هو من المشاريع الكبرى في قطاع النقل التي أسالت من الحبر الكثير منذ ان تم الإعلان عنها خلال المجلس الوزاري المضيق المنعقد بتاريخ جويلية 2017، لكن وبمرور السنوات وتعاقب الحكومات بدأ مشروع المطار الجديد ببلادنا في الغياب والتغييب ليترك جانبا على هامش أولويات القائمين على إدارة الشأن العام لتصمت شراسة المدافعين عنه منذ سنين ويصبح متروكا لتنتشله وتعيده إلى الصورة من جديد رغم الاتفاق الحاصل بين جميع العارفين والمختصين في مجال الطيران المدني ببلادنا بضرورة إنشاء مطار ذي طاقة استيعاب كبيرة تستجيب لمتطلبات المرحلة القادمة لبلد راهن ولا يزال على السياحة منفقا من اجلها أموالا طائلة للترويج للوجهة التونسية.
ويبقى الغموض متواصلا حول مصير المشروع الأهم والأضخم في تونس على مستوى البنية التحتية لمجال لم يشهد انجاز أي مطار مند عقود، فهل ستقر تونس التوجه نحو انجاز مطار جديد ام لا؟.
سؤال اعيد طرحه من جديد في ظل تمسك الحكومة، على ما يبدو، بهذا المشروع وذلك من خلال اجتماع جرى منذ فترة قصيرة بوزارة التجهيز والإسكان خصص للنظر في مشروع إحداث منطقة تدخل عقاري بمنطقة الحسيان ببلدية قلعة الأندلس الذي تشرف عليه الوكالة العقارية للسكنى،حيث شهد حضور ممثلين عن ديوان الطيران المدني والمطارات.
وتم خلال هذه الجلسة تقديم عرض من طرف الوكالة يفيد بموقع إحداث منطقة التدخل العقاري بالحسيان مع تقديم الفرضيات المقترحة لإنجازه.
وبعد مناقشة فرضيات التدخل المقترحة من طرف الوكالة تم الاتفاق بين جميع الحاضرين على تهيئة 460 هكتار من منطقة التدخل العقاري للحد من البناء الفوضوي على أن يتم النظر في مرحلة ثانية في إمكانية توسيع مجال التدخل ليشمل 812 هكتارا،وذلك بعد القيام بدراسة جدوى من طرف الديوان تأخذ بعين الاعتبار مشروع المطار الجديد المبرمج إنجازه في هذه المنطقة وتأثيره على المناطق المجاورة بما في ذلك منطقة التدخل العقاري الحسيان.
خصائص المطار الجديد..
وبالعودة الى تفاصيل المشروع واستنادا على معطيات تحصلت عليها"الصباح" تتعلق بمخرجات المجلس الوزاري المضيق لسنة 2017 وبالدراسات التي تمت في الغرض فان مشروع المطار الجديد الذي اتفق حينها على تسميته بـ"المدينة المطار" مع امكانية تغيير اسمه سيؤمن طاقة استيعاب تصل الى 15 مليون مسافر سنويا .
وقد اقر المجلس الوزاري المذكور والذي خصص للنظر في مستقبل مطار تونس قرطاج الدولي وفرضية انجاز مطار جديد بتونس الكبرى الموافقة من حيث المبدأ على انجاز المطار على ان يتم تعميق مختلف الدراسات بشان الموقع الامثل لاحتضانه والتكلفة والبرنامج الوظيفي وروزنامة الانجاز وهو ما يتطلب وقتها القيام بدراسة معمقة حول الموقع المنتظر واخرى فنية خاصة بانشاء المطار الجديد.
اما عن مكونات المشروع فقد تمت دراسة قياساتها الاولية بالاعتماد على خاصيات الطائرات الضخمة من نوع A380 ومثيلاتها وبذلك يتكون المطار اجمالا من منطقة المناورة التي تضم بدورها في مرحلة اولى مدرجين للطائرات مع مسلك طائرة مواز بالنسبة لكل مدرج، منطقة وقوف الطائرات واخرى للصيانة، منشات الخدمات الارضية، المحطة الجوية والتي ستمتد على مساحة 180000 متر مربع بالاضافة الى محطة البضائع التي تقدر طاقة استيعابها السنوية بـ50 ألف طن قابلة للتوسعة ناهيك عن مكان مخصص لتجهيزات الملاحة الجوية والتاريم الليلي.
وبشان الكلفة المالية للمشروع التي تم ضبطها في أخر دراسة أي منذ أكثر من 4 سنوات فقد قدرت التكلفة الأولية للانجاز بحوالي 2740 مليون دينار دون اعتبار تكلفة حماية الموقع والمدخل الرئيسي للمطار (أي حماية المنطقة من الفيضانات، وتكلفة التجهيزات الخاصة بالربط بشبكات الكهرباء والماء والتطهير، وانجاز محول بين الطريق المؤدية للمطار والطريق السريعة وغيرها من التدخلات) والكلفة المحتملة لاقتناء الاراضي الخاصة.
كما تم حينها اقتراح تمويل المشروع عن طريق التفويت في مطار تونس قرطاج الدولي بقيمة تتراوح بين 8 و10 مليار دينار.
وتجدر الاشارة في هذا الإطار الى ان الآجال المتوقعة لانجاز مطار جديد تصل الى 10 سنوات.
لماذا وقع الاخيتار على الحسيان؟
وبالعودة الى مجريات الاحداث ابان الاعلان عن توجه الحكومة بعد المجلس الوزاري المضيق في انجاز مطار جديد فقد كثر السجال السياسي خاصة بين نواب مجلس الشعب حول احقية كل جهة تتوفر فيها الشروط المحددة في الغرض لتكون مكانا للمشروع المرتقب.
واقيمت ندوات جهوية في الغرض وحضور اعلامي للعديد من النواب للدفاع عن جهاتهم حتى وصل الامر الى حد الاسئلة الشفاهية التي وجهت لوزير النقل حينها حول مكان المشروع واتهام الوزارة بالانحياز الى جهة دون اخرى.
كما اختار عدد من النواب حينها تكليف مكتب دراسات دولي لتبيان احقية جهاتهم بالمشروع.
في المقابل كان رد الوزارة واضحا وهو اعتماد راي مكتب دراسات دولي مختص لاختيار المكان وفق شروط محددة فكان الخيار على موقع من بين اربعة مواقع الا وهو منطقة قلعة الاندلس الحسيان ليكون الانسب من بين منطقة سيدي عثمان( قرعة المبطوحة)، برج العامري واوتيك لما يتوفر فيه من معطيات حيث تتواجد منطقة الحسيان شمال العاصمة على بعد 24 كلم ولا توجد بها حواجز طبيعية من مرتفعات جبلية وهضبية على غرار بقية المواقع.
كما يمتد الموقع على مساحة 3000 هكتار مع اغلبية مساحة على ملك الدولية وهي من النقاط المهمة مع وجود تجمعات سكنية خفيفة، بالاضافة الى مرور الطريق السريعة A4(على بعد 9 كلم) والطريق الحزامية السريعة (x30 )والتي تقوم بربط الطرقات السريعة تونس العاصمة-بنزرت وتونس العاصمة –صفاقس وتونس العاصمة-باجة.
حاجة ملحة..
ونظرا لتطور حركة الملاحة الجوية ببلادنا اين سجلت المطارات التونسية في اخر تقرير رسمي بسنة 2022 اي السنة الفارطة 7165209 مسافر أي بزيادة في حدود 11.6 % مقارنة بما تم تسجليه سنة 2021، واستنادا على توجه الحكومة نحو دفع الموسم السياحي والترويج للوجهة التونسية، ونظرا للموسم السياحي الواعد مقارنة بالسنوات الماضية حيثفقد كانت تونس الوجهة الاهم عالميا،وفق وزارة السياحة والصناعات التقليدية، اذ سجلت بلادنا وفود أكثر من 6 ملايين سائح أجنبي من جنسيات مختلفة على غرار فرنسا، ألمانيا، بريطانيا العظمى، بولونيا والتشيك بالاضافةالى الجزائريين، ليتجاوز هذا الرقم الهدف الذي حددته الاستراتيجية المعتمدة لإحياء السياحة خلال الفترة الممتدة من 2022 إلى 2024، فقد اصبح تفعيل مشروع المطار الجديد وجلبه من فوق الرفوف ووضعه على طاولة اولويات الحكومة حتمية لا مفر منها.
وقد أكد عديد الخبراء هذا التوجه خاصة وان اخر مطار تم انشاؤه في تونس كان في ثمانينات القرن الماضي وهو مطار صفاقس طينة الدولي الذي تم انجازه سنة 1980 وبذلك تكون بلادنا قد انتظرت اكثر من اربعين سنة ولا تزال انشاء مطار جديد بمواصفات عالمية تواكب التحول الكبير الذي يشهده العالم والمنطقة ككل ليبقى ذلك في النهاية رهين توفر الموارد المالية والارادة السياسية والرؤية الاستراتيجية للنهوض بقطاع النقل ودفع عجلة الاقتصاد.
