إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ليبيا في ذكرى انتفاضة 2011 .. تدفق النفط وإبعاد عناصر"فاغنر" أولويتان للقوى الغربية

 

بقلم: رشيد خشانة(*)

 

*أمراء الحرب في ليبيا اليوم ليسوا فقط قادة الميليشيات، وإنما أيضا مسؤولون سياسيون يتصرفون مثلما يتصرف أمراء الحرب

 

 

يستقبل الليبيون الذكرى الثانية عشر لانتفاضة 2011 بكثير من المرارة لإخفاق السياسيين، المدعومين من قوى اقليمية ودولية معروفة، وفي ظل وجود قوات أجنبية على أرضهم، وخاصة الروس والأتراك.  لكن جميع التصريحات الموحية، مباشرة أو مداورة، بوجود اتفاق على إبعاد مرتزقة "فاغنر" من الأراضي الليبية، لا يمكن الوثوق في صحتها إلا متى وُضعت على المحك، وبدأ الانسحاب فعليا. ومن الواضح أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، مارس ضغطا قويا على اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أثناء اجتماعهما أخيرا في بنغازي، من أجل التخلي عن مجموعة المرتزقة الروس. وتنظر واشنطن إلى المجموعة على أنها تشكيلٌ أساسيٌ من القوات الروسية، سواء تلك التي تغزو أوكرانيا، أم تلك المنتشرة في الخارج.

تقاسم السيطرة على "الكانتونات"

وسيضع رحيل فاغنر من عدمه التصريحات والالتزامات المُعلنة هنا وهناك على المحك، لأن خروج الروس سيتبعه انسحاب القوات الأجنبية الأخرى، وخاصة الأتراك، وإن شكليا، في إطار تهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية والنيابية. وإذا ما تحققت خطوة الانسحاب بجد، فإن خطوات أخرى ستتلوها، وفي مقدمتها تجميع السلاح الثقيل وإبعاده عن المدن والتجمعات السكانية. لكن الخطوة الأعقد، وربما العصية على التحقيق، هي حلُ الأجسام شبه العسكرية، التي أخذت مكان الدولة، وصارت دويلات تتقاسم السيطرة على الأحياء و"الكانتونات"، وتفرض فيها القانون...  قانونها. واستطرادا فإن أمراء الحرب سيُعطلون أية تسوية تؤدي إلى تحجيم نفوذهم.

وأمراء الحرب في ليبيا اليوم ليسوا فقط قادة الميليشيات، وإنما أيضا مسؤولون سياسيون يتصرفون مثلما يتصرف أمراء الحرب، ومن بينهم أعضاء في مجلسي النواب والأعلى للدولة، بالاضافة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود أكبر ميليشيا في المنطقة الشرقية. والأغرب من ذلك أن حكومة عبد الحميد الدبيبة تصرف رواتب للأجسام العسكرية التي تتولى حمايتها، وتؤمن في الوقت نفسه الرواتب للمجندين في جيش حفتر، شهريا. وأبسط دليل على ذلك أن هذا الأخير رفض تقديم كشوفات عن المستفيدين من التحويلات المالية الشهرية إلى المنطقة الشرقية. ولو كُشف الغطاء عن مآلات التحويلات الكبيرة لظهرت في الصورة الأسماء المخفية، بما فيها مرتزقة "فاغنر".

مطلبُ بيرنز

ويملك حفتر ورقة قوية للضغط على الحكومة في طرابلس، إذا ما تقاعست أو تأخرت في تحويل كل تلك الرواتب، إذ سرعان ما يدفع الجنرال بقواته إلى الموانئ والحقول النفطية، لاحتلالها ووقف تصدير النفط والغاز، جزئيا أو كليا، ما يُضطر الحكومة في طرابلس للإذعان. من هذه الزاوية نُدرك لماذا ركز وليام بيرنز، بلهجة صارمة، أثناء اجتماعه مع حفتر في قاعدة الرجمة (شرق)، وقبل ذلك مع عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، على هذه المسألة لأن استمرار تدفق النفط والغاز على حلفاء واشنطن في أوروبا الغربية أمرٌ حيويٌ وحاجة أمنية، وسط اضطراب صادرات النفط والغاز الروسية.  

