احتضنت تونس مؤخرا، وتحديدا، يومي 1 و2 فيفري الجاري وقائع الدورة الأولى من تظاهرة دولية تحتفي بالطهي وفنون الطبخ العربي نظمتها الجامعة التونسية للمطاعم السياحية بالتعاون مع وزارة السياحة والصناعات التقليدية. التظاهرة تخضع لقراءات متعددة وينطبق عليها ما ينطبق على مقولة "السهل الممتنع" لأنها تخضع إلى ما تخضع له فنون الطبخ والطهي من مقاربات وزوايا تفاعل. ذلك أن الدخول للمطبخ هو فعل تتداخل فيه العوامل الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والثقافية وهو ما يجعل منه أكثر من مجرد بحث عن ضمان البقاء لأن الغذاء هو العنصر الأول الضروري لضمان البقاء. وتكفي العودة إلى ما أبرزه علماء الانتروبولوجيا والاجتماع للتأكد من أن اكتشاف الطبخ والطهي والتحكم في علاقة النار بالمواد التي يمكن أن يتغذى منها الإنسان قد ساهم في إخراج الإنسان من المرحلة البدائية إلى مراحل أرقى. وقع الانتقال من أكل لحوم الحيوانات طازجا إلى طهيها دون احراقها. التحكم في علاقة النار بالمطبخ رافقها توظيف لمواد أخرى لإضفاء النكهة والمضي أكثر في تحويل الأكل والطعام إلى ظاهرة ثقافية ذات رهانات اقتصادية ومجتمعية لا تخفى دلالاتها وانعكاساتها الإستراتيجية خاصة وأن تنقل البشر قد رافقه دائما ما يمكن اعتباره تنقل الذائقة .ولا شك أن تسارع نسق العولمة إلى جانب ما يرافقه من تسريع تنقل المعلومة والبضائع ساهم في تسريع تنقل الأطباق والتوجه نحو تلاشي بعضها و"هيمنة" البعض الآخر هذا دون أن ننسى معركة "السطو" على أطباق ومذاقات في سياق بناء تاريخ غير موجود واقعيا وهو ما يتجلى في محاولات الكيان الصهيوني السطو على المطبخ الفلسطيني ضمن مشروع تبخير وتذويب الهوية الفلسطينية. وهذا يعني أن البحث عن نقاط الالتقاء في تقنيات وفنون الطبخ العربي يفتح أبواب عمل ونشاط هامة أمام المشتغلين بالسياحة في الوطن العربي بالدرجة الأولى وأمام فاعلين اقتصاديين آخرين في ظل الحاجة إلى تصنيع المنتجات الغذائية المرتبطة بالطبخ والطهي وترويجها علاوة على أن الأهمية المتزايدة للتراث اللامادي تفتح مسالك عمل هامة أمام البحث العلمي والتنشيط الثقافي والصحة والطب وغيرها من الفعاليات...الاحتفاء بالطهي وفنون الطبخ العربي يحسب للجامعة التونسية للمطاعم السياحية ويفتح الباب أمام تظاهرات ومبادرات أخرى نحتاج لها وطنيا وعربيا.
بقلم:هشام الحاجي
احتضنت تونس مؤخرا، وتحديدا، يومي 1 و2 فيفري الجاري وقائع الدورة الأولى من تظاهرة دولية تحتفي بالطهي وفنون الطبخ العربي نظمتها الجامعة التونسية للمطاعم السياحية بالتعاون مع وزارة السياحة والصناعات التقليدية. التظاهرة تخضع لقراءات متعددة وينطبق عليها ما ينطبق على مقولة "السهل الممتنع" لأنها تخضع إلى ما تخضع له فنون الطبخ والطهي من مقاربات وزوايا تفاعل. ذلك أن الدخول للمطبخ هو فعل تتداخل فيه العوامل الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والثقافية وهو ما يجعل منه أكثر من مجرد بحث عن ضمان البقاء لأن الغذاء هو العنصر الأول الضروري لضمان البقاء. وتكفي العودة إلى ما أبرزه علماء الانتروبولوجيا والاجتماع للتأكد من أن اكتشاف الطبخ والطهي والتحكم في علاقة النار بالمواد التي يمكن أن يتغذى منها الإنسان قد ساهم في إخراج الإنسان من المرحلة البدائية إلى مراحل أرقى. وقع الانتقال من أكل لحوم الحيوانات طازجا إلى طهيها دون احراقها. التحكم في علاقة النار بالمطبخ رافقها توظيف لمواد أخرى لإضفاء النكهة والمضي أكثر في تحويل الأكل والطعام إلى ظاهرة ثقافية ذات رهانات اقتصادية ومجتمعية لا تخفى دلالاتها وانعكاساتها الإستراتيجية خاصة وأن تنقل البشر قد رافقه دائما ما يمكن اعتباره تنقل الذائقة .ولا شك أن تسارع نسق العولمة إلى جانب ما يرافقه من تسريع تنقل المعلومة والبضائع ساهم في تسريع تنقل الأطباق والتوجه نحو تلاشي بعضها و"هيمنة" البعض الآخر هذا دون أن ننسى معركة "السطو" على أطباق ومذاقات في سياق بناء تاريخ غير موجود واقعيا وهو ما يتجلى في محاولات الكيان الصهيوني السطو على المطبخ الفلسطيني ضمن مشروع تبخير وتذويب الهوية الفلسطينية. وهذا يعني أن البحث عن نقاط الالتقاء في تقنيات وفنون الطبخ العربي يفتح أبواب عمل ونشاط هامة أمام المشتغلين بالسياحة في الوطن العربي بالدرجة الأولى وأمام فاعلين اقتصاديين آخرين في ظل الحاجة إلى تصنيع المنتجات الغذائية المرتبطة بالطبخ والطهي وترويجها علاوة على أن الأهمية المتزايدة للتراث اللامادي تفتح مسالك عمل هامة أمام البحث العلمي والتنشيط الثقافي والصحة والطب وغيرها من الفعاليات...الاحتفاء بالطهي وفنون الطبخ العربي يحسب للجامعة التونسية للمطاعم السياحية ويفتح الباب أمام تظاهرات ومبادرات أخرى نحتاج لها وطنيا وعربيا.