جمال الفرشيشي
تونس-الصباح
هو من المشاريع الكبرى في قطاع النقل التي أسالت من الحبر الكثير منذ ان تم الإعلان عنها خلال المجلس الوزاري المضيق المنعقد بتاريخ جويلية 2017، لكن وبمرور السنوات وتعاقب الحكومات بدأ مشروع المطار الجديد ببلادنا في الغياب والتغييب ليترك جانبا على هامش أولويات القائمين على إدارة الشأن العام لتصمت شراسة المدافعين عنه منذ سنين ويصبح متروكا لتنتشله وتعيده إلى الصورة من جديد رغم الاتفاق الحاصل بين جميع العارفين والمختصين في مجال الطيران المدني ببلادنا بضرورة إنشاء مطار ذي طاقة استيعاب كبيرة تستجيب لمتطلبات المرحلة القادمة لبلد راهن ولا يزال على السياحة منفقا من اجلها أموالا طائلة للترويج للوجهة التونسية.
ويبقى الغموض متواصلا حول مصير المشروع الأهم والأضخم في تونس على مستوى البنية التحتية لمجال لم يشهد انجاز أي مطار مند عقود، فهل ستقر تونس التوجه نحو انجاز مطار جديد ام لا؟.
سؤال اعيد طرحه من جديد في ظل تمسك الحكومة، على ما يبدو، بهذا المشروع وذلك من خلال اجتماع جرى منذ فترة قصيرة بوزارة التجهيز والإسكان خصص للنظر في مشروع إحداث منطقة تدخل عقاري بمنطقة الحسيان ببلدية قلعة الأندلس الذي تشرف عليه الوكالة العقارية للسكنى،حيث شهد حضور ممثلين عن ديوان الطيران المدني والمطارات.
وتم خلال هذه الجلسة تقديم عرض من طرف الوكالة يفيد بموقع إحداث منطقة التدخل العقاري بالحسيان مع تقديم الفرضيات المقترحة لإنجازه.
وبعد مناقشة فرضيات التدخل المقترحة من طرف الوكالة تم الاتفاق بين جميع الحاضرين على تهيئة 460 هكتار من منطقة التدخل العقاري للحد من البناء الفوضوي على أن يتم النظر في مرحلة ثانية في إمكانية توسيع مجال التدخل ليشمل 812 هكتارا،وذلك بعد القيام بدراسة جدوى من طرف الديوان تأخذ بعين الاعتبار مشروع المطار الجديد المبرمج إنجازه في هذه المنطقة وتأثيره على المناطق المجاورة بما في ذلك منطقة التدخل العقاري الحسيان.
خصائص المطار الجديد..
وبالعودة الى تفاصيل المشروع واستنادا على معطيات تحصلت عليها"الصباح" تتعلق بمخرجات المجلس الوزاري المضيق لسنة 2017 وبالدراسات التي تمت في الغرض فان مشروع المطار الجديد الذي اتفق حينها على تسميته بـ"المدينة المطار" مع امكانية تغيير اسمه سيؤمن طاقة استيعاب تصل الى 15 مليون مسافر سنويا .
وقد اقر المجلس الوزاري المذكور والذي خصص للنظر في مستقبل مطار تونس قرطاج الدولي وفرضية انجاز مطار جديد بتونس الكبرى الموافقة من حيث المبدأ على انجاز المطار على ان يتم تعميق مختلف الدراسات بشان الموقع الامثل لاحتضانه والتكلفة والبرنامج الوظيفي وروزنامة الانجاز وهو ما يتطلب وقتها القيام بدراسة معمقة حول الموقع المنتظر واخرى فنية خاصة بانشاء المطار الجديد.
اما عن مكونات المشروع فقد تمت دراسة قياساتها الاولية بالاعتماد على خاصيات الطائرات الضخمة من نوع A380 ومثيلاتها وبذلك يتكون المطار اجمالا من منطقة المناورة التي تضم بدورها في مرحلة اولى مدرجين للطائرات مع مسلك طائرة مواز بالنسبة لكل مدرج، منطقة وقوف الطائرات واخرى للصيانة، منشات الخدمات الارضية، المحطة الجوية والتي ستمتد على مساحة 180000 متر مربع بالاضافة الى محطة البضائع التي تقدر طاقة استيعابها السنوية بـ50 ألف طن قابلة للتوسعة ناهيك عن مكان مخصص لتجهيزات الملاحة الجوية والتاريم الليلي.