ومن المؤكد أن مصلحة واشنطن تكمن في ألا يؤدي انهيار العملية السياسية في ليبيا، إلى اندلاع حرب جديدة، تكون "فاغنر" طرفا فاعلا فيها، وأن يستمر تدفق النفط والغاز الليبيين كي لا تتعمق أزمة الطاقة في أوروبا، في ظل تراجع إمدادات الطاقة الروسية، خاصة بعد قرار تسقيف أسعارها.

وتعتقد مصادر أمريكية أن مجموعة "فاغنر" احتفظت بـ300 روسي و 700 سوري في شرق ليبيا، بما في ذلك حول المنشآت النفطية وقاعدة "الخادم" الجوية التابعة لحفتر. أما تركيا فأقامت قواعدها في غرب البلاد. وأكد مدير وكالة المخابرات المركزية بيرنز، في زيارة لجامعة جورج تاون بواشنطن، أن إدارة الرئيس بايدن تعمل بجد على مواجهة "فاغنر"، "لأنها تشكل تهديدا للأفارقة، في جميع أنحاء القارة"، بحسب ما قال. وبعد زيارة بيرنز إلى ليبيا صنفت وزارة الخزانة الأمريكية مجموعة "فاغنر"، بوصفها "منظمة إجرامية عابرة للحدود".

فاغنر في أوكرانيا

وكان اللواء حفتر جلب المرتزقة الروس إلى ليبيا، في 2018 للمساعدة في الهجوم على طرابلس. وفي أعقاب هزيمته وسحب قواته إلى المنطقة الشرقية، وتشكيل حكومة موحدة في 2021، ابتعدت "فاغنر" وحلفاؤها السوريون عن الأضواء، لكي تعود إليها مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، والدور المتزايد الذي لعبته في ساحة المعركة. وفي هذا السياق تُعتبر زيارة بيرنز لليبيا جزءا من حملة متجددة تقودها إدارة الرئيس بايدن ضد "فاغنر"، بعدما لعبت هذه الأخيرة دورا متزايدا في حرب أوكرانيا، بالتوازي مع توسيع نفوذها إلى مناطق أخرى من أفريقيا.

أكثر من ذلك كشفت وثيقة رسمية، تسربت على وجه الخطإ (؟) من أحد أجهزة الأمن في مالي، أواخر العام الماضي، عن أن "الوكالة الوطنية لأمن الدولة"، التي يُديرها الرئيس المالي أسيمي غويتا بنفسه، مساهمٌ في تمويل قوات "فاغنر".

عقوبات ضد "طباخ بوتين"

وتخضع المجموعة ومؤسسها يفغيني بريكوجين المُلقب بـ"طباخ بوتين"، لعقوبات أمريكية منذ 2017. وأعلنت إدارة بايدن في ديسمبر 2022 عن قيود جديدة، لتعطيل وصول التكنولوجيا إلى عناصر المجموعة، واصفة إياها بأنها "منظمة إجرامية عابرة للحدود". وتُؤلف عناصر "فاغنر" في ليبيا جيشا متكامل المقومات، إذ أنهم مجهزون بمركبات مدرعة وأنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة ومعدات أخرى قدمتها روسيا، ودفعت الإمارات ثمنها.

ويُرجح الصحفي الفرنسي مورغان لوكام، في مقال على صفحات جريدة "لوموند" أن مجموعة "فاغنر" خاسرة في مالي، واستطرادا يتساءل الصحفي عما إذا كانت تمول نشاطاتها هناك مما تحصدُه من عملياتها في ليبيا والسودان وأفريقيا الوسطى؟ لذلك فهي تحافظ على وجودها في مالي، بالرغم من الخسارة، لما يرتديه هذا البلد الشاسع من أهمية استراتيجية، لاسيما لباريس، ضمن قوس نفوذها في الساحل والصحراء. وبحسب وكالة الأنباء الأمريكية "أسيوشيدت برس" تتعاون إدارة بايدن منذ شهور، مع القوى الإقليمية، وخاصة مصر والإمارات، للضغط على القادة العسكريين في السودان وليبيا لإنهاء علاقاتهم مع الجماعة.

