إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منسق المرصد التونسي للمياه: لا للتسرع في تمرير المجلة الجديدة للمياه.. والعقوبات الردعية لا تكفي

 

تونس-الصباح

عبر علاء المرزوقي منسق المرصد التونسي للمياه عن تحفظات المرصد على صياغة مجلة جديدة للمياه في لجنة مغلقة وبشكل متسرع وفي غياب تام لمشاركة المجتمع المدني. وطالب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وكاتب الدولة المكلف بالمياه بفتح مشاورات جدية مع الخبراء والباحثين وممثلي المجتمع المدني حول مشروع المجلة وذلك قبل عرضه على مصادقة مجلس الوزراء.

وبين أنه بعد تعليق أشغال البرلمان في 25 جويلية 2021 أغلق باب الحوار مع المجتمع المدني حول مشروع المجلة نهائيا، وذكر أن وزارة الإشراف لم تقم بتشريك المرصد في صياغة النسخة الجديدة للمشروع كما أنها لم تنشر الصيغة المعدلة لكي يطلع عليها العموم.

وأضاف في تصريح لـ"الصباح" أن المرصد قام بمناسبة عرض المشروع على أنظار مجلس نواب الشعب في جويلية 2021 بحملة مناصرة ومارس الكثير من الضغط على النواب بهدف تأجيل المصادقة عليه نظرا لاحتوائه على فصول خطيرة، وكللت جهوده وقتها بالنجاح إذ لم تصادق الجلسة العامة للمجلس على المجلة كما تم الأخذ بعين الاعتبار لقرابة خمسين بالمائة من المقترحات التي تقدم بها المرصد والخبراء في المياه عند تعديل العديد من الفصول ولكن بقيت هناك جملة من الفصول الخلافية المثيرة للقلق وهي عديدة.

العهدة على الملوث

وفسر علاء المرزوقي أن المرصد التونسي للمياه يطالب بأن يتم التنصيص في مجلة المياه الجديدة على تجريم حفر الآبار العشوائية، وتجريم تلويث المياه، ويريد أن يقع  إقرار مبدأ العهدة على الملوث. وبين في هذا السياق  أن الجانب الردعي مهم لكن لا يكفي تسليط عقوبة سجنية وخطية مالية على من يلوث المائدة المائية أو يحفر بئر بطريقة عشوائية بل يجب إجباره بمقتضى القانون على إصلاح ما أفسده وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على نفقته الخاصة، وذكر أن العمل بمبدأ العهدة على الملوث ليس بدعة بل هو مطبق في العديد من بلدان العالم وقد أثبت جدواه.

ولاحظ المرزوقي أن مشروع المجلة في صيغته التي عرضت على البرلمان السابق تضمن فصولا تمييزية بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية في علاقة بالصرف الصحي للمياه، وهو ما اعترض عليه المرصد بشدة لأنه من حق المواطن في المناطق الريفية أن يتمتع بخدمات الصرف الصحي مثله مثل المواطن الذي يقطن في المناطق الحضرية.

وذكر منسق المرصد أن مختلف مكونات المجتمع المدني عبرت عن احترازها على عدم وضوح فصول مشروع مجلة المياه المتعلقة بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وكانت لديها خشية من أن يقع لاحقا تأويل تلك الفصول في اتجاه فتح الباب لخصخصة الماء الصالح للشرب، وتمثل مطلبها حسب قوله في استثناء الماء الصالح للشرب من المجالات المتاحة أمام عقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وذلك حتى لا تقع سلعنة الماء.

وأشار إلى أن المرصد طالب أيضا بنشر التحاليل المخبرية للماء بما يسمح للمواطن بالتعرف على نوعية الماء الذي يشربه ويستعمله لأغراض أخرى وبالإطلاع على مكوناته، وهو يريد التنصيص على وجوبية النشر في أحد فصول مجلة المياه الجديدة.

وذكر أن هناك مسألة أخرى لا بد من تضمينها في المجلة وهي تهم المجامع المائية، إذ يتطلب الوضع الصعب الذي تمر به أغلب المجامع المائية في تونس إنشاء وكالة وطنية تعنى بهذه المجامع خاصة على مستوى الإدارة وخلاص الديون والفواتير والصيانة والمراقبة وحتى التكوين، لأنه من غير المنطقي رصد مليارات المليمات لمنظومة مائية يتصرف فيها أناس ليست لديهم المعارف الدنيا ولا يتمتعون بالتكوين والتأطير الضروريين، فغياب التكوين والتأطير كان من بين الأسباب التي أدت إلى تفاقم مديونية المجامع المائية، إذ تعاني نصف المجامع الموجودة في البلاد من معضلة المديونية.

