كجزء من عملية تخصيص حقوق السحب الخاصة الأكبر في تاريخ الصندوق عام 2021، والتي بلغت قيمتها 650 مليار دولار أمريكي.
كما أشارت غورغيفا في ذات السياق إلى انه ومنذ بداية الجائحة قدم صندوق النقد الدولي ما يقارب عن 20 مليار دولار في شكل دعم مالي لبلدانه الأعضاء في المنطقة العربية منذ بداية الجائحة.
وذكرت غورغيفا ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان قد قدم 54 مليار دولار بغاية تمويل الميزانية وميزان الدفوعات، بالإضافة إلى 10 مليار دولار من المساعدات المالية الممنوحة من قبل مجموعة التنسيق العربية للدول منخفضة الدخل والدول الهشة والدول التي تشهد صراعات.
وثمنت مديرة الصندوق سياسات بعض الدول العربية في التحكم في المصاريف العمومية على غرار المغرب ونجاحها في إلغاء الدعم المكلف غير الموجه تدريجيا لصالح توفير الدعم الاجتماعي الذي يستهدف الفئات المستحقة.
ارتفاع التضخم في المنطقة العربية إلى أكثر من 10 بالمائة
وذكرت غورغيفا انه من المتوقع أن يتجاوز التضخم في المنطقة 10 بالمائة للسنة الرابعة على التوالي مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء، وانخفاض أسعار الصرف في بعض الحالات، مؤكدة انه سيشهد تراجعا تدريجيا مع استقرار أسعار السلع الأولية وتحقق الأثر المرجومن تشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة.
كما أضافت مديرة الصندوق ان مكافحة التضخم تبقى من الأولويات لهذا العام، مؤكدة ان النسبة تشهد حاليا تراجعا لتصل إلى 6.6 بالمائة بعد ان كانت في حدود 8,8 بالمائة في سنة 2022 مع توقعات بان تواصل انخفاضها لتصل إلى 4,3 بالمائة في عام 2024 ..
ارتفاع الدين العمومي وضرورة تعزيز سياسات الضرائب
و أكدت مديرة الصندوق ان الدين العمومي يمثل مصدر قلق كبير، حيث تواجه عدة اقتصاديات في المنطقة ارتفاعا في نسب التداين التي تقارب 90 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في بعض الاقتصاديات.
ودعت المسؤولة بالصندوق إلى أهمية العمل الجماعي في المنطقة، مشيرة إلى مشكلة التداين الثقيل التي تتطلب بذل المزيد من الجهود لمعالجة الديون بسرعة والتي يمكن حلها بتفعيل التعاون متعدد الأطراف.
كما أفادت المسؤولة بالصندوق من جهة أخرى، بانه من الضروري اليوم تعزيز سياسات الضرائب بالمنطقة العربية، مشيرة إلى انه وبالرغم من التقدم الهام الذي احرزته عدة بلدان عربية في تعزيز قدراتها الضريبية، الا ان متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي لا يزال في حود الـ 11% تقريبا ...
وأكدت المديرة للصندوق انه من الضروري تحسين تصميم السياسات الضريبية والإلغاء التدريجي للإعفاءات الضريبية المفتقرة للكفاءة،مشيرة إلى تجربة الجزائر والبحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة في هذا المجال...
وأبرزت مديرة الصندوق ان أهم المخاطر التي تواجه دول المنطقة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا والكوارث المناخية التي قد تؤدي إلى تفاقم عجز الغذاء في البلدان الأكثر عرضة للمخاطر، مضيفة إلى ذلك الارتفاع المزمن في معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.
كما أشارت غورغيفا الى انه من الممكن أن تؤدي زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية أو المحلية إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض لتصل إلى نقص التمويل في بعض الحالات، مما قد يؤثر على نسق الإصلاحات المحلية الملحة وبالتالي يفرض الاقتراض عبئا على الآفاق الإقليمية والموارد الحكومية. حسب تعبير مديرة الصندوق.
المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي: اكثر من 2 مليار دولار تمويلات منحها الصندوق للمنطقة العربية وأفاق جديدة للتعاون مع تونس
أفاد المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، عبد الرحمان بن عبد الله الحميدي، بأن الصندوق يعمل على دعم البلدان العربية الأعضاء عن طريق تقديم تمويلات في شكل قروض وصلت إلى حد اليوم إلى أكثر من 2 مليار دولار، مبينا ان كل التمويلات التي يقدمها الصندوق والهياكل التابعة له تشمل عدة مجالات حيوية ...
كما اعتبر الحميدي اثر لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، انه من الضروري التباحث حول الأوضاع في تونس وكيفية دعم الصندوق لها ومساعدتها على التوصل إلى اتفاقيات مالية جديدة مع بقية الجهات المانحة ..
وبخصوص معدلات النمو، ذكر الحميدي انه من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المنطقة العربية عام 2022 نحو 5.4 في المائة، مقابل معدل 3.9 في المائة المسجل في عام 2021، مؤكدا أنه على الرغم من التقدم الحاصل على صعيد الأنظمة الضريبية في المنطقة العربية، إلا أن العائدات الضريبية تُعد أقل من المستويات العالمية.
كما أشار الحميدي إلى أن بعض الدول العربية تمكنت من إحراز تقدم ملحوظ في تعبئة الإيرادات المحلية بفضل الجهود المبذولة، بما يعكس التقدم المحرز على صعيد إصلاحات السياسات الضريبية وإدارة الإيرادات التي تبنتها هذه الدول، الأمر الذي مكنها من تحقيق مكاسب طويلة الأجل من خلال الحفاظ على إصلاحات تعبئة الإيرادات على مدى فترة زمنية طويلة نسبياً.
واعتبر الحميدي في كلمته في المنتدى السابع للمالية العامة للدول العربية بان هذه التظاهرة تمثل فرصة للتشاور وتبادل الآراء والخبرات حول مختلف القضايا لتحقيق التعافي واستعادة مسار النمو الشامل والمستدام، مع المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والتي تتطلب ضرورة الاستفادة منها حسب تعبيره.
دبي-الصباح– من مبعوثتنا وفاء بن محمد
بات ملف تونس لدى صندوق النقد الدولي واضحا مؤخرا، ولم تعد النقاط الخلافية التي صاحبت مسار المفاوضات بين الحكومة التونسية والصندوق بالغريبة لدى التونسيين،بعدالتصريحات الأخيرة التي أدلت بها مديرته العامة، كريستالينا غورغيفا والتي تؤكد فيها أن العقبة الأكبر أمام الملف هي تعثر تعبئة الحكومة لتمويلات خارجية عن طريق التعاون الثنائي المالي كانت قد ضمنته في قانون المالية لسنة 2022.
وبهذه التصريحات الجديدة، يكون الصندوق قد انتقل من الجانب التقني وتجاوز الإشكال السياسي والاجتماعي باتجاه ضمان ثقة الجهات الممولة الأخرى من صناديق ودول آو ما يعرف بـ"أصدقاء تونس" في الدولة التونسية من خلال عقد شراكات تمويلية معها وتعبئة موارد مالية جديدة كانت قد ضبطتها في قانون المالية لسنة 2022، وهو ما سيسمح بصفة آلية حصولها على قرض صندوق النقد.
لتنقلب بذلك القاعدة المتعارف عليها من قبل،وتصبح تعبئة الحكومة لتمويلات جديدة لتمويل ميزانيتها ينطلق أولا من التعاون المالي الثنائي ليصل في مرحلة ثانية إلى اتفاق الصندوق والقرض المبرمج تعبئته بما يناهز الـ 1.9 مليار دولار..
وبالرغم من استكمال الحكومة لأهم مكونات الجانب التقني التشريعي المتمثل في القوانين على غرار قانون حوكمة المؤسسات العمومية، إلا انه رسالة الصندوق وصلت إلى الحكومة كما يجب، وجسدت تفاعلها الايجابي مؤخرا، ليس فقط بتفعيل الإصلاحات المبرمجة في الاتفاق البيني ولا باستكمال القوانين، بل بالسعي إلى تفعيل برنامج التعاون الثنائي المالي من خلال الحضور المتواصل لأكبر التظاهرات الاقتصادية الكبرى على غرار المنتدى الاقتصادي العالمي"دافوس" بعقد سلسلة من اللقاءات مع مسؤولي المؤسسات والصناديق المالية العالمية، وآخرها كان منتدى المالية العامة للدول العربية الذي انعقد في دبي وحضره أكثر من 150 فاعل اقتصادي ومالي من محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية بالدول العربية من بينهم محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
منتدى المالية العامة للدول العربية.. الرهان الأبرز
ولعل هذا المنتدى الأبرز في الوقت الراهن، الذي من المنتظر أن يثمر شراكات جدية بين الحكومة التونسية وبقية البلدان العربية الشقيقة والصديقة والهياكل المالية في المنطقة العربية وأبرزها صندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية، وصناديق سيادية أخرى بإمكانها تمويل تونس في الوقت الصعب الذي تمر به ماليتها العمومية.
ومن المنتظر أن يخلق هذا المنتدى منعرجا جديدا في المسار التمويلي للدولة خاصة بعد رصده للعديد من النوايا لدعم تونس،من ذلك دعا صندوق النقد الدولي، بقية الجهات المانحة وأصدقاء تونس من الدول العربية إلى دعمها ماليا حسب ما صرحت به مديرته العامة، كريستالينا غورغيفا خلال افتتاح أشغال المنتدى بقولها ان"مجتمعات المنطقة العربية معرضة بشكل كبير لخطر زعزعة الاستقرار، معتبرة ان التعاون متعدد الاطراف بإمكانه مساعدة هذه الدول على استعادة قدرتها على معالجة ديونها".، داعية أصدقاء تونس بدعمها ماليا.
وشهد منتدى المالية العامة في الدول العربية في دورته السابعة، والمنعقد يومي 12 و13 فيفري 2023 المنتظم في دبي، حضور مكثف للفاعلين الاقتصاديين وقادة العالم والحكومات باعتباره سبق القمة العالمية للحكومات التي انتظمت في الإمارات العربية المتحدة في الفترة الممتدة بين 13 و 15 فيفري 2023 ...
وجاء المنتدى في هذه الدورة تحت عنوان "الاستدامة المالية في المنطقة العربية في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا. التحديات والفرص"، بتنظيم من وزارة المالية الإماراتية بالشراكة مع صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي ويأتي على هامش القمة العالمية للحكومات 2023 ...
من جهته، أبدى صندوق النقد العربي دعم تونس في هذا المنتدى، وفق تصريح مدير عام ورئيس مجلس إدارة الصندوق، عبد الرحمان بن عبد الله الحميدي اثر لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، معتبرا انه من الضروري التباحث حول الأوضاع في تونس وكيفية دعم الصندوق لها ومساعدتها على التوصل إلى اتفاقيات مالية جديدة مع بقية الجهات المانحة على مستوى الدول والمؤسسات والهياكل المالية...
ويعد صندوق النقد العربي من أهم ممولي تونس، إلى جانب البلدان العربية التي تنضوي تحته، إذ يعتبر الصندوق من ابرز المؤسسات المالية في المنطقة العربية يعود تأسيسه إلى سنة 1976،، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في الصندوق ما يناهز الـ 22 دولة عربية، وهي الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، الجزائر، جيبوتي، السعودية، السودان، سوريا، الصومال، العراق، عُمان، فلسطين، قطر، القُمر المتحدة، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، موريتانيا، اليمن، ومن أهم مهام هذا الصندوق تصحيح الاختلال في موازين مدفوعات الدول الأعضاء.
كما ابدي عدد من المشاركين من مسؤولي كبرى الهياكل والصناديق الاستثمارية في المنتدى دعم تونس، وغذى حضور الوفد التونسي في هذه التظاهرة التي تتراسها رئيسة الحكومة هذا الدعم الملحوظ من خلال سلسلة اللقاءات التي قام بها الوفد مع عدد من الجهات المانحة العربية ومسؤولي البلدان الصديقة والشقية بالمنطقة...
وتبقى نوايا الدعم المالي العربي لتونس محط الأنظار في قادم الأيام، إلى حين تفعيلها رسميا بعقد شراكات تمويل حقيقة عن طريق تمويلات مالية توجه مباشرة إلى ميزانية الدولة او عبر مشاريع واستثمارات جديدة ، وقد تكون خطوط تمويل لصالح قطاعات اقتصادية حيوية في البلاد ...