وبشان الكلفة المالية للمشروع التي تم ضبطها في أخر دراسة أي منذ أكثر من 4 سنوات فقد قدرت التكلفة الأولية للانجاز بحوالي 2740 مليون دينار دون اعتبار تكلفة حماية الموقع والمدخل الرئيسي للمطار (أي حماية المنطقة من الفيضانات، وتكلفة التجهيزات الخاصة بالربط بشبكات الكهرباء والماء والتطهير، وانجاز محول بين الطريق المؤدية للمطار والطريق السريعة وغيرها من التدخلات) والكلفة المحتملة لاقتناء الاراضي الخاصة.
كما تم حينها اقتراح تمويل المشروع عن طريق التفويت في مطار تونس قرطاج الدولي بقيمة تتراوح بين 8 و10 مليار دينار.
وتجدر الاشارة في هذا الإطار الى ان الآجال المتوقعة لانجاز مطار جديد تصل الى 10 سنوات.
لماذا وقع الاخيتار على الحسيان؟
وبالعودة الى مجريات الاحداث ابان الاعلان عن توجه الحكومة بعد المجلس الوزاري المضيق في انجاز مطار جديد فقد كثر السجال السياسي خاصة بين نواب مجلس الشعب حول احقية كل جهة تتوفر فيها الشروط المحددة في الغرض لتكون مكانا للمشروع المرتقب.
واقيمت ندوات جهوية في الغرض وحضور اعلامي للعديد من النواب للدفاع عن جهاتهم حتى وصل الامر الى حد الاسئلة الشفاهية التي وجهت لوزير النقل حينها حول مكان المشروع واتهام الوزارة بالانحياز الى جهة دون اخرى.
كما اختار عدد من النواب حينها تكليف مكتب دراسات دولي لتبيان احقية جهاتهم بالمشروع.
في المقابل كان رد الوزارة واضحا وهو اعتماد راي مكتب دراسات دولي مختص لاختيار المكان وفق شروط محددة فكان الخيار على موقع من بين اربعة مواقع الا وهو منطقة قلعة الاندلس الحسيان ليكون الانسب من بين منطقة سيدي عثمان( قرعة المبطوحة)، برج العامري واوتيك لما يتوفر فيه من معطيات حيث تتواجد منطقة الحسيان شمال العاصمة على بعد 24 كلم ولا توجد بها حواجز طبيعية من مرتفعات جبلية وهضبية على غرار بقية المواقع.
كما يمتد الموقع على مساحة 3000 هكتار مع اغلبية مساحة على ملك الدولية وهي من النقاط المهمة مع وجود تجمعات سكنية خفيفة، بالاضافة الى مرور الطريق السريعة A4(على بعد 9 كلم) والطريق الحزامية السريعة (x30 )والتي تقوم بربط الطرقات السريعة تونس العاصمة-بنزرت وتونس العاصمة –صفاقس وتونس العاصمة-باجة.
حاجة ملحة..
ونظرا لتطور حركة الملاحة الجوية ببلادنا اين سجلت المطارات التونسية في اخر تقرير رسمي بسنة 2022 اي السنة الفارطة 7165209 مسافر أي بزيادة في حدود 11.6 % مقارنة بما تم تسجليه سنة 2021، واستنادا على توجه الحكومة نحو دفع الموسم السياحي والترويج للوجهة التونسية، ونظرا للموسم السياحي الواعد مقارنة بالسنوات الماضية حيثفقد كانت تونس الوجهة الاهم عالميا،وفق وزارة السياحة والصناعات التقليدية، اذ سجلت بلادنا وفود أكثر من 6 ملايين سائح أجنبي من جنسيات مختلفة على غرار فرنسا، ألمانيا، بريطانيا العظمى، بولونيا والتشيك بالاضافةالى الجزائريين، ليتجاوز هذا الرقم الهدف الذي حددته الاستراتيجية المعتمدة لإحياء السياحة خلال الفترة الممتدة من 2022 إلى 2024، فقد اصبح تفعيل مشروع المطار الجديد وجلبه من فوق الرفوف ووضعه على طاولة اولويات الحكومة حتمية لا مفر منها.
وقد أكد عديد الخبراء هذا التوجه خاصة وان اخر مطار تم انشاؤه في تونس كان في ثمانينات القرن الماضي وهو مطار صفاقس طينة الدولي الذي تم انجازه سنة 1980 وبذلك تكون بلادنا قد انتظرت اكثر من اربعين سنة ولا تزال انشاء مطار جديد بمواصفات عالمية تواكب التحول الكبير الذي يشهده العالم والمنطقة ككل ليبقى ذلك في النهاية رهين توفر الموارد المالية والارادة السياسية والرؤية الاستراتيجية للنهوض بقطاع النقل ودفع عجلة الاقتصاد.