اهتّز الضمير العالمي على وقع الزلزال المدمّر الذي ضرب كل من تركيا وسوريا.. واستنفرت كل الدول للمساعدة على الإنقاذ والتخفيف من حجم المأساة ولئن كانت كل الأمور تسير بشكل جيّد في علاقة بالمأساة التركية، فإن المأساة السورية توّلدت منها مآس حيث عطّل الحصار المفروض على نظام بشار الأسد وصول هذه المساعدات، ورغم ذلك كانت تونس من بين الدول القليلة التي أصرّت على مساعدة الشعب السوري رغم كل الأوضاع والظروف ولكن على هامش الموقف التونسي من المأساة السورية بفعل الزلزال، برزت إشاعات وأقاويل خاصة بعد إقالة وزير الخارجية عثمان الجرندي بعد ساعات من حدوث الكارثة الإنسانية حيث تم تداول خبر إقالته وأن الرئيس قيس سعيد لم يكن راضيا على هذا الاتصال .
ولكن هذه المقولة تم تكذيبها بشكل قاطع بعد ساعات قليلة من تعيين وزير الخارجية الجديد نبيل عمار من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد، حيث بادر الوزير الجديد بالاتصال بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد والذي كان التقى بدوره منذ أشهر في الجزائر بالرئيس قيس سعيد وحمّله وقتها رئيس الجمهورية رسالة الى الرئيس بشار الأسد .
وفي أول نشاط رسمي له كوزير للخارجية التونسية اتصل الوزير نبيل عمار بنظيره السوري فيصل المقداد وقالت وكالة أنباء النظام السوري (سانا) إن المقداد تلقى أول أمس الأربعاء اتصالا من نبيل عمار "نقل خلاله تعازي ومواساة الرئيس التونسي قيس سعيد والشعب التونسي إلى الجمهورية العربية السورية حكومة وشعبا، معبرا عن التضامن مع أهالي الضحايا والمتضررين، جراء الزلزال الذي ضرب سوريا" وكان وزير الخارجية السابق عثمان الجرندي قد غرّد على صفحته الرسمية على "تويتر" قبل ساعة من إقالته، قائلا انه اتصل بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد أبلغه من خلالها عن تعاطف وتضامن تونس رئيسا وشعبا وحكومة مع الدولة السورية كما تحدث الجرندي عن تنسيق المد التضامني التونسي الذي أذن به الرئيس قيس سعيد لمعاضدة مجهود آثار الزلزال .
ورغم أن رئاسة الجهورية لم توضح الى الآن أسباب إقالة الجرندي وتركت الأمر للتخمينات والتأويلات في علاقة خاصة بالأزمة الجديدة بين الجزائر وفرنسا على اثر مغادرة سيدة جزائرية مطلوبة للعدالة الى فرنسا عبر التراب التونسي، ولكن تعيين نبيل عمار كوزير خارجية جديد تم استقباله بالكثير من الارتياح في الأوساط الديبلوماسية وكان نبيل عمار يشغل منصب سفير تونس لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي منذ عام 2020، كما كان سفيرا لتونس في المملكة المتحدة بين عام 2012 و2017.. ويرى ملاحظون أن الهدف من تعيينه هو مزيد من إنعاش الديبلوماسية الاقتصادية التي تعثرت كثيرا مع عثمان الجرندي .
مرحلة إذابة الجليد ..
منذ مؤتمر أصدقاء سوريا الذي اشرف عليه الرئيس المؤقت الأسبق المنصف المرزوقي في 2012 دخلت العلاقات التونسية -السورية مرحلة من الفتور والجمود خاصة بعد طرد السفير السوري قبل هذا المؤتمر وبقيت تلك العلاقات باردة رغم محاولات كسر الجليد زمن الباجي قايد السبسي حيث توجه وفد برلماني المتكون من برلمانيين تونسيين عن حزب نداء تونس وأحزاب قومية ويسارية الى سوريا ولقائهم بالرئيس بشار الأسد إلا أنه ورغم تلك الخطوة بقيت العلاقات الديبلوماسية دون خطوة إيجابية وفعلية ..
ومع الرئيس قيس سعيد تواصلت مرحلة إذابة الجليد حيث التقى الرئيس سعيّد منذ أشهر في الجزائر مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وحمّله رسالة الى الرئيس بشار الأسد وقد كشفت خارجية النظام السوري عن فحوى تلك الرسالة التي بعث بها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال لقائه بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد عل هامش الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر.
