إنها الكلّ المعقد الذي يشمل المعرفة والمعتقد والفن والقانون والأخلاق والعرف وجميع المهارات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كفرد في المجتمع أو ما يشترك فيه مع الآخرين. إنّها تلك التي ترتقي بك وبمن حولك. إنها تساعد البشر على العيش وإدارة حياتهم بحكمة وتعقّل. انّها الوحيدة التي تجعلك تحبّ الحياة، تعشق المعيش مع الآخرين. إنها زينة الإنسان ومصدر سعادته وبهجة عمره. إن اسمها.. ثقافة. تلك "المقهورة، المغلوبة على أمرها" التي تقف اليوم أمام المحكمة، بقرار من وزيرة اللاّثقافة. نحن أمام حقيقة جديدة، وهي إرساء "لا ثقافة" جديدة، الثقافة الشعبوية، ثقافة التشفّي والثأر والضغينة والتفريق والتمييز بين الناس، نقيض الخلق والإبداع، ثقافة السّلم الاجتماعية ونشر مبادئ حقوق الإنسان والحكم الرشيد والانتصار للذكاء وتحفيز المواهب.
خلفت هذه الوضعية استقالة النخب وانسحابهم من المساهمة في الفعل في الشأن العام، ما تهجس به ضمائر المثقفين مستندين الى ما جنينا من خيبات بما خلّف شعورا باليأس من أي مستقبل في هذه البلاد. ليس هناك مجال بإمكانه أن يقرّب بين أفراد شعب أكثر من الثقافة، قد يختلف الناس سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا، حتى رياضيا لكنهم يلتقون في الثقافة، حول كلّ ما هو إبداع إنساني، في هذا الميدان فقط يقبل الجميع التنوَع والتعدّد. إن الدولة وكلّ دولة تنشد رقيا وتقدما، تراهن على ثقافتها، على ما يبدعه وينتجه مثقفوها رموز نخبتها من أعمال جليلة جميلة تعكس مدى تطوّر البلاد، كما إن الثقافة وحدها تبقى حمًالة لكل ذلك. للثقافة في تونس موقع الرّيادة عربيا وإفريقيا، يشهد لها بذلك هذه الجوائز المختلفة التي ما فتئت تتوج بها أعمال التونسيين الإبداعية في السينما ولمسرح والموسيقى والفنّ التشكيلي والأدب والشعر الخ.. عندما زار تونس عميد الأدب العربي طه حسين وحاضر فيها، أعلن ذلك الموقف العظيم قائلا: "فالعلم لا يحمل الى أمثالكم، وعندكم، والحمد لله منه الكثير الكثير جدًا، وكلّ حديث يبقى إليكم في العلم أو في الأدب فلن يكون بالقياس إليكم جديدا ولا طريفا.. وكيف نتحدّث إليكم في علم أو أدب وعنكم أخذنا علما وأدبا كثيرا.. ومازالت كتب قدمائكم لنا غذاء منها نتعلّم الأدب ومنها نتعلّم النقد ومنها نتعلّم كلّ فروع الثقافة العربية القديمة".
لا اعتقد أن هذه المرأة المكلّفة بالشأن الثقافي اليوم والتي لم نسمع عنها إنتاجا أو إبداعا أو حتى محاولة في مجال مرجع نظرها، اطلعت على هذا الموقف لعميد الأدب العربي أو أدركت ووعت ماذا يعني أن تكون "مثقفا". اطلعت على بيان صدر عن الجامعة العامة للثقافة، يفيد إحالة "السيدة الوزيرة" شكاية للقضاء لتتبّع 469 موظًفا، اغلبهم من المثقفين والفاعلين في الشأن الثقافي او من تولّوا مسؤوليات في أنشطة ثقافية، وهو رقم قياسي في التتبع يرشّح إدراجه في كتاب "غينس بوك" .. إن المنطق التونسي لا يعدو أن يكون منطق مثاقفة ناجحة دون نكوص عن الأصل والجذور والتقاليد. هذا المنطق الذي معدنه التمدّن بتجنّب إيقاع " ضدً " أو "مع" ليغدو منغرسا في أوسع مجالات الفكر الرّصين. لكن في تقدير موقف من نُصّبوا في المسؤولية ليس لخبرة أو كفاءة أو عطاء لهذا البلد رأي آخر ومقاربة مغايرة لا تهمّهم لا ثقافة ولا مثقفين ولا صورة بلاد تزخر بطاقات إبداعية .. لم تضر الثقافة شخصا أو مجموعة بقدر ما نفعت شعوبا ورفعت بلدانا، أليست نور العقول والقلوب والهام الأرواح. للحديث صلة ..