والاهم ان تتحول هذه النوايا إلى دعم مالي من شانه فتح باب التمويلات الخارجية الكبرى أمام الحكومة التونسية والتي على رأسها برنامج تمويل مع صندوق النقد الدولي، باعتبار ان تعبئة تمويلات خارجية ثنائية ومتعددة الاطراف يمثل حجرة عثرة أمام تونس للحصول على قرض الصندوق.
وكانت الحكومة التونسية قد ضبطت حاجياتها من التمويلات الخارجية لسنة 2022 بحوالي 13 مليار دينار، بما فيها قرض صندوق النقد المقدر بـ 1.9 مليار دولار أي ما يعادل الـ6 مليار دينار وما يساوي نصف الحاجيات التمويلية الخارجية التي لم يتم تحصيلها بعد وخلقت عجزا واسعا في الميزانية العمومية يلامس الـ 10 مليار دينار..
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: ملتزمون بدعم تونس والحكومة أحرزت تقدما في استكمال برنامج الإصلاحات
أفادت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا في تصريح إعلامي على هامش منتدى المالية العامة للدول العربية بان السلطات التونسية أحرزت تقدما جيدا بخصوص الإجراءات الضرورية لطرح برنامجها على مجلس إدارة الصندوق، مؤكدة التزام مؤسستها المالية لدعم تونس.
وفي كلمة مديرة الصندوق في النسخة السابعة للمنتدى، الذي حضرته "الصباح"، اعتبرت غورغيفا ان النمو العالمي مازال ضعيفا، بالرغم من انه في الوقت الحالي يشهد نقطة تحول، مبينة ان نسبة النمو تتراجع مع بداية العام الحالي إلى 2.9 بالمائة بعد ان كانت في حدود ال3.4 بالمائة في العام الماضي، مع توقعات بان يسجل تحسنا طفيفا في عام 2024 ليصل إلى 3.1 بالمائة. حسب تعبيرها.
الصندوق قدم أكبر التمويلات في تاريخه للدول العربية
وأشارت غورغيفا إلى دور بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم، مبينة ان الصندوق قدم إلى البلدان العربية أكثر من37 مليار دولار أمريكي كجزء من عملية تخصيص حقوق السحب الخاصة الأكبر في تاريخ الصندوق عام 2021، والتي بلغت قيمتها 650 مليار دولار أمريكي.
كما أشارت غورغيفا في ذات السياق إلى انه ومنذ بداية الجائحة قدم صندوق النقد الدولي ما يقارب عن 20 مليار دولار في شكل دعم مالي لبلدانه الأعضاء في المنطقة العربية منذ بداية الجائحة.
وذكرت غورغيفا ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان قد قدم 54 مليار دولار بغاية تمويل الميزانية وميزان الدفوعات، بالإضافة إلى 10 مليار دولار من المساعدات المالية الممنوحة من قبل مجموعة التنسيق العربية للدول منخفضة الدخل والدول الهشة والدول التي تشهد صراعات.
وثمنت مديرة الصندوق سياسات بعض الدول العربية في التحكم في المصاريف العمومية على غرار المغرب ونجاحها في إلغاء الدعم المكلف غير الموجه تدريجيا لصالح توفير الدعم الاجتماعي الذي يستهدف الفئات المستحقة.
ارتفاع التضخم في المنطقة العربية إلى أكثر من 10 بالمائة
وذكرت غورغيفا انه من المتوقع أن يتجاوز التضخم في المنطقة 10 بالمائة للسنة الرابعة على التوالي مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء، وانخفاض أسعار الصرف في بعض الحالات، مؤكدة انه سيشهد تراجعا تدريجيا مع استقرار أسعار السلع الأولية وتحقق الأثر المرجومن تشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة.
كما أضافت مديرة الصندوق ان مكافحة التضخم تبقى من الأولويات لهذا العام، مؤكدة ان النسبة تشهد حاليا تراجعا لتصل إلى 6.6 بالمائة بعد ان كانت في حدود 8,8 بالمائة في سنة 2022 مع توقعات بان تواصل انخفاضها لتصل إلى 4,3 بالمائة في عام 2024 ..