وقالت الخارجية السورية وقتها في بلاغ نشرته على صفحتها الرسمية إن سعيد طلب من المقداد "نقل تحياته إلى الأسد وأوضح أن الإنجازات التي حققتها سوريا وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف تتكامل مع بعضها لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين الشقيقين في سوريا وتونس".
وسبق تلك الرسالة لقاء جمع بين الجراندي ومقداد بعد عشر سنوات من الفتور الديبلوماسي وقالت وقتها الخارجية التونسية أن اللقاء "مناسبة لاستعراض علاقات الأخوّة العريقة بين تونس وسوريا والشعبين الشقيقين وتطورات الأوضاع في سوريا ومسار التسوية السياسية للأزمة".
وبمناسبة احتفالات الجزائر بذكرى الاستقلال قال قيس سعيد على هامش لقاء جمعه بالرئيس الجزائري تبون أنه يجب التفرقة بين الدولة والنظام في سوريا وأن النظام شأن داخلي للشعوب يهم الشعب السوري فقط أما التعامل فانه يتم مع الدول وأن هناك أطرافا في سوريا أرادت إسقاط الدولة السورية وليس النظام وان سوريا عانت كثيرا من مساعي التفكيك على مدار تاريخها .
وكانت بداية الأزمة في سوريا مع تفجّر مسار الثورات العربية حيث برزت أصوات معارضة في سوريا تطالب بسقوط النظام وتم مواجهتها في البداية بالقمع، وفي فيفري 2012 التأم بتونس مؤتمر أصدقاء سوريا وهي مجموعة اتصال دوليّة تدعم الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، تتكون المجموعة من 70 بلدا أبرزها معظم البلدان العربيّة وبلدان الاتحاد الأوربي وأمريكا وتركيا وعدّة هيئات ومنظمات دوليّة كجامعة الدول العربيّة وعرفت المجموعة بنفسها وقتها قائلة انها تهدف إلى إيجاد حل للأزمة السوريّة خارج إطار مجلس أمن الأمم المتحدة بعد عرقلة كل من روسيا والصين واستخدامها حقّيهما في النقض بشكل مشترك ضد مشروعي قرارات يدينان النظام السوري.
وكان أوّل من اقترح إنشاء مجموعة اتصال لمساندة الانتفاضة السورية كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فيما قامت الحكومة التونسيّة بتنظيم مؤتمر للمجموعة بعد قطع علاقاتها مع النظام السوري وطردها السفير السوري من تونس عقب مذبحة حي الخالديّة في مدينة حمص. انعقد مؤتمر «أصدقاء سوريا» في 24 فيفري 2012 وختم بإعلان يدعو الحكومة السورية إلى إنهاء العنف ووقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لأكثر المناطق تضررا كما دعا أيضا إلى فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري كحظر السفر على المسؤولين وتجميد أرصدة ووقف التعامل التجاري في مجال النفط والفوسفات وتخفيض العلاقات الدبلوماسية وحظر توريد السلاح ..
وبطريقة ما مهّد هذا المؤتمر لاحقا الى وضع قانون القيصر الذي وضع سوريا والنظام السوري تحت حظر دولي وحصار كبير واليوم حتى المساعدات الإنسانية تضررت ولا تصل الى مستحقيها بسبب هذا القانون.
وقفة احتجاجية للمطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا
انتظمت أمس، أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، وقفة احتجاجية، طالب المشاركون فيها بكسر الحصار على سوريا وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها.
وندد العضو المؤسس للتنسيقية التونسية لإعادة العلاقات مع سوريا صلاح الدين المصري، في تصريح لمراسلة الجوهرة اف أم، بإخلاف السلطات لوعودها بإعادة العلاقات بين تونس ودمشق، والمقطوعة منذ 10 سنوات، وهو ما وصفه بـ"الجريمة في حق تونس وسوريا".