في هذه الأجواء كثرت التصريحات والتصريحات المضادة في ليبيا حول الانتخابات، لكن لا أحد من المُصرحين صادقٌ في ما يقول. والأرجح أن الانتخابات لن تتم في العام الجاري، لأن الأوضاع الداخلية والاقليمية غير جاهزة لانتخابات بمثل هذه الحساسية والخطورة. والسيناريو الأكثر تداولا حاليا هو تشكيل حكومة جديدة، يُستبعد منها كلٌ من الدبيبة والمشري وعقيلة صالح، وتقتصر مهمتها على الإعداد لانتخابات عامة، بعد الاتفاق على مرجعيتها الدستورية.

كسبا للوقت

وأتت التصريحات الأخيرة لعضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، لتؤكد أن النخبة الحاكمة هي التي تُعطل مسار الحل السياسي، إذ أن حكومة الدبيبة قادرة، برأيه، على إجراء الانتخابات، بوصفها الحكومة المعترف بها دوليا. غير أن الأطراف الداخلية والخارجية متوافقة على عدم إجرائها "لأن ذلك يصب في مصلحتهم جميعا" على ما قال.

في المقابل لوحظ بروز نخبة ليبية ناشئة، تعمل على خلق واقع جديد على الأرض، وتنبذ السياسيين وتتوعدهم بالمحاسبة. غير أن هذه النخبة الشابة مازالت بعيدة عن سلطة القرار، وهي تحتاج إلى توحيد صفوفها لإسماع صوتها، الذي مازال خافتا ومتقطعا، خصوصا بعد الاجراءات التي اتخذتها حكومة الدبيبة لإحكام قبضتها على وسائل الإعلام. وربما تكون الإحتفالات بالذكرى الثانية عشر لانتفاضة 17 فبراير/فيفري 2011 مناسبة لبروزها، بشكل منظم، في المشهد الليبي.

*مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا

ليبيا في ذكرى انتفاضة 2011   ..  تدفق النفط وإبعاد عناصر"فاغنر" أولويتان للقوى الغربية

 

بقلم: رشيد خشانة(*)

 

*أمراء الحرب في ليبيا اليوم ليسوا فقط قادة الميليشيات، وإنما أيضا مسؤولون سياسيون يتصرفون مثلما يتصرف أمراء الحرب

 

 

يستقبل الليبيون الذكرى الثانية عشر لانتفاضة 2011 بكثير من المرارة لإخفاق السياسيين، المدعومين من قوى اقليمية ودولية معروفة، وفي ظل وجود قوات أجنبية على أرضهم، وخاصة الروس والأتراك.  لكن جميع التصريحات الموحية، مباشرة أو مداورة، بوجود اتفاق على إبعاد مرتزقة "فاغنر" من الأراضي الليبية، لا يمكن الوثوق في صحتها إلا متى وُضعت على المحك، وبدأ الانسحاب فعليا. ومن الواضح أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، مارس ضغطا قويا على اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أثناء اجتماعهما أخيرا في بنغازي، من أجل التخلي عن مجموعة المرتزقة الروس. وتنظر واشنطن إلى المجموعة على أنها تشكيلٌ أساسيٌ من القوات الروسية، سواء تلك التي تغزو أوكرانيا، أم تلك المنتشرة في الخارج.

تقاسم السيطرة على "الكانتونات"

وسيضع رحيل فاغنر من عدمه التصريحات والالتزامات المُعلنة هنا وهناك على المحك، لأن خروج الروس سيتبعه انسحاب القوات الأجنبية الأخرى، وخاصة الأتراك، وإن شكليا، في إطار تهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية والنيابية. وإذا ما تحققت خطوة الانسحاب بجد، فإن خطوات أخرى ستتلوها، وفي مقدمتها تجميع السلاح الثقيل وإبعاده عن المدن والتجمعات السكانية. لكن الخطوة الأعقد، وربما العصية على التحقيق، هي حلُ الأجسام شبه العسكرية، التي أخذت مكان الدولة، وصارت دويلات تتقاسم السيطرة على الأحياء و"الكانتونات"، وتفرض فيها القانون...  قانونها. واستطرادا فإن أمراء الحرب سيُعطلون أية تسوية تؤدي إلى تحجيم نفوذهم.