ارتفاع الدين العمومي وضرورة تعزيز سياسات الضرائب
و أكدت مديرة الصندوق ان الدين العمومي يمثل مصدر قلق كبير، حيث تواجه عدة اقتصاديات في المنطقة ارتفاعا في نسب التداين التي تقارب 90 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في بعض الاقتصاديات.
ودعت المسؤولة بالصندوق إلى أهمية العمل الجماعي في المنطقة، مشيرة إلى مشكلة التداين الثقيل التي تتطلب بذل المزيد من الجهود لمعالجة الديون بسرعة والتي يمكن حلها بتفعيل التعاون متعدد الأطراف.
كما أفادت المسؤولة بالصندوق من جهة أخرى، بانه من الضروري اليوم تعزيز سياسات الضرائب بالمنطقة العربية، مشيرة إلى انه وبالرغم من التقدم الهام الذي احرزته عدة بلدان عربية في تعزيز قدراتها الضريبية، الا ان متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي لا يزال في حود الـ 11% تقريبا ...
وأكدت المديرة للصندوق انه من الضروري تحسين تصميم السياسات الضريبية والإلغاء التدريجي للإعفاءات الضريبية المفتقرة للكفاءة،مشيرة إلى تجربة الجزائر والبحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة في هذا المجال...
وأبرزت مديرة الصندوق ان أهم المخاطر التي تواجه دول المنطقة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا والكوارث المناخية التي قد تؤدي إلى تفاقم عجز الغذاء في البلدان الأكثر عرضة للمخاطر، مضيفة إلى ذلك الارتفاع المزمن في معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.
كما أشارت غورغيفا الى انه من الممكن أن تؤدي زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية أو المحلية إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض لتصل إلى نقص التمويل في بعض الحالات، مما قد يؤثر على نسق الإصلاحات المحلية الملحة وبالتالي يفرض الاقتراض عبئا على الآفاق الإقليمية والموارد الحكومية. حسب تعبير مديرة الصندوق.
المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي: اكثر من 2 مليار دولار تمويلات منحها الصندوق للمنطقة العربية وأفاق جديدة للتعاون مع تونس
أفاد المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، عبد الرحمان بن عبد الله الحميدي، بأن الصندوق يعمل على دعم البلدان العربية الأعضاء عن طريق تقديم تمويلات في شكل قروض وصلت إلى حد اليوم إلى أكثر من 2 مليار دولار، مبينا ان كل التمويلات التي يقدمها الصندوق والهياكل التابعة له تشمل عدة مجالات حيوية ...
كما اعتبر الحميدي اثر لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، انه من الضروري التباحث حول الأوضاع في تونس وكيفية دعم الصندوق لها ومساعدتها على التوصل إلى اتفاقيات مالية جديدة مع بقية الجهات المانحة ..
وبخصوص معدلات النمو، ذكر الحميدي انه من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المنطقة العربية عام 2022 نحو 5.4 في المائة، مقابل معدل 3.9 في المائة المسجل في عام 2021، مؤكدا أنه على الرغم من التقدم الحاصل على صعيد الأنظمة الضريبية في المنطقة العربية، إلا أن العائدات الضريبية تُعد أقل من المستويات العالمية.
كما أشار الحميدي إلى أن بعض الدول العربية تمكنت من إحراز تقدم ملحوظ في تعبئة الإيرادات المحلية بفضل الجهود المبذولة، بما يعكس التقدم المحرز على صعيد إصلاحات السياسات الضريبية وإدارة الإيرادات التي تبنتها هذه الدول، الأمر الذي مكنها من تحقيق مكاسب طويلة الأجل من خلال الحفاظ على إصلاحات تعبئة الإيرادات على مدى فترة زمنية طويلة نسبياً.
واعتبر الحميدي في كلمته في المنتدى السابع للمالية العامة للدول العربية بان هذه التظاهرة تمثل فرصة للتشاور وتبادل الآراء والخبرات حول مختلف القضايا لتحقيق التعافي واستعادة مسار النمو الشامل والمستدام، مع المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والتي تتطلب ضرورة الاستفادة منها حسب تعبيره.