في المقابل أشاد المتحدث بالخطوة المتخذة بإرسال مساعدات تونسية إلى سوريا، إلا أنها تبقى غير كافية بالمقارنة مع حجم الكارثة التي اصابتها في أعقاب الزلزال الذي أودى بحياة الآلاف، وفق تأكيده.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
اهتّز الضمير العالمي على وقع الزلزال المدمّر الذي ضرب كل من تركيا وسوريا.. واستنفرت كل الدول للمساعدة على الإنقاذ والتخفيف من حجم المأساة ولئن كانت كل الأمور تسير بشكل جيّد في علاقة بالمأساة التركية، فإن المأساة السورية توّلدت منها مآس حيث عطّل الحصار المفروض على نظام بشار الأسد وصول هذه المساعدات، ورغم ذلك كانت تونس من بين الدول القليلة التي أصرّت على مساعدة الشعب السوري رغم كل الأوضاع والظروف ولكن على هامش الموقف التونسي من المأساة السورية بفعل الزلزال، برزت إشاعات وأقاويل خاصة بعد إقالة وزير الخارجية عثمان الجرندي بعد ساعات من حدوث الكارثة الإنسانية حيث تم تداول خبر إقالته وأن الرئيس قيس سعيد لم يكن راضيا على هذا الاتصال .
ولكن هذه المقولة تم تكذيبها بشكل قاطع بعد ساعات قليلة من تعيين وزير الخارجية الجديد نبيل عمار من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد، حيث بادر الوزير الجديد بالاتصال بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد والذي كان التقى بدوره منذ أشهر في الجزائر بالرئيس قيس سعيد وحمّله وقتها رئيس الجمهورية رسالة الى الرئيس بشار الأسد .
وفي أول نشاط رسمي له كوزير للخارجية التونسية اتصل الوزير نبيل عمار بنظيره السوري فيصل المقداد وقالت وكالة أنباء النظام السوري (سانا) إن المقداد تلقى أول أمس الأربعاء اتصالا من نبيل عمار "نقل خلاله تعازي ومواساة الرئيس التونسي قيس سعيد والشعب التونسي إلى الجمهورية العربية السورية حكومة وشعبا، معبرا عن التضامن مع أهالي الضحايا والمتضررين، جراء الزلزال الذي ضرب سوريا" وكان وزير الخارجية السابق عثمان الجرندي قد غرّد على صفحته الرسمية على "تويتر" قبل ساعة من إقالته، قائلا انه اتصل بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد أبلغه من خلالها عن تعاطف وتضامن تونس رئيسا وشعبا وحكومة مع الدولة السورية كما تحدث الجرندي عن تنسيق المد التضامني التونسي الذي أذن به الرئيس قيس سعيد لمعاضدة مجهود آثار الزلزال .
ورغم أن رئاسة الجهورية لم توضح الى الآن أسباب إقالة الجرندي وتركت الأمر للتخمينات والتأويلات في علاقة خاصة بالأزمة الجديدة بين الجزائر وفرنسا على اثر مغادرة سيدة جزائرية مطلوبة للعدالة الى فرنسا عبر التراب التونسي، ولكن تعيين نبيل عمار كوزير خارجية جديد تم استقباله بالكثير من الارتياح في الأوساط الديبلوماسية وكان نبيل عمار يشغل منصب سفير تونس لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي منذ عام 2020، كما كان سفيرا لتونس في المملكة المتحدة بين عام 2012 و2017.. ويرى ملاحظون أن الهدف من تعيينه هو مزيد من إنعاش الديبلوماسية الاقتصادية التي تعثرت كثيرا مع عثمان الجرندي .
مرحلة إذابة الجليد ..
منذ مؤتمر أصدقاء سوريا الذي اشرف عليه الرئيس المؤقت الأسبق المنصف المرزوقي في 2012 دخلت العلاقات التونسية -السورية مرحلة من الفتور والجمود خاصة بعد طرد السفير السوري قبل هذا المؤتمر وبقيت تلك العلاقات باردة رغم محاولات كسر الجليد زمن الباجي قايد السبسي حيث توجه وفد برلماني المتكون من برلمانيين تونسيين عن حزب نداء تونس وأحزاب قومية ويسارية الى سوريا ولقائهم بالرئيس بشار الأسد إلا أنه ورغم تلك الخطوة بقيت العلاقات الديبلوماسية دون خطوة إيجابية وفعلية ..
ومع الرئيس قيس سعيد تواصلت مرحلة إذابة الجليد حيث التقى الرئيس سعيّد منذ أشهر في الجزائر مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وحمّله رسالة الى الرئيس بشار الأسد وقد كشفت خارجية النظام السوري عن فحوى تلك الرسالة التي بعث بها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال لقائه بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد عل هامش الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر.
وقالت الخارجية السورية وقتها في بلاغ نشرته على صفحتها الرسمية إن سعيد طلب من المقداد "نقل تحياته إلى الأسد وأوضح أن الإنجازات التي حققتها سوريا وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف تتكامل مع بعضها لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين الشقيقين في سوريا وتونس".
وسبق تلك الرسالة لقاء جمع بين الجراندي ومقداد بعد عشر سنوات من الفتور الديبلوماسي وقالت وقتها الخارجية التونسية أن اللقاء "مناسبة لاستعراض علاقات الأخوّة العريقة بين تونس وسوريا والشعبين الشقيقين وتطورات الأوضاع في سوريا ومسار التسوية السياسية للأزمة".
وبمناسبة احتفالات الجزائر بذكرى الاستقلال قال قيس سعيد على هامش لقاء جمعه بالرئيس الجزائري تبون أنه يجب التفرقة بين الدولة والنظام في سوريا وأن النظام شأن داخلي للشعوب يهم الشعب السوري فقط أما التعامل فانه يتم مع الدول وأن هناك أطرافا في سوريا أرادت إسقاط الدولة السورية وليس النظام وان سوريا عانت كثيرا من مساعي التفكيك على مدار تاريخها .
وكانت بداية الأزمة في سوريا مع تفجّر مسار الثورات العربية حيث برزت أصوات معارضة في سوريا تطالب بسقوط النظام وتم مواجهتها في البداية بالقمع، وفي فيفري 2012 التأم بتونس مؤتمر أصدقاء سوريا وهي مجموعة اتصال دوليّة تدعم الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، تتكون المجموعة من 70 بلدا أبرزها معظم البلدان العربيّة وبلدان الاتحاد الأوربي وأمريكا وتركيا وعدّة هيئات ومنظمات دوليّة كجامعة الدول العربيّة وعرفت المجموعة بنفسها وقتها قائلة انها تهدف إلى إيجاد حل للأزمة السوريّة خارج إطار مجلس أمن الأمم المتحدة بعد عرقلة كل من روسيا والصين واستخدامها حقّيهما في النقض بشكل مشترك ضد مشروعي قرارات يدينان النظام السوري.
وكان أوّل من اقترح إنشاء مجموعة اتصال لمساندة الانتفاضة السورية كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فيما قامت الحكومة التونسيّة بتنظيم مؤتمر للمجموعة بعد قطع علاقاتها مع النظام السوري وطردها السفير السوري من تونس عقب مذبحة حي الخالديّة في مدينة حمص. انعقد مؤتمر «أصدقاء سوريا» في 24 فيفري 2012 وختم بإعلان يدعو الحكومة السورية إلى إنهاء العنف ووقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لأكثر المناطق تضررا كما دعا أيضا إلى فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري كحظر السفر على المسؤولين وتجميد أرصدة ووقف التعامل التجاري في مجال النفط والفوسفات وتخفيض العلاقات الدبلوماسية وحظر توريد السلاح ..
وبطريقة ما مهّد هذا المؤتمر لاحقا الى وضع قانون القيصر الذي وضع سوريا والنظام السوري تحت حظر دولي وحصار كبير واليوم حتى المساعدات الإنسانية تضررت ولا تصل الى مستحقيها بسبب هذا القانون.
وقفة احتجاجية للمطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا
انتظمت أمس، أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، وقفة احتجاجية، طالب المشاركون فيها بكسر الحصار على سوريا وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها.
وندد العضو المؤسس للتنسيقية التونسية لإعادة العلاقات مع سوريا صلاح الدين المصري، في تصريح لمراسلة الجوهرة اف أم، بإخلاف السلطات لوعودها بإعادة العلاقات بين تونس ودمشق، والمقطوعة منذ 10 سنوات، وهو ما وصفه بـ"الجريمة في حق تونس وسوريا".
في المقابل أشاد المتحدث بالخطوة المتخذة بإرسال مساعدات تونسية إلى سوريا، إلا أنها تبقى غير كافية بالمقارنة مع حجم الكارثة التي اصابتها في أعقاب الزلزال الذي أودى بحياة الآلاف، وفق تأكيده.