يرويها: أبو بكر الصغير
إنها الكلّ المعقد الذي يشمل المعرفة والمعتقد والفن والقانون والأخلاق والعرف وجميع المهارات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كفرد في المجتمع أو ما يشترك فيه مع الآخرين. إنّها تلك التي ترتقي بك وبمن حولك. إنها تساعد البشر على العيش وإدارة حياتهم بحكمة وتعقّل. انّها الوحيدة التي تجعلك تحبّ الحياة، تعشق المعيش مع الآخرين. إنها زينة الإنسان ومصدر سعادته وبهجة عمره. إن اسمها.. ثقافة. تلك "المقهورة، المغلوبة على أمرها" التي تقف اليوم أمام المحكمة، بقرار من وزيرة اللاّثقافة. نحن أمام حقيقة جديدة، وهي إرساء "لا ثقافة" جديدة، الثقافة الشعبوية، ثقافة التشفّي والثأر والضغينة والتفريق والتمييز بين الناس، نقيض الخلق والإبداع، ثقافة السّلم الاجتماعية ونشر مبادئ حقوق الإنسان والحكم الرشيد والانتصار للذكاء وتحفيز المواهب.
خلفت هذه الوضعية استقالة النخب وانسحابهم من المساهمة في الفعل في الشأن العام، ما تهجس به ضمائر المثقفين مستندين الى ما جنينا من خيبات بما خلّف شعورا باليأس من أي مستقبل في هذه البلاد. ليس هناك مجال بإمكانه أن يقرّب بين أفراد شعب أكثر من الثقافة، قد يختلف الناس سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا، حتى رياضيا لكنهم يلتقون في الثقافة، حول كلّ ما هو إبداع إنساني، في هذا الميدان فقط يقبل الجميع التنوَع والتعدّد. إن الدولة وكلّ دولة تنشد رقيا وتقدما، تراهن على ثقافتها، على ما يبدعه وينتجه مثقفوها رموز نخبتها من أعمال جليلة جميلة تعكس مدى تطوّر البلاد، كما إن الثقافة وحدها تبقى حمًالة لكل ذلك. للثقافة في تونس موقع الرّيادة عربيا وإفريقيا، يشهد لها بذلك هذه الجوائز المختلفة التي ما فتئت تتوج بها أعمال التونسيين الإبداعية في السينما ولمسرح والموسيقى والفنّ التشكيلي والأدب والشعر الخ.. عندما زار تونس عميد الأدب العربي طه حسين وحاضر فيها، أعلن ذلك الموقف العظيم قائلا: "فالعلم لا يحمل الى أمثالكم، وعندكم، والحمد لله منه الكثير الكثير جدًا، وكلّ حديث يبقى إليكم في العلم أو في الأدب فلن يكون بالقياس إليكم جديدا ولا طريفا.. وكيف نتحدّث إليكم في علم أو أدب وعنكم أخذنا علما وأدبا كثيرا.. ومازالت كتب قدمائكم لنا غذاء منها نتعلّم الأدب ومنها نتعلّم النقد ومنها نتعلّم كلّ فروع الثقافة العربية القديمة".
لا اعتقد أن هذه المرأة المكلّفة بالشأن الثقافي اليوم والتي لم نسمع عنها إنتاجا أو إبداعا أو حتى محاولة في مجال مرجع نظرها، اطلعت على هذا الموقف لعميد الأدب العربي أو أدركت ووعت ماذا يعني أن تكون "مثقفا". اطلعت على بيان صدر عن الجامعة العامة للثقافة، يفيد إحالة "السيدة الوزيرة" شكاية للقضاء لتتبّع 469 موظًفا، اغلبهم من المثقفين والفاعلين في الشأن الثقافي او من تولّوا مسؤوليات في أنشطة ثقافية، وهو رقم قياسي في التتبع يرشّح إدراجه في كتاب "غينس بوك" .. إن المنطق التونسي لا يعدو أن يكون منطق مثاقفة ناجحة دون نكوص عن الأصل والجذور والتقاليد. هذا المنطق الذي معدنه التمدّن بتجنّب إيقاع " ضدً " أو "مع" ليغدو منغرسا في أوسع مجالات الفكر الرّصين. لكن في تقدير موقف من نُصّبوا في المسؤولية ليس لخبرة أو كفاءة أو عطاء لهذا البلد رأي آخر ومقاربة مغايرة لا تهمّهم لا ثقافة ولا مثقفين ولا صورة بلاد تزخر بطاقات إبداعية .. لم تضر الثقافة شخصا أو مجموعة بقدر ما نفعت شعوبا ورفعت بلدانا، أليست نور العقول والقلوب والهام الأرواح. للحديث صلة ..