وأمراء الحرب في ليبيا اليوم ليسوا فقط قادة الميليشيات، وإنما أيضا مسؤولون سياسيون يتصرفون مثلما يتصرف أمراء الحرب، ومن بينهم أعضاء في مجلسي النواب والأعلى للدولة، بالاضافة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود أكبر ميليشيا في المنطقة الشرقية. والأغرب من ذلك أن حكومة عبد الحميد الدبيبة تصرف رواتب للأجسام العسكرية التي تتولى حمايتها، وتؤمن في الوقت نفسه الرواتب للمجندين في جيش حفتر، شهريا. وأبسط دليل على ذلك أن هذا الأخير رفض تقديم كشوفات عن المستفيدين من التحويلات المالية الشهرية إلى المنطقة الشرقية. ولو كُشف الغطاء عن مآلات التحويلات الكبيرة لظهرت في الصورة الأسماء المخفية، بما فيها مرتزقة "فاغنر".

مطلبُ بيرنز

ويملك حفتر ورقة قوية للضغط على الحكومة في طرابلس، إذا ما تقاعست أو تأخرت في تحويل كل تلك الرواتب، إذ سرعان ما يدفع الجنرال بقواته إلى الموانئ والحقول النفطية، لاحتلالها ووقف تصدير النفط والغاز، جزئيا أو كليا، ما يُضطر الحكومة في طرابلس للإذعان. من هذه الزاوية نُدرك لماذا ركز وليام بيرنز، بلهجة صارمة، أثناء اجتماعه مع حفتر في قاعدة الرجمة (شرق)، وقبل ذلك مع عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، على هذه المسألة لأن استمرار تدفق النفط والغاز على حلفاء واشنطن في أوروبا الغربية أمرٌ حيويٌ وحاجة أمنية، وسط اضطراب صادرات النفط والغاز الروسية.  

ومن المؤكد أن مصلحة واشنطن تكمن في ألا يؤدي انهيار العملية السياسية في ليبيا، إلى اندلاع حرب جديدة، تكون "فاغنر" طرفا فاعلا فيها، وأن يستمر تدفق النفط والغاز الليبيين كي لا تتعمق أزمة الطاقة في أوروبا، في ظل تراجع إمدادات الطاقة الروسية، خاصة بعد قرار تسقيف أسعارها.

وتعتقد مصادر أمريكية أن مجموعة "فاغنر" احتفظت بـ300 روسي و 700 سوري في شرق ليبيا، بما في ذلك حول المنشآت النفطية وقاعدة "الخادم" الجوية التابعة لحفتر. أما تركيا فأقامت قواعدها في غرب البلاد. وأكد مدير وكالة المخابرات المركزية بيرنز، في زيارة لجامعة جورج تاون بواشنطن، أن إدارة الرئيس بايدن تعمل بجد على مواجهة "فاغنر"، "لأنها تشكل تهديدا للأفارقة، في جميع أنحاء القارة"، بحسب ما قال. وبعد زيارة بيرنز إلى ليبيا صنفت وزارة الخزانة الأمريكية مجموعة "فاغنر"، بوصفها "منظمة إجرامية عابرة للحدود".

فاغنر في أوكرانيا

وكان اللواء حفتر جلب المرتزقة الروس إلى ليبيا، في 2018 للمساعدة في الهجوم على طرابلس. وفي أعقاب هزيمته وسحب قواته إلى المنطقة الشرقية، وتشكيل حكومة موحدة في 2021، ابتعدت "فاغنر" وحلفاؤها السوريون عن الأضواء، لكي تعود إليها مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، والدور المتزايد الذي لعبته في ساحة المعركة. وفي هذا السياق تُعتبر زيارة بيرنز لليبيا جزءا من حملة متجددة تقودها إدارة الرئيس بايدن ضد "فاغنر"، بعدما لعبت هذه الأخيرة دورا متزايدا في حرب أوكرانيا، بالتوازي مع توسيع نفوذها إلى مناطق أخرى من أفريقيا.