وأضاف محدثنا أن المرصد التونسي للمياه يطالب أيضا بعدم خصخصة المجامع المائية واعتماد تسعيرة عادلة للمياه لأن هناك بعض المجامع التي تصل تسعيرة المتر مكعب الواحد من الماء فيها إلى دينار، وهو ما يضرب مبدأ العدالة بين التونسيين.

هيئة تعديلية

وإضافة إلى إحداث وكالة تشرف على المجامع المائية، دعا ممثل المرصد إلى توفير ما يكفي من الضمانات لتنزيل الحق في الماء المنصوص عليه في الدستور على أرض الواقع ومن أهم هذه الضمانات حسب قوله إنشاء هيئة تعديلية للمياه. وبين أن هذا المطلب تم تقديمه من قبل خبراء مشهود لهم وطنيا ودوليا بالكفاءة لأن الوضع المائي الصعب الذي تعيشه تونس يتطلب تركيز هيئة تعديلية مستقلة للمياه.

ومن المطالب والمقترحات الأخرى التي تطرق إليها المرزوقي ما تعلق بإفراد قطاع المياه بوزارة مستقلة عن وزارة الفلاحة. وبين أن المرصد رحب بتعيين كاتب دولة للمياه بعد أن تم في ما مضى إلغاء هذه الخطة كما أنه قبل التحوير الوزاري الأخير كان من بين المطالبين بأن يكون وزير للفلاحة والموارد المائية من أبناء المؤسسة العسكرية، وبأن يضع الماء والهندسة الريفية في صدارة اهتمامات الوزارة،  كما كان من الداعين إلى تكليف المؤسسة العسكرية بأشغال جهر السدود التي تراكمت فيها الأتربة وانجاز سدود جديدة لأن مثل هذه المهمة الثقيلة لا تقدر عليها، حسب رأيه، سوى المؤسسة العسكرية نظرا لما تتمتع به من خبرة وإمكانيات وتجهيزات.

وخلص ممثل المرصد إلى أن مشروع مجلة المياه هو مشروع ثقيل وعلى  غاية من الأهمية لأنه يمس كل التونسيين، الأمر الذي يتطلب التروي في دراسته وعدم الاستعجال في المصادقة عليه وإصداره في شكل مرسوم وبين أنهم في المرصد ينتظرون من الوزير الجديد وكاتب الدولة مبادرات جدية من شأنها أن تضمن حق المواطن التونسي في الماء بصفة فعلية وتحد من تداعيات التغيرات المناخية التي تؤشر على أن السنوات القادمة ستكون صعبة جدا. وذكر أن المرصد سيوجه مراسلة إلى الوزير وكاتب الدولة الجديد للمياه لإطلاعهما على المقترحات التي يرغب في تضمينها في المجلة الجديدة للمياه ولتذكيرهما بتحفظاته على جملة من الخيارات والفصول الواردة في المشروع في صيغته النهائية المعروضة على أنظار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب قبل غلقه.

وللتذكير كان مشروع مجلة المياه المعروض على المجلس قبل تعليق أشغله في 25 جويلية 2021 قد تضمن 7 عناوين ضمت 132 فصلا بالإضافة إلى 6 فصول تم إدراجها ضمن مشروع قانون الإصدار.

وتمثل العنوان الأول في مبادئ توجيهية وأحكام عامة، والعنوان الثاني في تحديد الملك العمومي للمياه وحمايته، والعنوان الثالث في الحوكمة في قطاع المياه، والعنوان الرابع  في طرق استغلال و استعمال الملك العمومي للمياه، والعنوان الخامس في الاستعمالات والخدمات العمومية في قطاع المياه والاقتصاد فيها، والعنوان السادس في إدارة المخاطر المرتبطة بالمياه والوقاية منها، أما العنوان السابع والأخير فتضمن الفصول ذات العلاقة بمعاينة الجرائم وتتبعها.

سعيدة بوهلال

منسق المرصد التونسي للمياه:  لا للتسرع في تمرير المجلة الجديدة للمياه.. والعقوبات الردعية لا تكفي

 

تونس-الصباح

عبر علاء المرزوقي منسق المرصد التونسي للمياه عن تحفظات المرصد على صياغة مجلة جديدة للمياه في لجنة مغلقة وبشكل متسرع وفي غياب تام لمشاركة المجتمع المدني. وطالب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وكاتب الدولة المكلف بالمياه بفتح مشاورات جدية مع الخبراء والباحثين وممثلي المجتمع المدني حول مشروع المجلة وذلك قبل عرضه على مصادقة مجلس الوزراء.

وبين أنه بعد تعليق أشغال البرلمان في 25 جويلية 2021 أغلق باب الحوار مع المجتمع المدني حول مشروع المجلة نهائيا، وذكر أن وزارة الإشراف لم تقم بتشريك المرصد في صياغة النسخة الجديدة للمشروع كما أنها لم تنشر الصيغة المعدلة لكي يطلع عليها العموم.

وأضاف في تصريح لـ"الصباح" أن المرصد قام بمناسبة عرض المشروع على أنظار مجلس نواب الشعب في جويلية 2021 بحملة مناصرة ومارس الكثير من الضغط على النواب بهدف تأجيل المصادقة عليه نظرا لاحتوائه على فصول خطيرة، وكللت جهوده وقتها بالنجاح إذ لم تصادق الجلسة العامة للمجلس على المجلة كما تم الأخذ بعين الاعتبار لقرابة خمسين بالمائة من المقترحات التي تقدم بها المرصد والخبراء في المياه عند تعديل العديد من الفصول ولكن بقيت هناك جملة من الفصول الخلافية المثيرة للقلق وهي عديدة.

العهدة على الملوث

وفسر علاء المرزوقي أن المرصد التونسي للمياه يطالب بأن يتم التنصيص في مجلة المياه الجديدة على تجريم حفر الآبار العشوائية، وتجريم تلويث المياه، ويريد أن يقع  إقرار مبدأ العهدة على الملوث. وبين في هذا السياق  أن الجانب الردعي مهم لكن لا يكفي تسليط عقوبة سجنية وخطية مالية على من يلوث المائدة المائية أو يحفر بئر بطريقة عشوائية بل يجب إجباره بمقتضى القانون على إصلاح ما أفسده وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه على نفقته الخاصة، وذكر أن العمل بمبدأ العهدة على الملوث ليس بدعة بل هو مطبق في العديد من بلدان العالم وقد أثبت جدواه.

ولاحظ المرزوقي أن مشروع المجلة في صيغته التي عرضت على البرلمان السابق تضمن فصولا تمييزية بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية في علاقة بالصرف الصحي للمياه، وهو ما اعترض عليه المرصد بشدة لأنه من حق المواطن في المناطق الريفية أن يتمتع بخدمات الصرف الصحي مثله مثل المواطن الذي يقطن في المناطق الحضرية.

وذكر منسق المرصد أن مختلف مكونات المجتمع المدني عبرت عن احترازها على عدم وضوح فصول مشروع مجلة المياه المتعلقة بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وكانت لديها خشية من أن يقع لاحقا تأويل تلك الفصول في اتجاه فتح الباب لخصخصة الماء الصالح للشرب، وتمثل مطلبها حسب قوله في استثناء الماء الصالح للشرب من المجالات المتاحة أمام عقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وذلك حتى لا تقع سلعنة الماء.

وأشار إلى أن المرصد طالب أيضا بنشر التحاليل المخبرية للماء بما يسمح للمواطن بالتعرف على نوعية الماء الذي يشربه ويستعمله لأغراض أخرى وبالإطلاع على مكوناته، وهو يريد التنصيص على وجوبية النشر في أحد فصول مجلة المياه الجديدة.

وذكر أن هناك مسألة أخرى لا بد من تضمينها في المجلة وهي تهم المجامع المائية، إذ يتطلب الوضع الصعب الذي تمر به أغلب المجامع المائية في تونس إنشاء وكالة وطنية تعنى بهذه المجامع خاصة على مستوى الإدارة وخلاص الديون والفواتير والصيانة والمراقبة وحتى التكوين، لأنه من غير المنطقي رصد مليارات المليمات لمنظومة مائية يتصرف فيها أناس ليست لديهم المعارف الدنيا ولا يتمتعون بالتكوين والتأطير الضروريين، فغياب التكوين والتأطير كان من بين الأسباب التي أدت إلى تفاقم مديونية المجامع المائية، إذ تعاني نصف المجامع الموجودة في البلاد من معضلة المديونية.

وأضاف محدثنا أن المرصد التونسي للمياه يطالب أيضا بعدم خصخصة المجامع المائية واعتماد تسعيرة عادلة للمياه لأن هناك بعض المجامع التي تصل تسعيرة المتر مكعب الواحد من الماء فيها إلى دينار، وهو ما يضرب مبدأ العدالة بين التونسيين.

هيئة تعديلية

وإضافة إلى إحداث وكالة تشرف على المجامع المائية، دعا ممثل المرصد إلى توفير ما يكفي من الضمانات لتنزيل الحق في الماء المنصوص عليه في الدستور على أرض الواقع ومن أهم هذه الضمانات حسب قوله إنشاء هيئة تعديلية للمياه. وبين أن هذا المطلب تم تقديمه من قبل خبراء مشهود لهم وطنيا ودوليا بالكفاءة لأن الوضع المائي الصعب الذي تعيشه تونس يتطلب تركيز هيئة تعديلية مستقلة للمياه.

ومن المطالب والمقترحات الأخرى التي تطرق إليها المرزوقي ما تعلق بإفراد قطاع المياه بوزارة مستقلة عن وزارة الفلاحة. وبين أن المرصد رحب بتعيين كاتب دولة للمياه بعد أن تم في ما مضى إلغاء هذه الخطة كما أنه قبل التحوير الوزاري الأخير كان من بين المطالبين بأن يكون وزير للفلاحة والموارد المائية من أبناء المؤسسة العسكرية، وبأن يضع الماء والهندسة الريفية في صدارة اهتمامات الوزارة،  كما كان من الداعين إلى تكليف المؤسسة العسكرية بأشغال جهر السدود التي تراكمت فيها الأتربة وانجاز سدود جديدة لأن مثل هذه المهمة الثقيلة لا تقدر عليها، حسب رأيه، سوى المؤسسة العسكرية نظرا لما تتمتع به من خبرة وإمكانيات وتجهيزات.

وخلص ممثل المرصد إلى أن مشروع مجلة المياه هو مشروع ثقيل وعلى  غاية من الأهمية لأنه يمس كل التونسيين، الأمر الذي يتطلب التروي في دراسته وعدم الاستعجال في المصادقة عليه وإصداره في شكل مرسوم وبين أنهم في المرصد ينتظرون من الوزير الجديد وكاتب الدولة مبادرات جدية من شأنها أن تضمن حق المواطن التونسي في الماء بصفة فعلية وتحد من تداعيات التغيرات المناخية التي تؤشر على أن السنوات القادمة ستكون صعبة جدا. وذكر أن المرصد سيوجه مراسلة إلى الوزير وكاتب الدولة الجديد للمياه لإطلاعهما على المقترحات التي يرغب في تضمينها في المجلة الجديدة للمياه ولتذكيرهما بتحفظاته على جملة من الخيارات والفصول الواردة في المشروع في صيغته النهائية المعروضة على أنظار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب قبل غلقه.

وللتذكير كان مشروع مجلة المياه المعروض على المجلس قبل تعليق أشغله في 25 جويلية 2021 قد تضمن 7 عناوين ضمت 132 فصلا بالإضافة إلى 6 فصول تم إدراجها ضمن مشروع قانون الإصدار.

وتمثل العنوان الأول في مبادئ توجيهية وأحكام عامة، والعنوان الثاني في تحديد الملك العمومي للمياه وحمايته، والعنوان الثالث في الحوكمة في قطاع المياه، والعنوان الرابع  في طرق استغلال و استعمال الملك العمومي للمياه، والعنوان الخامس في الاستعمالات والخدمات العمومية في قطاع المياه والاقتصاد فيها، والعنوان السادس في إدارة المخاطر المرتبطة بالمياه والوقاية منها، أما العنوان السابع والأخير فتضمن الفصول ذات العلاقة بمعاينة الجرائم وتتبعها.

سعيدة بوهلال