أكثر من ذلك كشفت وثيقة رسمية، تسربت على وجه الخطإ (؟) من أحد أجهزة الأمن في مالي، أواخر العام الماضي، عن أن "الوكالة الوطنية لأمن الدولة"، التي يُديرها الرئيس المالي أسيمي غويتا بنفسه، مساهمٌ في تمويل قوات "فاغنر".

عقوبات ضد "طباخ بوتين"

وتخضع المجموعة ومؤسسها يفغيني بريكوجين المُلقب بـ"طباخ بوتين"، لعقوبات أمريكية منذ 2017. وأعلنت إدارة بايدن في ديسمبر 2022 عن قيود جديدة، لتعطيل وصول التكنولوجيا إلى عناصر المجموعة، واصفة إياها بأنها "منظمة إجرامية عابرة للحدود". وتُؤلف عناصر "فاغنر" في ليبيا جيشا متكامل المقومات، إذ أنهم مجهزون بمركبات مدرعة وأنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة ومعدات أخرى قدمتها روسيا، ودفعت الإمارات ثمنها.

ويُرجح الصحفي الفرنسي مورغان لوكام، في مقال على صفحات جريدة "لوموند" أن مجموعة "فاغنر" خاسرة في مالي، واستطرادا يتساءل الصحفي عما إذا كانت تمول نشاطاتها هناك مما تحصدُه من عملياتها في ليبيا والسودان وأفريقيا الوسطى؟ لذلك فهي تحافظ على وجودها في مالي، بالرغم من الخسارة، لما يرتديه هذا البلد الشاسع من أهمية استراتيجية، لاسيما لباريس، ضمن قوس نفوذها في الساحل والصحراء. وبحسب وكالة الأنباء الأمريكية "أسيوشيدت برس" تتعاون إدارة بايدن منذ شهور، مع القوى الإقليمية، وخاصة مصر والإمارات، للضغط على القادة العسكريين في السودان وليبيا لإنهاء علاقاتهم مع الجماعة.

في هذه الأجواء كثرت التصريحات والتصريحات المضادة في ليبيا حول الانتخابات، لكن لا أحد من المُصرحين صادقٌ في ما يقول. والأرجح أن الانتخابات لن تتم في العام الجاري، لأن الأوضاع الداخلية والاقليمية غير جاهزة لانتخابات بمثل هذه الحساسية والخطورة. والسيناريو الأكثر تداولا حاليا هو تشكيل حكومة جديدة، يُستبعد منها كلٌ من الدبيبة والمشري وعقيلة صالح، وتقتصر مهمتها على الإعداد لانتخابات عامة، بعد الاتفاق على مرجعيتها الدستورية.

كسبا للوقت

وأتت التصريحات الأخيرة لعضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، لتؤكد أن النخبة الحاكمة هي التي تُعطل مسار الحل السياسي، إذ أن حكومة الدبيبة قادرة، برأيه، على إجراء الانتخابات، بوصفها الحكومة المعترف بها دوليا. غير أن الأطراف الداخلية والخارجية متوافقة على عدم إجرائها "لأن ذلك يصب في مصلحتهم جميعا" على ما قال.

في المقابل لوحظ بروز نخبة ليبية ناشئة، تعمل على خلق واقع جديد على الأرض، وتنبذ السياسيين وتتوعدهم بالمحاسبة. غير أن هذه النخبة الشابة مازالت بعيدة عن سلطة القرار، وهي تحتاج إلى توحيد صفوفها لإسماع صوتها، الذي مازال خافتا ومتقطعا، خصوصا بعد الاجراءات التي اتخذتها حكومة الدبيبة لإحكام قبضتها على وسائل الإعلام. وربما تكون الإحتفالات بالذكرى الثانية عشر لانتفاضة 17 فبراير/فيفري 2011 مناسبة لبروزها، بشكل منظم، في المشهد الليبي.

*مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا